Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا يستشرس مرشحو الحزب الجمهوري ضد ديسانتس؟

يريدون اقتطاع حصة من ناخبيه أو الفوز بمكاسب من ترمب

حاكم فلوريدا رون ديسانتس والمرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة (رويترز) 

ملخص

يستشرس مرشحو الحزب الجمهوري ضد منافسهم حاكم فلوريدا، رون ديسانتس، إما بهدف اقتطاع حصة من أصوات ناخبيه، أو الفوز بمكاسب سياسية من الرئيس السابق، دونالد ترمب

على رغم أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يحافظ على تفوقه القيادي في الحزب الجمهوري، ويسجل أعلى نسبة تأييد في استطلاعات الرأي متقدماً على جميع خصومه بفارق كبير، فإنه بمجرد إعلان حاكم فلوريدا رون ديسانتس، عن ترشحه للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، تعرض لانتقادات شديدة من ترمب ومتنافسين آخرين، مثل حاكمة ولاية كارولينا الجنوبية السابقة نيكي هالي، ورجل الأعمال فيفيك راماسوامي، والسيناتور تيم سكوت، وحاكم ولاية أركنساس السابق آسا هاتشينسون، فلماذا يتكالب المرشحون الجمهوريون على ديسانتس لا على ترمب، وهل هناك استراتيجية انتخابية وراء ذلك؟

بداية صعبة

لم تكن نقطة انطلاق حاكم فلوريدا رون ديسانتس كمرشح لانتخابات الرئاسة الأميركية سهلة، فكان إعلان ترشحه يوم الأربعاء مليئاً بالخلل والأخطاء الفنية على "تويتر"، إذ قرر أن تكون البداية مختلفة، مما أدى إلى إثارة السخرية من منتقديه في كل من اليمين واليسار، ودفع كلاً من الرئيس السابق دونالد ترمب، والرئيس الحالي جو بايدن، إلى التهكم علانية أو بشكل ضمني على انطلاق حملته.

الصعوبات الفنية التي يقول فريق ديسانتس إنها نتجت عن محاولة الآلاف من مستخدمي "تويتر" الاستماع إلى المحادثة لم تكن عائقاً، إذ يؤكد حاكم فلوريدا وحملته أنهم يتقدمون بكامل قوتهم، بعد أن جمعوا مليون دولار في الساعة الأولى من إعلان الترشح، كما أعلنوا عن أول جولة انتخابية في الولايات التي ستشهد أول انتخابات تمهيدية مبكرة (أيوا ونيو هامبشاير وساوث كارولينا) والتي ينتظر أن تؤثر بقوة في تشكيل سباق الانتخابات الرئاسية لمرشحي الحزب الجمهوري.

هجمات بالجملة

ديسانتس أصبح هدفاً للمتنافسين الجمهوريين الآخرين، على رغم أنه يتخلف عن المرشح الأول المفضل لدى الحزب الجمهوري دونالد ترمب، والذي هاجمه بلا هوادة في الأسابيع الأخيرة، مشيراً إلى أنه لا ينبغي لحاكم فلوريدا أن يكلف نفسه عناء الدخول في السباق التمهيدي، بل وأصدرت لجنة العمل السياسي (سوبر باك) المتحالفة مع ترمب الأربعاء الماضي إعلاناً ينتقد سجل ديسانتس في التصويت في الكونغرس وبخاصة في ملف الهجرة.

وفي اليوم نفسه أصدرت حملة المرشحة الرئاسية نيكي هالي إعلاناً يرسم أوجه التشابه بين ديسانتس وترمب من حيث السياسة والشخصية، وفي مرحلة ما ظهر مقطع فيديو للرجلين وهما يستخدمان إيماءات اليد المتشابهة أثناء إلقائهما الخطابات، وفي مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" اتهمت هيلي ديسانتس بأنه يقلد ترمب.

في الوقت نفسه تجنب رجل الأعمال فيفيك راماسوامي، وهو مرشح جمهوري آخر لانتخابات 2024، ملاحقة ترمب أو انتقاده. واعتبر ترشيحه وسيلة للبناء على ما أنجزه الرئيس السابق، لكنه هاجم ديسانتس في بعض الأحيان، حين انتقد حاكم ولاية فلوريدا عندما لم يدعم على الفور ترمب حينما قدم المدعي العام لمقاطعة مانهاتن اتهامات ضده بأنه اشترى صمت نجمة أفلام إباحية بأموال دفعها بشكل غير قانوني، كذلك انتقده بسبب خلافه مع شركة "والت ديزني" والتي شهدت محاولات ديسانتس تجريدها من وضع الحكم الذاتي في فلوريدا والإعفاءات الحكومية الأخرى لمخالفتها موقفه من تشريعات الولاية، إضافة إلى انتقادات من حاكم نيوجيرسي السابق كريس كريستي، ونائب الرئيس السابق مايك بنس، وكلاهما من المتوقع أن يعلن ترشحه في الأسابيع المقبلة، كما تهكم المرشحان الجمهوريان السيناتور تيم سكوت وحاكم ولاية أركنساس السابق آسا هاتشينسون، على الترشح المضطرب لديسانتس على "تويتر".

أسباب التكالب

 يفسر عدد من الخبراء الاستراتيجيين الجمهوريين تكالب المرشحين الرئاسيين في هجومهم على ديسانتس إلى أنهم يأملون في منافسة ترمب، ولكي يتجاوزوه أو في الأقل يقتربون من شعبيته داخل الحزب الجمهوري، فإنهم يحتاجون إلى اقتطاع مجموعة كبيرة من ناخبي ديسانتس لبناء تحالفهم، لكن أليكس كونانت، الذي عمل في الحملة الرئاسية للسيناتور ماركو روبيو في 2016 اعتبر أن سبب الهجوم الواسع على حاكم فلوريدا من المرشحين الجمهوريين يعود إلى إدراكهم أنه سيتفوق على كل من ترمب وهو المرشح الأوفر حظاً والمرشحين الآخرين الأقل حظاً.

غير أن هناك على ما يبدو سبباً آخر يدعو بعض المرشحين الجمهوريين إلى انتقاد ديسانتس وهو سعيهم للحصول على مكان في بطاقة ترمب الانتخابية، في حالة فوزه بالترشيح من الحزب، أو أنهم يهدفون إلى الفوز بمنصب وزاري في إدارة ترمب الثانية، على رغم أنه لن يعترف أي شخص يترشح لمنصب الرئيس بذلك علانية.

ويرى كونانت أن لكل مرشح دوافعه الخاصة، وأن أي شخص يريد التغلب على ترمب أو الاستفادة منه سيضطر في النهاية إلى الترشح ضده، وهو ما يستدعي مهاجمة ديسانتس الذي ينظر إليه منذ أشهر على أنه أقوى منافس لترمب، إذ يحتل المركز الثاني باستمرار في استطلاعات الرأي الوطنية للجمهوريين، بل ويتقدم على ترمب أحياناً في بعض الولايات.

ويشير رئيس مجلس النواب السابق والمرشح الرئاسي نيوت غينغريتش إلى نقطة مهمة وهي أن رون ديسانتيس لديه قاعدة شعبية طبيعية في فلوريدا، لكن ليس لديه قاعدة شعبية كبيرة على المستوى الوطني، لذا يمكن للمرشحين الجمهوريين الآخرين مهاجمته، ولن يؤذيهم ذلك في ولايات مثل أيوا أو نيو هامبشاير، لكن ترمب لديه قاعدة حقيقية، وإذا هاجموه فإنهم سينفرون ناخبيه منهم.

مرشح قوي

جادل فريق ديسانتس مراراً بأن الهجمات المتكررة ضد حاكم فلوريدا دليل على أنه مرشح قوي للفوز بترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة، إذ غرد المتحدث باسم الفريق السياسي لديسانتس، بريان غريفين، على "تويتر" هذا الأسبوع بأن إنفاق مجموعة مؤيدة لترمب على الإعلانات الهجومية ضد الحاكم يوفر كل ما يحتاج الناس إلى معرفته للوصول إلى نتيجة واضحة، وهي أنه يمثل أكبر تهديد لدونالد ترمب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضحت المتحدثة باسم لجنة العمل السياسي (سوبر باك) المؤيدة لديسانتس التي تحمل اسم "لا تراجع أبداً"، إيرين بيرن، أن ترمب خائف من حاكم فلوريدا ولديه كل الأسباب لذلك، مشيرة إلى أنه لم يخسر انتخابات حتى الآن.

عزوف نقدي

وفي حين أن كريس كريستي ومايك بنس كانا مستعدين نسبياً لمواجهة ترمب، إذ يركز الأول على شخصية الرئيس السابق، بينما يركز الثاني على الاختلافات السياسية، كان المرشحون الآخرون أكثر تردداً في انتقاد دونالد بشكل مباشر، وغالباً ما كافحت هالي والسيناتور الجمهوري تيم سكوت، الذي يمثل ولاية ساوث كارولينا، لتحديد اختلافات واضحة في السياسة مع ترمب، وبدلاً من ذلك اعتمدا أكثر على فكرة الحاجة إلى قيادة جديدة في الحزب الجمهوري أو تقديم مزيد من رسائل الإقناع لكسب ناخبين جدد.

وبينما يتوقع مسؤولو الحزب الجمهوري رؤية مزيد من الهجمات على ديسانتس في الأيام التي تلي دخوله السباق، فإنهم يصرون على أن أي شخص جاد يسعى إلى تجاوز ترمب، سيحتاج في النهاية إلى تقديم تناقض مباشر مع الرئيس السابق، حتى لو كان ذلك يعني إشعال النيران ضد ترمب وحلفائه، إذ يقول الخبير الاستراتيجي الجمهوري دوغلاس هاي إنه من الواضح للجميع أن غالبية المرشحين لا يريدون مواجهة غضب ترمب، لكن هذا لا يغير الديناميكية الأساسية للانتخابات الرئاسية، وهي أن أي مرشح لن يحصل على الترشيح من خلال الالتفاف حول الرئيس السابق.

فرص المنافسة

وأظهر استطلاع للرأي أجرته شبكة "سي أن أن" الأربعاء الماضي أن 53 في المئة من الناخبين الجمهوريين وذوي الميول الجمهورية، صنفوا ترمب على أنه مرشحهم الأول في الانتخابات التمهيدية، بينما احتل ديسانتس المرتبة الثانية بنسبة 23 في المئة، وكان كل من هالي وبنس الخيار الأول لنحو ستة في المئة فقط ممن شملهم الاستطلاع.

ووجد الاستطلاع نفسه أن 85 في المئة من الناخبين قالوا إنهم إما يؤيدون أو منفتحون على دعم حاكم فلوريدا، بينما قال 84 في المئة الشيء نفسه عن ترمب، وهو ما يشجع فريق ديسانتس على التقدم للأمام بلا خوف، إذ تدرك القيادة العليا لفريقه أن تأييد الجمهوريين تحول نحو الرئيس السابق هذا العام، لكنهم يعتقدون أيضاً أنهم يحتفظون بميزة أساسية، وهي أن الجميع يعلم أن غالبية الحزب الجمهوري تريد المضي قدماً، بحسب ما يشير أحد أقرب مساعدي ديسانتس.

ويبدو أن فريق ديسانتس مقتنع بذلك من خلال استطلاعات الرأي الداخلية الواسعة التي أجروها، ومن تدفق الأموال التي يتوقعونها بعد أن دخل السباق، إذ جمع مليون دولار في الساعة الأولى من إعلان ترشحه، كما أن تدفق المساهمات المالية من المانحين والنشطاء والمهنئين يروي قصة مختلفة تماماً عن تلك التي تأتي مع موجة استطلاعات الرأي الوطنية التي تصدر كل أسبوع وتشير إلى أن ترمب يقودها.

تفاؤل ديسانتس

أجرى فريق ديسانتس في الأيام التي أعقبت توجيه الاتهام إلى ترمب في مانهاتن الشهر الماضي دراسات استطلاعية في ثلاث ولايات تنطلق فيها الانتخابات التمهيدية الجمهورية، والتي أظهرت أن حاكم فلوريدا لا يزال يتمتع بتأييد صاف أعلى من ترمب بين الناخبين الجمهوريين المحتملين في جميع الولايات الثلاث وفقاً للبحث، في إشارة إلى أن ناخبي الحزب ما زالوا منفتحين جداً على دعم ديسانتس.

