ملخص
نجحت المبادرة في إدخال السعادة إلى قلوب عدد من الأسر "المعدمة" في نواكشوط
لم يكن يخطر ببال الخمسينية تقية المصطفى للحظة أن يأتي من يدفع عنها ديونها التي بلغت عنان دفتر الديون في دكان أحد أحياء نواكشوط.
وإنما هذا ما حصل معها بفضل مبادرة أطلقتها جمعية خيرية موريتانية لمساعدة الغارمين بالديون، الذين يرهنون بطاقات تعريفهم وهواتفهم الخلوية لدى الصيادلة وأصحاب الحوانيت في أحياء نواكشوط الفقيرة، مقابل الحصول على علبة دواء أو زجاجة زيت.
فكرة لافتة
نجحت المبادرة في إدخال السعادة إلى قلوب عدد من الأسر "المعدمة" في نواكشوط، وتقول آمنة منت بهي رئيسة إحدى الجمعيات التي أطلقت المبادرة، "نظمت جمعيتنا هذه المبادرة، لتخفيف أعباء الديون عن كاهل الأسر الفقيرة في نواكشوط، وذلك بمساعدة فنانين ومؤثرين وناشطين في هذا العمل الخيري".
ويقول المؤثر على شبكات التواصل الاجتماعي في موريتانيا أباتي دامس، الذي أطلق بثاً مباشراً على صفحته لدعم المبادرة، "استطعنا الوصول لأسر معدمة في حي دار السلام شمال العاصمة وحي الوطنية كذلك، ودفعت الجمعية ديون أسر كانت تحاصرها الديون، وساعدنا أصحاب الدكاكين في هذه الأحياء بفرز الأسر الأكثر احتياجاً، معدومة الدخل".
ويضيف دامس "جلبت الحلقات المتلفزة التي نشرناها على صفحتي وصفحة الجمعية على فيسبوك، اهتماماً كبيراً في الوسط المجتمعي في البلد".
وتمنى دامس تكرار التجربة لأنها بالفعل ساعدت الكثير من العائلات التي لا يتذكرها أحد، و"أنوه بفكرة المبادرة الخلاقة لأن الغارمين هم من مُصرفي الزكاة".
وهذا ما أكدته رئيسة الجمعية آمنة بهي قائلة "أدرجت مواعيد في أجندة الجمعية المستقبلية لإعادة تنظيم هذه المبادرة في المستقبل القريب سيستفيد منها آخرون، هذا ما ننوي القيام به".
امتنان وغبطة
وفي نهاية تجوال الجمعية في الأحياء المستفيدة من مبادرة الغارمين، عادت بطاقات وهويات المديونين إليهم بعد أن دفعت عنهم الجمعية التزاماتهم المالية"، ويقول الحسن إبراهيم الذي يسكن في أحد أفقر أحياء نواكشوط، وهو أحد المحرَرين من عبء الديون، "لقد نجح الشباب في حل مشكلة طالما أرقتني وغيري من سكان هذا الحي، لقد كانت مفاجأة جميلة ونحن ممتنون لهم".
تنوعت أفكار الجمعية في الوصول إلى فقراء نواكشوط الذين دفعتهم الحاجة إلى رهن حاجياتهم وهوياتهم وبعض أغراضهم للحصول على أساسيات منعتهم الحاجة من توفيرها.
ووصل عمال ومتطوعون من بينهم الفنان التشكيلي المعروف خالد مولاي إدريس، وملكة الحسن الناشطة في مجال العمل الخيري، إلى صيدليات قريبة من مستشفيات العاصمة بحثاً عن غارمين تركوا حاجياتهم وأرقام هواتفهم مرهونة عند الصيدليات.
ويوضح عمار أبو بكر، وهو صاحب صيدلية تقع بالقرب من إحدى المستشفيات، "شرح لي أصحاب المبادرة هدفهم وفكرة مشروعهم، وبالفعل عثرت على وصفات وفواتير لمرضى غير ميسورين تركوا هوياتهم ورقم هاتفهم، واتصلت بهم الجمعية وطلبت منهم القدوم بعد إبلاغهم بأن ثمن الدواء الذي اشتروه بالدين دُفع بالكامل".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لمسة إنسانية
كما توصل القائمون على المبادرة لأسر كانت مهددة من قبل شركتي الماء والكهرباء بقطع خدماتهما عنهم إن لم يسددوا فواتيرهم، وبالفعل قاموا بدفع جميع مستحقاتهم وتركوا عند الأسر أوصال الدفع لاستظهارها وقت الحاجة لعمال الشركة.
وفي شأن هذه الخطوة، تقول مريم التومي وهي ربة منزل في حي الوطنية، "لقد جاءت المبادرة في الوقت المناسب فقد استلمنا فاتورة كان سيحل أجل تسديدها بعد يومين، ولا أملك أموالاً لذلك، فأنا أرملة أعمل في البيوت لأعيل بناتي. أنا سعيدة بهذه المبادرة وأتمنى التوفيق للقائمين عليها".
وتنشط في موريتانيا مئات الجمعيات الخيرية، إلا أن القليل منها هو الذي يقوم بتدخل فعلي في الأوساط الفقيرة، ويحظى بمصداقية لدى النخبة والفنانين والمؤثرين في المجال العام الموريتاني.
ويقول الصحافي محمد الدده المواكب لعمل الجمعيات الخيرية في موريتانيا، "نجحت هذه الجمعيات في إضفاء لمسة إنسانية في الأوساط الفقيرة في العاصمة ومدن الداخل، إذ تتدخل في مجال العون الاجتماعي المباشر، وتقدم المساعدات النقدية والعينية في جولات تقودها إلى مناطق أحزمة الفقر".
ويضيف محمد "ساعدت ثورة التواصل الحديث فى إيصال رسائل هذه الجمعيات للمتبرعين وأصحاب القلوب المحسنة، حيث يطرحون مقاطع فيديو وتدوينات عبر صفحاتهم من أجل فتح باب الدعم لأصحاب الحالات الإنسانية، وهو ما يتم بالفعل وفي غضون ساعات أو أيام قليلة".