Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فلسطين المتخيلة... بالـ"كوميكس" تتذكر النكبة وتستشرف الآتي

معرض في رام لله يستهدف تفكيك الصور والروايات الإسرائيلية وإعادة تشكيل واقع جديد متحرر

ركز المعرض على موضوع النكبة بالنظر إلى أهميتها البالغة في تاريخ وحياة الشعب الفلسطيني (الخدمة الإعلامية)

ملخص

احتضن معرض الـ "كوميكس" الأول من نوعه في فلسطين 17 فناناً محلياً وعالمياً، وأتاح لهم مهمة الخروج بهذا الفن من ذلك الحيز الضيق لأداة تروي الحقيقة الفلسطينية إلى العالم

وسط جموع الفلسطينيين الذين تجمهروا عند ميدان المنارة في مدينة رام لله لإحياء ذكرى يوم النكبة الفلسطينية الـ 75 الذي يوافق الـ 15 من مايو (أيار) كل عام، تشق الشابة المقدسية دانية العمري (22 سنة) طريقها إلى شارع التحرير لتقص من هناك حكاية النكبة بشكل مغاير وغير تقليدي عبر فن الـ "كوميكس" الذي أتاح لمخيلتها أن تنسج وترسم قصة مصورة لشابة عشرينية تتصف بقوة خارقة في محاربة إسرائيل.

ووفق بيان للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فإن عدد الفلسطينيين تضاعف نحو 10 مرات منذ نكبة عام 1948، ويقدر عددهم اليوم بنحو 14.3 مليون بينهم 6.4 ملايين لاجئ.

تجارب جديدة

وإلى جانب العمري احتضن معرض الـ "كوميكس" الأول من نوعه في فلسطين 17 فنانا محلياً وعالمياً، وأتاح لهم مهمة الخروج بهذا الفن من ذلك الحيز الضيق لأداة تروي الحقيقة الفلسطينية إلى العالم، وفقاً للقائمين عليه.

وعن الهدف من المعرض الذي يحمل اسم "شارع التحرير - عمارة 48" يقول فنان الـ "كوميكس" محمد سباعنة لـ "اندبندنت عربية" إن "تركيز المعرض كان على موضوع النكبة بالنظر إلى أهميتها البالغة في تاريخ وحياة الشعب الفلسطيني، ولإنشاء تجربة فلسطينية موحدة وفريدة لهذا النوع من الفن الذي لا يحظى بأية مشروعية في التجربة الإبداعية الفلسطينية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف، "على رغم أهمية الفعاليات التقليدية والمسيرات المركزية الموحدة التي تتكرر كل عام، علينا أن نفكر دوماً بتطوير منتجات ثقافية بصرية من شأنها إيصال هموم وآمال الفلسطينيين إلى كل العالم، وتوضيح الصراع على جبهة الفعل الثقافي والفنون البصرية والقصص المصورة، بوصفها إحدى أدوات المعركة ضد إسرائيل، بخاصة أن فنانين إسرائيليين ركزوا على هذا النوع من الفنون لنشر روايتهم الخاصة، وأصدروا العام الماضي كتيباً بعنوان 100 ’كوميكس‘ حول الـ ’هولوكوست‘".

وفي ما ينهمك الفنانون داخل المعرض في شرح أعمالهم للجمهور ومدى ارتباطها بأحداث النكبة الفلسطينية، أطلقت مؤسسة عبدالمحسن القطان غير الربحية معرض "الحداثة الآنية عن فبركة إسرائيل معمارياً"، ويركز في أكثر من 40 عملاً فنياً على الجانب التخطيطي المعماري لقيام دولة إسرائيل، وكيف أسهمت حداثتها في اختلاق هوية الأرض الجديدة كدولة حديثة ومتطورة ونموذجية تشبه المدن الأوروبية، وقدرة الاستيطان على خلق خريطة بيئية سياسية مغايرة لفلسطين وإعادة بناء وتشكيل تضاريس جديدة.

وفي كلمة افتتاح المعرض الذي يتزامن وذكرى النكبة قالت المديرة العامة للمؤسسة فداء توما إنه "في ظل هذه المحاولات المستميتة لمحو وجودنا نقف اليوم أمام معرض فني يستكشف آلية أخرى من آليات ترسيخ الهوية الفلسطينية على هذه الأرض، إذ يستخدم المعرض أرشيفاً يوثق كيف بنيت هوية إسرائيل المعمارية وتموضعها كجزء من حركة الحداثة العالمية وفق المنظور الغربي، بصرف النظر عما محي من وجودنا وعمراننا وحضارتنا".

وأضافت، "نحن هنا أمام تجربة لتفكيك أرشيف أسس لرواية بيضاء عن دولة تمت فبركة هويتها باستخدام العمارة والتخطيط، وأمام إعادة سرد لروايتنا التي كنا ولا نزال نعمل على جمع وعرض واسترداد أرشيفاتها المسروقة".

صور أرشيفية

وتهيمن على الأعمال الفنية فكرة ما بعد الآن، إذ نقرأ في مجموعة كبيرة منها الأرشيف الفلسطيني بعين المستقبل المتخيل، إذ استخدم الفنانون المشاركون مفردات استشرافية لرواية القصة الفلسطينية، كما ركزت الأعمال في المعرض على مبدأ التفكيك وأحياناً إعادة التشكيل لطبقات الصورة العامة بإزاحة وحذف جزء منها، بحيث تتراكب الصور الأرشيفية والصور المنتجة لتتحول إلى شيء جديد، كما في عمل الفنانة يارا بامية "خريطة بيضاء"، إذ ألغيت الحدود والتقسيمات في ممارسة تخيلية مستقبلية لواقع فلسطيني متحرر.

وفي هذا السياق يقول يزيد عناني مدير البرنامج العام في مؤسسة عبدالمحسن القطان إن "ثيمة المعرض تحكي محاولة القضاء على فلسطين والفلسطينيين زمانياً ومكانياً، فيما تحاول الأعمال أن تقوم بعكس ذلك عبر تفكيك الصور المعقدة إلى وحدات بسيطة، وهو ما يشير إلى انتصار هذه الأعمال للخيال في مقابل الخرسانة المنحوتة كما في المستوطنات".

 

 

وأضاف عناني، "تقديم أعمال فنية فلسطينية وعالمية جدلية تسهم في تحقيق بيئة ثقافية حيوية محفزة للإنتاج المعرفي الفلسطيني الحر، وتشكيل بنية فنية وتربوية حيوية قادرة على إنتاج وتوليد وإثراء المعرفة النقدية والتحررية تؤسس لمجتمع معرفي يتبنى الحوار، وذو حضور فعلي وحيوي على أرض فلسطين والعالم".

ولم يقتصر الأمر على توظيف الـ "كوميكس" والصور الأرشيفية لإحياء ذكرى النكبة بصورة مختلفة، بل عمل 48 كاتباً فلسطينياً من فلسطين وخارجها على كتاب "قصص فلسطينية قصيرةPalestinian Short Stories " باللغة الإنجليزية، إيماناً منهم بأهمية الترجمة لنقل الرواية الفلسطينية وتوثيق تراث وثقافة الفلسطينيين وإيصالها لكل العالم، وصدر الكتاب حديثاً عن دار نشر "Inner Child Press" بولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة.

حدث تاريخي

وإلى جانب الفلسطينيين احتفلت منظمة الأمم المتحدة للمرة الأولى في تاريخها بذكرى النكبة الفلسطينية من خلال تنظيم حدثين بمقرها في نيويورك، بمشاركة اللجنة والبعثة المراقبة الدائمة لفلسطين لدى الأمم المتحدة، وفقاً للتفويض الممنوح من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة وقرارها الصادر في الـ 30 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2022.

وقالت اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني حقوقه غير القابلة للتصرف في بيان عبر موقعها الإلكتروني، إنها تحيي الذكرى السنوية الـ 75 للنكبة بمساعدة "شعبة حقوق الفلسطينيين في إدارة الشؤون السياسية وبناء السلام".

الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي شارك في الاحتفال قال خلال كلمته إن "الرواية الفلسطينية المتعلقة بالنكبة بدأت تشق طريقها إلى وعي الشعوب التي تكشف الآن زيف الرواية الإسرائيلية التي زعمت أن الفلسطينيين تركوا بلادهم طواعية، وحقيقة الأمر أنهم هبوا للدفاع عن أرضهم بأبسط ما لديهم".

وأضاف عباس، "إسرائيل تواصل اعتداءاتها على الشعب الفلسطيني وتتنكر للنكبة وتمنع عودة اللاجئين وتحتل وتصادر الأراضي الفلسطينية"، مطالباً بـ "تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة أو إلزامها بتنفيذ القرارات الصادرة عنها"، لافتاً إلى أن "احتفال إسرائيل بالاستقلال كذبة".

