Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استعدادات أممية لتفكيك قنبلة "صافر" قبالة السواحل اليمنية

الناقلة تحمل كمية نفط تتجاوز بـ4 مرات تلك التي تسربت في قبالة ألاسكا ولم تخضع للصيانة منذ 2015

استمرار رسو ناقلة النفط صافر قبالة السواحل الغربية اليمنية يهدد بكارثة بيئية (رويترز)

ملخص

هناك مخاوف من عملية النقل والاقتراب من الباخرة المتهالكة والتأخر في المهمة أو حدوث خطأ قد يؤدي إلى كارثة بيئية غير مسبوقة.

في إطار التدخل الدولي والأممي لإنقاذ الناقلة النفطية صافر الراسية قبالة السواحل الغربية اليمنية، أعلن مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أخيم شتاينر، أن نقل أكثر من مليون برميل نفط من الباخرة المهجورة يشكل "مخاطر واضحة"، لكنه استدرك بأن "عدم التحرك حيالها قد يؤدي إلى تسرب نفطي مدمر".

وقال شتاينر الذي تتولى وكالته عملية إنقاذ الناقلة "صافر" منذ الثلاثاء إنه "إذا حدث أمر ما بشكل خطأ، فبالتأكيد ستطرح عديد من الأسئلة، لكن التخلي عنها ليس خيارا"، وفق ما أفاد في مقابلة أجرتها معه وكالة الصحافة الفرنسية.

وتحمل الناقلة التي بنيت قبل 47 عاماً كمية نفط تتجاوز بأربع مرات تلك التي تسربت في كارثة "إكسون فالديز" قبالة ألاسكا عام 1989، والتي كانت من بين أسوأ الكوارث البيئية في العالم.

ولم تخضع صافر لأعمال صيانة منذ اندلعت الحرب الأهلية في اليمن عام 2015 إذ هجرت قبالة ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين، والذي يعد بوابة رئيسة للشحنات القادمة إلى بلد يعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية.

من صافر إلى نوتيكا

عن خطة التفريغ، من المتوقع أن تضخ شركة سميت سالفدج (SMIT Salvage) النفط من صافر إلى السفينة نوتيكا (Nautica) المملوكة للأمم المتحدة قبل أن تقوم بقطر الناقلة الفارغة.

وذكر شتاينر أن أولى الصور التي أرسلت من الموقع هذا الأسبوع أظهرت "ناقلة قديمة تعاني الصدأ"، مشيراً إلى أن "الخبراء الذين صعدوا على متن السفينة الأربعاء لم يجدوا أي أمر لم نتوقعه على رغم أن المسؤولين عن العملية ما زالوا بانتظار تقييم كامل".

وقال شتاينر إن "السيناريو الأكثر كارثية قد يتمثل بانفجار السفينة أو انهيارها، ما من شأنه أن يتطور إلى تسرب نفطي كبير".

ويمكن لتنظيف التسرب الذي "ينظر إليه بشكل متزايد على أنه خطر لا يمكن تجنبه" أن يكلف مبلغاً يصل إلى 20 مليار دولار، فضلاً عن الثمن البيئي والبشري فيما تتفاوض الأمم المتحدة مع مجموعة تأمين من أجل العملية.

وأعلنت الأمم المتحدة الثلاثاء الماضي، استعدادها لبدء عمليات إنقاذ ناقلة النفط "صافر" العالقة قبالة سواحل اليمن والمحملة بأكثر من مليون برميل من الخام ما يشكل خطراً كبيراً على البيئة.

وأفاد منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن ديفيد غريسلي في مؤتمر صحافي عبر الفيديو من على متن مركب دعم وصل إلى الناقلة "نشعر بسعادة بالغة لوصولنا إلى الموقع حيث يمكننا بدء العمل". وقال غريسلي إن عمليات الضخ ستبدأ في غضون عشرة أيام إلى أسبوعين.

ضخ غاز خامل

توضح خطة البعثة أن إحدى أولى الخطوات المتخذة ستتمثل بتأمين السفينة التي توقف عمل الأنظمة على متنها، ومن ثم سيتعين على وحدات التفريغ التي من بينها سميت سالفدج SMIT Salvage "ضخ غاز خامل في الخزانات يخفض بشكل كبير خطر وقوع انفجار أو حريق".

لكن الأمم المتحدة تستعد للأسوأ مع "خطة طوارئ تتجاوز بكثير موقع صافر" وعليها أخذ المخاطر التي تشكلها الألغام على اليابسة في عين الاعتبار.

وتواجه عملية التفريغ تحديات جمة، تتعلق بطريقة التفريغ من الهيكل المتهالك، إذ يخشى خبراء من تفجره أو تسرب الشحنة التي بداخله قبل السيطرة عليه.

وإضافة إلى خطة التأمين على العملية، اضطرت الأمم المتحدة للاستعانة بمجموعة من المحامين والخبراء، إضافة إلى طرفي النزاع في اليمن، الحكومة الشرعية من جهة، وميليشيات الحوثي من جهة أخرى، للتوصل إلى اتفاق يتيح تفريغ شحنة صافر بأمان.

