Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل باتت عودة الصدر إلى المشهد العراقي وشيكة؟

التيار يمر بأطول فترة انسحاب ومراقبون يتلقفون إشارات الرجوع ويرجحون عقد تحالفات مع قوى جديدة من خصوم الإطار التنسيقي

مر نحو عام على اختفاء التيار الصدري من المشهد السياسي (أ ف ب)

ملخص

أعطى التيار الصدري خلال الفترة الماضية عديداً من المؤشرات على احتمالية كسر عزلته السياسية والعودة من جديد من خلال جملة من التحركات.

مع انقضاء سبعة أشهر على حكومة الإطار التنسيقي للقوى الشيعية الموالية لإيران برئاسة محمد شياع السوداني، تعيش الأجواء السياسية العراقية مرحلة من الجمود والترقب، مع استمرار غياب التيار الصدري عن المشهد السياسي طيلة تلك المدة، الأمر الذي يثير التساؤلات في شأن إمكان عودته إلى الواجهة من جديد.

ومر نحو عام على اختفاء التيار الصدري من المشهد السياسي، منذ قرار زعيمه مقتدى الصدر اعتزاله العمل السياسي ودفع كتلته البرلمانية إلى الاستقالة في يونيو (حزيران) 2022، وهو الأمر الذي طالما أثار تساؤلات في شأن إمكان كسر هذا الاعتزال خلال الفترة المقبلة.

مؤشرات "كسر العزلة"

أعطى التيار الصدري خلال الفترة الماضية عديداً من المؤشرات على احتمالية كسر عزلته السياسية والعودة من جديد من خلال جملة من التحركات كان أبرزها "عهد الدم"، إذ طالب زعيم التيار مقتدى الصدر في 29 أبريل (نيسان) الماضي، أنصاره بتوقيع "عهد" يتضمن البراءة ممن أسماهم "أصحاب القضية".

وكانت جماعة "أصحاب القضية" قد ظهرت منتصف أبريل ودعت إلى مبايعة الصدر بوصفه "المهدي المنتظر". وطالب الصدر أنصاره بتوقيع "العهد" بالدم ويلزمهم جملة من القيود الدينية والسياسية.

وفي تطور آخر، جاءت خطبة صلاة الجمعة المركزية في مسجد الكوفة، الخامس من مايو (أيار) لتشعل بورصة التوقعات باحتمالية عودة التيار الصدري إلى الأجواء السياسية، إذ قال خطيب الجمعة هادي الدنيناوي، إن "الطبقة العليا السياسية التهت بسن القوانين التي تخدم مصالحها الحزبية والفئوية والشخصية". وأضاف "نحن نعتقد أن سبب هذا كله هو (سكون الحليم) وليس سكوته فـ(آل الصدر) لا يسكتون واحذروا غضبة الحليم إذا غضب".

عودة من بوابة الانتخابات المحلية

إضافة إلى كل تلك الإشارات، يرجح مراقبون أن يكون اقتراب موعد الانتخابات المحلية التي من المزمع أن تجري مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، محفزاً إضافياً ربما يعجل من إمكان عودة التيار الصدري لمزاولة النشاط السياسي من جديد.

وكان التيار أعلن انسحابه من العمل السياسي في أكثر من مناسبة خلال السنوات العشر الأخيرة، إلا أن كل تلك الانسحابات لم تدم سوى لأشهر قليلة، فيما يعد الانسحاب الحالي هو الأطول في تاريخ التيار سياسياً.

ويمتنع قادة التيار الصدري وأعضاؤه من إبداء أية آراء أو تصريحات بخصوص توجهاتهم السياسية خلال المرحلة المقبلة، بناءً على أوامر صارمة من زعيم التيار بعدم التدخل في الشأن السياسي.

في المقابل قال قياديون في "الإطار التنسيقي" إن ما صدر من خطيب الجمعة ليس بالضرورة تمثيلاً لتوجهات الصدر، بخاصة أن الأخير بإمكانه إرسال رسائل مباشرة للشارع والقوى السياسية.

حلم "الحكومة الصدرية"

رئيس منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤسسة "غالوب الدولية"، منقذ داغر، يقول إن التيار الصدري "خالف كل توقعات المحللين ومراقبي الشأن السياسي في هذه المرة بشأن طول مدة عزلته وابتعاده من السياسة التي كان يعتقد أنها عزلة مؤقتة".

وبحسب داغر، يبدو أن ثمة حسابات أخرى لدى التيار الصدري الذي "يحاول لملمة الموقف داخلياً وإعادة هيكلة أركانه قبل العودة للنشاط السياسي من جديد"، مضيفاً أن هناك عوامل أخرى دفعت قادة التيار الصدري إلى عدم العودة المبكرة لعل أبرزها "إعطاء فرصة كافية لحكومة الإطار التنسيقي للقوى الشيعية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبعد مضي نحو عام على اعتزال التيار الصدري العمل السياسي، يرى داغر أن هناك إشارات عدة توحي باحتمالية العودة خلال الفترة المقبلة، من بينها "خطبة الجمعة الأخيرة والتغريدات التي تضمنت تلميحات إلى اللاعبين السياسيين وتعطي انطباعاً بأن العودة ربما باتت وشيكة".

