Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تعكس انتخابات طلاب الجامعات مستقبل السياسية الفلسطينية؟

يتزايد القلق الاسرائيلي من أن "حماس" قد تستجمع قوتها في الضفة مع تضاؤل شعبية السلطة

 تحرص إدارة جامعة "بيرزيت" سنوياً على انتظام إجراء الانتخابات أكثر بكثير من أي جامعة أخرى (المكتب الإعلامي لجامعة بيرزيت)

ملخص

 تعطل العملية الانتخابية في الأراضي الفلسطينية منذ عام 2006 وعدم إجراء أية انتخابات تشريعية أو رئاسية فيها بسبب الانقسام بين حركتي "فتح" و"حماس".

بعد أيام قليلة من فوزها في كبرى الجامعات الفلسطينية شمال الضفة الغربية التي تضم ما يزيد على 22 ألف طالب، تمكنت حركة "حماس" وذراعها الطلابية "كتلة الوفاء الإسلامية" في جامعة "بيرزيت" القريبة من مقر قيادات السلطة الفلسطينية في رام لله من هزيمة منافستها حركة "فتح" للعام الثاني على التوالي. وفي ظل تعطل العملية الانتخابية في الأراضي الفلسطينية منذ عام 2006 وعدم إجراء أية انتخابات تشريعية أو رئاسية فيها بسبب أحداث الانقسام بين "فتح" و"حماس"، باتت أنظار الفلسطينيين كما في كل عام تتجه صوب انتخابات الجامعات، لما تعكسه من توجهات سياسية والمزاج العام في الشارع الفلسطيني، وبخاصة داخل جامعة "بيرزيت" التي تحظى باهتمام سياسي وشعبي ومتابعة حثيثة من قيادات الحركتين وقيادات الفصائل الفلسطينية الأخرى أكثر من غيرها من الجامعات.

 

وبحسب وصف نشطاء وسياسيين وطلاب فهي "آخر قلاع الحرية والعمل الوطني في الضفة الغربية" التي تجمع كل ألوان الطيف الفلسطيني بشتى انتماءاته وأفكاره وتوجهاته الفكرية السياسية والأيدولوجية.

وتحرص إدارة جامعة "بيرزيت" سنوياً على انتظام إجراء الانتخابات أكثر بكثير من أي جامعة أخرى، مع تنظيم مناظرة انتخابية بين الكتل المختلفة وسط الجامعة، تظهر جلياً حدة الخلافات السياسية بين حركتي "فتح" و"حماس".

ويوجد في الضفة الغربية 10 جامعات و11 كلية جامعية و11 كلية مجتمع متوسط، إضافة إلى جامعتين للتعليم المفتوح تضم مجتمعة ما يقارب 140 ألف طالب وطالبة.

نبض الشارع

وعقب ظهور نتائج الانتخابات اعتبرت حركة "حماس" في بيان أن الفوز الذي حققته في انتخابات مجالس الطلبة في كبرى الجامعات الفلسطينية، "النجاح" و"بيرزيت"، هذا العام "يجدد التأكيد على تمسك الفلسطينيين بخيار المقاومة ونبذ كل أشكال التطبيع والتنسيق الأمني مع الاحتلال"، مضيفة أن "ذلك يبعث برسائل أيضاً حول انتصار كلمة الحق والقوة والحرية وغلبة الصوت المنادي بتصعيد الثورة وتحرير الأرض وتطهير المقدسات وحماية المسجد الأقصى وتحقيق حلم شعبنا في الحرية والعودة".

وقال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية في تصريح صحافي إن "الجامعات الفلسطينية ليست مجرد مؤسسات أكاديمية بل هي معاقل ثورة تاريخية وميزان قوة وحاضنة خيارات وصانعة قيادات في مختلف الاتجاهات"، كما اعتبرت "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" أن الانتخابات "تعبر عن إرادة شعبية تقف إلى جانب برنامج المقاومة وضد برنامج التسوية واتفاقات أوسلو".

وفي المقابل اكتفت حركة "فتح" بالتهنئة بنجاح العملية الانتخابية لا حركة "حماس"، متهمة إياها "بقيادة حملات التكفير والتخوين ضد كوادر فتح" عبر ما وصفته "بالاستغلال السافر للدين والمقاومة"، مضيفة "أن الحملات قابلها شعبنا بمعاقبة منفذيها الذي أغدقوا الأموال للتأليب على المشروع الوطني بدلاً من توجيهها لشعبنا في قطاع غزة الذي يجابه الأزمات المعيشية والاقتصادية المعقدة"، وسائلة عن مشاركة "حماس" وكوادرها في الانتخابات داخل الضفة الغربية "فيما تمنع إجراءها في قطاع غزة".

مؤشرات مهمة

وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلاً واسعاً في شأن هذه الانتخابات وانقسام الآراء بين من اعتبرها مؤشراً إلى تنامي تأييد الشارع الفلسطيني في الضفة الغربية لحركة "حماس" بين فئة الشباب، ودليلاً إلى إخفاق "فتح" في إقناع الشارع الفلسطيني ببرنامجها السياسي.

 

ورأى المحلل السياسي هاني المصري أن نتائج الانتخابات الجامعية قد تكون مؤشراً إلى توجهات الرأي العام الفلسطيني لكنها لا تعكس الواقع، بل قد تعكس رأي شريحة الطلاب الجامعيين فقط، لا سيما وأن الطلاب الذين يشاركون في الانتخابات تتراوح أعمارهم بين 18و 23 سنة، وهي شريحة أكثر حماسة ولكنها لا تمثل مختلف شرائح الشعب الفلسطيني. وأضاف، "من الخطأ اعتبار فوز ’حماس‘ في الجامعات انتصاراً للمقاومة مما يعني أن هزيمتها في السابق واحتمال هزيمتها في الانتخابات المقبلة في بيرزيت وغيرها هزيمة للمقاومة، وهذا يجعل المقاومة سلعة للاستهلاك في يدي فصيل بينما هي أكبر من ذلك بكثير".

من جهته قال الباحث والكاتب الفلسطيني ساري عرابي إن نتائج الانتخابات التي تشير إلى حال سخط كبيرة على السلطة التي تمثلها حركة "فتح" يعطي مؤشراً إلى قيادة السلطة والحركة من أجل اتخاذ سياسات جديدة ومختلفة لإدارة المشهد في الضفة الغربية، بعيداً من الإقصاء الممنهج لحركة "حماس" الذي فشل على مدى أعوام عدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف، "ليست القضية هي حركة ’حماس‘ فليست هي الفاعلة الوحيدة في مشهد المقاومة في الضفة، ولكن استعادة ’حماس‘ مكانتها الجماهيرية في الضفة مؤشر مهم إلى التحولات السياسية والاجتماعية الحاصلة بعد عام 2014، وتفاقم المشاريع الاستيطانية وانكشاف الإرادة الاستعمارية من مشروع السلطة بنحو أكثر وضوحاً، مما يؤكد أن الاحتلال لا يمكنه أن ينزل عن وقائعه الاستعمارية إلا بمقاومته، وهذه المقاومة وحدها الكفيلة بالصياغة الصحيحة للمجتمع الفلسطيني".

ترقب إسرائيلي

فوز الذراع الطلابية لحركة "حماس" في أهم وأكبر جامعتين فلسطينيين في الضفة الغربية لم يكن محط أنظار واهتمام الشارع الفلسطيني والساسة من مختلف الفصائل الفلسطينية وحسب، فقد اعتبرت وسائل إعلام إسرائيلية أن نتائج الانتخابات تعبر عن اختبار حقيقي للمزاج العام للفلسطينيين.

وأشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية إلى أن "فوز ’حماس‘ قد يدفعها لاستغلال هذا الانتصار لأن جامعة ’بيرزيت‘ رمز للفلسطينيين، وهي إلى جانب جامعة ’النجاح‘ في نابلس تعتبران أهم جامعتين في الضفة الغربية".

وفي وقت يصف الجيش الإسرائيلي جامعة "بيرزيت" بأنها "مرتع للتحريض والإرهاب" ويتهمها بتنظيم فعاليات "تحريضية"، حاول جهاز الأمن العام الإسرائيلي (شاباك) أكثر من مرة إرسال رسائل تهديد لأهالي الطلاب في الجامعة، تفيد بأن اختيار الكتلة الطلابية التابعة لحركة "حماس" يشكل دعماً لمنظمة إرهابية، وبالتالي فهم يعرضون أنفسهم لاحتمال اعتقالهم لاحقاً.

 وقال "شاباك" في بيان "إن الأهمية الكبرى التي تنسبها قيادة ’حماس‘ للنشاط الطلابي من خلال مجموعاتها في الجامعات طريقة أساس لتجنيد وتدريب عناصرها في الضفة الغربية، وفي حين أنها في إطار نشاط المؤسسة الأكاديمية فنحن نتعامل في الواقع مع فرع مهم لحركة ’حماس‘ يهدف إلى التشجيع على المساس بدولة إسرائيل".

وقال الخبير الإسرائيلي في الشؤون العربية يوني بن مناحيم وفقاً لموقع "المعهد الأورشليمي" لشؤون العامة والدولة، إن "نتائج انتخابات جامعة بيرزيت يجب أن تقرع الأجراس أمام قيادة السلطة الفلسطينية بأن الجيل الفلسطيني الشاب يدعم ’حماس‘ في الضفة الغربية ويؤيد أفكارها السياسية والمسلحة ضد إسرائيل، وإنه مع استمرار الانتفاضة لا المفاوضات مع إسرائيل".

من جانبه قال محلل الشأن الإسرائيلي عصمت منصور إن "إسرائيل لديها قلق كبير من توجهات الرأي العام للجيل الجديد في الضفة الغربية وتأييدهم المقاومة، بخاصة مع ظهور تشكيلات مسلحة مثل عرين الأسود وكتيبة جنين وأريحا وبلاطة، ويتفاقم هذا القلق مع تراجع شعبية السلطة الفلسطينية وحزبها وقدرتها على الإمساك بزمام الامور".

انهيار السلطة

وأعرب مسؤولون أمنيون إسرائيليون عن قلقهم المتزايد من أن "حماس" قد تستجمع قوتها في الضفة الغربية مع تضاؤل شعبية السلطة الفلسطينية، مما دفعهم إلى التعهد بتقويتها وتخفيف عجزها المتضخم.

ووفقاً للاستطلاع الأخير الذي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في مارس (آذار) الماضي فإن 52 في المئة من الفلسطينيين المستطلعة آراؤهم يعتقدون أن انهيار السلطة أو حلها مصلحة وطنية للشعب الفلسطيني، بينما قال 63 في المئة منهم إن السلطة عبء، في حين طالبت الغالبية الساحقة باستقالة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي لم تتجاوز نسبة الرضا عن أدائه 19 في المئة فقط.

وكشف الاستطلاع أن غالبية ساحقة في أوساط المستطلعين وصلت 71 في المئة، مع عمليات إطلاق النار في حوارة على المستوطنين، وبينت النتائج أن 68 في المئة من المستطلعة آراؤهم يؤيدون تشكيل مجموعات مسلحة أخرى مثل "عرين الأسود" و"كتائب جنين" لا تحصل على التعليمات من السلطة الفلسطينية.

وقالت غالبية من 69 في المئة بأنها لا تعتقد بأن انتخابات تشريعية أو انتخابات تشريعية ورئاسية ستجرى قريباً، وعندما سئلوا عن كيفية كسر الطريق السياسي المسدود بين الفلسطينيين والإسرائيليين أجاب 54 في المئة بالكفاح المسلح، و23 في المئة بالنضال الشعبي، و18 في المئة بالمفاوضات، وكشفت النتائج أنه لو جرت انتخابات رئاسية جديدة وترشح فيها اثنان فقط هما محمود عباس وإسماعيل هنية فإن عباس سيحصل على 36 في المئة من الأصوات في مقابل 52 في المئة لخصمه هنية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير