Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دوريات شعبية لاصطياد عصابات الخرطوم

مخاوف من انتشار أسواق بيع السلاح ومراقبون يشبهون الوضع بحرب الجنوب

الوضع السوداني المؤلم جعل من الأمن الذاتي واقعاً معاشاً لحماية الأحياء والمنازل عبر تشكيل لجان ودوريات لتأمينها الخرطوم من اللصوص (أ ف ب)

ملخص

 تشكيل لجان للأمن الذاتي أصبح واقعاً معاشاً لحماية الأحياء والمنازل والممتلكات في الخرطوم وتأمينها من اللصوص.

أحيا قيظ الصيف المغلف بفوضى العصابات المنظمة في العاصمة السودانية الخرطوم دوريات الأمن الذاتي من المدنيين الذين يحاولون وقف زحف جرائم السلب والنهب والسرقة بالإكراه على شوارعهم طوال الأسابيع الماضية، في ظل غياب الأجهزة الأمنية بسبب الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع.

الوضع السوداني المؤلم جعل من الأمن الذاتي واقعاً معاشاً لحماية الأحياء والمنازل والممتلكات، عبر تشكيل لجان ودوريات في المناطق السكنية لتأمينها من اللصوص.

وفي الأثناء طالبت وزارة الدفاع الجمعة الماضي متقاعدي القوات المسلحة "وكل القادرين على حمل السلاح" بالتوجه إلى أقرب قيادة عسكرية لتسليحهم تأميناً لأنفسهم وذويهم.

واندلعت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع منتصف أبريل (نيسان) الماضي، وأسفر النزاع عن مقتل المئات ونزوح أكثر من مليون شخص داخلياً، ولجوء أكثر من 300 ألف آخرين إلى دول الجوار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويسود الخوف بين السودانيين من اتساع رقعة عمليات النهب والسلب لتشمل جميع أحياء العاصمة الخرطوم، إذ يقول المواطن بكرى حسن أحمد إن "هواجسهم تزايدت عقب تفاقم ظاهرة السرقات"، متهماً جهات منظمة بإدارة هذه العمليات لإفقار الناس، والدليل على ذلك سرقة كل الأغراض بما فيها الملابس والأثاث المنزلي.

ويرى أن "الغياب التام للأجهزة الأمنية في العاصمة تسبب في انتشار عصابات تقوم بتكسير المنازل ونهبها"، محذراً من أن "استمرار عمليات السلب سيفاقم الوضع بشكل كارثي ويهدد حياة السكان".

ولم يجد المدنيون سوى خلق آلية لحماية أنفسهم في ظل الغياب التام للشرطة، كمحاولة للحد من الظواهر السلبية عبر تنظيم دوريات ليلية تنتشر في مداخل وشوارع المنازل للتصدي لأعمال السرقة، بحسب ما رواه بكري في حديثه إلى "اندبندنت عربية".

خيارات جديدة

مدير معهد التحليل السياسي والعسكري في السودان الرشيد محمد إبراهيم يرى أن "الأمن في مفهومه الشامل يستصحب أدواراً للمواطنين وقدامي المحاربين حتى في حالات السلم والانفلات المحدود، وعندما تندلع الحروب تلجأ الدول إلى خيارات عدة ومنها تسليح الضباط وضباط الصف والقادرين على حمل السلاح، وأحياناً قد يصل الأمر إلى التعبئة العامة على رغم عدم إعلانها بشكل مفتوح".

ويستشهد بحال التعبئة العامة غير المعلنة التي عاشها السودان خلال حرب الجنوب وأيام حكم نظام عمر البشير، قائلاً "إن الدول والجيوش تضع ضوابط محددة في مثل هذه الحالات، ويعتبر استدعاء قدامى المحاربين واحداً من الآليات التي تعزز الأمن وتخدم المواطن وتساعد في انسياب الخدمات ودحر المتفلتين من العصابات".

وكثفت عصابات عابرة للحدود استهدافها السودان باعتباره أرض حرب، مما يعني أنها ستجد ضالتها وتمارس كثيراً من الجرائم، وهنا يصبح التعامل مع هذه القضية بوعي وفق ضوابط محددة أمراً مفيداً ومهماً للغاية، وفقاً للرشيد.

اعتراف بالعجز

وفي موازاة ذلك صعد ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي حملة مكافحة عمليات السلب والنهب عبر وسم (# أموالكم_عليكم_ حرام) بعد أن بدأ اللصوص بعرض المنهوبات الضخمة في أسواق معينة بأثمان بخسة.

الاختصاصية الاجتماعية السودانية أسماء جمعة اعتبرت "دعوة الدولة المواطنين إلى حمل السلاح اعترافاً بعجزها عن حمايتهم، وهي رسالة سلبية ومخيفة، وبالتالي فإن كثيرين لن يقوموا بهذه الخطوة وإنما الخلاص من الوضع كله بالمغادرة من العاصمة الخرطوم".

ونبهت إلى أن "حمل السلاح مسؤولية لها تبعات واستخدامه يحتاج إلى تدريب ومهارة وخبرة وشجاعة حتى لا يسهم في تعرض بعضهم إلى إصابات أو قتل من طريق الخطأ"، متسائلة "من أين للمواطن السلاح في ظل عدم قدرة الدولة على منحه جميع الناس؟"

وتخشى جمعة من أن تفتح هذه الدعوة أسواقاً لتجارة السلاح في الوقت الحالي ومستقبلاً، معتبرة الدعوة في حد ذاتها كارثية، ومن أطلقها لم يفكر في تبعاتها الاجتماعية، "فحماية المواطنين لأنفسهم عبر الجهود الذاتية بشكل جماعي أفضل وأنجع وتحقق الأمان بفاعلية كبيرة".

وتصف دعوة وزارة الدفاع المتقاعدين من الجيش وكل القادرين على حمل السلاح إلى التوجه إلى وحدات القيادة لتسليحهم بالخطوة غير الموفقة لأسباب كثيرة لم تراع ظروفهم الصحية والمعيشية، مطالبة بـ "وقف الحرب العبثية وإعادة الأمن والاستقرار بالآليات والوسائل المعروفة سلفاً".

الأحزاب تحذر

القرار المفاجئ لوزارة الدفاع السودانية أثار جملة من التساؤلات، خصوصاً عبارة "كل القادرين على حمل السلاح"، مما يعني فتح المجال أمام تسليح المواطنين، وهو ما دفع الوزارة إلى إصدار بيان لاحق وضحت فيه أن المعنيين بالنداء هم متقاعدو القوات المسلحة.

وعزت قرار استدعائهم اتساقاً مع الظروف التي فرضها "تمرد قوات الدعم السريع واستهدافها المواطنين الأبرياء واستخدامهم دروعاً بشرية مع نهب ممتلكاتهم واحتلال منازلهم".

من جهته، حذر حزب الأمة القومي، وهو أحد الأحزاب المدنية الرئيسة في السودان، في بيان له أول من أمس الأحد من "دعوات تسليح المواطنين بحجة حماية أنفسهم باعتبارها محاولات لجر البلاد إلى الحرب الأهلية".

وفي المقابل رفض تحالف "قوى الحرية والتغيير" دعوات التسليح الأهلي والزج بالمدنيين في أتون الصراع المسلح الذي يجر البلاد إلى حرب أهلية شاملة، داعياً إلى اعتزال دعوات الفتنة ومحاصرة الخطاب الذي يروج لها والتصدي له، وتفعيل مبادرات السلام الاجتماعي التي تتصدى لخطابات الكراهية وتمنع تمدد نطاق الحرب".

خطوة مهمة

ووسط هذه الأجواء نشطت دعوات تطالب بعودة الفارين من العاصمة الخرطوم إلى منازلهم مما يساعد في حفظ الأمن وتقليل عمليات النهب.

ويعتقد المتخصص في الشؤون العسكرية والسياسة الفريق فتح الرحمن محيي الدين أن "خطوة وزارة الدفاع السودانية ممتازة على رغم أنها تأخرت كثيراً، وكان المفترض أن تبدأ من الأسبوع الثاني لبداية الحرب، لأن النهب أصبح في تفاقم مستمر في الخرطوم ولا بد للمواطنين من حماية أنفسهم وأموالهم وممتلكاتهم".

وأضاف، "الوضع خطر للغاية، وفي تقديري أن الخطوة ستسهم في استتباب الأمن وتوقف حركة السلب والسرقات المتنامية"، معتبراً أن "إطلاق سراح آلاف السجناء وبخاصة أصحاب سوابق السطو المسلح إلى جانب وجود عصابات تحمل السلاح، يتطلب مواجهة هذه المجموعات بالكيفية ذاتها من تسليح مواطنين وخلافه".

ويختتم المتخصص في الشؤون العسكرية حديثه، "يفترض أن يتم التسليح وفقاً لضوابط معينة، ومنها تحديد عدد القادرين على حمل السلاح ومن يجيدون التعامل معه بحسب أرقام الأسلحة، لأجل إعادتها بعد توقف الحرب".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات