Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر تتجه نحو تجاوز تركة نظام بوتفليقة

القضاء الجزائري يرفض إعادة محاكمة رموز المرحلة السابقة

تؤكد الأحكام الصادرة عن القضاء الجزائري رغبة السلطات في الاستمرار في مكافحة الفساد (مواقع التواصل)

ملخص

يتوقع مراقبون إصدار عفو رئاسي شامل بمناسبة الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها عام 2024

بعد أن رفضت المحكمة العليا في الجزائر الطعن في النقض الذي تقدم به الأمين العام السابق لـ"الاتحاد العام للعمال الجزائريين"، عبدالمجيد سيدي السعيد، وتثبيت عقوبة سجنه لمدة ثمانية أعوام مع مصادرة جميع أملاكه وأرصدته المصرفية نهائياً، برز سعي لدى السلطة لطي ملف الفساد وتجاوز مرحلة محاكمات رموز نظام الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة.
ويأتي قرار المحكمة العليا وهي أعلى جهة تقاض في الجزائر، بعد أن أيدت محكمة الاستئناف لمجلس قضاء العاصمة، أحكاماً بحق سيدي السعيد ووزراء ورجال أعمال ومسؤولين سابقين وثلاثة رؤساء حكومة ملاحقين بتهم فساد، من بينهم السعيد بوتفليقة الذي ثبتت محكمة الاستئناف الجزائية لدى مجلس قضاء العاصمة في مطلع مايو (أيار) الحالي، الحكم بسجنه 12 سنة بتهم فساد.
ويوجد إلى جانب سيدي السعيد في هذه القضية اثنان من أبنائه وهما، جميل سيدي السعيد المحكوم عليه بعقوبة عام وحنفي سيدي السعيد المدان بسنة موقوفة النفاذ.

وحوكم عبدالمجيد سيدي السعيد في المحكمة الابتدائية والاستئناف. وكان ممثل النيابة صارماً معه حيث التمس له عقوبة 15 سنة حبساً نافذاً مع غرامة مالية بقيمة ثمانية ملايين دينار (نحو 57 ألف دولار)، كما التمس عقوبة 12 و10 سنوات لابنيه على التوالي.
ويواجه سيدي السعيد الأب وقائع فساد ثقيلة بناء على قانون مكافحة الفساد والوقاية الصادر عام 2006، حيث يتهم بتحريض موظفين عموميين على استغلال النفوذ بهدف الحصول على مزايا غير مستحقة، وتبييض العائدات الإجرامية الناتجة عن جرائم الفساد وإخفائها وتمويه مصدرها غير المشروع.
أما الوقائع التي لوحق فيها فتتعلق بالحصول على صفقات لشركات نجليه في مجال الاتصالات وقطاع المحروقات مع شركات عمومية كبرى، من دون التقيد بقانون الصفقات.
وقاد سيدي السعيد "الاتحاد العام للعمال الجزائريين" الذي يمثل أكبر نقابة عمالية في البلاد لمدة تقارب 23 سنة، حيث يضم الاتحاد نحو 2.3 مليون عامل من قطاعات مختلفة، وبقي لسنوات طويلة رافداً سياسياً مهماً لنظام الحكم بخاصة في المواعيد الانتخابية الكبرى.
ورفضت المحكمة العليا في 11 مايو (أيار) الحالي الطعن بالنقض الذي تقدمت به هيئة الدفاع عن الرئيس المدير العام السابق لمطار الجزائر الدولي، الطاهر علاش الملاحق رفقة 12 متهماً بتهم ثقيلة تتعلق بتبديد الأموال، وإساءة استغلال الوظيفة على نحو يخرق القوانين والتنظيمات بغرض الحصول على منافع غير مستحقة، ومنح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات والتنظيمات العمومية، وطلب مزايا غير مستحقة في مجال الصفقات العمومية.
وتؤكد هذه الأحكام رغبة السلطات في الاستمرار في مكافحة الفساد، بخلاف كل تأويلات كانت فسرت بعض أحكام البراءة أو خفض المدد السجنية في بعض قضايا فساد تخص مسؤولين ووزراء سابقين، بأنها مؤشر إلى إمكانية إقامة صلح جزائي معهم.

قرارات نهائية

ويقول المحامي الجزائري، نجيب بيطام في هذا الشأن، إن "قرار المحكمة رفض طلب الطعن بالنقض، يعتبر إقراراً بصحة مراحل التقاضي السابقة بالتالي يعتبر الحكم نهائياً لا رجعة فيه". وأوضح أن "قضاة المحكمة العليا وقبل إصدار قرارهم أحاطوا بجميع الجوانب القانونية التي رافقت عملية المحاكمة منذ بدايتها إلى غاية وصول القضية إلى أعلى جهة تقاض في البلاد.
ويشير بيطام إلى أن "المحكمة العليا محكمة قانون وليست محكمة وقائع، أي إنها تنظر في مدى احترام النصوص القانونية في المحاكمة وليست في الوقائع الموجهة للمتهم".
ووفق المتحدث ذاته، فإن المحكمة العليا تقضي برفض الطعون "إذا كان الحكم أو القرار المعروض عليها احترم فيه القضاة الإجراءات القانونية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأفاد بأنه "سبق للمحكمة العليا أن أصدرت قرارات مماثلة في قضايا مشابهة برفض الطعن بالنقض، فيما قبلت طلبات في قضايا أخرى بسبب خرق القانون. وتمت إحالة هذه القضايا إلى المجالس القضائية لإعادة محاكمة المتهمين".
وذكر أن "قرارات المحكمة العليا تعد نهائية، وتوجب تنفيذ العقوبة على المتهمين كاملة، إلا في حالتين الأولى هي العفو الرئاسي، والثانية الاستفادة من قانون إصلاح السجون حيث يحصل السجين على إفراج مشروط عند استنفاد نصف فترة العقوبة مع تسديد مبلغ الغرامات كاملاً".
وتوقع المحامي بيطام، "إصدار عفو رئاسي شامل بمناسبة الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها في عام 2024، أو تخفيف العقوبات عن المساجين في قضايا فساد بسبب الوضع الصحي أو التقدم في السن".
ويرى مراقبون أن توجه القضاء الجزائري نحو رفض إعادة محاكمة رموز نظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، مؤشر إلى رغبة السلطة ومساعيها لطي هذا الملف ووجود قناعة لدى أصحاب القرار بعدم فتح هذا الملف مجدداً لانتفاء إمكانية ظهور أي أدلة جديدة في هذه القضايا".
ويعبر هؤلاء أن السلطة لا تريد إعادة فتح هذا الملفات مع شخصيات يرى الرأي العام أنها تمثل ماضياً غير مرغوب فيه ويجب نسيانه وطيه والخروج منه نحو مرحلة جديدة.
وهناك من يربط شعار "الجزائر الجديدة" الذي ترفعه الحكومة الجزائرية ويقتضي عدم البقاء رهينة المرحلة الماضية إنما تجاوزها بالقضاء على مخلفات النظام السابق بعد استعادة مبالغ كبيرة من أموال الفساد.
وكان الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون أعلن في ديسمبر (كانون الأول) 2022 "عزم الدولة مواصلة محاربة الفساد لا سيما ما يتعلق باسترجاع الأموال المنهوبة والمهربة"، كاشفاً عن أنه "تم استرجاع ما يعادل 20 مليار دولار".

مرحلة جديدة

وقال أستاذ العلوم السياسية الجزائري فاروق طيفور، إن "توجه السلطة في الجزائر نحو محاربة الفساد ليس جديداً، إنما ينبع من إرادة سياسية فعلية تسعى إلى طي الملف نهائياً والمرور إلى مراحل أخرى".
وأوضح طيفور أن "مسار محاربة الفساد في الجزائر تكلل بمحاكمة ثلاثة رؤساء حكومة و25 وزيراً و10 ولاة (رؤساء محافظات) وعديد من رجال الأعمال كلهم تورطوا في قضايا فساد بدرجات متفاوتة". وأضاف أن "إرادة مكافحة الفساد تجسدت بوضوح في الحراك الشعبي الذي مرت به البلاد، حيث تجاوبت السلطة مع المطالب الشعبية بشن حملة ضد المتورطين في الفساد السياسي والمالي".
وأشار المتحدث إلى "وجود بعض جيوب المقاومة لإرادة السلطة في مكافحة الفساد خصوصاً بعد الانتخابات الرئاسية لعام 2019".

وأكد فاروق طيفور أن "القضاء الجزائري تمكن من كبح قطار الفساد بعد الإصلاحات العميقة التي مست قطاع العدالة والاستقلالية التي أصبح يتمتع بها وتخليه عن ممارسات النظام السابق".
ويربط متابعون للشأن السياسي بين تصاعد الحديث عن الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في عام 2024، وتسريع طي ملفات مرحلة بوتفليقة التي استهلكت نحو أربع سنوات من عمر الحكومة.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات