ملخص
شملت نقاشات القادة تقوية النظام الصحي وأمن الطاقة والأمن الغذائي الإقليمي والاستقرار المالي ورقمنة الاقتصاد وقطاع السياحة.
التقى زعماء دول رابطة جنوب شرقي آسيا (آسيان) في مدينة لابوان باجو، المدينة الصغيرة الساحلية في منطقة نوسا تنجارا شرق إندونيسيا، خلال القمة الـ42 للرابطة برئاسة إندونيسيا حيث ناقش زعماء الدول الـ10 عدداً من القضايا، كان أهمها أزمة ميانمار التي مضى عليها عامان، ومعضلة الاتجار بالبشر وتسريع مدونة قواعد السلوك في بحر الصين الجنوبي، إلى جانب قضايا اقتصادية وتقنية أخرى. وشهدت القمة الحضور الأول لتيمور الشرقية بصفتها عضواً مراقباً، إذ يستعد البلد الصغير ليكون العضو الـ11 خلال الفترة المقبلة.
"آسيان" بؤرة للنمو
عقدت القمة الـ42 لدول "آسيان" تحت شعار "آسيان بؤرة للنمو" إذ تؤكد جدول أعمال موضوعياً وتطلعياً، بخاصة في مجالات التكامل الاقتصادي وبناء المجتمع لضمان الوحدة والنمو لـ"آسيان". وناقش القادة سبل تعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد الرقمي والأخضر، والوضع الجيوسياسي القائم في المنطقة، مع التركيز على الإبقاء على دور "آسيان" محورياً ومركزياً في نظام إقليمي يتسم بالانفتاح والشمولية والاستقرار.
كما شملت نقاشات القادة تقوية النظام الصحي وأمن الطاقة والأمن الغذائي الإقليمي والاستقرار المالي ورقمنة الاقتصاد وقطاع السياحة. ووقعت القمة على بروتوكول جنوب شرقي آسيا كمنطقة خالية من الأسلحة النووية.
القادة أكدوا في اجتماعهم على رؤية ما بعد 2025 لـ"آسيان" التي أطلقت في عام 2015، وترتكز الرؤية على أن تظل "آسيان" "منفتحة وشفافة وشاملة وملتزمة بالقواعد والقانون مع مشاركات خارجية أعمق"، كما تشير إلى متابعة مجالات جديدة للتعاون بما في ذلك الاستدامة والأمن السيبراني والاقتصادات الرقمية والخضراء، وأن تكون المنطقة مركزاً للاقتصاد العالمي بحلول عام 2045.
قادة رابطة "آسيان" اتفقوا في قمتهم على إنشاء شبكة الصحة الواحدة التابعة للرابطة لتطوير وتعزيز التعاون والتنسيق متعدد القطاعات داخل التجمع. وجاء إعلان هذا الالتزام نظراً إلى التأثيرات المدمرة والمتعددة الأبعاد لوباء "كوفيد-19" إضافة إلى الأمراض المعدية الناشئة والمتجددة، بما في ذلك الأمراض الحيوانية المنشأ ومقاومة مضادات الميكروبات.
ومرة أخرى أكد رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم مع قادة "آسيان" على مقترحه بإنشاء صندوق النقد الآسيوي تماشياً مع مبادرة "آسيان" لتعزيز الاستقلال الاقتصادي الإقليمي وشبكة الأمان في المنطقة. وذكر أنور أن مثل هذه الآلية الإقليمية ستكون قادرة على فهم حاجات الدول الأعضاء في رابطة الـ"آسيان" بشكل أفضل، بالتالي اقتراح تدابير علاجية أكثر ملاءمة.
أزمة ميانمار العالقة
أتت القمة التي افتتحت أمس الأربعاء، في وقت تعقدت فيه أزمة ميانمار والحكم العسكري القائم فيها منذ عامين، إذ تسببت في عزلتها الدولية وفرضت عليها عدداً من العقوبات من الدول الكبرى مثل بريطانيا والولايات المتحدة. وكانت دول "آسيان" توصلت إلى اتفاق البنود الخمسة منذ عام 2021 وأصرت على التزام الحكومة العسكرية في ميانمار به، ويقضي بالوقف الفوري للعنف، وإقامة حوار بناء بين جميع الأطراف، وتيسير الوساطة لمبعوث "آسيان"، والسماح بالمساعدات الإنسانية القادمة من الرابطة، إلى جانب التصريح بزيارة المبعوث الخاص والوفد إلى ميانمار.
ومنعت "آسيان" الحكومة العسكرية التي تمسك بزمام السلطة في ميانمار من المشاركة في اجتماعات الرابطة منذ العام الماضي، مع فشلها في الوفاء بالالتزامات المتفق عليها في خطة السلام، كما تمت دعوة ممثل غير سياسي من ميانمار لحضور القمة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقبيل القمة تعرض موكب من دبلوماسيين من "آسيان" وعمال إغاثة يوفرون المساعدات في غرب ميانمار إلى هجوم مجهول الهوية، مما عكس فشل الحكومة العسكرية في ميانمار في توفير الأمن للمساعدات الإنسانية وإنهاء العنف في البلاد.
لذا طالب الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو دول "آسيان" وقادتها بلعب دور أكثر فاعلية في حل الصراع القائم بميانمار من خلال الحوار بعيداً من العقوبات، إذ أكد الرئيس في تصريحات أن "الكتلة الإقليمية يجب ألا تكون وكيلاً لأي شخص أو بلد وأن "آسيان" ترغب في الانفتاح والتعاون مع أي بلد لحل مشكلاته بداخل الرابطة". كما حث القادة في ميانمار على لعب دور أقوى في الحوار الذي بدأته رابطة "آسيان".
وأصدر القادة بياناً عبروا فيه عن قلقهم العميق من العنف الجاري في ميانمار، كما طالبوا بالوقف الفوري لكل أشكال العنف واستخدام القوة لخلق بيئة موائمة للأمن وتوفير المساعدات الإنسانية والحوار الوطني الشامل، كما دانوا الهجوم الذي تعرضت له بعثة من "آسيان" وضرورة محاسبة المسؤولين.
العضو الـ11
حضور رئيس وزراء تيمور الشرقية تاور ماتان رواك كان لافتاً في اجتماعات القمة للمرة الأولى بعد دخول بلاده كعضو مراقب، ساعية إلى الانضمام إلى الرابطة، وهنأه الرئيس الإندونيسي خلال لقاء ثنائي جمع بين القائدين.
وخلال قمة "آسيان" تحت رئاسة كمبوديا في العام الماضي، وافقت دول رابطة جنوب شرقي آسيا على مشاركة تيمور الشرقية كعضو 11 للرابطة من حيث المبدأ. كما سعت إندونيسيا كرئيس "آسيان" إلى وضع خريطة طريق لحصول تيمور الشرقية على العضوية الكاملة في الرابطة الإقليمية، وتشمل خطوات الخريطة ممارسة الالتزامات في الاتفاقات أو المعاهدات المرتبطة بركائز "آسيان" السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
رئيس وزراء تيمور الشرقية خلال القمة أكد أن بلاده بدأت في اتخاذ الخطوات اللازمة لبناء بنية تحتية قوية تتوافق مع خريطة الطريق التي تؤهلها إلى العضوية الكاملة في الرابطة، كاشفاً عن بدء حكومته تحسينات بالخدمات، مؤكداً أن انضمام بلاده إلى "آسيان" لحظة مفصلية وسط التنافس العالمي والتحركات المتغيرة في المنطقة.
الاتجار بالبشر
تمثل قضية الاتجار بالبشر إحدى القضايا الشائكة في "آسيان"، بخاصة مع تزايد أعداد الضحايا الذين يقعون في شباك هذه العصابات بالمنطقة. وبحسب بعض التقديرات، يؤثر الاتجار بالبشر في نحو 25 مليون شخص في منطقة شرق آسيا. وتمثل المنطقة نحو 85 في المئة من ضحايا الاتجار بالبشر بحسب التقرير العالمي الصادر عن مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة عام 2016.
ونظراً إلى ما تمثله القضية من أهمية على المستويين الشعبي والسياسي، تطرقت قمة دول "آسيان" إلى قضية الاتجار بالبشر وصدر عن القادة التزام مشترك للقضاء عليها، بما يحقق نهجاً متكاملاً في التعامل مع ممارسات الاتجار بدءاً من الوقاية وحتى حماية الضحية والتعاون بين بلدان الرابطة في استخدام التكنولوجيا لمحاربتها. ويعمل الاتفاق الجديد على حماية المنطقة من أن تكون ملاذاً للمجرمين في الاتجار بالبشر كما يقوي من وضع "آسيان" كمجتمع قائم على القانون.
بحر الصين الجنوبي
من بين القضايا الرئيسة التي كانت على طاولة النقاش بين القادة، تسريع المفاوضات في شأن مدونة السلوك مع الصين في النزاع البحري ببحر الصين الجنوبي. وتقدم مدونة السلوك إرشادات تهدف إلى منع الحوادث العسكرية وإدارة الصراع في الممر البحري.
وكانت إندونيسيا أعلنت منذ أوائل العام مع تسلمها رئاسة الرابطة عن وضعها في مقدمة أولوياتها تحريك المياه الراكدة في المفاوضات بين الرابطة والصين في شأن مدونة لقواعد السلوك تحكم المطالبات المتكررة في بحر الصين الجنوبي. وأعلنت وزيرة الخارجية الإندونيسية ريتنو مارسودي في فبراير (شباط) الماضي أن إندونيسيا حريصة على تكثيف المحادثات بين الصين ودول الرابطة لحل الصراعات في بحر الصين الجنوبي بطريقة سلمية. كما استكملت الجولة الأولى من المفاوضات بين الجانبين بالاجتماع الذي عقد بين مسؤولين ممثلين للطرفين في الفترة من الثامن إلى الـ10 من مارس (آذار) الماضي.
وأسفرت الجولة الأولى من المفاوضات عن حدوث تقدم في المحادثات بين الجانبين ورغبة من جميع الأطراف في تكثيف المحادثات خلال الفترة المقبلة، بحسب مسؤولين إندونيسيين. وصرح المدير العام لتعاون "آسيان" في وزارة الخارجية الإندونيسية بأن مدونة قواعد السلوك لبحر الصين الجنوبي التي تصاغ عن طريق الطرفين يجب أن تكون موضوعية وفعالة من دون الإفصاح عن أي تفاصيل في شأن الاجتماع الذي استمر لمدة ثلاثة أيام. وتحاول الرئاسة الإندونيسية لـ"آسيان" أن تجعل من مدونة قواعد السلوك اتفاقاً مؤثراً وقابلاً للتنفيذ وليست مجرد وثيقة مكتوبة يوافق أطرافها من أجل الموافقة فقط.
من ناحية أخرى من المتوقع ألا تسفر المفاوضات عن التزام جدي خلال العام الحالي، إذ تقول الباحثة في معهد يوسف إسحاق بسنغافورة شارون سياه، إنه على رغم المفاوضات الجارية قد لا يكون هناك توقيع رسمي خلال العام الحالي، وذلك بسبب تطورات الأحداث على أرض الواقع. ويشهد الوضع في منطقة بحر الصين الجنوبي تطوراً متسارعاً خلال الفترة الأخيرة، بخاصة مع تقارب الفيليبين والولايات المتحدة عسكرياً مما يقلق بكين.