Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يفعلها ديسانتس ويزيح ترمب من سباق الرئاسة الأميركية؟

يقاتل اليسار بالقوانين ويراهن على وعي الجمهوريين بأنه الوحيد القادر على هزيمة بايدن ويقدم نفسه كـ"محارب" وصاحب قيم

رون ديسانتس في أحد الأنشطة بولاية آيوا (أ ف ب)

ملخص

يقدم نفسه للجمهور الأميركي على أنه الوحيد القادر على هزيمة بايدن ويقدم نفسه كمحارب وصاحب قيم.

من المتوقع أن يدخل حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتس السباق الرئاسي للحزب الجمهوري 2024 خلال أيام، بحسب ما أفادت صحف أميركية، في بداية محاولة طال انتظارها لمنافسة ترمب على زعامة الحزب، ومن ثم السعي إلى التغلب على الرئيس جو بايدن العام المقبل، فمن هو ديسانتس، ولماذا يعد الوحيد القادر على هزيمة ترمب وبايدن معاً، وإذا كان يشيد بسياسات ترمب حينما كان في البيت الأبيض، فلماذا يصارعه الآن، وما أوجه الشبه والاختلاف بينهما؟

الترشح الرسمي

منذ زمن طويل، يتلاعب السياسيون الأميركيون حول طموحاتهم الرئاسية، لكن حاكم ولاية فلوريدا رونالد دانيال ديسانتس المعروف باسم "رون ديسانتس" بدأ تحركات يفهم منها أن الوقت المناسب لترشحه للرئاسة رسمياً بات وشيكاً جداً، بدءاً من إجرائه جولة في البلاد للترويج لكتابه وسجله كحاكم لولاية فلوريدا، ومروراً بزيارته ولايتي أيوا ونيو هامبشاير اللتين تشهدان أول منافسات الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، وانتهاء بوضع رؤيته للسياسة الخارجية، وحصوله على دعم لترشيحه من المسؤولين المنتخبين، كما ادعى أنه يستطيع هزيمة الرئيس بايدن، ومنحه ترمب ألقاباً سيئة لا يطلقها سوى على خصومه الأقوياء.

ووفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن ديسانتس، المولود في جاكسونفيل شمال فلوريدا في 14 سبتمبر (أيلول) 1978 سيقدم أوراق ترشحه الرسمية إلى لجنة الانتخابات الفيدرالية الأسبوع المقبل.

وأشارت شبكة "سي أن أن" إلى حجز نحو 100 غرفة فندقية فاخرة لاستضافة كبار المتبرعين في مدينة ميامي في 25 مايو (أيار) لبدء جمع الأموال من أجل ترشيحه للرئاسة، وسيكون ذلك بمثابة استعراض لقوته المالية، حيث يتعين أن يدخل المرشح السباق رسمياً قبل أن يتمكن من طلب التبرعات لحملته الرئاسية وفقاً للقانون، بينما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أنه من المتوقع أن يعلن الترشح بعد "يوم الذكرى" وهو عيد وطني في الولايات المتحدة، يصادف يوم 29 مايو (أيار) من هذا العام، ومن المرجح أن يصدر مقطع فيديو يتزامن مع دخوله الرسمي إلى السباق، في حين يعلن ديسانتس ترشحه في مسقط رأسه في دنيدن شمالي ولاية فلوريدا التي يحكمها الآن.

بايدن وأنا

غير أن أبرز الدلائل على قرب ترشح ديسانتس جاء عبر صحيفة "نيويورك تايمز" التي استمع أحد مراسليها إلى مكالمة له مع المانحين، قال فيها إن ثلاثة مرشحين فقط يتمتعون بالصدقية "بايدن وترمب وأنا"، وأنه هو الوحيد الذي سيكون قادراً على الفوز في كل من الانتخابات التمهيدية الجمهورية والعامة، ومن بين هؤلاء الثلاثة، قال ديسانتس، إن اثنين فقط لديهما فرصة للانتخاب كرئيس "بايدن وأنا"، لأنه بناء على جميع البيانات الموجودة في الولايات المتأرجحة، وهي ليست رائعة بالنسبة إلى الرئيس السابق، ربما لا يمكن تغييرها، لأن الناس لن يغيروا رأيهم في ترمب.

