Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إرادة محلية ودولية تواجه استكمال تحقيقات تفجير مرفأ بيروت

القضية عالقة في مجلس القضاء الأعلى لبت الادعاء على القاضي البيطار في دعوى انتحال الصفة

متظاهر يحمل صور ضحايا انفجار مرفأ بيروت في احتجاج سابق أمام قصر العدل (رويترز)

ملخص

لا تزال تحقيقات تفجير مرفأ بيروت معلقة منذ عام ونصف العام نتيجة تعقيدات سياسية وعدم التعاون الدولي في تسليم التحقيقات الفنية وصور الأقمار الاصطناعية

لا تزال صورة وصول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان بعد يومين على انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس (آب) 2020، عالقة في أذهان اللبنانيين، حيث سمعوا حينها وعوداً برفض استمرار منطق التفلت من العقاب السائد في لبنان.

كذلك بنى اللبنانيون آمالاً كبيرة على انطلاقة التحقيقات التي أجراها المحقق العدلي طارق البيطار، الذي ادعى على مسؤولين سياسيين وأمنيين كبار للاشتباه بتورطهم بالتقصير أو عرقلة إزالة الأطنان من "نيترات الأمونيوم" التي انفجرت.

إلا أنه مع اقتراب الذكرى السنوية الثالثة للتفجير، لا تزال العدالة أسيرة التجاذبات السياسية المحلية والدولية، وما زال أهالي الضحايا يتخبطون في المجهول في شأن من أوصل "نيترات الأمونيوم" إلى العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت ومن تسبب بتفجيرها، وسط مخاوف من ضياع التحقيق بشكل كامل بعد الصراع القضائي الذي شهدته القضية بين النيابة العامة التمييزية والبيطار، والذي توقف بعد تسوية رعاها مجلس القضاء الأعلى حينها أنتجت توقف الصراعات ولكنها لم تعيد التحقيقات إلى مسارها القانوني.

وتعليقاً على التوقف المستمر للتحقيقات في تفجير مرفأ بيروت، تساءل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في تصريح سابق "لماذا توقف الحديث عن التحقيق في انفجار مرفأ بيروت؟

إرادة دولية

مصادر قضائية مواكبة لملف تفجير مرفأ بيروت، أكدت أن الملف متوقف منذ عام ونصف العام وسيستأنف حكماً، وأنه لا يوجد استسلام لرغبة التعطيل والقاضي البيطار ملتزم استكمال التحقيق وكشف ما حصل أمام الرأي العام، مشددة على أن التحقيقات وصلت إلى خطوات متقدمة جداً وباتت في الشوط الأخير منه ولكن القرارات السياسية هي من تعطل الحقيقة بالنسبة للبنانيين.

ولفتت إلى أنه "يبدو أن الإرادة السياسية اللبنانية بتعطيل التحقيقات تتقاطع مع إرادة خارجية مشابهة والدليل غياب الضغوطات الخارجية عن استكمال هذا الملف"، مذكرة بأن الدول المعنية بالتعامل مع لبنان لم تسلم صور الأقمار الاصطناعية، كذلك فرنسا لم تسلم التحقيق الفني الذي تعهدت بتسليمه بعد شهرين من التفجير للقاضي البيطار، الأمر الذي لم يتحقق حتى الآن.

وأضافت أن "مصير هذا الملف بات مرتبطاً إلى حد كبير بالسلطة المقبلة للبلاد، بمعنى وصول رئيس للبلاد من جانب حلفاء (حزب الله) يعني حكماً طمس نهائي للملف كون هذا الفريق يعتبر نفسه متضرراً من استكماله". 

فرنسا بين المرفأ والمصارف

وفي الإطار نفسه استغربت أوساط سياسية تحركات القضاء الفرنسي، حيث يبدو مندفعاً بشكل كبير تجاه القضايا المرتبطة بالبنك المركزي والمصارف اللبنانية، في وقت تبرز برودة واضحة تجاه قضية تفجير مرفأ بيروت، علماً أن هناك رعايا فرنسيين ضمن ضحايا تفجير المرفأ.

وتفسر تلك الأوساط التناقض الحاصل، بين قضية المرفأ وقضية مصرف لبنان بالنسبة لاستجابة القضاء الفرنسي، بأنه مرتبط بالعلاقة التي لا تريد قطعها باريس مع "حزب الله" وهي مرتبطة بمقاربة إدارة ماكرون تجاه لبنان ومصالحها فيه.

في المقابل ترفض مصادر مقربة من السفارة الفرنسية المقاربة بين الملفين، إذ تعتبر أن هناك تحقيقاً مفتوحاً في باريس بقضية تبييض أموال مرتبطة بحاكم مصرف لبنان، في حين أن التحقيق في قضية مرفأ بيروت يجري أمام القضاء اللبناني، وفرنسا تحث بشكل دائم على استكمال التحقيقات بشكل شفاف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

دعوى انتحال صفة

ويوضح الصحافي المتخصص في الشأن القضائي يوسف دياب، أنه عندما استأنف القاضي البيطار التحقيقات في يناير (كانون الأول) الماضي، مستنداً على اجتهاد قانوني اعتبر من خلاله أن دعاوى الرد ضده لا تمنعه من الاستمرار بتحقيقاته، كان حينها الصدام الكبير مع المدعي العام التمييزي غسان عويدات، الذي رفض اجتهاده وقام بإطلاق سراح جميع الموقوفين في القضية وأصدر قراراً بمنع تعامل النيابات العامة معه وادعى عليه بجرم انتحال صفة.

وأشار إلى أنه وبعد ذلك تدخل رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود لتهدئة الطرفين، وعلى هذا الأساس أعاد البيطار تجميد التحقيقات بانتظار البت بالدعوى المقامة ضده، التي على أساسها توقفت النيابة العامة التمييزية استلام مراسلاته.

وأكد أن القضية متوقفة لحين البت بدعوى عويدات ضده، مشيراً إلى أن الموضوع بات أمام مجلس القضاء الأعلى، مستغرباً تأخر القاضي سهيل عبود المخول بتعيين قاضي تحقيق لاستجواب البيطار، لافتاً إلى أنه بالتوازي أيضاً يجب أن يعين مجلس القضاء الأعلى هيئة اتهامية تنظر بصوابية القرارات التي يتخذها قاضي التحقيق.

وبرأيه ونتيجة الإشكالات الواضحة بين أعضاء مجلس القضاء الأعلى والانقسامات السياسية في ما بينهم، هناك استحالة مرحلية لتعيين هيئة اتهامية، الأمر الذي يعني بشكل واضح أنه تم إقفال طريق المسار العادي للقضية عن طريق دعاوى الرد ومخاصمة الدولة، ومن ثم تم مسار الاجتهاد القانوني عن طريق دعوى انتحال الصفة، وبالتالي لا أفق أمام عودة التحقيقات في المدى المنظور.

في حين تؤكد مصادر رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود أنه "يواصل مساعيه لإطلاق عجلة التحقيق مجدداً ليصل إلى نهايته".

 

اغتصاب سيادة القانون

وكشفت المتحدثة باسم ضحايا مرفأ بيروت المحامية سيسيل روكز، أن البيطار الذي أوقف قسراً عن متابعة ملف تفجير مرفأ بيروت، لا يزال يتابع القضية ويعمل عليها بجدية وصمت من منزله وبات يمتلك من خلال دراساته القانونية تصوراً كاملاً يتضمن كثيراً من المعلومات، وأنه اتخذ خطوة إلى الوراء لتجنب استمرار الصدام مع النيابة العامة.

وأكدت أن "التحقيق لم ينته والأمل موجود دائماً بوجود البيطار، الذي لا يزال صامداً بوجه اجتماع الطبقة السياسية ضده"، معتبرة أن تصرف المدعي العام التمييزي ضد البيطار هو تصرف خطير لم يلق أي استنكار من السياسيين الأمر الذي يؤكد وجود تواطؤ.

وقالت "نحن نطالب منذ فترة بلجنة تقصي حقائق، فهذه جريمة مرتكبة ضد الإنسانية وطالت جميع اللبنانيين وهذا حق من حقوق الإنسان في الحياة، ونشدد اليوم أكثر على لجنة تقصي الحقائق، لأننا في لبنان يوجد اغتصاب لسيادة القانون".

 

الأقمار الصناعية

وفي السياق لفتت رئيسة جمعية أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، ماريانا فاضوليان، إلى أنهم يناضلون منذ ثلاث سنوات لتحقيق العدالة وكشف حقيقة من استقدم "نيترات الأمونيوم" إلى مرفأ بيروت ومن كان يعلم ويغطي وجود هذه المادة طيلة سبع سنوات سبقت التفجير، مؤكدة "السياسيون يعرقلون التحقيق منذ اليوم الأول، وأوهمونا أن الحقيقة ستظهر بعد خمسة أيام على التفجير إلا أننا حتى الآن لا نزال نستجدي العدالة".

وكشفت أن "الدولة" تمارس الترهيب بحق أهالي الضحايا لقمعهم والضغط عليهم، معتبرة أن السلطة تسعى لاستبدال القاضي البيطار بآخر يعمل على إزالة الشبهات عن السياسيين والأمنيين المتورطين، وإن كل طلبات الرد والدعاوى وغيرها هي عمل ممنهج لوقف التحقيقات.

واتهمت فاضوليان المدعي العام التمييزي غسان عويدات بأنه كان يخطط لدفن ملف تفجير المرفأ من خلال إخراج الموقوفين من السجن وإحالة المتهمين إلى المحاسبة في البرلمان وصولاً إلى اقفال الملف، بحسب تعبيرها، لافتة إلى أنه كان يعلم بوجود "نيترات الأمونيوم" ولم يتحرك.

وجددت المطالبة بلجنة تحقيق دولية لإعادة إطلاق مسار العدالة الممنوعة في لبنان، كذلك طالبت الدول الكبرى كشف تسجيلات الأقمار الاصطناعية التي تمتلكها لما يمكن أن تكشفه من معلومات.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير