Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قمة جدة: وقف الصراعات بطي صفحة الماضي والاتجاه للتنمية

ترحيب بالأسد وعودة سوريا وزيلينكسي يطلب دعم خطة السلام الأوكرانية

ملخص

طغت ملفات عودة سوريا والوضع في السودان بالإضافة لملفات اليمن وليبيا على القمة العربية

احتضنت مدينة جدة السعودية القمة العربية الثانية والثلاثين، اليوم الجمعة التي اختتمت بـ "إعلان جدة" وشهدت مشاركة الرئيس السوري بعد 13 عاماً من الغياب، حيث كانت قمة سرت في ليبيا في مارس (آذار) 2010 آخر قمة حضرها بشار الأسد، كما جاءت مشاركة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في إطار تلاقي قضايا المنطقة العربية مع قضية الحرب في أوكرانيا كأحد التحديات التي يواجهها العالم وتلقي بأثرها على الجميع، فيما يرغب الرئيس الأوكراني في حشد الدعم لمعركة كييف ضد الهجوم الروسي على بلاده.

طغت ملفات عودة سوريا والوضع في السودان بالإضافة لملفات اليمن وليبيا على القمة العربية، وهي نقاط أكد عليها "إعلان جدة" في تجديد الالتزام بالحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقرارها، وتكثيف الجهود لمساعدتها على الخروج من أزمتها، وإنهاء معاناة الشعب السوري، فيما تم تأكيد التضامن الكامل في الحفاظ على سيادة واستقلال السودان ووحدة أراضيه، ورفض التدخل في شؤونه الداخلية باعتبار الأزمة شأناً داخلياً، والحفاظ على المؤسسات السودانية.

كانت القضية الفلسطينية حاضرة بالتأكيد على مركزيتها للأمة العربية جمعاء، والهوية العربية للقدس الشرقية المحتلة، عاصمة دولة فلسطين، وحق دولة فلسطين في السيادة المطلقة على أرضها المحتلة عام 1967 كافة، بما فيها القدس الشرقية، وأهمية تفعيل "مبادرة السلام العربية".

 

في الشأن الليبي تم التأكيد على الالتزام بوحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها، ورفض أنواع التدخل الخارجي كافة، والامتناع عن التصعيد، أما في الإطار اليمني فقد جاء الإعلان ليؤكد استمرار دعم الحكومة اليمنية الشرعية بقيادة مجلس القيادة الرئاسي وتعزيز دوره ودعمه.

حثت القمة السلطات اللبنانية على مواصلة الجهود لانتخاب رئيس للبلاد وتشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن، وإجراء إصلاحات اقتصادية للخروج من الأزمة الخانقة، ودعا الإعلان إلى دعم جهود الحكومة الصومالية في حربها الشاملة ضد الإرهاب، لا سيما "حركة الشباب"، بهدف القضاء عليها، والإشادة بالجيش الوطني الصومالي.

رحبت القمة بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين السعودية وإيران في بكين، الذي يتضمن استئناف العلاقات الدبلوماسية، وإعادة فتح بعثاتهما، وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني والاقتصادي بين البلدين، وأدانت توغل القوات التركية في الأراضي العراقية، وطالبت الحكومة التركية بسحب قواتها من دون شروط، وفي ما يخص مكافحة الإرهاب، أدانت القمة كل أشكال العمليات الإجرامية التي شنتها المنظمات الإرهابية في الدول العربية والعالم، ودعت الدول العربية التي لم تصادق على الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، إلى التصديق عليها.

ولي العهد السعودي: لا للصراعات

رحّب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز أمام الزعماء العرب في مستهل انعقاد القمة العربية في جدة الجمعة، بعودة الرئيس السوري بشار الأسد لحضور اجتماعات جامعة الدول العربية بعد غياب دام أكثر من عقد.

وقال ولي العهد السعودي في كلمته "يسرنا اليوم حضور الرئيس بشار الأسد لهذه القمة، وصدور قرار جامعة الدول العربية بشأن استئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية"، وأضاف "نأمل في أن يسهم ذلك في دعم استقرار سوريا، وعودة الأمور إلى طبيعتها، واستئناف دورها الطبيعي في الوطن العربي، بما يحقق الخير لشعبها، وبما يدعم تطلعنا جميعاً نحو مستقبل أفضل لمنطقتنا".

