Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جود لو يجسد هنري الثامن بما يناسب عصر الثورة على التحرش الجنسي

بعد أن نال أداء الممثل الإنجليزي جود لو في فيلم "جذوة" الاستحسان في مهرجان "كان"، نستعرض أبرز تجسيدات شخصية الملك هنري الثامن على الشاشة

"جذوة" دراما تاريخية للمخرج كريم عينوز، يلعب فيها "لو" إلى جانب أليشيا فيكاندر في دور كاثرين بار (رويترز)

ملخص

بعد أن نال أداء الممثل الإنجليزي جود لو في فيلم "جذوة" الاستحسان في مهرجان "كان"، يستعرض هذا المقال أبرز تجسيدات شخصية الملك هنري الثامن على الشاشة 

كانت مؤخرة جود لو الضخمة حديث مهرجان "كان" نهاية الأسبوع الماضي. في أعقاب العرض الأول لفيلم "جذوة" Firebrand، وهو دراما تاريخية جديدة للمخرج كريم عينوز، يلعب فيها "لو" دور هنري الثامن إلى جانب أليشيا فيكاندر بدور كاثرين بار، سادس وآخر زوجات الملك الذي حكم إنجلترا في عصر تيودور، أعرب النقاد عن دهشتهم من حجم أرداف "لو" الهائل.

أشارت مراجعات الفيلم إلى "حقن شحم الخنزير الاصطناعية" التي لا بد أنها استخدمت لتحويل مؤخرة الممثل – التي شوهدت في لقطة عابرة خلال إحدى لحظات الملك الحيوانية مع كاثرين التعيسة - إلى ما يشبه "إلية خروف عملاقة مجزوزة"، كما وصفتها صحيفة "ذا غارديان".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

منذ ظهرت مؤخرة الممثل فيليب سيمور هوفمان بشكل مماثل في المشهد الجنسي الذي يفتتح فيلم "أنت ميت قبل أن يعرف الشيطان" Before the Devil Knows You're Dead الصادر عام 2007 للمخرج سيدني لوميت، لم يظهر ممثل ذكر من فناني الصف الأول بهذه القباحة الشديدة. كان فيلم لوميت دراما جريمة معاصرة تدور أحداثها في نيويورك، ولعب سيمور هوفمان فيها دور ممول نصاب. كان الفيلم بعيداً جداً عن بلاط هنري الثامن، لكن الفيلمين يمتلكان قواسم مشتركة أكثر مما يمكن تخيله، فكلاهما يتحدث عن الخيانة العائلية، ويظهر الذكورة بأكثر صورها وحشية.

جسدت شخصية هنري الثامن مرات عديدة على الشاشة، من قبل مجموعة كبيرة من الممثلين. كان كل من روبرت شو وراي وينستون وكيث ميشيل وإيميل جانينغز وريتشارد بيرتن سيد جيمس وديميان لويس من بين الممثلين الذين أدوا شخصيته. استقت كل الأفلام تقريباً، بما فيها "جذوة"، الإلهام البصري من لوحة تحمل عنوان "الأكثر شباباً" رسمها الفنان هانز هولبين لهنري الثامن في عام 1537. فقدت هذه اللوحة في حريق، لكن مسودة لها تصور هنري ووالده قد نجت. تظهر اللوحة الملك كشخص مهيب، عريض الكتفين، يقف مباعداً ساقيه، مرتدياً ثياباً مترفة للغاية، ويبدو وكأنه سيد كل شيء ينظر إليه.

يعيد كل جيل ابتكار شخصية الملك الذي حكم في حقبة تيودور في ضوء منظوره الخاص، حيث تحدث بيتر كوسمينسكي، مخرج المسلسل الدرامي "قصر الذئاب" Wolf Hall الصادر عام 2015، بإعجاب عن رواية الكاتبة هيلاري مانتل التي استند إليها العمل، قائلاً "كانت مراجعة تاريخية معدلة فضائحية". حرفت مانتل الأحداث في بلاط هنري لتلائم أغراضها السياسية والأيديولوجية. قد ينظر آخرون إلى توماس كرومويل المستشار السياسي لهنري، كشخصية انتهازية مظلمة، لكنه بطل قصتها.

تمثل شخصية هنري التي جسدها "لو" في "جذوة" رمزاً لملك من عصر تيودور في زمن حركة مي تو #MeToo المناهضة للتحرش الجنسي. لم يكن مثيراً للدهشة أن عديداً من المراجعين في مهرجان كان رصدوا ملامح الشبه بين أزيائه وأسلوب لباس أشهر زير نساء في هوليوود في الوقت الراهن، المنتج الموصوم بجرائمه الجنسية هارفي واينستين. يجسد "لو" دور هنري كشخص مفترس، ينظر إلى النساء وكأنهن قطيع ماشية. لديه عادة مقززة، حيث يقحم إصبعه في أفواههن لينظر إلى أسنانهن. إنه متقلب المزاج أيضاً، فتارة يدخل في موجة غضب، وتارة أخرى يردد أغنية مع حاشيته المتملقة.

رشح الممثل الإنجليزي كمنافس محتمل لنيل جائزة الأوسكار، ولو فاز بالجائزة، سيشكل ذلك مصادفة جميلة، حيث مر تسعون عاماً مذ حصل تشارلز لوتون على جائزة أوسكار أفضل ممثل لتجسيده دور هنري الثامن في فيلم المخرج ألكسندر كوردا "الحياة الخاصة لهنري الثامن" The Private Life of Henry VIII الصادر سنة 1933.

كان هنري الذي جسده لوتون شخصاً صاخباً وثرثاراً وأبله، ملكاً ذا شهية هائلة، يتصرف كرضيع بجسد أكبر من سنه. استخدم سيغموند فرويد، في مقالته "عن النرجسية" عام 1914، عبارة "جلالة الرضيع" ليصف كيف يضع والدان طفلاً صغيراً في "مركز وقلب الخليقة". تنطبق العبارة تماماً على الملك الذي لعب دوره لوتون. تحدث الممثل عن تجسيد شخصيته "ليس كقضيب ذكري يحمل تاجاً، بل كشخص انطوائي ومهووس وتافه كما كان فعلاً". قدم أداءً استثنائياً، لا يزال ماثلاً حتى اليوم، وقد وصفه كاتب سيرته الذاتية سيمون كالو كـ"أحد أعظم الأشياء التي قام بها وأحد أهم الأدوار في تاريخ السينما".

كانت شخصية الملك التي جسدها لوتون ساحرة تارة، وفاسقة تارة أخرى، كانت تشعر بالزهو من قواها الخاصة، لكنها كانت عصبية ومذعورة. هذه هي سمات شخصية هنري التي يمثلها "لو" بالضبط. 

كان كوردا هنغارياً، وعينوز برازيلياً -  جزائرياً. يظهر المخرجان بطل عمليهما بطريقة أقل تبجيلاً مما قد يفعل مخرج بريطاني. الممثلان اللذان اختاراهما للبطولة منطلقان ومبدعان بطريقة تمكنا فيها من تصوير انحلال هنري الأخلاقي والجسدي.

تدور أحداث "جذوة" في نهاية عهد هنري الثامن، عندما سببت له ساقه المصابة بالغرغرينا مأساة حادة، وعندما بدأ، مدفوعاً من مستشاريه، بالاشتباه بـكاثرين بالهرطقة والخيانة الزوجية. شرح "لو" طريقته المنهجية في لعب دور هنري: "في تلك المرحلة، كان يمكن شم رائحة هنري على بعد ثلاث غرف لأن ساقه كانت متعفنة بطريقة سيئة للغاية، وكان يخفيها بزيت الورد، ولذلك اعتقدت أنني إذا انبعثت مني رائحة كريهة، فسيكون لذلك تأثير كبير". غمر نفسه بعبق يجمع الرائحة المقززة النفاذة لمادة تجميع بين "القيح والدماء والبراز". يمكنكم فقط الشعور بالشفقة تجاه المعاناة الطويلة للنجمة السويدية فيكاندير التي كان عليها تحمله وهو يرمي بجسده فوقها.

اختير "لو" للعب الأدوار الشريرة على الشاشة سابقاً، حيث جسد دور رجل عصابات حقير ورخيص في دراما الجريمة الكوميدية الصادرة عام 2013 "دوم همنغواي" Dom Hemingway، ولعب أخيراً دور الشرير الوقح الساخر بصمت كابتن هوك في الفيلم الدرامي "بيتر بأن وويندي" Peter Pan & Wendy الذي طرحته منصة "ديزني بلس" عام 2023. على كل حال، يفتح تصويره لـهنري آفاقاً جديدة لممثل غالباً ما نراه يلعب أدوار بطولة رومانسية.

ليس "جذوة" فيلماً عن هنري الثامن، حتى ولو أنه يسيطر على كل مشهد يظهر فيه، إنه قصة كاثرين. إنه موجود هناك ليمثل دور الغول. لما كان المخرج عينوز يحضر للعمل، أعاد مشاهدة فيلم الرعب القديم المفضل لديه "البريق" The Shining المعروض عام 1980 للمخرج ستانلي كوبريك، والذي يرهب فيه الزوج المختل الذي يلعب دوره جاك نيكلسون شخصية الزوجة التي تلعبها شيلي دوفال. قد لا تطارد شخصية هنريالتي جسدها "لو" كاثرين بفأس، لكن الفيلم يحتوي لحظات صادمة من العنف الأسري، كما أن الفيلم حابس للأنفاس، على رغم تصنيفه كدراما عائلية. يظل هنري محاطاً بأطفال وحاشية زوجاته الميتات. شعور كثيرين في البلاط بالأسى والخوف والاستياء من الملك واضح جداً. يستخدم الفيلم ساقه المصابة للإشارة إلى انحطاطه الأخلاقي.

في الوقت ذاته، يمتلك هنري الذي يجسده "لو" السحر ويبعث على الشفقة، فهو نفسه ضحية، يتلاعب به المستشارون السياسيون ورجال الدين، من أمثال ستيفن غارداينر (يلعب دوره سيمون راسل بيل) وإدوارد سيمور (يلعب دوره إدي مارسان)، ويسعى بشكل يائس لتأمين خليفته في الحكم.

يمكن بسهولة إدراك رغبة الممثلين بلعب دور هنري. في فيلم "رجل لكل الفصول" A Man for all Seasons، الصادر عام 1966 للمخرج فريد زينمان، ظهر روبرت شو، وفقاً لكاتب سيرته الذاتية جون فرينش، لمدة 12 دقيقة فقط - لكنه فاز مع ذلك بترشيح لجائزة الأوسكار لأدائه الحيوي والجذاب لشخصية الملك. خلال ظهوره القصير على الشاشة، ظل قادراً على إظهار حس الدعابة والغضب والشفقة على الذات والشعور الحاد بالذعر.

عندما لعب ريتشارد بيرتن دور هنري الثامن أمام جينفيف بوجولد التي جسدت دور آن بولين في فيلم "آن ذات الألف يوم" Anne of the Thousand Days الصادر عام 1969، رشح أيضاً لجائزة الأوسكار. وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" الممثل الويلزي في ذلك الدور بأنه "مضحك وفظيع وحكيم أحياناً". التقط بيرتن أيضاً الهوس الرومانسي للشخصية. عندما يغازل آن، يقول يائساً، بذلك الصوت الشجي العذب: "أنا مجنون بك. أحلم بك ليلاً. أشتاق إليك نهاراً. لست مرتاحاً مع أي امرأة أخرى. لا أفكر بشيء سواك – أنا وأنت نلعب لعبة الكلب والكلبة، لعبة الخيل والفرس". عندما يقول لها، بشكل أقل رومانسية، إنه يريد أن "أحشوك بالأبناء"، يبدو وكأنه شخصية هاربة من الدراما النفسية المشوشة لـتينيسي ويليامز أو إدوارد ألبي.

كذلك، من السهل معرفة سر انجذاب المخرجين لـهنري الثامن. توفر قصة الملك من عصر تيودور الفرصة لصناعة ملاحم تاريخية فخمة، مفعمة بالشهوة والموت والسياسة الجنسية والصراع على السلطة.

شعر البعض في مهرجان "كان" بالذهول من سرعة وسهولة التلاعب بالحقائق التاريخية في نص فيلم "جذوة" الذي كتبته هنرييتا وجيسيكا أشورث – في اقتباس عن رواية "مناورة الملكة" The Queen's Gambit للكاتبة الإنجليزية إليزابيث فريمانتل. رد عينوز على ذلك، بأنه كان يروي قصة امرأة هي كاثرين بار التي تم تجاهلها في التاريخ الذي يتناول حقبة تيودور، وبأنه أراد التركيز على أنها "لم تكن قادرة على النجاة وحسب، بل على النجاح والانتصار أيضاً"، في عالم شوفيني كهذا يسيطر عليه الذكور، "وسط علاقة مسيئة متدهورة وكابوسية".

كان المخرج يحاول سحب كاثرين من الظل الثقيل الذي أسدله الملك. تكمن المفارقة بأنه على رغم أداء فيكاندير الرائع كزوجة الملك الخليع الأخيرة، كان كل ما يتحدث عنه الجميع تجسيد "لو" الأخاذ لشخصية هنري... ومؤخرته الضخمة.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من سينما