ولا يرجح داغر أن تكون الانتخابات المحلية المقبلة "بوابة عودة التيار الصدري إلى المشهد"، مبيناً أنها ليست في قمة أولوياته ولا يزال تعويله منصباً على "تشكيل حكومة صدرية" من خلال الانتخابات التشريعية، وأنه "من المرجح أن يوفر سيناريو الانتخابات المبكرة بضغط من الشارع العراقي الفرصة للصدر للعودة إلى الأجواء السياسية".

كسر تدريجي لقرار الاعتزال

في مقابل التوقعات باحتمالية عودة التيار الصدري قبيل الانتخابات المحلية المقبلة، يعتقد مراقبون أن العودة لن تكون من بوابة الانتخابات، بل من بوابة حراك شعبي وعقد تحالفات مع قوى سياسية معارضة لـ"الإطار التنسيقي للقوى الشيعية".

ويرى رئيس مركز "التفكير السياسي" إحسان الشمري، أن تتبع تاريخ انسحابات التيار الصدري السابقة من العمل السياسي والعدول عنها، يؤشر ربما إلى إمكان أن يكون الاعتزال الأخير يمضي على المسار ذاته، خصوصاً مع وجود عديد من الإشارات بالعودة التدريجية وليست المفاجئة.

يقول الشمري في حديث لـ"اندبندنت عربية" إن عودة منصات التيار الصدري وإن كان بنسق ديني يمثل مؤشراً على "الكسر التدريجي لقرار الاعتزال".

وإضافة إلى كل ذلك، مثل "عهد الدم" الذي طالب زعيم التيار الصدري أتباعه بتوقيعه "خطوة أولى في طريق كسر العزلة السياسية"، بحسب الشمري.

ويبدو أن المدة الطويلة التي مرت على انسحاب التيار الصدري من العمل السياسي، أسهمت إلى حد كبير في "إرباك الطبقات الشعبية للتيار"، كما يشير الشمري الذي يلفت إلى أن جماهير التيار باتت تشعر بـ"بالإحباط واليأس وهو ما يحتم على قادتهم العودة وإن كانت في سياق عقائدي كمقدمة للعودة الشاملة".

ويعتقد أن استخدام مفردة "سكون الحليم" في خطبة الجمعة عبر ممثل الصدر، مثلت مؤشراً على أن زعيم التيار الصدري "لم يعتزل بشكل تام ويراقب الأجواء السياسية بشكل كبير".

ويتابع، "حتى وإن لم يعلن الصدر العودة بشكل رسمي، فإن أنصاره سيندفعون باتجاه الانتخابات المحلية، خصوصاً إذا تزامن موعدها مع موجة رفض جديدة واحتجاجات".

تحالفات تسبق العودة

لعل عدم تمكن حكومة "الإطار التنسيقي" الموالي لإيران من تقديم شيء على مستوى الإصلاح السياسي والمجالات الأخرى سيمثل بوابة لاحتجاجات شعبية، بحسب تعبير الشمري، الذي يرجح إمكان أن تعجل أية احتجاجات مقبلة من عودة التيار الصدري إلى الواجهة.

ويختم بأن "عودة صلاة الجمعة والمنصات الإعلامية للتيار الصدري مثلت نقطة شروع في إعادة هيكلة جديدة للتيار، والفترة المقبلة ستمثل مرحلة إعادة تقييم وتنظيم وتهيئة لاحتمالات العودة للنشاط السياسي"، مرجحاً أن تسبق عودة التيار الصدري "مرحلة من عقد تحالفات مع قوى جديدة خصوصاً خصوم الإطار التنسيقي".

من جهته يعتقد أستاذ العلوم السياسية، عصام الفيلي، أن "الصدر لم ينسحب من المشهد، لكنه ترك المساحة للقوى المنافسة حتى تعمل مع إمكانية الترقب والعودة في أية لحظة".

ويضيف أن الصدر يبدو مصراً على أن "تتشكل السلطة في العراق على أساس المعارضة والموالاة وليس كما يجري الآن في حكومة الإطار التنسيقي"، مبيناً أن أية معادلة انتخابية لا تحقق هذا الشرط لن يشترك الصدر فيها.

ويختم بأن انسحاب التيار الصدري يمثل "تكتيكاً لإظهار أنه لا يتحمل أية مسؤولية خلال المرحلة الحالية أمام الجمهور العراقي، وأنه سيعود في اللحظة المناسبة".

المزيد من تقارير