وتسارعت التحولات الدبلوماسية على الساحة العربية إثر إعلان اتفاق بين السعودية وإيران، أحد أبرز حلفاء دمشق، في مارس (آذار) الماضي على استئناف العلاقات، في خطوة بدت انعكاساتها جلية على المشهد السياسي الإقليمي في منطقة لطالما هزتها نزاعات بالوكالة.

والشهر الماضي، استقبل الأسد في دمشق وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، في أول زيارة من هذا النوع منذ اندلاع النزاع في سوريا في 2011 وتجميد عضويتها في جامعة الدول العربية.

وقال ولي العهد في كلمته "لن نسمح بأن تتحول منطقتنا إلى ميادين للصراعات، ويكفينا مع طي صفحة الماضي تذكر سنوات مؤلمة من الصراعات عاشتها المنطقة، وعانت منها شعوبها وتعثرت بسببها مسيرة التنمية".

ترحيب بالأسد وعودة سوريا

لقي الرئيس السوري بشار الأسد استقبالاً حاراً في القمة العربية، وعانقه ولي العهد السعودي خلال اجتماع للزعماء، في تحول في السياسة تعارضه الولايات المتحدة وقوى غربية أخرى، وصافح الأمير محمد بن سلمان الرئيس السوري بشار الأسد وعانقه قبل التقاط صورة رسمية قبل الاجتماع، ورحب في كلمته بعودة سوريا.

وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية إن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني صافح الرئيس السوري بشار الأسد قبل قمة جامعة الدول العربية، لكن لم يظهر تأكيد على الفور من وسائل الإعلام القطرية، فيما قال مسؤول عربي لـ"رويترز" إن زيارة أمير قطر للقمة العربية لم تتضمن أي مقابلات ثنائية ولم يلق كلمة وأن الأمير غادر القمة العربية قبل بدء كلمة الرئيس السوري، وأصدر ديوان الأمير القطري بياناً مع بدء القمة قال فيه إن الأمير غادر جدة بعد وصوله إليها لحضور القمة العربية.

 

وتغير الحال كثيراً بمرور الزمن. ففي قمة عربية استضافتها قطر قبل عقد مضى، جلست المعارضة السورية في مقعد سوريا. وفي عام 2018 قال أمير قطر الشيخ تميم إن المنطقة لا يمكن أن تتسامح مع "مجرم حرب" مثل الأسد، على حد وصفه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأعرب الرئيس السوري بشار الأسد أمام القادة العرب، عن أمله في أن يكون الاجتماع بحضور دمشق "بداية مرحلة جديدة" للعمل العربي المشترك، وقال الأسد أمام قادة وممثلي الدول العربية "ونحن نعقد هذه القمة في عالم مضطرب، فإن الأمل يرتفع في ظل التقارب العربي العربي والعربي -الإقليمي والدولي والذي توج بهذه القمة"، وأضاف "أتمنى أن تشكّل (القمة) بداية مرحلة جديدة للعمل العربي للتضامن في ما بيننا للسلام في منطقتنا والتنمية والازدهار بدلاً من الحرب والدمار".

وأمام قادة الدول العربية في جدة، شكر الرئيس السوري القيادة السعودية على "الدور الكبير الذي قامت به وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولإنجاح هذه القمة"، وتابع "سوريا ماضيها وحاضرها ومستقبلها هي العروبة لكنها عروبة الانتماء لا الأحضان، فالأحضان عابرة لكن الانتماء دائم"، وأضاف "ربما ينتقل الإنسان من حضن لآخر لسبب ما لكنه لا يغير انتماءه، أما من يغيره فهو من دون انتماء في الأساس. ومن يقع في القلب، لا يقبع في حضن، وسوريا قلب العروبة وفي قلبها".

واعتبر الأسد أنّ "العمل العربي المشترك بحاجة إلى رؤى واستراتيجيات وأهداف مشتركة نحولها لاحقاً إلى خطط تنفيذية... بحاجة إلى سياسة موحدة"، مشيراً إلى أن "الأهم هو ترك القضايا الداخلية لشعوبها فهي قادرة على تدبير شؤونها، وما علينا إلا أن نمنع التدخلات الخارجية في بلدانها".

 

حضور زيلينسكي

إلى جانب الأسد الذي نبذته الدول العربية لفترة طويلة استطاع فيها تحويل دفة الصراع في الحرب الأهلية لمصلحته بمساعدة روسيا، شارك في القمة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي يريد حشد الدعم لمعركة كييف ضد الهجوم الروسي على بلاده.

وقال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في كلمة إن الرياض مستعدة للوساطة بين روسيا وأوكرانيا، فيما طلب زيلينسكي في خطابه للقمة من الوفود دعم الصيغة الأوكرانية للسلام وشكر الرياض على دورها في الوساطة لإطلاق سراح سجناء العام الماضي.

واتّهم الرئيس الأوكراني في خطاب ألقاه أمام القمة، زعماء عرب بـ"غض الطرف" عن تصرفات روسيا في بلده، مطالباً بموقف موحد "لإنقاذ الناس" من السجون الروسية، وقال زيلينكسي خلال مشاركته في الجلسة الافتتاحية للقمة العربية "للأسف، هناك البعض في العالم، وبينكم هنا، يغضون الطرف عن  السجون والضم غير القانوني" للأراضي الاوكرانية، مضيفاً "أنا متأكد من أننا يمكن أن نتّحد جميعاً في إنقاذ الناس من أقفاص السجون الروسية".

وأضاف "لدينا بالفعل تجربة إيجابية مع السعودية في ما يتعلق بالإفراج عن مواطنينا الذين أسرتهم روسيا"، في إشارة إلى توّسط الرياض في عملية تبادل للأسرى بين كييف وموسكو، وتابع "يمكننا توسيع هذه التجربة. حتى إذا كان هناك أشخاص هنا في القمة لديهم وجهة نظر مختلفة بشأن الحرب على أرضنا، ويصفونها بأنها صراع، فأنا متأكد من أننا يمكن أن نتّحد جميعاً في إنقاذ الناس من أقفاص السجون الروسية"، وأكّد زيلينسكي "أنا هنا حتى يتمكن الجميع من إلقاء نظرة صادقة، بغض النظر عن مدى صعوبة ذلك ومحاولة الروس للتأثير" على موقفهم.

ومنحت زيارة جدة زيلينسكي، وهي الأولى له إلى الشرق الأوسط منذ اندلاع الحرب في بلاده، فرصة لمخاطبة قادة الدول العربية التي يبقى موقفها ضبابياً وغير موحد من الحرب في أوكرانيا، بخلاف حلفائه الأوروبيين والأميركيين.

وحث الرئيس الأوكراني الدول العربية على دعم مبادرته للسلام لإنهاء الحرب الروسية في بلاده، وقال إن الوفود ستتلقى نص خطة السلام المكونة من 10 نقاط وطلب منهم العمل مع أوكرانيا مباشرة من دون وسطاء، وقال زيلينسكي بالإنجليزية "أدعو جميع من يحترمون السلام إلى المشاركة في تنفيذ صيغة السلام، وبذلك نقلل العداء والحروب والمعاناة والشر"، وأضاف "روسيا ضعيفة، نهزمها في حين أن لديها أسلحة أكثر في يديها. لا ينبع عدوانها من قوة، لكن من فهم أن زمن الإمبراطوريات قد ولى".

وذكر زيلينسكي أن من الأمثلة الجيدة على الكيفية التي ربما ينتفع بها الآخرون من صيغة السلام الأوكرانية هي مبادرة تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود التي سمحت لأوكرانيا، أحد مصدري الحبوب المهمين في العالم، بمواصلة إرسال الإمدادات للدول، بما في ذلك دول أعضاء بجامعة الدول العربية.

 

وتوسطت الأمم المتحدة وتركيا في الاتفاق في يوليو (تموز) للمساعدة في التصدي لأزمة غذاء عالمية تسبب فيها الغزو الروسي لأوكرانيا. وجرى تمديد الاتفاق لشهرين آخرين هذا الأسبوع، وبالإضافة إلى الأمن الغذائي، تشمل خطة زيلينسكي شرطاً يلزم روسيا بسحب كل قواتها من الأراضي الأوكرانية وتدعو إلى الإفراج عن جميع أسرى الحرب الأوكرانيين وتسعى إلى استعادة "الأمان ضد الإشعاع" في محطة للطاقة النووية تحتلها روسيا.

وشكر زيلينسكي السعودية على مساعدتها في تأمين الإفراج عن بعض أسرى الحرب ودعا إلى خطوات لحماية الطائفة المسلمة في أوكرانيا، في إشارة إلى تتار القرم المقيمين بشبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا إلى أراضيها في 2014، وقال "حتى مع حضور أشخاص هنا في القمة ممن لديهم رؤى مختلفة حول الحرب الدائرة على أرضنا ويصفونها بأنها صراع، أنا واثق من أننا نستطيع جميعاً أن نتحد لإنقاذ الأشخاص من غياهب السجون الروسية".

اقرأ المزيد

المزيد من الأخبار