Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جونسون كان يلهو بينما بريطانيا تحترق

وصفوه بأنه الأمل العظيم لسياسة البلاد لكن فترة رئاسته للوزراء كانت مأسوية

سيظل تأثير بوريس ملموساً لعدة أجيال قادمة (رويترز)

ملخص

يرى المؤرخ أنطوني سيلدون أن فترة رئاسة بوريس جونسون شكلت مأساة له وللبلاد بأجمعها إذ لم يسبق أن تسبب رجل واحد في إحداث قدر كبير من الضرر للكثيرين خلال مدة وجيزة جداً

لم يحدث في تاريخ السياسة البريطانية ما بعد فترة التنوير، أن تسبب رجل واحد في إحداث قدر كبير من الضرر للكثيرين خلال مدة وجيزة جداً.

وصف بوريس جونسون بأنه الأمل العظيم للسياسة البريطانية، الرجل الذي سيوفر قيادة قوية عقب ثلاث سنوات من الركود والتوتر التي شهدتها البلاد أثناء ولاية تيريزا ماي التي حافظت على وقارتها خلال التحديات التي واجهتها. كان عمدة مشهوراً في لندن على مدار ثمانية أعوام، وكان الرجل السياسي الأشرس في الساحة الذي يمكنه استقطاب انتباه الحضور عندما يدخل أي مكان ويستطيع مخاطبة شرائح متباينة من الجمهور في أنحاء البلاد بشكل أفضل من أي شخص آخر في الميدان السياسي.

فاز بانتصار ساحق في ديسمبر (كانون الأول) 2019، وهو أول زعيم محافظ يحقق ذلك منذ عهد مارغريت تاتشر في عام 1987.

كان يرغب في أن يكون أفضل من تاتشر - أن يكون مثل ونستون تشرشل. وبدلاً من أن يكون في الدوري الممتاز لرؤساء الوزراء، احتل المرتبة الأخيرة في الدوري الوطني "فاناراما" [أدنى درجة في تصنيف بطولات النظام الإنجليزي لكرة القدم].

لماذا؟ لأنه لم يكن لديه أي فكرة عما يريد أن يقوم به كرئيس وزراء، ولم يكن لديه أي فكرة على الإطلاق عن كيفية تحقيق ذلك. إن عدم كفاءته لم تقتصر على عجزه في تحقيق الإنجازات، بل جعلته مسؤولاً عن تشويه وتفكيك بنية دستور بريطانيا. إن أسلوبه في إدارة منصبه كرئيس للوزراء أثرت على الثقة في السياسة ومكانة البرلمان والقضاء والموظفين المدنيين والحزب المحافظ، ومكانة بريطانيا في العالم ووحدة الاتحاد.

ترك البلاد من بعده في أزمة تكاليف المعيشة، وأزمة في نظام الهيئة الوطنية للخدمات الصحية، وأزمة أسعار الوقود، وأزمة في الإضرابات. ثم ورث هذه الأزمات لـ ليز تراس.

كان الوضع أكثر من مجرد "نيرون يعزف بينما روما تحترق" [عبارة تستخدم لانتقاد شخص يقوم بشيء تافه أو غير مسؤول في مواجهة حالة طارئة] - لأن حكمه تسبب في أضرار تجاوزت العاصمة إلى ما وراءها.  فشله في التقيد بما وعد به في مجال الرعاية الاجتماعية، أو في حل مشكلات هيئة الخدمات الوطنية الصحية والشرطة - يعني أننا لم نفقد فرصاً فحسب، بل تفاقمت مشكلات بريطانيا بالفعل، وأصبحنا خلف الركب ومتأخرين عن منافسينا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ماذا عن بريكست؟ اختياره، لأسباب شخصية، لدعم التصويت لمصلحة المغادرة أسهم بشكل حاسم في ميل كفة التوازن ضد البقاء [في أوروبا]. لقد نجح في تنفيذ بريكست ولكنه لم يكن لديه أدنى فكرة عما يجب فعله، وهكذا ضاعت سنتان على بريطانيا كان يمكن خلالها أن تتقدم وتستفيد من الفرص المتاحة لها وهو الشعار الذي دأب على تكراره. وهذا قبل أن نتحدث حتى عن الغش والكذب بخصوص بروتوكول  إيرلندا الشمالية.

بدأت فترة رئاسته للوزراء بوعد متفائل سرعان ما تحول إلى فقاعة فارغة، حيث واصل ارتكاب الأخطاء ونشر الأكاذيب مرة تلو الأخرى.  كان هناك فساد يحيط بكل أفعاله حيث عين أشخاصاً فقط لأنه يعرفهم على رغم أنهم لم يكونوا مؤهلين تماماً للمهمة، في حين قام بإقصاء أولئك الذين يتمتعون بفهم لمنصب رئيس الوزراء وكانوا يمكن أن يساعدوه في النجاح خلال رئاسته لهذا المنصب.

لقد ألفت كتباً عن ستة رؤساء وزراء سبقوه إلى هذا المنصب وقدمت معلومات مفصلة عنهم. لكل واحد منهم عيوبه الخاصة، ولكن لم يقترب في التشابه أسلوب أي منهم من الأسلوب الغريب وغير القانوني للتعامل الذي اتبعه بوريس. أتردد في استخدام هذه الكلمات، ولكن كان هناك شيء سام ونرجسي حول أسلوبه أيضاً.

سيكون تأثير بوريس ملموساً لعدة أجيال قادمة. من الصعب أن نجد شخصاً لم يتأثر لقربه منه، وآخر ضحاياه كان ريتشارد شارب، الرئيس السابق لهيئة الإذاعة البريطانية، فعلاقته ببوريس جعلته يبدو متطرفاً وغير أخلاقي.

فترة رئاسته كانت مأسوية لأولئك الذين صوتوا لانتخابه كرئيس في عام 2019، ومأساة للبلاد وفي النهاية مأساة لبوريس جونسون ذاته. وفي جوهره، فهو شخص لطيف وكان يتوق لفعل الخير وأن يكون محبوباً.

ملاحظة لقراء هذه المقالة: لا تترشحوا لمنصب رئيس الوزراء ما لم تكونوا فعلاً قادرين على ذلك. إذا دخل رئيس وزراء غير مؤهل تماماً إلى مقر رئاسة الوزراء في بريطانيا، فإن العواقب يكاد يستحيل تخيلها.

صدر كتاب "جونسون في رقم 10: القصة من الداخل" Johnson at 10: The Inside Story بقلم أنطوني سيلدون وريموند نيويل عن دار أتلانتيك

© The Independent

المزيد من آراء