Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عرض لكتاب "الطاغية": شكسبير والسياسة للكاتب ستيفن غرينبلات. ماذا يمكن أن تخبرنا مسرحيات شكسبير عن ترمب؟

ماذا كان سيفعل شكسبير مع ترمب؟ إنه واحد من الأسئلة الذكية والرائعة التي تثيرها هذه الدراسة الفذة والفريدة في نوعها، والتي تبدو كأنها لوحة فنية لتصوير الطغاة والأشرار.

 ستيفن غرينبلات، كاتب "الطاغية" (هارفرد)

يُعدّ غرينبلات أحد الخبراء بأدب شكسبير في جامعة هارفرد ومن مؤسسي مبدأ وضع الأحداث في سياقها التاريخي. وبرغم أنه لم يرد ذكر الرئيس الخامس والأربعين بالاسم في أي مكان في هذا الكتاب، فإن المقارنات واضحة.

يوضح غرينبلات أن شكسبير كان مضطراً إلى التحدث عن الاستبداد من وراء ستار رمزي مخافة التعرض لبطش السلطة الذي قد يصل إلى قطع رأسه بتهمة الخيانة، إذ كانت إنجلترا في عهد الملكة إليزابيث الأولى ضعيفة سياسياً، كما كانت مسكونة بشبح الإرهاب الكاثوليكي. وبرغم ذلك، جاءت استراتيجيات غرينبلات صريحة وشفافة، وربما مندفعة قليلاً، ولكنها لم تبتعد عن إلقاء الضوء على الحقيقة.

خرج كتاب "الطاغية" من رحم مقالة كتبها غرينبلات في صحيفة نيويورك تايمز قبيل انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2016. وعقب الانتخابات، كشف غرينبلات أنه سيزيد على المقالة ويحولها كتاباً، بعدما أكدت نتائج الانتخابات "أسوأ مخاوفه".

تقدم نماذج الاستبداد التي يرتكز عليها غرينبلات - مثل ماكبث، وريتشارد الثالث، والملك لير، وكوريولانوس، وليونتيس بطل مسرحية حكاية شتاء - بشكل مذهل قائمة مكتملة بالسمات التي تنطوي عليها شخصية الرئيس ترمب، مثل النرجسية والاندفاع والفظاظة وقلة الكفاية، كما أن هؤلاء جميعاً متشابهون في بيع الأكاذيب. وفي ما يتصل بوجه الشبه بينه وبين كوريولانوس، فإنه يكمن في التواطؤ مع القوى الأجنبية.

 

على الرغم من أنّ عرض هذه الجوامع المشتركة كان مثيراً للاهتمام، فإنها لم تكن الشغل الشاغل لغرينبلات، إذ سلّط الضوء على دور الجموع الغفيرة التي تساهم في صنع الطاغية، وكذلك الانتهازيين، الذين يشجعونه على خداع ذاته، وسرعان ما يصبحون حاشيته بصورة غير قابلة للتغيير. كما أن الكاتب سلّط الضوء على شعور المستبد ببعض الرضى أو الاطمئنان بشكل ملحوظ حالما يصل إلى العرش.

وفي عبارة يمكن تطبيقها بالقدر نفسه على التصويت لمصلحة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يوجه غرينبلات النظر إلى تواطؤ الجماهير الذين "يجدون سعادة بالغة في التنفيس عن عدائهم المكبوت، وفي السخرية السوداء من كل ما يدور حولهم، وفي الحديث الفج عما يجب النأي عن مناقشته". فالجماهير – لبعض الوقت – يشاركون الطاغية في "ازدرائه واستخفافه" بالمصلحة العامة. ويضيف "ثمة شيء في داخلنا يجعلنا نستمتع بكل لحظة من لحظات وصول الطاغية المخيف إلى السلطة."

ويخيم شبح ستيف بانون - المستشار السابق للرئيس الأمريكي، دونالد ترمب - على جميع تأملات وتحليلات غرينبلات لشخصية الديماغوجي الشعبوي الواقعي، جاك كيد، في مسرحية هنري السادس (الجزء الثاني)، الذي يقود عمليات الفوضى مع وعد بإسقاط النخبة، إذ يعلن أحد أعوان كيد المتآمرين في إحدى خطبه "إن أول ما يجب القيام به هو قتل جميع المحامين". كما أن كاد يصف نفسه "بوسيلة التنظيف، التي ستطهر البلاط الملكي"، وهذا ما يسلّط الضوء على رؤية ستيف بانون اليمينية البديلة عن تدمير المؤسسات.

وعلى الرغم من ذلك – كما يؤكد غرينبلات – كان شكسبير أحد الأثرياء المنتمين إلى الطبقة الحاكمة، وكان محافظاً ولديه نزعة ديمقراطية، إلا أنه لم يكن يميل إلى الفوضى، بل كان يعبّر دائماً عن إيمانه المترسخ في أفضلية المواطنة على الثورة. ويتّفق هذا النوع من المعتقدات مع ادّعاءات بعض المحللين البارزين لسياسات ترمب، في مقدمهم المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي، جيمس كومي، الذي أكّد أنّ الطريقة الفضلى لإطاحة نظام ترمب هي إرادة الشعب، وليس توجيه الاتهامات إليه.

أخيراً، يعرض غرينبلات في كتابه "الطاغية" العلاقة القوية بين رؤية شكسبير ومساوئ سياسات ترمب. فصوت شكسبير ظلّ مدوياًِ عبر العصور، وكما هو حال أمور إنسانية أخرى لا حصر لها، كان سيصبح كل شيء على ما يرام لو استمعنا إليه.


 

© The Independent

المزيد من كتب