وعلى رغم إشادة ديسانتس بسياسات ترمب حينما كان في البيت الأبيض، فإنه يعتبر أن الرئيس الديمقراطي جو بايدن ألغاها خلال سنوات حكمه، لكنه يشير إلى أن ترمب لن يستطيع إعادتها، لأنه غير قادر على الفوز في الانتخابات العامة، ولهذا يقدم نفسه للجمهور الأميركي على أنه الوحيد القادر على هزيمة بايدن، وهذا يستدعى ضرورة طلاق الحزب الجمهوري عن ترمب، وعلى سبيل المثال، نقل ديسانتس عن ناخب تحدث معه في مؤتمر انتخابي في ولاية آيوا قوله إن "ترمب كان شخصاً أحببنا سياساته لكننا لم نحب قيمه، أما معك، فنحن نحب سياساتك، ونعلم أيضاً أنك تشاركنا قيمنا".

وفي نقطة أخرى، كان ديسانتس صريحاً حين قال، إن الناخبين يريدون الانتقال من بايدن، وهم يريدون فقط سيارة يمكنهم الركوب فيها، ولكن "هناك عدداً كبيراً من الناخبين الذين لا يرون ترمب مثل تلك السيارة"، وقبل أيام عدة قال للناخبين في مؤتمر بولاية أيوا: "إذا أجرينا استفتاء عام 2024 على جو بايدن وإخفاقاته وقدمنا بديلاً إيجابياً لمستقبل هذا البلد، فإن الجمهوريين سيفوزون في جميع المجالات، لكن إذا لم نفعل ذلك، وتشتت انتباهنا، وركزنا على الانتخابات في الماضي أو على قضايا جانبية أخرى، فأعتقد أن الديمقراطيين سيهزموننا مرة أخرى، وسيكون من الصعب للغاية التعافي من تلك الهزيمة".

أوجه الاختلاف

رغم أن ديسانتس لم يتحدث حتى الآن عن الاختلافات العمرية بينه (44 سنة) وترمب (76 سنة) أو بايدن (80 سنة)، إلا أنه ربما يدخر هذا الأمر لتوقيت مناسب أو يتركه لجهور الناخبين ووسائل الإعلام التي تثير هذه النقطة لكل من بايدن وبدرجة أقل لترمب أيضاً، ولهذا يفضل التركيز على أوجه الاختلاف في السياسات خلال هذه المرحلة وبشكل خاص مع ترمب الذي يشكل بالنسبة إليه حجر عثرة كبير ينبغي إزالته من طريقه في الحزب الجمهوري قبل الانتقال إلى بايدن، إضافة إلى فكرة عدم قدرة ترمب على الفوز بالانتخابات العامة في الولايات المتأرجحة التي تحدد مصير الانتخابات، تحول ديسانتس إلى بعض الاختلافات التي يأمل أن تساعده على معركته ضد ترمب.

ومن بين أبرز الاختلافات، التناقض مع ترمب الذي انتقده بعض الجمهوريين بسبب العمل غير المكتمل عندما كان رئيساً، حيث اعتبر ديسانتس أن الرئيس السابق اعتمد بشدة على الإجراءات التنفيذية بدلاً من المساعدة في دفع الإجراءات من خلال الكونغرس الأميركي، مشيراً إلى أن عمله خلال الجلسات التشريعية وفي مناقشة الميزانية في فلوريدا كان على النقيض من ذلك، مستعرضاً قائمة العناصر التي كان سعيداً بإنجازها في شأن القضايا البيئية والتعليم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي جانب آخر، يسلط ديسانتس الذي درس القانون في جامعة هارفرد، الضوء على جهوده لمساعدة الحزب الجمهوري، في حين أن ترمب وجمهوريين آخرين هاجموه مراراً، ولمح بأن هناك هذا النوع من المرشحين الذين يجمعون الأموال لأنفسهم فقط، في ضربة واضحة لترمب، الذي تعرض لانتقادات خلال انتخابات التجديد النصفي لجلوسه على كومة كبيرة من الأموال في لجنة العمل السياسي الخاصة به وعدم القيام بما يكفي لمساعدة الآخرين.

