Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عودة ضباط فارين إلى الجزائر... يثير غضب معارضين سياسيين بالخارج

خطوة طرحت علامات استفهام عدة

قرار العودة لم يشمل معارضين سياسيين (أ.ف.ب)

 

تتسارع الأحداث في الجزائر وبات الوضع يبعث إشارات حول اقتراب موعد الفصل في موضوع الانسداد السياسي منذ 22 فبراير، وإحداث القطيعة مع ممارسات الماضي، فمع الإعلان عن قائمة الشخصيات التي تشكل لجنة الحوار، وما تبعها من نقاشات، جاء قرار السماح للمعارضين اللاجئين في الخارج بالعودة إلى بلدهم، في خطوة طرحت استفهامات عدة، بخاصة أنها شملت عسكريين من دون سياسيين.

عودة "الفارين" بين الترحيب والتخوف

بقدر ما لقي إعلان عسكريين عن عزمهم العودة إلى الجزائر، ترحيب فئات واسعة من الشعب الجزائري، لاعتقادهم أن الخطوة تعبر عن القطيعة مع الماضي، وبداية عهد جديد من الحريات والديمقراطية والانفتاح، عبرت أطراف عن مخاوفها من أن يكون السماح بعودتهم مرتبط بالوضع المتأزم في البلاد، من خلال استغلالهم في الدفع بمسار الحوار إلى الأمام، خصوصاً أن القرار لم يشمل معارضين سياسيين فروا خلال الأزمة الأمنية والسياسية التي عرفتها الجزائر سنوات التسعينيات، واقتصر الأمر على شخصيتين هما الضابط أنور مالك المقيم في فرنسا والنقيب أحمد شوشان الموجود في بريطانيا.

سجن "العصابة" حرر المعارضين في الخارج

وفي أول تصريح له بعد قرار السماح له بالعودة إلى بلده الجزائر، قال أنور مالك لـ"اندبندنت عربية"، " كنت ملاحقاً من جانب نظام بوتفليقة ومن سبقوه أيضاً، فقد سُجنت وعُذبت ودفعت الثمن غالياً، وتمكنت بعدها من المغادرة إلى الخارج على الرغم من وضعي تحت الرقابة الأمنية المشددة، ولاحقتني بعدها متاعب كثيرة، ومنها عبر الإنتربول وغير ذلك"، وتابع " كنا نحارب الفساد ونطالب بالتغيير حفاظاً على الدولة الجزائرية، والحمد لله أن نضالنا طبعاً مع الكثيرين، تُوّج بحراك شعبي تاريخي، وصار الشعب يردد في الشوارع ما كنا نقوله نحن عبر وسائل الإعلام، بل حتى قيادات الجيش تردد ما كنا نقوله عن عصابة تحكم البلاد".

وأضاف مالك أن الجزائر حدث فيها تغيير، وسُجنت العصابة،" ولم يعد هناك مانع  من العودة إلى بلادنا كمواطنين يحترقون شوقاً إلى وطنهم"، مؤكداً أن "قرار عودتي ليس صفقة مع أي كان، بل حق مشروع، فإن حرمونا منه، فهذا يعني أنه لم يحدث تغيير، وإن لم نحرم منه، فهو تأكيد على عهد جديد تعيشه الجزائر، والكلام لا ينطبق علي كشخص، بل على كل الجزائريين الذين حُرموا من وطنهم وعاشوا الغربة والمنفى". وواصل أنه "عندما أحدد تاريخ العودة سأحجز في الطائرة وأعود إلى بلادي من دون أن أستأذن أحداً، فليس هناك أحد لديه وصاية على حقوقنا كجزائريين".

ضباط فرنسا

"إن ضباط فرنسا هم سبب بلاء الجزائر"، قال مالك، مشيراً إلى أنه دفع الثمن في الجيش بسببهم، وسُجن وهو ضابط مرات عدة بتهم التحريض وغيرها، لكن "الحمد لله الجيش الآن ليس مثلما كان بالأمس، وقيادته الحالية وطنية ونوفمبرية، وأعرف كثيرين منهم معرفة شخصية وقد كان من بينهم من عايشناهم في غرفة واحدة مطلع التسعينيات"، وخلُص إلى أنه مطمئن على الجزائر، و"أريد أن أطمئن الجزائريين ليس بالكلام بل بالأفعال ولا يوجد مثل العودة إلى الديار".

تأجيل عودة النقيب شوشان 

وفي وقت كان ينتظر الجميع أن تحط الطائرة التي تُقل النقيب أحمد شوشان في مطار الجزائر الدولي، وكان ذلك الاثنين 29 يوليو (تموز) 2019، حدث أمر طارئ استدعى تأجيل الخطوة، وقال شوشان، في تسجيل فيديو نشره على صفحته في "فيسبوك"، إنه كان متوجهاً إلى المطار لركوب الطائرة التي تقله إلى الجزائر، اتصل به الملحق الأمني في السفارة الجزائرية في لندن، طالباً تأجيل سفره، بناء على رغبة جهة عليا في الجزائر تتولى مسألة ترتيب عودته إلى البلد.

هل هي عملية انتقائية؟

وأوضح المحلل السياسي رابح لونيسي في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن هناك عملية انتقائية في ما يتعلق بعودة المعارضين من الخارج، "فكثيرون ممنوعون من الدخول لأنهم يعارضون النظام فعلاً"، قائلاً "لسنا ضد عودة أي كان إلى وطنه، لكن ليس في إطار صفقة وخطة لضرب الحراك". ولفت إلى أن واحداً من العائدين، أي "أحمد شوشان"، كان معادياً للحراك الشعبي، وقد وصف الشعب الجزائري  بـ"الغلمان والجواري"، إضافة إلى دوره في فتنة "غرداية" وتحريضه على الكراهية، بخاصة ضد منطقة "القبائل".

ورجّح لونيسي أن يكون القرار يستهدف ضرب ضباط فرنسا، ومنهم الجنرال محمد مدين المدعو "توفيق"، "فقد حاولت السلطة بعد إقالة توفيق، استخدام الوزير الأول في عهد الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، وهو عبد الحميد براهيمي، الذي سُمح له بالعودة، لكن المحاولة باءت بالفشل آنذاك، واليوم تحاول تكرار العملية مع هؤلاء في إطار صراع الأجنحة القديم- الجديد".

مصالحة سياسية أو عسكرية؟

عودة الضابط أنور مالك والنقيب أحمد شوشان إلى الجزائر، في انتظار أن تتوسع العملية لتشمل معارضين سياسيين فروا إلى الخارج خلال سنوات التسعينيات، ومنهم عدد كبير من المنتمين إلى حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ المنحل، تحمل دلالات سياسية مرتبطة بالتغييرات التي طرأت على المؤسستين الرئاسية والعسكرية، وتفتح باب مصالحة سياسية بين "النظام الجديد" وبين المعارضين في الخارج والداخل.

المزيد من العالم العربي