Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دعوات عاقلة في جنون أميركا

سيدتان تدعوان إلى عقلنة سياسة الولايات المتحدة من رحم الاقتصاد والديموغرافيا

دونالد ترمب كان رمز ظاهرة بالغة الخطورة على أميركا والعالم (أ ف ب)

ملخص

مديرة التخطيط السياسي في الخارجية الأميركية سابقاً آن- ماري سلوتر تحدثت عن تحول خلال العقدين المقبلين للولايات المتحدة من أمة أكثرية بيضاء إلى أمة تعددية، بلد لا أكثرية فيه لأي عرق أو مجموعة إثنية.

"العالم ليس عقلاً" بحسب عبدالله القصيمي الذي رأى أن "الحكام مرضى يعالجون أنفسهم بتطبيب الشعوب"، وأميركا في عصر اللاعقل كما جاء في عنوان كتاب أميركي جديد، أما جامعة ديوك فإنها سجلت أن "معظم الرؤساء الأميركيين كانوا مرضى عقلياً في بعض مراحل حياتهم".

أما الجنون في الشارع فإن المظهر الفاقع له كان هجوم الغوغاء على مبنى الـ"كابيتول" لمنع الكونغرس من أن يعلن نتائج الانتخابات الرئاسية التي لا يزال الرئيس السابق دونالد ترمب مصراً على الادعاء بأنها مزورة، خلافاً لشهادات حكام الولايات وقرارات المحاكم.

جبخانة سلاح

لكن ترمب الذي ركب موجة التطرف العنصري وتفوق العرق الأبيض وممارسة نظرية المؤامرة في كل شيء، وأخذ الحزب الجمهوري إلى الهيستيريا السياسية، كان رمز ظاهرة بالغة الخطورة على أميركا والعالم، وهناك ظواهر ليست أقل خطورة، بعضها معاملة البوليس للسود بالعنف والقتل من دون أن يرتكبوا أية جنحة أو مخالفة، وبعضها الآخر تكرار القتل الجماعي في المدارس والسوبرماركت والحفلات والاستعراضات الرياضية على أيدي أشخاص يحمل كل منهم جبخانة سلاح، ولا علاج لذلك لا بالإدانة ولا بالقانون، فلا مسؤول يجرؤ على تحدي لوبي الأسلحة التي تباع مثل الخبز ويتم حملها واستعمالها ضد الأبرياء.

كما أن قوة اللوبي المسمى "الرابطة الوطنية الأميركية للبنادق" ليست فقط بسبب الحاجة إلى دوره وتمويله في الانتخابات، بل أيضاً بسبب التعديل الدستوري الثاني الذي ينص على "وجود ميليشيات منظمة للحفاظ على أمن ولاية حرة، ولهذا فإن حق الأشخاص في اقتناء الأسلحة وحملها لا يجب انتهاكه".

وفي أيدي الأفراد، بحسب الإحصاءات، 393 مليون قطعة سلاح من كل الأنواع، وفي هذا المناخ من اللاعقل برزت دعوتان إلى عقلنة السياسة في أميركا، واحدة من رئيسة "أميركا الجديدة" ومديرة التخطيط السياسي في الخارجية سابقاً آن- ماري سلوتر، وأخرى من مديرة وكالة التنمية الدولية الأميركية والمندوبة السابقة للولايات المتحدة في منظمة الأمم المتحدة سامنتا باور.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

آن-ماري سلوتر روت في الـ"إيكونيميست" البريطانية قول جورج شولتز لها إنه "يجب دائماً التركيز على الديموغرافيا لفهم العالم والقوى التي تشكل المستقبل"، وأضافت "أن مستقبل القوة الأميركية يعتمد على التغيير الديموغرافي داخلها أكثر من القوة العسكرية".

والتغيير الديموغرافي هنا يشير إلى أنه "خلال العقدين المقبلين ستتحول أميركا من أمة أكثرية بيضاء الى أمة تعددية، بلد لا أكثرية فيه لأي عرق أو مجموعة إثنية".

إذاً ما الحل؟

"الرسملة على فوائد كوننا أمة تعددية والتفكير بشكل مختلف عن الهوية والقوة"، لماذا؟

لأن القرن الـ 20 شهد تحولاً من وعاء الصهر إلى الموازاييك الثقافي، ومفتاح النجاح في القرن الـ 21 هو تحديد الهوية الأميركية كهوية جامعة، وتعديل قوانين الهجرة لجذب النخبة.

هدم الجدار الفاصل

سامنتا باور في "فورين أفيرز" أكدت أن "الديمقراطية والحريات مع مصاعب اقتصادية مشكلة، ويجب التركيز على الاهتمامات الاقتصادية بالتوازي مع الاهتمامات الديمقراطية"، واعترفت بأنه "من الأخطار منذ الحرب الباردة قياس كرامة الإنسان بمعيار الحرية السياسية من دون اعتبار الفساد واللامساواة والظلم الاجتماعي معياراً ضد كرامة الإنسان، وعلينا هدم الجدار الفاصل بين الدفاع عن الديمقراطية وبين العمل للتنمية الاقتصادية".

وليس هذا نوعاً من اختراع البارود ولا من إعادة اختراع العجلة، فهو من حقائق الحياة التي يريد المتطرفون المجانين القفز فوقها بحيث لا يقدمون الديمقراطية ولا التنمية الاقتصادية، ولعل ما سيجبر أميركا على الجمع بين برامج الديمقراطية والتنمية في العالم هو المشروع الصيني المهم تحت عنوان "الحزام والطريق" والذي جرى رصد تريليون دولار له.

وما يفتح عيون المجانين المتعصبين لتفوق البيض بعد الاصطدام بالجدار هو الواقع المتغير في المجتمع الذي تحدثت عنه آن-ماري سلوتر، وبحسب الإحصاءات اليوم فإن أقل من نصف الأميركيين تحت سن الـ18 هم من البيض، وفي عام 2027 سينطبق ذلك على من هم دون سن الـ30، وموجة التطرف والجنون لا تزال تسخر من كل الدعوات العقلية، لكن العالم عقل وإلا فإنه لا شيء.

وما جعل العالم يتطور هو إنجازات العقل على رغم كل المرضى عقلياً، سواء بين الحكام أو الشعوب، وبيل كلينتون ربح الرئاسة بشعار "إنه الاقتصاد يا غبي"، وشعار العقلاء اليوم "الاقتصاد والديموغرافيا يا غبي".

المزيد من تحلیل