Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الرئاسة الجزائرية تعين "خصم" أصدقاء بوتفليقة وزيرا للعدل

لم يعمر القاضي بلقاسم زغماتي بصفته نائباً عاماً لمجلس قضاء العاصمة طويلاً في عام 2013

جزائريون يشاركون في تظاهرة في العاصمة في 30 يوليو الماضي (أ.ف.ب)

ربطت أوساط سياسية وقضائية تكليف بلقاسم زغماتي بحقيبة العدل في الجزائر، إثر تعديل حكومي مفاجئ وغير منتظر، بعدم رضى رئاسة الجمهورية أو المؤسسة العسكرية عن "أخطاء إجرائية" في متابعة ملفات فساد كبرى ضد مسؤولين سابقين. وأثار التعديل جدلية "دستورية" يتساءل أصحابها إن كان رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح يملك صلاحية إنهاء مهام وزراء في الحكومة.

وبعد أربعة أشهر من توليه وزارة العدل، أنهت رئاسة الجمهورية مهام سليمان براهمي وسارعت إلى تعيين القاضي الشهير بلقاسم زغماتي. وقاد براهمي الوزارة في ظرف شهدت فيها الجزائر إحالة عشرات المسؤولين السابقين وكبار رجال الأعمال إلى السجون في سياق تحقيقات تتعلق بالفساد.

خصم عائلة بوتفليقة

يذكر الجزائريون قصة زغماتي بتفاصيلها الكاملة منذ أغسطس (آب) 2013، عندما عقد مؤتمراً صحافياً أعلن فيه إصدار أوامر بالقبض الدولي على وزير الطاقة السابق شكيب خليل وزوجته. وهي الخطوة التي أغضبت محيط الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ما كلف زغماتي إنهاء مهامه وتحويله إلى المحكمة العليا.

لم يعمر زغماتي بصفته نائباً عاماً لمجلس قضاء العاصمة طويلاً. واعتبر قرار إنهاء مهامه "عقاباً" له، إثر إصداره مذكرة توقيف بحق واحد من المقربين جداً من الرئيس بوتفليقة. كما طرح توقيت صدور ذلك القرار القضائي أسئلة عدة، بحكم وجود بوتفليقة يومها في فترة علاج في مستشفى "فال دوغراس" العسكري في باريس. ما فهم استهدافاً لتركة الرئيس لمنعه من الترشح لولاية رابعة.

وعاد اسم زغماتي إلى واجهة الأحداث منذ ثلاثة أشهر على الأقل. إذ أعيد تنصيبه رئيساً لمجلس قضاء العاصمة، قبل أن يصبح وزيراً للعدل. ويعتقد أن تعيينه له علاقة بتعطل مسار بعض قضايا "الفساد" وأخطاء إجرائية ارتكبتها عدة محاكم.

أين أخطأ براهمي؟

لم تذكر رئاسة الجمهورية، في بيان إنهاء مهام سليمان براهمي، أي دوافع وراء القرار أو مسبباته. لذلك، اجتهد سياسيون ورجال قانون في ربط الأحداث ببعضها لتفسير هذا التغيير الذي كلف رئيس الدولة نقاشات كثيرة تتعلق بصلاحياته الدستورية.

وعشية إقالة براهمي، أصدر وكيل الجمهورية لمحافظة تلمسان (600 كيلومتر غرب العاصمة)، بياناً يعلن فيه تعثر التحقيق في ملف فساد يخص فترة "عاصمة الثقافة الإسلامية". وقال في بيانه إن التحقيق تعطل بسبب فرار وزيرة الثقافة السابقة خليدة تومي إلى فرنسا، ومرض الوزير السابق عبد الوهاب نوري.

وأعقب البيان تصريحات من تومي، تعلن فيها أنها لم تغادر الجزائر منذ أكثر من سنة، مشيرة إلى أنها تلازم منزلها في حي تليملي بالعاصمة، حيث "تتولى متابعة صحة والدتها المريضة".

والموافقة على بيانات وكلاء الجمهورية في مثل هذا النوع من القضايا، يمر حتماً عبر مكتب وزير العدل. ما فسر بالنسبة إلى البعض دواعي إقالة براهمي رفقة الأمين العام للوزارة.

وكتب المحامي والمحلل السياسي الجزائري عمار خبابة، على صفحته على "فيسبوك"، أن إقالة وزير العدل ترتبط بقراءات لا بمعطيات "على علاقة بملفات الفساد في الجزائر، خصوصاً أن بعض الملفات تم التعامل معها ببطء، بل بتراخ".

أما قلة من المحللين السياسيين، فربطت بين إفراج محكمة الشلف (200 كيلومتر غرب العاصمة) عن متظاهرين اثنين اعتقلا بتهمة "حمل الراية الأمازيغية"، بإعلان المؤسسة العسكرية الجزائرية رفضها "إملاءات" تقول إن "هذه الفئة من المعتقلين تصنف ضمن سجناء الرأي".

بن صالح يعجز عن تغيير الحكومة

لم تكن تحليلات سياسيين حول إقالة وزير العدل وتعيين آخر تصب في الغالب في سياق دواعي القرار، بقدر ما ركزت على صلاحيات رئيس الدولة بن صالح. ففي الأسبوع الماضي، قال بن صالح لهيئة الحوار الوطني إن "عوائق دستورية تحول دون إقالة حكومة نور الدين بدوي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقول نص المادة 104 من الدستور الجزائري "لا يمكن أن تُقال أو تعدّل الحكومة القائمة إبّان حصول المانع لرئيس الجمهوريّة، أو وفاته، أو استقالته، حتّى يَشرَع رئيس الجمهورية الجديد في ممارسة مهامه". أما الفقرة الثانية منها فتقول "يستقيل الوزير الأول وجوباً إذا ترشح لرئاسة الجمهورية، ويمارس وظيفة الوزير الأول حينئذ أحد أعضاء الحكومة الذي يعينه رئيس الدولة".

ويميل أكاديميون إلى التركيز على الفقرة الثانية من المادة، التي تشير إلى وجوب تعويض الوزير الأول في حال استقالته بعضو في الحكومة. ويقول المحلل السياسي علي ربيج لـ"اندبندنت عربية"، إن "القراءة الأولية تحتمل تحضير زغماتي ليتولى الوزارة الأولى خلفاً لبدوي".

ويشير إلى أن "الدستور في هذه الفقرة يشير إلى إلزامية عضوية الحكومة لاستبدال الوزير الأول في حال الاستقالة". وأضاف "ليس هناك أفضل من زغماتي حالياً، فهو يستجيب لمعايير محاربة الفساد ويحظى بتعاطف واحترام كبيرين من قبل الجزائريين، لأنه أول من أمر بالقبض على شكيب خليل في أوج قوة نظام بوتفليقة".

في المقابل، تساءل العضو القيادي في جبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف "هل بقي لخرافة الحل الدستوري معنى مع إقالة وزير العدل وتعيين آخر، والإبقاء على بدوي على الرغم من أنف الشعب. عن المادة 104 أتكلم".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي