Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أم كلثوم بالذكاء الاصطناعي تثير أزمة بين صناع الموسيقى

تسببت أغنية لكوكب الشرق في جدل حول حرمة الموتى والملكية الفكرية ونقاد يطالبون بقوانين رادعة

بدأت الأزمة عندما لحن المصري عمرو مصطفى أغنية جديدة للراحلة أم كلثوم ووضع صوتها وصورتها عليها عبر تقنية الذكاء الاصطناعي (أ ف ب)

ملخص

بدأت الأزمة عندما لحن المصري عمرو مصطفى أغنية جديدة للراحلة أم كلثوم ووضع صوتها وصورتها عليها عبر تقنية الذكاء الاصطناعي من دون الرجوع إلى ورثتها أو أي جهة مسؤولة أو مالكة لحقوقها الفنية.

على مدار الساعات الأخيرة أثيرت أزمة في ما يتعلق باستخدام الذكاء الاصطناعي في تخليق أغنية لأم كلثوم، وفتحت المشكلة باب الجدل لمناقشة خطورة "فبركة" الأصوات والتعدي على حقوق الملكية الفكرية للمبدعين والحرية الشخصية للجميع.

استخدام بصمة الصوت

 بدأت القصة عندما لحن المصري عمرو مصطفى أغنية جديدة للراحلة أم كلثوم، ووضع صوتها وصورتها عليها عبر تقنية الذكاء الاصطناعي من دون الرجوع إلى ورثتها أو أي جهة مسؤولة أو مالكة لحقوقها الفنية.

ونشر مصطفى المقطع الصوتي، الذي استخدم فيه بصمة صوت كوكب الشرق على كلمات جديدة غير منسوبة إلى أي شخص، وعلق على منشوره "على مدار 24 سنة قدم عديداً من الألحان لنجوم الوطن العربي، وأخيراً مع تطور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي أراد أن يسمع كوكب الشرق السيدة أم كلثوم إذا غنت من ألحانه".

وبعد طرح الأغنية وصفها البعض بأنها "رديئة"، من حيث الجودة والصوت والأداء، واتهموا مصطفى بالإساءة إلى أم كلثوم، وأثير الجدل بشكل أكبر حول مدى خطورة تخليق عمل لا يوافق عليه صاحب الصوت، وطرحه بكلمات لا يعرفها، وبجودة تقلل من صوته ومكانته، وزادت حدة النقاش بخصوص التخوف من استخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة الأغاني وغيرها من الأعمال المزيفة.

توكيل رسمي

وتصاعدت حدة الأزمة عندما أصدر المنتج محسن جابر بياناً رسمياً بصفته مالكاً لأعمال أم كلثوم فنياً، وهاجم فيه عمرو مصطفى، واتهمه بانتهاك الحرية الشخصية للمطربة الراحلة، والتعدي كذلك على الملكية الفكرية وحقوق الورثة، وطالبه بعدم طرح الأغنية كاملة، ملوحاً بأنه سيتخذ كل الإجراءات القانونية لوقفها، فهو يمتلك توكيلاً رسمياً من جميع الورثة الشرعيين لأم كلثوم، وتابع جابر في بيانه "أنه سيسعى بكل قوته لإيقاف أي مهزلة أو عبث بصوت أم كلثوم، لأنها رمز كبير لا يجوز لأحد أن يقوم بنسخه أو تشويهه والعبث به".

ودافع مصطفى عن نفسه "لم أسط على حقوق أحد، وقمت بتوضيح حقيقة أن الصوت المقدم في الأغنية هو من إنتاج الذكاء الاصطناعي، وبذلك ليس من حق أحد اتهامي بالسطو على الملكية الفكرية، بخاصة أن اللحن والكلمات والصوت ليست ملك أي منتج حتى يعترض". مؤكداً أنه "سيكمل مشروعه مع مطربين وعمالقة آخرين، ولن يهتم بمدعي الحفاظ على التراث".

تشويه للتراث

وأكد الشاعر فوزي إبراهيم، الأمين العام لجمعية المؤلفين والملحنين، في تصريحات خاصة لـ"اندبندنت عربية"، "أنه ضد استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي تماماً في فبركة أصوات أي مطرب أو مطربة، وما قام به عمرو مصطفى ليس من حقه، لأنه تشويه لتراث أم كلثوم، واستخدام من دون حق لبصمتها وتخليق أغنية لها".

وأشار فوزي إلى أن "الصوت ليس بصمة فقط، بل مجموعة أشياء مثل الإحساس والروح والمساحات ومخارج الألفاظ، وهذه أشياء لا يمكن اختزالها باستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ولذلك لا يصح أن يقول أي شخص إنه استطاع تخليق بصمة أم كلثوم، ثم يبدأ باستخدامها وتركيبها على لحن أو أغنية من كلمات جديدة، وهذا يسمى فبركة وتشويهاً، وما قدمه عمرو مصطفى هو مسخ لا يمكن أن يقال إنه أغنية من الأساس".

حرمة الموتى

ونبه إبراهيم "الواقعة تعد تعدياً واضحاً على حقوق ورثة أم كلثوم، بل هي تعد أخطر على حرمة الموتى وحقوقهم، فاستيلاء شخص على بصمة صوت شخص توفي ولا يملك القبول أو الرفض، ووضع ذلك في عمل فني مهما كان مستواه هو عبث وتعد غير مقبول".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابع "في قانون الملكية الفكرية والأدبية بنود واضحة لا يمكن للشخص نفسه التنازل عنها، وأهمها أن تتم موافقة صاحب الصوت على أي شيء يستخدم اسمه، ويتم الرجوع إليه في أي تعديل أو تحوير، وهذا غير متوفر في حال وفاة المطرب".

وشدد "لا بد من سن قوانين فورية ورادعة لمنع أي تعد باستخدام أي تكنولوجيا مجدداً، وإلا سنفتح باب الاختراق على مصراعيه، ونشوه التراث بحجة استخدام الذكاء الاصطناعي وتلك التجارب الغريبة". مشيراً إلى أن أم كلثوم ملك وطن بالكامل، ومن حقنا جميعاً أن نعترض على ما حدث من تشويه، وبالنسبة إلى جمعية المؤلفين والملحنين فأوضح أنها تعترض بشكل واضح على ما حدث.

تجربة مشروعة

وخالف الشاعر مدحت العدل الرأي السابق وقال "عمرو مصطفى قدم تجربة جديدة، ومن حق الجميع أن يجرب، وكل العالم يخوض مغامرات حتى يتقدم، وإن لم يحدث ذلك سنظل في مكاننا، ولو خاف الجميع من أي شيء جديد فهذا يعني أن نعيش فقط في الماضي". وأشار العدل إلى أن استخدام عمرو مصطفى لبصمة صوت أم كلثوم "مجرد مشروع يمكننا اعتباره مجرد نواه لفكرة استخدام التكنولوجيا، ولنا أن نقبله أو نرفضه طالما الأمور واضحة، والملحن قال من البداية إنها تجربة، وإن كان هناك جانب جيد فلماذا نرفض الاستفادة منه؟".

وكشف العدل أن عمرو مصطفى إذا قام بالاستئذان ومراعاة الحقوق الملكية والفكرية والأدبية للورثة وغيرهم فستكون التجربة آمنة ومشروعة، لكن السبب الحقيقي في إثارة الأزمة أن الناس "تبالغ كثيراً في مخاوفها من أي تجربة، وبمجرد أن يلمحوا تغييراً يروجون دون دليل لفكرة هدم الثوابت والتراث وما إلى ذلك، والحقيقة ببساطة أن الأصل في أغنيات وصوت أم كلثوم وغيرها ما زال موجوداً ونملكه، وكل الحكاية أن الناس تجرب مدخلات وتقنيات جديدة، ولهذا لا يوجد أي خوف طالما الأصل موجود ومحفوظ، والخوف مقبول فقط في حالة أن نترك الأصل أو ندمره، ونلجأ للتكنولوجيا وننسى المرجع الأساسي، وهذا غير وارد ومستحيل بكل المقاييس".

واختتم العدل "أشجع أي تجربة جديدة مهما كانت طالما سنحكم على جودتها ومدى الاستفادة منها ونأخذ الجيد منها ونستبعد السيئ، وممكن أن تحدث تقنية الذكاء الاصطناعي طفرة في ترميم أسطوانات أو أغنيات مهمة في ما بعد وهذا غير مستبعد، ولذلك لا يجب علينا الخوف بهذا الشكل من المغامرة، بل علينا تطويع التكنولوجيا لخدمتنا وتحسين الجودة والتقدم، وفي السابق خاف الجميع من تقنية الهيلوغرام وهي الآن تنفذ بشكل جيد ويستفيد منها كثيرون".

محاولة إثارة الجدل

وقال الناقد الفني مصطفى حمدي، "عمرو مصطفى يبحث عن أي مادة ليثير الجدل، بخاصة أنه لم يحظ بالنجاح الذي يريده في أعماله الأخيرة، فلجأ إلى تلك الحيلة، لأنه يريد أن تتكلم عنه الناس بأي شكل".

وأضاف حمدي "من الناحية الأخرى ما حدث يشكل أزمة حقيقية لأنه يفتح نقاشاً شديد الخطورة حول استخدام تلك التقنية في الفبركة والتلفيق، لأي صوت وهذا مرعب". مشدداً "على المسؤولين سن قوانين فورية لتجريم ذلك حتى لا نجد صوت مطرب مهم مثلاً على أغنية مسيئة، أو مطربة يتم استخدام بصمتها في عمل مسف لا تعلم عنه شيئاً بحجة استخدام تكنولوجيا جديدة".

وأوضح حمدي أن هناك ثغرات كثيرة يجب الانتباه إليها في تلك الأزمة، وهي استخدام أكثر من صوت في صوت واحد حتى تتوه الحقوق، فيمكن تخليق صوت لأم كلثوم مع نجاة، ووصف ذلك بأنه صوت جديد مثلاً، وهذه الافتراضات تدخلنا في دائرة ضخمة من العبث.

واختتم حمدي "أهم حق أدبي ومعنوي أن يختار الفنان ما يغنيه، واستخدام الحيلة في إجبار أي مبدع على وضع صوته بتقنيات معينة هو جرم كبير ويخترق كل مساحات الحقوق والاحترام".

مشكلات مقبلة

وحذر الناقد الموسيقي محمود الرفاعي من خطورة استخدام الذكاء الاصطناعي، وأوضح أنه سيتسبب في مشكلات عدة خلال الفترة المقبلة في كل أرجاء العالم وليس فقط في وطننا العربي، وأثبت الرفاعي مخاوفه بواقعة مناشدة المطرب العالمي ستينغ للمنظمات الدولية أخيراً، إذ نبه لخطورة مشكلات استخدام تلك التقنية وأضرارها على صناع الموسيقى والفن.

وأضاف الرفاعي، "بالنسبة إلى مشكلة أغنية أم كلثوم التي فبركها عمرو مصطفى فلم أتقبلها نهائياً، لأن الأغنيات التي مر عليها الزمان بأصوات أصحابها أصبحت تراثاً وأحبها الجمهور مثلما قدمت، وليس من المقبول أن يأتي شخص بعد عشرات السنين يعيد التلاعب في أصوات أصحاب الأغنيات العظيمة من أجل التطوير، كما أن المقطوعات والأغنيات لها حقوق محفوظة من جانب جمعية المؤلفين والملحنين الدولية (ساسم) بفرنسا التي تمثلها في مصر جمعية المؤلفين والملحنين (ساسيرو)، وهنا قبل العمل عليها لا بد من استئذان أصحابها الأصليين".

وأخيراً أكد الرفاعي "أن الذكاء الاصطناعي قد يكون له دور فعال في إعادة إحياء تراث الأغنيات القديمة التي تعاني مشكلات وعيوباً بسبب مرور السنوات عليها، لكن ستظل الأزمة قائمة بين المجددين والمطورين وأصحاب الحقوق الأصلية".

اقرأ المزيد

المزيد من فنون