من بين التحديات إعلان الأمم المتحدة حاجتها إلى تمويل إضافي بمبلغ 29 مليون دولار من أجل العملية التي تقدر تكلفتها بأكثر من 140 مليون دولار، حيث تشير تقارير إلى أنها تمكنت من جمع نحو 120 مليون دولار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب شتاينر، "فحتى وإن تم ضخ النفط في عملية يمكن أن تستكمل بحلول مطلع أو منتصف يوليو (تموز) لن ينتهي الخطر تماما".

وقال "لا يفيد الضخ إلا في إخراج النفط السائل، لكن على مدى السنوات، تتشكل رواسب من نوع ما في أسفل الخزانات يستدعي تنظيفها الاستعانة بفريق متخصص من سميت سالفدج SMIT Salvage".

وتابع شتاينر أنه "لا يمكن الاستهانة بأهمية هذه الرواسب في ما يتعلق بتأثيرها المحتمل على التنوع البيولوجي البحري أو صحة الشعب اليمني".

مردود لليمن

وبينما تشكل حال السفينة خطراً كبيراً في الوقت الراهن، إلا أنه من الممكن أن تتغير الحال بمكاسب كبيرة في قادم الأيام، حيث قال شتاينر "قد تكون هناك عائدات كبيرة بعشرات ملايين الدولارات" ما لم يتلوث بمياه البحر أو مواد أخرى.

وتابع "يمكن في الحقيقة بيع النفط لتستخدم عائداته من أجل مساعدة الناس اليائسين في اليمن الذين يكافحون من أجل البقاء"، مستدركاً "لكن الطريق ما زال طويلاً قبل وصول موعد تحقيق هذه العائدات إذ يتعين على طرفي النزاع في اليمن الاتفاق على كيفية استخدامها"، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة "ستستمر بالتواصل مع الطرفين على أمل الوصول إلى النتيجة المقنعة للجميع".

إشكاليات أخرى

في تعليقه على الخطة الأممية للإنقاذ، يرى الرئيس السابق للهيئة العامة للبيئة في اليمن، عبد القادر الخراز، أن "الإشكال الحالي يتمثل في أن افتقاد الباخرة للصيانة منذ جلبها لليمن في الثمانينيات وليس منذ سيطرة الميليشيات الحوثية على ميناء رأس عيسى بمحافظة الحديدة، إذ كان يفترض إجراء الصيانة اللازمة لها كل خمس سنوات، ومن ثم فإن الوضع كارثي في هيكلها وهو ما يرفع من مخاطر تفريغها أو الاقتراب منها".

ووفقاً للخطة الأممية لإنقاذ الحوض العائم، يقول الخراز لـ"اندبندنت عربية" إن "هناك إشكاليات أخرى ترافق هذه الجهود منها الاتفاق على التفريغ، والمدة المطروحة للعملية، مع أن مشكلة الحوض معروفة قبل خمس سنوات إضافة لاستغلال الباخرة من قبل الأمم المتحدة لجلب تمويلات ضخمة لا تحتاج إليها تلك المهمة بدليل أن الباخرة المشتراة سعرها المعروض 53 مليون دولار بينما استلموا قيمتها 100 مليون والآن يطالبون بمبلغ آخر يقدر بـ23 مليون".

ويضيف، "ما يحدث يعد دليلاً على وجود فساد مشترك على حساب معاناة الشعب اليمني والكوارث البيئية التي قد تحدث له بينما هناك حلول أقل تكلفة كاستئجار سفينة وقطرها في اليابسة وتفريغ الشحنة".

حل سياسي

يشير الخراز إلى أن الحل المتخذ "سياسي أكثر منه فني، فمذكرة التفاهم تقول إن الباخرة الجديدة ستبقى بجانب صافر أكثر من سنة ونصف"، متسائلا "هل يراد للحوثي تسلم الباخرتين كفزاعتين يبتز بهما العالم إذا كنا سنتخلص من مخاطر التسرب أو الانفجار"، مردفاً "الحوثي سبق وتوعد بتفجيرها في عام 2018 وضغط على الحكومة الشرعية حينها ولهذا انسحبت من الحديدة خشية تفجير الناقلة".

وتطرق الرئيس السابق للهيئة العامة للبيئة إلى مخاطر تتعلق بالعملية، منها "التلاعب في وقت التفريغ وإطالة أمده أكثر من اللازم، إضافة إلى انتشار الألغام البحرية، وإذا لم يكن هناك خطة للطوارئ والتفريغ والصيانة فنخشى تسرب بحري إضافة للرواسب أو الأوحال النفطية التي هي أكثر خطورة من التسرب النفطي نفسه، وهي مواد سامة مسرطنة إذا ما تسربت إلى المياه والبيئة الساحلية ستسبب مخاطر كثيرة على السكان وستؤدي لنفوق كثير من الكائنات البحرية". واختتم "نتمنى أن نرى جدية حقيقية وإنهاء العملية في مدة لا تتجاوز الشهر".

المزيد من تقارير