Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مصر تنفي الاتفاق مع إثيوبيا على قواعد ملء سد النهضة وتتهمها بالتضليل

القاهرة ترفض استياء أديس أبابا من تضامن الجامعة العربية مع مصالحها المائية وترى في روايتها ليّاً للحقائق

شددت القمة العربية الأخيرة في جدة على رفض أي عمل أو إجراء يمس حقوق مصر والسودان في مياه النيل (أ ف ب)

ملخص

قالت القاهرة إن البيان الإثيوبي كان "مضللاً ومليئاً بالمغالطات وليّ الحقائق، بل ومحاولة يائسة للوقيعة بين الدول العربية والأفريقية”

اتهمت مصر اليوم الأربعاء إثيوبيا بالتضليل وليّ الحقائق عبر بيان أصدرته هذا الأسبوع رداً على قرار صدر عن القمة العربية الأخيرة لدعم موقف مصر والسودان في خلافهما مع أديس أبابا حول سد النهضة الأثيوبي، نافية الاتفاق مع أديس أبابا على كمية وفترة ملء السد.

وكانت وزارة الخارجية الإثيوبية أصدرت بياناً أول من أمس الإثنين، عبرت فيه عن استياء أديس أبابا من القرار الذي تبنته القمة العربية والذي وصفته بأنه "ردد الخطاب المصري العدائي تجاه سد النهضة الإثيوبي"، مشيرة إلى أنه تم التوافق بين خبراء الدول الثلاث "على تفاصيل ملء السد بما في ذلك الكمية والمدة".

وتقول أديس أبابا إن سد النهضة، وهو مشروع يهدف إلى توليد الطاقة الكهرومائية وتبلغ كلفته 4 مليارات دولار، يشكل أهمية بالغة لدعم تنميتها الاقتصادية، لكن مصر والسودان تعتبرانه تهديداً خطراً لإمدادات المياه الحيوية لهما في وقت لم تنجح الجهود الدبلوماسية المستمرة منذ سنوات طويلة في حل الخلاف.

"ليّ الحقائق"

وفي رد الخارجية المصرية اليوم الأربعاء الـ 24 من مايو (أيار) الجاري، قالت القاهرة إن البيان الإثيوبي كان "مضللاً ومليئاً بالمغالطات وليّ الحقائق، بل ومحاولة يائسة للوقيعة بين الدول العربية والأفريقية من خلال تصوير الدعم العربي لموقف مصر العادل والمسؤول، باعتباره خلافاً عربياً -أفريقياً"، كما نفت مصر صحة ما قالته أديس أبابا عن أن بعض الدول العربية حذرت خلال القمة العربية من محاولات مصر تصعيد الأمر.

ونفي المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد أبو زيد "الادعاء الإثيوبي بأن الدول العربية الأعضاء في الاتحاد الأفريقي لا تدعم القرار العربي الصادر عن القمة الأخيرة بالإجماع"، معرباً عن أسفه لما حواه البيان الإثيوبي من "ادعاءات غير حقيقية"، على حد وصفه، بأن الدول الثلاث، مصر وإثيوبيا والسودان، اتفقت بالفعل خلال المفاوضات على حجم المياه التي سيتم تخزينها وفترة ملء خزان السد، وأن لجوء مصر والسودان إلى طلب الدعم العربي يعد انتهاكاً لاتفاق المبادئ.

وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية إن "تاريخ مصر الداعم لحركات النضال الوطني والتحرر من الاستعمار في أفريقيا، وما تبذله من جهود وترصده من موارد لدعم برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية وبناء السلام في القارة، لا يتماشى مطلقاً مع ادعاءات واهية بأن مصر تحشد الدول العربية ضد المصالح الأفريقية". وأضاف أن "كون إثيوبيا دولة المقر للاتحاد الإفريقي لا يؤهلها للتحدث باسمه أو دوله الأعضاء بهذا الشكل للتغطية على مخالفاتها لقواعد القانون الدولي ومبادئ حسن الجوار".

ورفضت الخارجية المصرية كذلك "ادعاء إثيوبيا بأنها راعت شواغل مصر والسودان"، مشيرة إلى أن ذلك "يتناقض مع حقيقة استمرار المفاوضات لأكثر من 10 سنوات من دون جدوى ومن دون أي التزام أو اعتبار لحقوق دول المصب".

وطالبت القاهرة الجانب الإثيوبي بالتوقف عن "التذرع المغرض بما تسميه بالاتفاقات الاستعمارية للتحلل من التزاماتها القانونية التي وقعت عليها، وهي دولة كاملة السيادة، وواجبها الأخلاقي بعدم الإضرار بدول المصب والتوقف عن إلقاء اللوم على الأطراف الأخرى لمجرد مطالبتها بالالتزام بالتوصل إلى النتيجة الطبيعية للمفاوضات، وهى اتفاق قانوني ملزم يراعي الشواغل الوجودية لدول المصب ويحقق التطلعات التنموية للشعب الإثيوبي".

والجمعة الماضي أكد مجلس الجامعة العربية على مستوى القمة التي انعقدت في جدة على أن الأمن القومي لمصر والسودان "جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي"، وأعرب عن رفضه أي عمل أو إجراء يمس حقوقهما في مياه النيل.

وفيما ثمن المجلس جهود الاتحاد الإفريقي لتيسير المفاوضات في شأن السد، أعرب عن قلقه من استمرار تعثر المفاوضات "بسبب المواقف التي تبنتها إثيوبيا"، وكذلك قلقه الشديد من "الإجراءات الأحادية لملء وتشغيل السد"، مشدداً على أن هذه الإجراءات "تخالف قواعد القانون الدولي الواجبة التطبيق، وبخاصة اتفاق إعلان المبادئ المبرم في مارس (آذار) 2015 بين الدول الثلاث.

رفض إثيوبي

وقبل يومين أعلنت وزارة الخارجية الإثيوبية استياءها من القرار الذي تبنته القمة العربية، معتبرة في بيان لها الإثنين الماضي أنه "ردد الخطاب المصري العدائي تجاه سد النهضة الإثيوبي".

وفي البيان الإثيوبي وصف القرار العربي بأنه "إهانة للاتحاد الإفريقي ودوله التي تعمل على التوصل إلى حل سلمي متفاوض عليه للأمر"، مضيفاً أنه "يناقض التاريخ المشترك الذي نعتز به للشعوب الأفريقية والعالم العربي"، على حد وصفه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب البيان الإثيوبي فإن القاهرة والخرطوم وأديس أبابا وقعت اتفاق مبادئ عام 2015 "يقول بوضوح تام إن بناء السد يمكن أن يتواصل بالتوازي مع المفاوضات في شأن ضوابط وقواعد الملء الأول وتشغيل السد"، مضيفة أنه تم التوافق بين خبراء الدول الثلاث "على تفاصيل ملء السد، بما في ذلك الكمية والمدة"، وهو ما تنفيه القاهرة.

جاء ذلك في وقت نشرت الخارجية الإثيوبية أمس الثلاثاء مناقشة السفير الإثيوبي الجديد لدى إسرائيل تيسفاي يتايه قضية سد النهضة مع الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ لدى تقديم أوراق اعتماده، موضحة أن السفير الإثيوبي أوضح للرئيس الإسرائيلي "رفض بلاده بيان الجامعة العربية في شأن السد".

وبينما ذكر السفير الإثيوبي، وفق ما جاء على الصفحة الرسمية للخارجية الإثيوبية على مواقع التواصل، أن إنشاء أديس أبابا "للسد هو لأغراض التنمية، وأن بلاده تؤمن بالحق المتساوي في المياه"، ذكر في الوقت ذاته أن المفاوضات الثلاثية التي يقودها الاتحاد الإفريقي "ستتوصل إلى حل للمشكلات العالقة".

شهور من الاتهامات المتبادلة

ومنذ مارس الماضي كثف وزير الخارجية المصري سامح شكري تصريحاته في شأن السد مع اقتراب موعد الملء الرابع للخزان الصيف المقبل، إذ اتهم أديس أبابا بانتهاك القانون الدولي وعدم التزام البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن في سبتمبر (أيلول) 2021، مشيراً إلى أن الممارسات الإثيوبية الأحادية المتمثلة في استمرار بناء وملء سد النهضة من دون التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم مع دولتي المصب مصر والسودان قضية ستكون لها تبعات مصيرية على أمن مصر القومي، "وتحمل معها خطراً جماً على مصر التي تعاني ندرة مائية فريدة من نوعها، باعتبارها الدولة الأكثر جفافاً في العالم، ولاعتمادها شبه المطلق على نهر النيل".

وفي الأثناء أصدر مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية في الشهر نفسه قراراً يدعو إثيوبيا إلى إبداء مرونة في قضية سد النهضة لاتصالها بالأمن القومي العربي، مما أثار حفيظة أديس أبابا التي أعربت على لسان المتحدث باسم خارجيتها عن استيائها من قرار الجامعة العربية، مؤكدة أنه يجب ترك إدارة واستخدام نهر النيل ‏للأطراف المعنية في أفريقيا.

وتتمسك القاهرة والخرطوم بالاتفاق أولاً مع أديس أبابا على ملء السد وتشغيله لضمان استمرار تدفق حصتيهما السنوية من المياه المقدرة بـ 55.5 مليار متر مكعب، و18.5 مليار على التوالي.

وفي المقابل تواصل أديس أبابا رفض الاتهامات بالتزامن مع ملئها ثلاث مراحل من السد من دون توافق مع القاهرة أو الخرطوم، معللة ذلك بأن السد الذي بدأت تشييده عام 2011 "لا يستهدف الإضرار بأحد".

وقالت إثيوبيا في أغسطس (آب) العام الماضي إنها أكملت المرحلة الثالثة من ملء خزان السد الضخم الذي تشيده على نهر النيل الأزرق، وأعلنت في فبراير (شباط) من العام نفسه بدء توليد الكهرباء منه.

وتقول مصر إن الإجراءات "الأحادية" التي تتخذها إثيوبيا تنتهك اتفاق إعلان المبادئ الذي وقعته الدول الثلاث عام 2015.

وعلى مدى أكثر من ثماني سنوات تسعى القاهرة والخرطوم إلى توقيع اتفاق ملزم في شأن المبادئ التوجيهية لملء السد وتشغيله بموجب اتفاق "إعلان المبادئ" الذي وقعته الأطراف الثلاثة بالخرطوم في مارس 2015، وكانت آخر جولات التفاوض في أبريل (نيسان)2021 فشلت بعد عقدها على مدى أيام في كينشاسا عاصمة الكونغو الديمقراطية، التي كانت تترأس في ذلك الوقت الاتحاد الأفريقي، وقدم السودان خلال تلك الجولة من المفاوضات مقترحاً أيدته مصر بتوسيع الوساطة الدولية لتشمل الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، بينما تمسكت إثيوبيا برعاية الاتحاد الأفريقي فقط للمفاوضات.

وعقد مجلس الأمن جلستين لبحث ملف سد النهضة عامي 2020 و2021 بناء على طلب من مصر والسودان، وفي أول جلسة أحال المجلس الملف إلى الاتحاد الأفريقي للقيام بمفاوضات للوساطة، وفي العام التالي أصدر المجلس بياناً رئاسياً دعا فيه الدول الثلاث إلى العودة للمفاوضات تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، بغرض الانتهاء سريعاً من صياغة نص اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة في إطار زمني معقول.

وقوبل البيان بترحيب مصري وسوداني غير أنه أثار رفضاً من الجانب الإثيوبي الذي أعرب عن أسفه لتدخل المجلس في مسألة "تخرج عن نطاق اختصاصه"، بحسب وصف بيان صادر عن وزارة الخارجية الإثيوبية.

المزيد من متابعات