Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أكراد سوريا يحبسون أنفاسهم في انتظار رد فعل أردوغان

إما حلحلة القضايا الداخلية في أنقرة أو التحالف مع دمشق

مظاهرات لأكراد سوريا ضد أردوغان (أ ف ب)

ملخص

يترقب أكراد سوريا رد فعل الرئيس التركي رجب طيب أرودغان بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة تجاه قضيتهم، فإما أن يتركهم ويركز على القضايا الداخلية أو يتحالف مع دمشق لمواجهتهم.

ألقت نتائج الانتخابات التركية بظلالها على المقيمين فيها، فعلى عكس غبطة معظم السوريين بفوز الرئيس رجب طيب أردوغان بولاية ثالثة، انتاب الشارع الكردي القلق مما ينتظرهم من سياسة طالما شابها التوتر والنزاعات المسلحة مع السلطات الحالية.

مخاوف التغيير

وليس غريباً هذا التوجس من أبناء القومية الكردية بعد ظهور نتيجة لا يرغبون فيها، إذ كان المأمول فوز خصوم أردوغان من المعارضة الأكثر قرباً لهم، وبالتالي كان يمكن أن يشكل فوز مرشح تحالف المعارضة كمال كليتشدار أوغلو فارقاً في مستقبل ومصير التأزم الحاصل بين أكراد سوريا والحكومة التركية.

وبعد ما قال صندوق الانتخابات كلمته عادت للأذهان أبرز السيناريوهات المحتملة في الشمال السوري، وأقلها خطورة تتمثل في خطط التغيير الديموغرافي بمناطق حدودية بالتوازي مع مساعي إسطنبول إلى حماية حدودها الجنوبية مع سوريا ببناء وحدات سكنية وإعادة توطين اللاجئين في مناطق سيطر الجيش التركي عليها بالاشتراك مع فصائل المعارضة المسلحة، ومن المتوقع إرسال وتوطين مليون لاجئ يعيشون في تركيا إلى مناطق منها جرابلس ورأس العين وغيرها من المدن في شمال وشرق البلاد.

وكان الجيش التركي توغل شمال سوريا منذ عام 2016 عبر عمليات عسكرية تحت تسميات "غصن الزيتون" و"نبع السلام" و"درع الفرات" لملاحقة ما وصفهم بـ "الإرهابيين"، في إشارة إلى الفصائل الكردية المقاتلة.

ويجزم مراقبون سياسيون في دمشق أن استكمال أنقرة بناء هذه الوحدات السكنية بهذه الطريقة لا يعني إلا تغييراً ديموغرافياً يحث الخطوات نحو إنهاء أية أخطار تهددها، وتبعد خلالها كل المكون الكردي عن حدودها مما يهدد بوحدة وسيادة الأراضي السورية، وفق ما يراه ناشطون موالون.

نيران الحرب

في المقابل يلقي الجانب التركي اللوم على حزب العمال الكردستاني الذي يصفه وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو بـ "التنظيم الإرهابي"، قائلاً في تصريحات صحافية إنه "يزعم دفاعه عن الأكراد لكنه يقوم بخطف أبنائهم وتهديدهم ويصادر ممتلكاتهم".

ولوح الرئيس التركي أكثر من مرة بجهوزية جيش بلاده لمواصلة توغله شمالاً للوصول إلى طرفي نهر الفرات عبر عملية عسكرية جديدة يحاول بها استكمال خريطة تطويق الأكراد.

ويتوقع في حال أطلقت رصاصة الحرب بعد فشل مفاوضات عودة العلاقات مع دمشق أن تزحف قواته بمساندة من الفصائل السورية المعارضة بالسيطرة على منطقة عين عيسى الواقعة في تل أبيض بريف الرقة، والتي تبعد مسافة 55 كيلومتراً عن مركز المدينة، وهو موقع يمثل أكبر معاقل للقوات الكردية، ومنها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مما يعني تقطيع أوصال أبرز الطرق المؤدية إلى مدن ومواقع الإدارة الذاتية.

انسحاب تركي

في المقابل يرى الباحث السياسي ومسؤول في شبكة راصد للحقوق الكردية جوان اليوسف أن فوز الرئيس الحالي متوقع بداية الأمر، لكنه يعتقد في الوقت ذاته أن تركيا أضعف الآن مما كانت عليه حتى ولو كان أردوغان فائزاً، مضيفاً "شاهدنا تراجعاً في الاقتصاد، والليرة التركية بدأت تنخفض أكثر مع معارضة قوية بعد تحالفها وحصلت على نسبة مقارنة له".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولفت اليوسف إلى أنه "بالنسبة إلى الأكراد فلا يختلف كثيراً إن كسب هذا أو ذاك الرئاسة فالموقف واحد، متابعاً "يمكن ملاحظة تصرف مرشح المعارضة كمال كليتشدار الذي تلقى دعماً من الأكراد، وكيف صرح خلال الجولة الثانية ضدهم وضد اللاجئين، إذ كانت تصريحاته سبباً في خسارته، أما أردوغان فكان أكثر ديناميكية وشعبوية وكانت مواقفه رمادية واستطاع كسب الأصوات".

وتوقع الباحث الكردي أنه في حال ذهبت الأمور باتجاه التفاوض مع دمشق فسيخسر الأكراد، مشيراً إلى أن هذا يبدو وشيك الحدوث لسببين، أولهما التطبيع العربي مع سوريا والثاني فشل أردوغان في الإحاطة بالملف السوري، مع إعادة ترتيب الأوراق التي باتت ضرورية كمحاولة للخروج من الأزمة السورية.

واستطرد، "بكل الملفات الأكراد خاسرون، لا سيما عودة العلاقات بين أنقرة ودمشق، وهذا سيضيق الخناق على الإدارة الذاتية في الشمال الشرقي السوري، وأعتقد أنه لن تكون هناك مواجهات بينها وبين تركيا بكل حال من الأحوال، وإن حدثت مواجهة فستكون مع حكومة دمشق بعد عودة العلاقات وتفرغه للملف".

وشاركت دمشق في القمة العربية في 19 مايو (أيار) الماضي بعد فترة تجميد مقعدها بالمجلس منذ 2011 في أعقاب اندلاع الحراك الشعبي المطالب بإسقاط الحكم، وأدت إلى صراع مسلح بين أطراف النزاع وتقسيم الشارع السوري إلى مؤيد ومعارض، وتطور الحال إلى دخول جيوش أجنبية أميركية وروسية وإيرانية، بينما دخل الجيش التركي الأراضي السورية بذريعة خطر تمدد القوات الكردية التي اتسع نفوذها بعد شراكة قوات سوريا الديمقراطية ذات الغالبية الكردية مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة "داعش".

 ويأتي ذلك بالتوازي مع عقد اجتماعات في موسكو لما يسمى "الرباعية" التي تضم موسكو وإيران وسوريا وتركيا، بحيث توصلت بعد سلسلة اجتماعات أمنية وعسكرية إلى عقد اجتماع رفيع المستوى لوزراء الخارجية والتقى فيه الوزير التركي تشاوش أوغلو نظيره السوري فيصل المقداد بعد قطيعة استمرت 12 عاماً، وسط ترجيحات في حال نجاح المفاوضات بلقاء قمة ثنائي يجمع الرئيس السوري بشار الأسد مع نظيره التركي، إذ اشترطت العاصمة السورية انسحاب القوات التركية من أراضيها كأساس في جولات التفاوض.

التفرغ للداخل

 في غضون ذلك يقلل متابعون للصراع الكردي – التركي من حدوث أية عملية عسكرية تطلق قريباً لاعتبارات عدة، أبرزها بدء مشوار التقارب التركي - السوري بحيث تترك إسطنبول للحكومة السورية ترتيب شمالها بنفسها مع موسكو، ولسبب آخر يتعلق بالواقع الاقتصادي التركي الذي يزداد تأزماً مما يؤدي إلى انكفاء إسطنبول عن السياسة الخارجية للاهتمام بالشأن الداخلي وبخاصة الاقتصادي.

واستبعد اليوسف حدوث أي اشتباك بين الإدارة الكردية وأردوغان على رغم نجاحه في الانتخابات، والذي حدث، بحسب وصفه، في ظل أزمة عميقة تعيشها تركيا اقتصادياً أو عدم حصوله على الغالبية البرلمانية وسط تنظيم صفوف المعارضة.

وأكد الباحث الكردي أن "أردوغان سيلتفت للوضع الداخلي أكثر، بل أكاد أجزم أنه سيهرب من خوض صراع مباشر مع الإدارة الذاتية الكردية، واستبعاد مواجهة عسكرية كما فعل بعفرين في ريف حلب الشمالي الغربي، لكن في المقابل ستبقى المناوشات بين الطرفين مستمرة وتتوقف عند هذا الحد من دون تطور".

وتوقع اليوسف أن عودة العلاقات مع سوريا وإن حدثت بشكل بطيء فالمواجهة ستندلع بين دمشق والإدارة الذاتية، لأنه "لا يمكن قراءة نتائج الانتخابات التركية خارج السياق العربي، لأن القمة العربية كانت مهمة جداً وأعطت رسائل عن الدور السعودي في قيادة المنطقة".

المزيد من العالم العربي