Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تعيد أحداث الأبيض المشهد السياسي السوداني إلى المربع الأول؟

آلاف المواطنين في العاصمة ومدن أخرى خرجوا في تظاهرات حاشدة

حمّل المتظاهرون المجلس العسكري مسؤولية ما حدث باحتجاجات الخرطوم (أ.ف.ب)

ألقت أحداث مدينة الأبيض السودانية التي راح ضحيتها 5 طلاب و60 جريحاً، بظلالها على المشهد السياسي الذي كان قاب قوسين أو أدنى من التوقيع على الإعلان السياسي، لتعود العملية السياسية إلى المربع الأول، مما دفع آلاف المواطنين في العاصمة ومدن سودانية عدة إلى الخروج في مظاهرات حاشدة للتنديد بمقتل وإصابة الطلاب، والمطالبة بتقديم الجناة إلى العدالة وتسليم السلطة إلى حكومة انتقالية فوراً.

 وحمّل المتظاهرون المجلس العسكري، المسؤولية الكاملة عن الأحداث، فيما توافدت حشود تمثل قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين السودانيين وقوى سياسية مختلفة، إلى جانب وفد من اللجنة الأمنية في المجلس العسكري إلى مدينة الأبيض للوقوف على مجريات الأحداث على أرض الواقع وتطوراتها.

تهدئة الخواطر

وصف رئيس المكتب السياسي لحزب الأمة القومي الدكتور محمد المهدي، الأحوال في مدينة الأبيض التي يزورها حالياً ضمن وفد لحزبه، بأنها "بدأت في الهدوء"، لافتاً أن قوى سياسية ضمن تحالف قوى الحرية والتغيير سعت إلى تهدئة الخواطر وسط أهالي القتلى والجرحى وسكان المدينة بشكل عام، إضافة إلى جمع المعلومات وتقصي الحقائق للوصول إلى الحقيقة.

 وأكد أن أهالي القتلى شرعوا في فتح بلاغات ضد أفراد بعينهم، قالوا إنهم من أطلقوا الرصاص وقتلوا المتظاهرين. وأشار إلى أن ما حدث أمر مؤسف وسيلقي بظلاله على المشهد العام في الوقت الذي شارف المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير على التوقيع على المرسوم الدستوري وانطلاق المرحلة الانتقالية من خلال تشكيل سلطة مدنية تقود البلاد إلى بر الأمان.

 وأوضح أن ما حدث فعل إجرامي، لن يوقف العملية السياسية بل سيكون دافعاً لتسريع المفاوضات لملء الفراغ، فيما دعا القوى السياسية وقطاعات الشعب السوداني كافة إلى تفويت الفرصة على أعداء السلام والديمقراطية التي أصبحت واقعاً في الحياة العامة.

حل الميليشيات

عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني صديق يوسف، أشار إلى أن حزبه، قرر وقف التفاوض مع المجلس العسكري احتجاجاً على أحداث الأبيض، التي أصبحت  سمة المجلس وأجهزته الأمنية بتكرارها بشكل مستمر من دون أن تجد الحسم اللازم، مضيفاً أنه بات واضحاً تماماً أن نتائج التحقيق في فض الاعتصام تؤكد أن المجلس العسكري يغطي على الإجرام ويحمي مرتكبيه، لأنه لا يعقل أن يكون ما ارتُكب من جرائم تحت سلطة المجلس بحق المواطنين العزل الذين يطالبون بحقوقهم المشروعة، أكثر من الجرائم التي ارتكبها الرئيس السابق جعفر نميري خلال 16 عاماً. ولفت إلى أن المجلس العسكري أصبح خطراً على البلاد ومواطنيها، لذلك نحذر من وجوده في مجلس السيادة.

وطالب يوسف بضرورة حل الميليشيات بما فيها، قوات الدعم السريع وفق الترتيبات الأمنية الانتقالية، وتفكيك النظام السابق وإبعاد كل رموزه من أجهزة دولة وقوات النظامية وإعلام، موضحاً أنه من دون تحقيق ذلك لا يمكن الحديث عن نجاح الفترة الانتقالية أو الاتفاق مع المجلس العسكري غير المؤتمن كما حدث في فض الاعتصام على الرغم من تصريحه مراراً وتكراراً أنه لم يرغب في فضه.

وقال إنهم يسعون إلى إقناع مكونات قوى الحرية والتغيير باتخاذ موقف مماثل، نظراً إلى صحة وجهة نظرهم التي تعبر عن إرادة الشعب الذي طالب علانية بوقف التفاوض مع المجلس العسكري، فيما بين أن بدائلهم لتحقيق أهداف الثورة، تتمثل في اتباع كل الوسائل السلمية المتاحة.

أجندة أجنبية

في المقابل، يرى عضو اللجنة السياسية في تحالف المحاميين الديمقراطيين السودانيين محمود حاج، أن ما حدث من مجزرة في الأبيض مسألة مؤلمة ومخزية وهو ما يشبه أحداث فض الاعتصام، محمّلاً المجلس العسكري كامل المسؤولية في ما حدث لتنصله من مهامه كافة وعدم تفاعله مع مجريات الأحداث بالشكل المسؤول.

 ونوه أن أي محاولة لاتخاذ إجراءات قضائية، يعد عبثاً لكنه لا يمنع أولياء الدم من فتح بلاغات كحق خاص إلى أن تشكل الحكومة الانتقالية ويؤخذ الحق العام، موضحاً أن ما يتخذ من إجراءات حالياً، ليست له قيمة في ظل قضاء غير عادل، بل أن الهدف هو إيصال الصوت إلى المؤسسات العدلية العالمية المختصة.

وأضاف أنه من الصعب الوصول إلى عين الحقيقة الآن لأن كل مفاصل الدولة العميقة الأمنية والعدلية والإعلامية موجودة، مؤكداً أن الأحداث المتكررة أثبتت أن المجلس العسكري أشرس من النظام السابق لأن وراءه أجندة أجنبية تريد من خلاله الوصول إلى مبتغاها ولو على جثث الأبرياء العزل.

مواصلة التفاوض

في سياق متصل، أكد القيادي في قوى الحرية والتغيير المعز حضرة، أن كامل المسؤولية في هذه الأحداث يتحملها المجلس العسكري باعتباره يمسك زمام السلطة، داعياً إلى رفع الحصانة عن أعضاء المجلس العسكري لمحاكمتهم ومعهم والي ولاية كردفان، عاصمتها الأبيض لوجود بينات وأدلة ثابتة تؤكد أن من قام بهذا العمل الإجرامي هم العسكر.

 وأشار إلى أن كلّ مكونات قوى الحرية والتغيير دانت هذه العملية المؤلمة، مشيراً إلى أن جلسة التفاوض تأجلت بسبب هذه الحادثة وسفر وفد من قوى الحرية والتغيير إلى الأبيض لللاطلاع على الوقائع، لكنه أوضح أنه لا بديل عن مواصلة التفاوض مع المجلس العسكري وتسلم السلطة لإيقاف هذا العبث والعمل على تصفية الدولة العميقة وإنهاء مماطلات المجلس العسكري، لأن قوى الحرية والتغيير لا تملك سلاحاً أو جيشاً لتحارب فيه، فكل وسائلها سلمية.

المزيد من العالم العربي