Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف انتهت بيانات آلاف البريطانيين في شباك المحتالين على "تيليغرام"؟

تحقيق لصحيفة "التايمز" يكشف العالم السري للاحتيال في لندن... والظاهرة تكلف البريطانيين كل عام 7 مليارات جنيه استرليني

41 في المئة من جميع الجرائم المسجلة في البلاد "احتيالية" (أ ف ب)

ملخص

تأتي هذه النتائج وسط مخاوف واسعة النطاق من أن الشرطة في المملكة المتحدة غير قادرة على التعامل مع الأعداد المتزايدة من قضايا الاحتيال

يتداول المحتالون علناً على وسائل التواصل الاجتماعي بيانات بنكية مسروقة تخص الضحايا البريطانيين ويتفاخرون بأن الشرطة لا تفعل شيئاً لمنعهم، كما يكشف تحقيق صحيفة "التايمز". 

ويلفت التحقيق إلى عشرات المجموعات على "تيليغرام"، وفيها يتداول المحتالون بحرية البيانات المصرفية المسروقة لآلاف البريطانيين، ويبدو أنهم على علم كافٍ بقدرتهم على الإفلات من العقاب على المنصة.

وتمكنت الصحيفة من التحقق من أن بيانات البطاقة المعلن عنها علناً على مجموعات "تيليغرام" كانت حقيقية من خلال الاتصال بالضحايا، بمن في ذلك رجل واجه على مدار عام مكالمات احتيالية متكررة، وحتى تهديدات بالهجوم في منزله، فيما باع بعض المحتالين أكثر من 500 بطاقة مسروقة في أسبوع.

تأتي هذه النتائج وسط مخاوف واسعة النطاق من أن الشرطة في المملكة المتحدة غير قادرة على التعامل مع الأعداد المتزايدة من قضايا الاحتيال. 

وقالت المدعي العام في حكومة الظل إيميلي ثورنبيري، إن النتائج كانت "مقلقة للغاية" وتساءلت عما إذا كان التشريع قوياً بما يكفي لمنعه. 

وأضافت "نحن في حاجة إلى إجراءات فورية من الشرطة لمعاقبة العصابات الحديثة وحماية الناس من تجارتهم الطفيلية". 

مليارات الدولار فاتورة الاحتيال 

ويعد الاحتيال هو أكثر الجرائم شيوعاً في بريطانيا، إذ يمثل 41 في المئة من جميع الجرائم المسجلة، فيما يكلف الجمهور البريطاني 7 مليارات جنيه استرليني (8.6 مليارات دولار) سنوياً، ويقع واحد من كل 15 بريطانياً ضحية للاحتيال كل عام. 

يفقد الضحايا مدخراتهم في بعض الحالات ويمكن أن يتركوا في حالة ذهول في كثير من الأحيان مع قليل من الإجراءات من قبل السلطات لمساعدتهم. 

وأعلنت الحكومة هذا الشهر عن إجراءات جديدة للتصدي للاحتيال، بما في ذلك حظر المكالمات المالية غير المرغوبة وإنشاء فريق جديد يضم 500 محقق متخصص. 

مع ذلك، لم تصل الإجراءات إلى حد جعل شركات التواصل الاجتماعي تدفع تعويضات للضحايا عن الجرائم التي تسببت فيها منصاتهم. 

وتقول الصحيفة إنه في غضون دقائق تمكن مراسلها السري من دخول شبكة المحتالين، بعد أن استغرق الأمر أقل من ساعة على تطبيق المراسلة "تيليغرام" كي يتسلل إلى شبكة مقرها في المملكة المتحدة. 

وتبادل المحتالون علانية الآلاف من تفاصيل الهوية الشخصية لضحايا الاحتيال، وتفاخروا بأن الشرطة لن تفعل شيئاً لمنعهم، حتى إن البعض منهم قدم دروساً تعليمية في الاحتيال حتى يتمكن المجندون الجدد، مقابل رسوم، من تعلم الحيل اللازمة للإيقاع بالضحايا. 

700 مليون نشط

بدأت الصحيفة التحقيق في استخدام "تيليغرام" من قبل المحتالين في المملكة المتحدة وسط مزاعم من المؤسسات المالية ووكالات إنفاذ القانون بأن التطبيق الذي ينشط عليه 700 مليون مستخدم، أصبح مركزاً لجرائم الإنترنت. 

وتضم المنصة مجموعات هي أشبه بالأسواق، يسميها المحتالون "فولز"، للحصول على البيانات الكاملة للضحايا، وتتضمن عادة اسم الشخص وعنوانه ورقم هاتفه وعنوان بريده الإلكتروني، إضافة إلى رقم البطاقة وتاريخ انتهاء الصلاحية ورمز الحماية وفي بعض الحالات، يتم أيضاً تضمين أرقام التعريف الشخصية، فيما تراوح السعر من 25 جنيهاً استرلينياً (30.8 دولار) و100 جنيه استرليني (123.4 دولار) للبطاقة الواحدة. 

عرض عديد من المحتالين المبالغ المستردة إذا تم إلغاء البطاقة التي سرقت تفاصيلها من قبل البنك قبل أن يتمكن المشتري من استخدامها، فيما أعلن أحد المحتالين على "تيليغرام" عن تفاصيل 600 بطاقة أسبوعياً، وبيعها برقم تعريف البنك رقم (BIN) - أول ستة أرقام من رقم البطاقة - ويمكن استخدام المعلومات الشخصية التي يتم تداولها لإجراء عمليات شراء عبر الإنترنت، أو للاتصال بالضحية لمحاولة العثور على مزيد من المعلومات، عبر التظاهر بأن المحتال موظف في البنك. 

في حين أخبر أحد المحتالين، المعرف هنا باسم (إس)، المحقق السري للصحيفة، أنه كان يقيم في لندن وكان يعيش على عائدات البطاقات المصرفية المسروقة لمدة ثماني سنوات. 

وكان المحتال يبيع تفاصيل ما بين 100 و500 بطاقة مصرفية في الأسبوع باستخدام مجموعة "تيليغرام" الخاصة به، والتي كان لديها أكثر من 1000 مشترك، كما تمكنت الصحيفة من التحقق من مزاعمه من خلال تعقب بعض ضحاياه. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

المحتال الملقب بـ(إس) هو واحد من عصابة من المحتالين يبقي هويته الحقيقية غير معروفة، وتم إغلاق حساب "تيليغرام" الخاص به منذ ذلك الحين، وعندما سئل عما إذا كان على علم بسجن المحتالين بسبب جرائمهم، أجاب "أبداً". 

وعندما سئل محتال آخر عما إذا كان هناك خطر من القبض عليهم من قبل الشرطة، قال "إذا تم القبض على الناس، فسأكون في السجن". 

وقدم (إس) دروساً تعليمية لتعليم المحقق السري للصحيفة المهارات اللازمة للاحتيال على الناس وبدا أنه وجد أن المحادثة تمثل فرصة لكسب شريك، وسؤال المحقق السري عما إذا كان صغيراً في السن وعديم الخبرة. وقال "ألتقي عديداً من الأشخاص مثلك، للمرة الأولى، يطرحون الأسئلة دائماً، لكن هذا جيد يا أخي... الآن أصبحت تعرف المزيد".

تعلم سحب الأموال من البطاقات المسروقة 

وأوضح (إس) أن المحتالين الجدد بدأوا بتعلم "سحب الأموال"، وهو مصطلح لاستخراج الرصيد على بطاقة مسروقة وتحويله إلى محفظة عملة مشفرة أو رصيد في حساب دفع عبر الإنترنت مثل" باي بال" و" كاش آب". 

وقال إن هذه هي طريقته المفضلة لاستخدام بطاقة مسروقة. وأشار إلى أنه يرسل نصوصه الاحتيالية ورسائل البريد الإلكتروني مرة واحدة في الأقل في الأسبوع، وادعى أنه يربح أكثر من 3 آلاف جنيه استرليني (3700 دولار) في الأسبوع، كما قدم المحتال أيضاً تعليمات حول تجنب الأمان الذي تستخدمه المتاجر عبر الإنترنت، ولإنشاء بطاقات هدايا مزيفة من أجل إجراء عمليات شراء احتيالية لسلع عالية القيمة. 