وفي حين لم يطلق ديسانتس، الذي عمل كمدع فيدرالي في بداية حياته، سهام انتقاداته على الرئيس ترمب بسبب القضايا عديدة التي تلاحقه في نيويورك وجورجيا وفي العاصمة واشنطن، إلا أنه أثار غضب الرئيس السابق قبيل محاكمته الأخيرة في نيويورك حين حاول التلميح سريعاً بعلاقة الرئيس السابق بنجمة الأفلام الإباحية ستورمي دانيالز، وهو ما يشير إلى إمكانية إثارة ديسانتس معارك تتعلق بالقيم عندما يترشح رسمياً للانتخابات ويقترب موعد المنافسات التمهيدية، في محاولة لاستقطاب المحافظين الإنجيليين الذين يشكلون الكتلة الأكبر بين الناخبين الجمهوريين.

وعلاوة على ذلك، أشار ديسانتس الذي كان ضابطاً في البحرية خلال حرب العراق، إلى أنه سيكون المحارب المخضرم الوحيد الحاصل على النجمة البرونزية في السباق الرئاسي، وهي ميزة أخرى يفتقر إليها سجل ترمب.

ضد اليسار

رغم التشابه في السياسات المعارضة لليسار الليبرالي في أميركا بين ترمب وديسانتس، فإن الأخير يصور نفسه على أنه القادر على تحويل التوجهات والأفكار السياسية إلى أفعال من خلال سلسلة من القوانين يصنفها على أنها انتصارات، ما يشير إلى إمكانية العمل على تعميم هذه السياسات على المستوى الفيدرالي الأميركي إذا فاز بالرئاسة، حيث وقع ديسانتس في الأسابيع الأخيرة قانوناً في فلوريدا لحظر الإجهاض بعد ستة أسابيع من الحمل، وآخر للسماح للأشخاص بحمل أسلحة مخفية من دون تصريح، كما وسع نطاق قانون حقوق الوالدين يسميه معارضوه "قانون لا تقل مثلي الجنس" الذي يحظر تدريس أو مناقشة التلاميذ في صفوف المدارس العامة قضايا التوجه والهوية الجنسية، مما أدى إلى تأييد واسع من قبل المحافظين وازدرائه من مجتمع الميم واليسار بصفة عامة.

وفي الأيام المقبلة، سيوقع ديسانتس الذي عمل في مستهل حياته مدرساً للتاريخ، قانوناً يحظر برامج التنوع والمساواة والشمول في كليات الولاية، مع مشروع قانون آخر يمنع الطلاب والمعلمين من إلزامهم استخدام ضمائر لا تتوافق مع جنس شخص ما.

مقاتل في حرب ثقافية

ويبدو أن ديسانتس الذي نشأ في أسرة متواضعة لأب عامل وأم ممرضة، يراهن على أن تكون أجندة الحرب الثقافية هي وسيلته الأساسية التي يمكن أن تصل به إلى خط النهاية نحو البيت الأبيض، حيث أوضح من قبل أن أجندته التي لفتت الانتباه إليه على المستوى الوطني في أميركا ليست مجرد سياسة جيدة، بل يمكن أن تساعد الجمهوريين على الفوز في الانتخابات، وربما تحقق نجاحات كبيرة مع الناخبين لأنها تحظى بشعبية لدى الغالبية العظمى من الناس مثلما ظهر في فلوريدا، حيث انتقل هامش فوزه على منافسيه الديمقراطيين في الولاية من 32 ألف صوت عام 2018 إلى 1.5 مليون صوت عام 2022، وهذا لا يحدث عن طريق المصادفة، بحسب قوله.

وتعرف الحرب الثقافية بأنها خلافات وصراعات قوية بين المجموعات الأكثر ليبرالية وتلك الأكثر تحفظاً حول القضايا الاجتماعية وتشمل في المجتمع الأميركي عدداً من القضايا مثل حقوق الإجهاض والصلاة في المدرسة وحقوق المثليين والعنصرية والتعددية الثقافية والصراعات الأخرى القائمة على القيم والأخلاق وأسلوب الحياة التي تشكل الانقسام السياسي الواسع في الولايات المتحدة الآن.

