Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اللؤلؤ البحريني... تراث يستعصي على التزييف بمساعدة تقنيات عصرية

الأشعة السينية الطريقة الوحيدة لمعرفة الفرق بين اللؤلؤة الطبيعية والزراعية

قطع تاريخية نادرة اعتلت أرفف أحد أهم مراكز فحص اللؤلؤ العالمية في الخليج العربي، معهد البحرين لـ"اللؤلؤ والأحجار الكريمة- دانات".

تحكي كل حبة منها قصة صيدها ومكانتها على مر الزمن، حيث كانت مهنة الغوص واستخراج اللؤلؤ من أهم أنشطة المجتمع البحريني كما تؤكد الشواهد التاريخية المكانية والمعمارية للاقتصاد المعتمد عليها، في طريق اللؤلؤ المكون من عدة أجزاء متسلسلة ومتصلة تمثل تاريخ صيد اللؤلؤ في الخليج العربي والممتد لنحو 7 آلاف سنة، وتم إدراج هذا الموقع على قائمة التراث الإنساني العالمي لمنظمة اليونسكو في يونيو (حزيران) 2012، إذ أصبح المعلم الثاني على القائمة العالمية بعد قلعة البحرين التي أدرجت عام 2005 كآخر الآثار المتبقية التي تسرد حكاية اللؤلؤ والتقاليد والحياة الثقافية المتصلة به.

ظهور اللؤلؤ المستزرع

وعزّزت صناعة اللؤلؤ اقتصاد البحرين في منطقة الخليج قبل اكتشاف النفط لعقود، حتى انهارت في الثلاثينيات مع ظهور اللؤلؤ المستزرع في اليابان، وعلى الرغم من تراجع هذا النظام الاقتصادي مع تقدم الزمن إلا أن شواهده وآثاره لا تزال حاضرة حتى يومنا هذا بحكاياته وقصصه الجميلة التي تجسد مصدرا رئيسا للتعرف إلى الهوية الثقافية البحرينية.

حبات اللؤلؤ كان جمالها ونقاؤها يتجلى بسهولة لعين التاجر والصياد، لكن هذه الميزة بدأت تتراجع اليوم مع توصّل خبراء في زراعة اللؤلؤ إلى تقنيات وأساليب مكنتهم من تقليدها وسرقة السوق منها، من خلال بيعها بأسعار زهيدة. والمشكلة تجاوزت ذلك إلى صعوبة التفريق بينها وبين اللآلئ المزروعة، وهو ما دفع معهد البحرين إلى تعيين خبراء في علوم الأحجار الكريمة لفحص اللآلئ والتأكد من أصالتها، ويهدف إنشاء المعهد إلى البحث والتعليم والتحقق من اللؤلؤ الطبيعي بشكل خاص والأحجار الكريمة، وتعزيز المنظور التاريخي للبحرين وارتباطها باللؤلؤ.  

البحرين تحتفظ بصدارة إنتاج اللؤلؤ

وفي حديثه عن اللآلئ البحرينية، قال المدير التنفيذي لمعهد البحرين لـ"اللؤلؤ والأحجار الكريمة- دانات"، كينيث سكارات إن "تاريخ اللؤلؤ في البحرين يمتد إلى نحو 4 آلاف عام، ولا تزال البحرين تحتفظ بصدارة إنتاج اللؤلؤ في العالم، وما يميز هذه اللآلئ البحرينية عن غيرها في مناطق أخرى جودة حباته بتبلورها وتكوينها الطبيعي النادر والثمين".

ويعمل خلف أجهزة مختبرات فحص اللؤلؤ خبراء بحرينيون متخصصون في علوم الأحياء والفيزياء خضعوا لتدريبات عملية في مختبرات "DANAT” على الدراسة في علم الأحجار الكريمة واللؤلؤ. 

ويشارك المعهد في العديد من المعارض العالمية للتعريف بتراث اللؤلؤ البحريني الفني، وأطلق معهد "DANAT" أول تقرير لبصمات الحمض النووي عن الشعاب المرجانية لتحديد نوع الرخويات ومصدر اللؤلؤ، إضافة إلى التفاصيل الدقيقة لنوعية المرجان وفصيلته من خلال تحليل الحمض النووي له والتحليل الشامل للعناصر الكيماوية، وتوصل المعهد إلى تقنية تسهل فحص اللؤلؤ ورؤية تركيبته من الداخل وبأبعاد ثلاثية من خلال التصوير الإشعاعي.

باحثون في قسم نظم المعلومات البيئية قالوا إنهم تمكنوا من التوصل إلى بصمة اللؤلؤ من خلال استخلاص حمضه النووي، وإن تحليله سيمكنهم من معرفة المحارة التي أتى منها ومن أي بحر أو خليج. الخبراء شددوا على أن إغراق الأسواق باللؤلؤ المزروع رخيص الثمن لا يؤثر على قيمة اللؤلؤ الطبيعي، وإنما على العكس سيضاعف من سعره لأنه سيجعله من القطع الأثرية النادرة وسيحفظ من مكانته الرفيعة بين الأحجار الكريمة.

إحياء صناعة اللؤلؤ التقليدية

وأوضح رئيس قسم فحص اللؤلؤ، علي العطاوي، أن "المعهد يقوم بعلميات دقيقة لفحص اللؤلؤ لضمان أن يكون أصلياً، وليس مزروعاً أو مُصنعاً، ثم يصدر شهادة معترفا بها دولياً بأن اللؤلؤ قد تم تصنيفه على أنه منتج طبيعي، وبالإمكان تداول هذا اللؤلؤ سواء لأغراض البيع أو الشراء أو لأغراض أخرى، وتعد هذه الشهادة هي شهادة ضمان بين التاجر والمستهلك أو المشتري"، ووفقا للعطاوي فإن "معهد دانات" بصدد القيام بعمليات غوص في مياه البحرين الإقليمية بهدف البحث العلمي عن اللآلئ وتوثيق تلك البحوث، عن طريق فريق متخصص من الغواصين لاصطياد المحار. 

ومع توفّر اللؤلؤ المزروع صناعيا أصبح الأخير منافسا للؤلؤ الطبيعي، إذ إن المزروع صناعيا يتميز بالأثمان الزهيدة، في الوقت الذي يباع فيه اللؤلؤ الطبيعي بأثمان باهظة، ويؤكد الخبراء أن الطريقة الوحيدة للتفرقة بين اللؤلؤ الاصطناعي ونظيره الطبيعي هي الأشعة السينية التي تكشف عما إذا كانت اللؤلؤة طبيعية أم زراعية، وذلك من خلال النظر إلى داخل اللؤلؤة والكشف عن تكوينها، ويرى الكثير من الباحثين أن زيادة الاهتمام بتجارة اللؤلؤ الطبيعي وإصدار القرارات الإيجابية من شأنه تنمية هذه الثروة وإعادتها إلى صدارة المشهد البحريني، وعودة إحياء صناعة اللؤلؤ التقليدية عندما اندثرت من المياه الساحلية الخليجية، ولكنها بقيت تراثا لا يزال يحافظ عليه البحرينيون ويفاخرون به.

المزيد من منوعات