عرض (إس) دروساً مقابل 40 جنيهاً استرلينياً (49.3 دولار) وقدم دليلاً شاملاً لإرسال رسائل البريد العشوائي أو إنشاء مواقع "ويب" مخادعة أو انتحال شخصية البنوك مقابل 800 جنيه استرليني (987.2 دولار). 

انتحال شخصية البنوك 

وعرض عديد من المحتالين بيع ما وصفوه بـ"ديدز" - البطاقات التي تم إلغاؤها من قبل بنك الضحية - على رغم أنه لم يعد من الممكن استخدامها لإجراء عمليات شراء احتيالية، إلا أنها ستظل مفيدة لأشكال أخرى من الاحتيال الموجهة إلى المالك، مثل انتحال هوية أحد البنوك. 

ادعى أحد المحتالين، الذي أطلق على نفسه اسم "نيك"، أنه قادر على انتحال شخصية البنوك في ثلاثة بلدان، وعندما طلب منه إثبات نفسه، أرسل مقطع فيديو لنفسه وهو يتصفح عشرات الرسائل من الضحايا المؤرخة في ذلك اليوم.

ضحايا المواقع 

وقع الضحايا جميعاً بسبب رسائل البريد العشوائي الخاصة به وقاموا بالنقر للوصول إلى مواقع مصرفية مزيفة متطورة، إذ قاموا بوضع تفاصيل تسجيل الدخول الخاصة بهم، مما يسمح للمحتال بحفظها. 

وزعم "نيك" أنه متخصص في انتحال شخصية البنوك في جميع أنحاء الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا. وقال إن الأمر استغرق وقتاً طويلاً لبناء معرفة كافية عن البنوك لخداع الناس، فبمجرد حصوله على بيانات الضحايا، كان يبيعها باستخدام مجموعات "تيليغرام" للمشترين في كل بلد. وقال "نيك"، "لا تحتاج حقاً إلى أن تكون ذكياً، فقط تعرف على كيفية استخدام الأدوات... إنه ليس علم الصواريخ". 

فيما قدم عديد من أكثر المحتالين دراية، والذين اكتشفهم المحقق السري للصحيفة على " تيليغرام"، دروساً تعليمية وأدوات جاهزة للأشخاص الجدد في جرائم البطاقات، وفي بعض الحالات، تمت الإشارة إلى هذه باسم "الأناجيل الاحتيالية". 

وقدم "نيك"، جزءاً من إحدى أهم طرق الاحتيال على "تيليغرام" بشرح الأساليب المستخدمة لشراء البضائع على بطاقة الضحية، بما في ذلك كيفية العثور على مكان "إسقاط" إذ يمكن إرسال البضائع المشتراة عن طريق الاحتيال.

قام أحد المحتالين في لندن بتسعير دروسهم حول إجراء عمليات شراء احتيالية من 40 جنيهاً استرلينياً (49.3 دولار)، ووعد الطلاب بخصم على البطاقات المسروقة لإجراء عمليات الشراء هذه. 

وقال متحدث باسم وزارة الداخلية "نحن ملتزمون بمكافحة الاحتيال عبر الإنترنت وضمان حصول الجمهور على المشورة والدعم الذي يحتاجون إليه، وتحدد استراتيجيتنا للاحتيال كيف سنمنع عمليات الاحتيال من المصدر، ونقدم المخالفين للعدالة، ونغلق البنية التحتية الاحتيالية".

وأضاف المتحدث للصحيفة "نحن نستثمر 100 مليون جنيه استرليني (123.4 مليون دولار) لإنشاء فرقة لمكافحة الاحتيال مع 400 ضابط جديد ونشر مجتمع الاستخبارات البريطاني لملاحقة المجرمين بلا هوادة أينما كانوا في العالم". 

"تيليغرام" تراقب 

من جانبها، أكدت "تيليغرام" أنها أزالت المجموعات التي أشارت إليها "التايمز". وقال متحدث باسمها "منذ إطلاقها، تصدت (تيليغرام) لنشاط المحتوى الضار على نظامها الأساسي. يقوم المشرفون لدينا بمراقبة الأجزاء العامة من التطبيق بشكل استباقي إضافة إلى قبول تقارير المستخدمين من أجل إزالة المحتوى الذي ينتهك شروط الخدمة الخاصة بنا". 

اقرأ المزيد