ولهذا انتقد ديسانتس الذي خدم ثلاث فترات في مجلس النواب الأميركي وكان جزءاً من حركة "حزب الشاي" المحافظة اليمينية، قبل انتخابه حاكماً لولاية فلوريدا، "أيديولوجيا اليقظة أو الاستيقاظ" التي يتبناها اليسار في أثناء ظهوره الأول في ولاية أيوا حيث قال إنها وباء أصاب المؤسسات الأميركية في مجال التعليم والرعاية الصحية والأعمال التجارية.

عواقب المواجهة

ومع ذلك، بدت هذه الحرب الثقافية مثيرة للقلق، حيث لم يذكر ديسانتس في مكالمته الأخيرة مع المانحين معركته مع شركة "والت ديزني" العملاقة التي اشتبك ضدها في واحدة من بين هذه المعارك، حيث انسحبت شركة "ديزني"، الخميس، من مشروع تطوير بقيمة مليار دولار في أورلاندو بفلوريدا، وقضى ديسانتس القليل من الوقت في مناقشة الموضوعات الثقافية المثيرة للانقسام في المكالمة، التي شملت عديداً من رجال الأعمال الذين لا يفضلون مواقفه الهجومية في شأن هذه القضايا.

ودخل ديسانتس، أخيراً، في معركة قضائية مع ديزني التي ردت بإقامة دعوى قضائية على الحاكم، زاعمة أنه ينتقم من الشركة سياسياً لأنها عارضت علناً التشريعات التي يقودها مع الجمهوريين لتقييد المناقشات المدرسية حول التوجه والهوية الجنسية، بينما اعتبر ديسانتس (المتزوج من مراسلة تلفزيونية ومذيعة أخبار محلية أنجب منها ثلاثة أطفال)، أن وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الشركات العملاقة ومنها "ديزني" التي تمتلك شبكة "أيه بي سي"، تريد أن يكون ترمب هو المرشح، مضيفاً أن الصحافيين والمرشحين الآخرين ورئيسين استهدفوه بالانتقادات.

لكن طريق ديسانتس للاستحواذ على شعبية تجعله يتجاوز ترمب في السباق الانتخابي، يعترضه كثير من العقبات، حيث تظهر استطلاعات الرأي أن الرئيس السابق لا يزال ثابتاً في الصدارة بينما فقد ديسانتس بعض الزخم خلال الإطلاق المفصل لحملته المتوقعة، إذ نال دونالد ترمب تأييد 56 في المئة من الجمهوريين، متقدماً على ديسانتس بنسبة 19.9 في المئة ونائب الرئيس السابق مايك بنس بنسبة 5.9 في المئة وفقاً لأحدث البيانات من موقع التحليل السياسي "رييل كلير بوليتيكس".

وعلى طول الطريق، تعثر ديسانتس في بعض الأحيان، ونال ملاحظات سيئة بسبب تأرجح موقفه في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وإطالة أمد صراعه مع شركة ديزني العملاقة إلى عام ثان، وإحراجه من قبل ترمب الذي كشف عن دعمه من جميع نواب فلوريدا في الكونغرس الأميركي، مقابل دعم 99 من نواب المجلس التشريعي في فلوريدا لديسانتس.

في الوقت نفسه يقدم فريق ترمب الرئيس السابق باعتباره المرشح الذي لا مفر منه، ويصف ديسانتس بأنه غير مخلص، بعد أن أيده ترمب في انتخابات حاكمية ولاية فلوريدا عام 2018 وساعده على الفوز ضد المرشح المدعوم من المؤسسة، فيما يواصل ترمب انتقاداته لديسانتس وقال، إنه يحتاج إلى "زرع شخصية" متهماً إياه بمحاولة محاكاة سياساته وعدم امتلاكه رؤية مختلفة.

لكن ديسانتس قال، إنه لا يخطط لدحض كل اتهام من ترمب ويتوقع الرد على الرئيس السابق في شأن السياسة، بينما يعتقد حلفاء ديسانتس أن مسار السباق سيتغير بشكل كبير بمجرد أن يصبح مرشحاً رسمياً.

المزيد من تقارير