مع اشتداد القتال بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل اتسعت رقعة قذائف الصواريخ التي تطلقها حركة "الجهاد الإسلامي" والقوى الأخرى، وشملت مدناً أبعد من محيط غلاف غزة، مما دفع المؤسسة الأمنية الإسرائيلية إلى تفعيل منظومة الدفاع الجوي الثلاثية، "مقلاع داوود" و"السهم" إلى جانب "القبة الحديدية".
وفي اليوم الرابع لمعركة "السهم الواقي" العسكرية وصلت القذائف الصاروخية التي تنطلق من غزة إلى مسافات متنوعة، أبعدها سقط في شاطئ مدينة يافا شمال إسرائيل، والتي تبعد عن القطاع نحو 176 كيلومتراً، فيما تركزت معظم الضربات ما بين 40 كيلومتراً ضمن مدن غلاف غزة، و100 كيلومتر أقصى حدود تل أبيب من جهة الشمال والقدس من جهة الشرق.
500 قذيفة
وبحسب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي فإنه أطلق على الأراضي الإسرائيلية في الساعات الماضية نحو 500 قذيفة، وقفت خلفها حركة "الجهاد الإسلامي" في غزة، وعملت منظومة القبة الحديدية و"مقلاع داوود" على اعتراض عدد كبير منها قبل إصابة الأهداف.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن القذائف أحدثت أضراراً مادية، لكن لم يصب أي مدني إسرائيلي حتى الآن بفضل الملاجئ، وعلى سكان المناطق المتاخمة لغزة ملازمتها.
ومنذ انطلاق الأعمال العسكرية بين الجانبين فعّلت إسرائيل جميع أنظمة اعتراض الصواريخ التي تملكها، في محاولة لاعتراض قذائف الفصائل الفلسطينية التي تعتبر أن توقفها أحد الأهداف المرجو تحقيقها من العمليات الحالية.
أنظمة الاعتراض
وتمتلك إسرائيل، بحسب المتحدث باسم الجيش، ثلاث منظومات لاعتراض الصواريخ، وهي "القبة الحديدية" و"السهم" و"مقلاع داوود" الذي يطلق عليه أيضاً مصطلح "العصا السحرية"، ويعد أحد أفضل أنظمة التكنولوجيا والدفاع المتطورة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وخلال المعركة العسكرية الحالية فعّلت إسرائيل منظومة القبة الحديدية إلى جانب "مقلاع داوود" الذي تستخدمه للمرة الأولى منذ الإعلان عن دخوله الخدمة عام 2017، ويعد أحد أفضل أنظمة التكنولوجيا والدفاع المتطورة، بحسب تصريحات إسرائيلية.
وبحسب أدرعي فإن "مقلاع داوود" يعد نظاماً دفاعياً متوسط المدى بين القبة الحديدية قصيرة المدى ونظام "السهم" بعيد المدى، ومصمم لإسقاط الصواريخ التي يتم إطلاقها من مسافة 100 إلى 200 كيلومتر، وتحمل الراجمة الواحدة 12 صاروخاً لتعمل بتغطية 360 درجة، بينما تبلغ أعلى نقطة ارتفاع لها 75 كيلومتراً، ويحوي الصاروخ راداراً ومستشعراً ضوئياً إلكترونياً يعمل في مختلف الظروف الجوية.
صاروخ ثقيل
واضطرت إسرائيل إلى تفعيل "مقلاع داوود" لصد قذائف صاروخية أطلقت من غزة موجهة إلى مدينة تل أبيب التي تبعد نحو 80 كيلومتراً عن القطاع، ولكن هذه القذائف، بحسب الباحث في العلوم العسكرية وتكنولوجيا السلاح يوسف الشرقاوي، تختلف عن سابقاتها من الصواريخ الموجهة إلى مدن في العمق الإسرائيلي من حيث مدى ارتفاعها في الغلاف الجوي.
ويقول الشرقاوي إن "الصاروخ الذي استخدم من أجله ’مقلاع داوود‘ من النوع الثقيل ويحمل متفجرات قوية، وهو متوسط التحليق وقوي الانطلاق لكنه في الوقت نفسه محلي الصنع وبدائي، بمعنى أنه لا يحمل لوائح إلكترونية لتحديد مساره". ويضيف، "إذا تحقق وسقط على تل أبيب فإنه سيحدث دماراً كبيراً، بخاصة وأن الفصائل تعتمد في قتالها على قصف أهداف مساحية بطريقة أقرب إلى العشوائية وليست نقطوية أو موجهة بطريقة ذكية نحو أهداف عسكرية".
وأضاف الشرقاوي أن الفصائل الفلسطينية تطلق قذائف صواريخ "أرض - أرض" نحو إسرائيل، وهي صواريخ بدائية تعتمد في قتالها على معركة استنزاف، مشيراً إلى أن استخدام الجيش الإسرائيلي لمقلاع داوود لا علاقة له بفشل القبة الحديدية أو عدم تمكنها من صد واعتراض الصواريخ، وأن الأمر له أبعاد عسكرية مختلفة منها مسارات سير القذائف.
وأوضح الشرقاوي أن إسرائيل قسمت الجغرافيا إلى مناطق قريبة من حدود غزة تستخدم فيها "القبة الحديدية"، ومناطق عمق تستخدم فيها "مقلاع داوود"، في حين أن المناطق المهمة أو العسكرية بدرجة عالية تحميها بنظام السهم، لافتاً كذلك إلى تقسيم الطبقات الجوية إلى مستويات، إذ تستخدم "القبة الحديدية" لصد الصواريخ المخفضة التحليق، والمتوسطة معتمدة على "مقلاع داوود"، أما المرتفعة فتستخدم فيها نظام السهم.
فعالية غائبة
وأكد الشرقاوي أن "مقلاع داوود" يختلف عن القبة الحديدية، إذ إن كلفته أعلى وتقنيته معقدة ويستطيع أن يتصدى للأهداف بدقة عالية، كما ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أن كلفة الصاروخ الواحد من منظومة "العصا السحرية" تبلغ مليون دولار، مشيراً إلى أنه "من الممكن أن يفشل في مهمته، فلا توجد منظومة صواريخ فعالة بنسبة 100 في المئة، بخاصة عند تعاملها مع صواريخ غزة التي لا تحمل لوائح إلكترونية، بينما تستخدم محركات أفضل تستطيع أن تضلل القبة الحديدية".
القبة تعمل
ويعتقد الشرقاوي أن دخول "مقلاع داوود" الخدمة يعني أن إسرائيل غير قادرة على حماية الإسرائيليين على رغم أنها قصفت معظم مناطق القوة الصاروخية للفصائل الفلسطينية. ومن ناحية أخرى يقول أدرعي إن إسرائيل تجري مناورات عسكرية أثناء عمليتها العسكرية، ولذلك فعلت "مقلاع داوود"، وليس بسبب أن عطلاً تقنياً أصاب "القبة الحديدية"، مؤكداً أنها تعمل وفق خطة وتحقق نجاحات كبيرة في هذا القتال.