Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السودانيون يتحدون أخطار الطرق البرية للهروب من جحيم الحرب

مسالك وعرة وطويلة وضعف في الخدمات واستغلال الأوضاع من قبل التجار وأصحاب الأعمال

لاجئون سودانيون يفترشون الأرض في تشاد بعدما هربوا من جحيم الحرب في بلادهم (رويترز)

ملخص

يشكو الفارون من ويلات الحرب في السودان ازدحام العالقين في المعابر وانعدام الخصوصية ونقص المواد الغذائية

دفعت الحرب في السودان الآلاف من سكان العاصمة الخرطوم إلى النزوح لدول الجوار مثل مصر وإثيوبيا طلباً للأمان، وعلى رغم مرور شهر على اندلاع المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع، إلا أن أعداد الفارين من دوامة العنف ما زالت في تزايد مستمر.

ويواجه السودانيون الأخطار في رحلة سفرهم براً عبر طرق صحراوية وعرة، لمسافات تصل إلى نحو 1000 كيلومتر بلا غذاء ولا ماء أو دواء، ما يتسبب في تداعيات إنسانية صعبة على المسافرين بخاصة المرضى. واختار كثيرون اللجوء إلى مصر وإثيوبيا بحكم الاشتراك بالحدود مع هذين البلدين، بينما اتجه آخرون إلى دولة تشاد.

طرق وعرة

ويضطر السودانيون إلى سلك طرق وعرة من أجل الوصول إلى وجهاتهم، فالرحلة براً من الخرطوم إلى معبر أرقين الحدودي مع مصر تستغرق 18 ساعة، وكثير من الأسر التي لجأت إلى شمال الوادي تضم كبار سن ومرضى لا يتحملون الإرهاق، كما أن الانتظار في المعبر لاستكمال إجراءات الدخول إلى الأراضي المصرية يحتاج وقتاً طويلاً أيضاً.

ووصف المواطن السوداني محمد عثمان حمد رحلته إلى القاهرة قائلاً "خضنا مغامرة صعبة للغاية، خرجنا من منزلنا دون متعلقات أو ملابس، لم نأخذ سوى جوازات السفر، كنا خائفين على أرواحنا ونسعى للهروب من مناطق الاشتباكات المسلحة، وأضاف أن "توقف عمل محطات الوقود في العاصمة تسبب في عدم توفر وسائل النقل خصوصاً الباصات السفرية، لذلك استأجرت أسرته حافلة خاصة لتنقلهم إلى مصر، في رحلة استغرقت يوماً كاملاً ولمسافة وصلت 1000 كيلومتر بين مدينة أم درمان ووادي حلفا".
وأفاد بأن "الطرق تتسم بالوعورة الشديدة إضافة إلى التحرك عبر المسارب الصحراوية في رحلة شاقة من عذاب الساعات الطوال"، موضحاً أن "المعاناة بدأت منذ البداية لندرة الخدمات الضرورية من ماء وغذاء علاوةً على ارتفاع أسعار السلع بسبب زيادة الطلب عليها، وأصيب الأطفال بإجهاد وإعياء نتيجة عدم تناول وجبات ومياه كافية". وأشار عثمان حمد إلى أن "الرحلة الثانية تبدأ من حلفا للعبور إلى ميناء قسطل، حيث هناك عدد كبير من العالقين ينتظرون إكمال إجراءات تجديد جوازات السفر، بالتالي فإن الانتظار قد يطول أياماً عدة".

أزمات ومغامرات

إزاء هذا الوضع يشكو الفارون من ويلات الحرب في السودان ازدحام العالقين في المعابر وانعدام الخصوصية ونقص المواد الغذائية، ونتيجة عدم توفر مساكن لإيواء الآلاف يضطر كثيرون بخاصة الشباب إلى افتراش الأرض، بينما اتجه آخرون إلى المدارس والمساجد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وروى نصر حماد خضر أحد المتوجهين إلى مصر عن معاناة تقترب من الموت في رحلة المغادرة، وقال إن "التحرك بدأ من مجمع الباصات السفرية في سوق قندهار أقصى جنوب مدينة أم درمان، وكعادة أصحاب المكاتب في استغلال الناس في ظروف الحرب ارتفعت أسعار التذاكر لأعلى معدل، وفي الطريق واجهنا أخطاراً عديدة منها الوعورة الشديدة والتوقف المستمر لتفحص الباص وصيانته بواسطة السائق ومعاونه، كما نجونا من ثلاثة حوادث مرورية قاتلة".

"عناء ومشقة لا ينتهيان"، سرد تفاصيلهما حماد خضر قائلاً "استغل أصحاب الكافتيريات والاستراحات التجارية على الطريق ظروف المسافرين ورفعوا أسعار المواد الغذائية وقوارير المياه في وقت لا يملك فيه كثيرون أموالاً إضافية، وفرض البعض مبالغ تصل إلى 1000 جنيه سوداني، أي نحو دولارين، أجرة السرير لساعات معدودة، و500 جنيه لاستخدام الحمام مرة واحدة فقط دون مراعاة لوجود أطفال ونساء أو شيوخ".
وتابع "عانى مرضى كثيرون خلال رحلة السفر الطويلة من نقص الدواء وعدم توفره، إضافة إلى الاستغلال وزيادة الأسعار، واضطر كثيرون لتقسيم الأدوية في ما بينهم حتى لا يتعرض البعض لمضاعفات".

ظروف صعبة

في غضون ذلك واجه الفارون إلى إثيوبيا أخطاراً أكثر تعقيداً من المغادرين إلى مصر، فشملت رحلة معاناة المسافة الطويلة ونقاط التفتيش ووعورة الطريق التي تتسبب بحوادث سير متكررة دفعت البعض إلى وصفه بـ "طريق الموت".
وقال المواطن السوداني طه عبد الرحمن سعد إن رحلة أسرته "بدأت من الخرطوم مروراً بالقضارف ومنها إلى مدينة القلابات على الحدود السودانية الإثيوبية التي وصلناها بعد خمس ساعات، ويستحق هذا الطريق لقب الأسوأ في العالم عن جدارة واستحقاق". وأضاف "بعد الخروج من الجانب السوداني وعند الحدود حصلنا على التأشيرة ومن ثم تحركنا عبر منطقة كنفوي تحت حراسة الجيش الإثيوبي إلى مدينة غوندر باعتبار أن الطريق يشهد تفلتات أمنية مسلحة من بعض الجهات المناوئة للحكومة الإثيوبية، ووصلنا بعد أربع ساعات وتوجهنا بعد ذلك إلى العاصمة أديس أبابا في رحلة استغرقت خمس ساعات".

وأوضح سعد أن "المسافرين افترشوا الأرض في فترات عدة على رغم أخطار المناطق المحيطة بجانب نقص المواد الغذائية والمياه، كما لا يتوقف عبور السيارات المحملة بأشخاص جائعين وعطشى".

خدمات فقيرة

وقال مواطن سوداني آخر لجأ إلى إثيوبيا ويدعى هاشم عمر بكر، إن "الرحلة بدأت من الخرطوم إلى مدينة القضارف ومنها إلى منطقة دوكة نحو القلابات في مسافة استغرقت تسع ساعات، وفي الطريق توجد بعض المحطات التي تقدم خدمات فقيرة من أطعمة ومياه ومسكنات علاجية لنتزود بما نحتاج إليه تحت حرارة الشمس الحارقة إلى جانب طريق رديء مليء بالمطبات". وأضاف أن "المعاناة استمرت بعد الوصول إلى الحدود نتيجة التأخير في الحصول على تأشيرات الخروج من القلابات السودانية الحدودية نسبة إلى التحريات التي تجريها الشرطة لأنها تطلب من كل مسافر خارج البلاد ضامناً شخصياً له".

وأوضح بكر أن "الجانب الإثيوبي يركز على التدقيق في الأوراق الثبوتية وتأشيرة الدخول إلى البلاد، لكن الإجراءات لم تأخذ وقتاً طويلاً، بعدها تجددت الرحلة عبر الحافلات عبر مدينة غوندر في الطريق إلى العاصمة أديس أبابا".

المزيد من متابعات