 

 

وفي المقابل تمارس وزارة الخارجية الإسرائيلية ضغوطاً سياسية ودبلوماسية هائلة لمنع المنظمة من إحياء اليوم العالمي لإحياء ذكرى النكبة، ووفقاً لما ذكرته القناة الـ 10 الإسرائيلية فقد "وصف سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد أردان الحدث بأنه حقير يشوه الحقائق المعروفة، ومفادها أن الفلسطينيين رفضوا قرار التقسيم وبدأوا حرب 1948"، متهماً الرئيس الفلسطيني بإنكار الـ "هولوكوست" واعتبار إقامة الدولة اليهودية "كارثة".

وبحسب القناة فقد أبلغ أردان سفراء كباراً من دول مختلفة لمقاطعة الحدث، ووجه رسالة شخصية إليهم بهذا الطلب، مؤكداً أن أية دولة حضرت حفل النكبة تتحمل مسؤولية تدمير فرصة المصالحة السياسية بين الجانبين لأنه حفل للكراهية والتحريض، زاعماً أنه "لن يعطي الفلسطينيين مكاسب سياسية كما لن يعزز طموحهم الدبلوماسي".

وأشارت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية بدورها إلى أن "انعقاد مؤتمر يوم النكبة في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة يتضمن تعريفاً بأن إقامة دولة إسرائيل يعتبر كارثة"، مشيرة إلى أن رئيس مجلس النواب الأميركي ماك آرثر أحبط مسبقاً مبادرة لعقد حدث بمناسبة يوم النكبة في "الكونغرس" طرحتها السيناتور من أصول فلسطينية رشيدة طليب.

من جهته اعتبر متخصص الشؤون الدبلوماسية الإسرائيلية شلومو شامير أن "حدث إحياء ذكرى النكبة في الأمم المتحدة يثبت أن المنظمة الأممية تسخر من نفسها، لأن الحدث بحد ذاته يتعارض مع القرار التاريخي في شأن إقامة إسرائيل بموجب قرار التقسيم".

تعاطف شعبي

وكان استطلاع للرأي نشرته مؤسسة "Gallup International Association" نهاية مارس (آذار) الماضي أشار إلى ارتفاع منسوب التعاطف الشعبي الأميركي مع الفلسطينيين إلى 31 في المئة في مقابل 54 في المئة يتعاطفون مع إسرائيل.

وبينت نتائج الاستطلاع أنه في وقت يتعزز التأييد لإسرائيل بين الجمهوريين (78 في المئة في مقابل 11 في المئة لمصلحة الفلسطينيين)، فإن 49 في المئة من الديمقراطيين أكثر تعاطفاً مع الفلسطينيين في مقابل 38 في المئة فقط لمصلحة إسرائيل.

وكشف استطلاع آخر أجرته جامعة "ميريلاند" الأميركية نهاية أبريل (نيسان) الماضي استمرار انخفاض دعم الناخبين الديمقراطيين لإسرائيل، إذ يعتبر 44 في المئة من المستطلعة آراؤهم أن إسرائيل "دولة فصل عنصري".

ويرى مراقبون أن استطلاع "Gallup International Association" علامة فارقة تجاه الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، كونها المرة الأولى التي تتعاطف فيها غالبية من ناخبي الحزب الديمقراطي مع الفلسطينيين منذ أن بدأت المؤسسة إجراء الاستطلاع السنوي لها عام 2001.

الكاتب الإسرائيلي ران أدليست قال لصحيفة "معاريف" الإسرائيلية في وقت سابق إنه "لا يبدو أن الإسرائيليين يعترفون بالنكبة والظلم الذي لحق بالفلسطينيين بعد كل هذه السنوات، وبالتالي فلا توجد فرصة لإنهاء الصراع على رغم أن الاعتراف بإعادة بناء التاريخ هو الخطوة الأولى التي يجب أن نتخذها إذا أردنا إعطاء فرصة للمصالحة مع الفلسطينيين".

وختم أدليست قائلاً إن "هذه التحركات من شأنها أن تعمل على تهدئة الصراع في الوحدة الجغرافية بين الأردن والبحر، بما في ذلك أية ترتيبات فيدرالية، وحينها ستؤدي إلى مستوى مقبول من الجوار على رغم أن إسرائيل لن تعترف أبداً بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين".

المزيد من ثقافة