وفي حين يتمتع ديسانتس وترمب بتقييمات إيجابية مماثلة في ولاية أيوا، إلا أن 24 في المئة من الجمهوريين هناك لديهم وجهة نظر غير مواتية لترمب، بينما يشعر 14 في المئة فقط من الجمهوريين في ولاية أيوا بعدم الرضا تجاه ديسانتس، في حين ينظر إلى حاكم فلوريدا بشكل إيجابي من قبل نحو 80 في المئة ممن يسمون أنفسهم "محافظين جداً"، كما كانت شعبية الرئيس السابق أقل في نيو هامبشاير، حيث يمكن للمستقلين المشاركة في الانتخابات التمهيدية لأي من الحزبين.

 

 

وعلاوة على ذلك، تشير سلسلة من الاستطلاعات الانتخابية العامة في أربع ولايات ذات ميول ديمقراطية، وهي (كولورادو ومينيسوتا ونيو مكسيكو وفيرجينيا) إلى أن ديسانتس إما يتساوى في التأييد مع الرئيس جو بايدن أو يتخلف عنه بفارق ضئيل في كل ولاية، بينما كان أداء ترمب أسوأ في المنافسة المباشرة ضد بايدن في كل ولاية.

دور المانحين

ويراهن فريق ديسانتس أيضاً على دور المانحين الكبار في دعم مرشحهم، ويقولون إن شبكة المانحين الرئيسة في جميع أنحاء البلاد تحركت في الأشهر الستة الماضية بعيداً من ترمب، وهم يبحثون عن قيادة جديدة، وإن 85 في المئة منهم كانوا ينتظرون ترشح حاكم فلوريدا، ويفسرون ذلك بأنه ليس من المستغرب أن تظهر الآراء السلبية عن الرئيس السابق بين المانحين، بل وبين ناخبي الانتخابات العامة، بينما لا توجد معارضة كهذه تجاه ديسانتس.

ومع دخول ديسانتس السباق رسمياً سيكون أمامه ستة أشهر لتشكيل ائتلاف متباين من الناخبين الجمهوريين، أو إخراج منافسيه الآخرين غير ترمب من السباق، أو إقناعهم بالوقوف إلى جانبه، أو في الأقل مقاومة إبرام الصفقات مع الرئيس السابق، ومن ثم متابعة حملته ضد ترمب الذي يعد المناضل السياسي الوحشي الوحيد الذي يتوق إلى الفوز بقوة.

مهمة صعبة

ويبدو أنها مهمة باتت أكثر صعوبة بسبب ما أصبح عليه الحزب الجمهوري بعد وصول ترمب إلى السلطة في 2017، فعلى مدى عقود من الزمن، مع استثناءات قليلة، انتهت مسابقات الترشيح للحزب الجمهوري مع دعم المرشح الأوفر حظاً المدعوم من المؤسسة ضد خصم آخر من اليمين مثل ديسانتس، وفي بعض الأحيان كان المنافس شعبوياً مثل بات بوكانان في 1992 و1996 وأحياناً من المحافظين اجتماعياً مثل مايك هوكابي في 2008 أو ريك سانتوروم في 2012.

وعلى رغم ذلك فإن الخطوط الأيديولوجية للحزب الجمهوري تبدو غير واضحة، ولهذا يتعين على ديسانتس كي يهزم ترمب تجميع مجموعة تضم جمهوريين من يمين الوسط، ومؤسسة الحزب الجمهوري القديمة، وحركة المحافظين، وهو تحالف ليس له سوى القليل من القواسم المشتركة باستثناء الرغبة في مرشح جديد غير ترمب، ويجب على حاكم فلوريدا اتخاذ خطوات أكثر عدوانية لتوحيد التحالف المناهض لترمب بحلول نهاية هذا العام، وقبول التحدي المتمثل في خلع الرئيس السابق عن عرشه من خلال إجراءات متطرفة.

وبحسب حاكمة ولاية ميسيسيبي السابقة هالي باربور التي تعد واحدة من عناصر المؤسسة الحزبية الجمهورية القديمة، فإن هناك جمهوراً هائلاً من الجمهوريين غير الملتزمين تجاه ترمب وهم يتوقون إلى وجه جديد، لكن مهمة تشكيل هذا التحالف المناهض له في الانتخابات التمهيدية لعام 2024 قد تكون أقرب إلى بناء حكومة متعددة الأحزاب على غرار الائتلافات في ديمقراطية برلمانية، وهي بلا شك مهمة صعبة داخل الحزب الجمهوري، وتحد لم يختبر في السنوات الأخيرة.

المزيد من تحلیل