Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رئيس برلمان تونس: مبادرة الحوار منقوصة ولا نريد مساندة خارجية عمياء

أكد لـ"اندبندنت عربية" عدم إعادة النظر بالمراسيم التي أصدرها الرئيس رغم دعوات قانونيين

رئيس البرلمان التونسي إبراهيم بودربالة (اندبندنت عربية)

ملخص

شدد بودربالة على أن التحدي الأول للبرلمان حالياً هو استرجاع ثقة الشعب التونسي

يأمل رئيس مجلس النواب التونسي إبراهيم بودربالة أن ينجح البرلمان المنتخب حديثاً بعد مرحلة استثنائية شهدتها البلاد منذ يوليو (تموز) 2021، أن يقطع مع الصورة التي رسخها البرلمان السابق عن العمل النيابي إذ لطالما شهدت الجلسات مشادات كلامية حتى اللجوء إلى العنف، ما هز بشكل كبير صورة تلك المؤسسة المهمة في بلد يشهد انتقالاً ديمقراطياً متعثراً.

وأكد بودربالة (71 عاماً) في حوار خاص مع "اندبندنت عربية" أن "مبادرة الحوار الوطني التي تطرحها منظمات تونسية في مسعى إلى دفع رئيس الجمهورية قيس سعيد، إلى تبنيها وقيادتها، منقوصة" نظراً إلى غياب أطراف عدة عنها.

يشار إلى أن بودربالة محام تولى في عام 2019 رئاسة العمادة الوطنية للمحاماة حتى عام 2022، ويعد أحد أبرز المحامين في تونس منذ عام 1977 حيث يملك تجربة واسعة في الهياكل المهنية للمحاماة.

استعادة ثقة التونسيين

وكان البرلمان التونسي صادق، أخيراً، على نظامه الداخلي، ليتم إثر ذلك المرور إلى المرحلة الأخرى من تشكيل الكتل واستكمال اللجان وغيرها، لكن التحدي الأول الذي يبقى أمام البرلمان هو استعادة ثقة الشارع التي اهتزت بعد ما شهده البرلمان السابق من أحداث في ذروة الاستقطاب السياسي بين الكتل النيابية آنذاك (2019 – 2021).
ولا تهدأ الحركة في المجلس الواقع في منطقة باردو وسط العاصمة التونسية، حيث يسارع النواب إلى تشكيل كتل برلمانية، في وقت عادت فيه البلاد إلى نظام الحكم الرئاسي حيث تتركز معظم الصلاحيات بيد الرئيس قيس سعيد، بعد سنوات من نظام شبه برلماني شهدت فيه تونس تقلبات سياسية.
وحول أولويات البرلمان الحالي قال بودربالة، إنه "بحسب النظام الداخلي، فإن الأولويات هي استكمال هياكل مجلس النواب وتكوين الكتل وانتخاب اللجان وتكوين مكتب المجلس وعندما نستكمل هذه المهام سيتم الشروع الفعلي في ممارسة الصلاحيات الموكولة دستورياً للمجلس وهي صلاحيات رقابية وتشريعية".
ويكرر أساتذة للقانون الدستوري وسياسيون منذ فترة أنه ينبغي على البرلمان المصادقة على المراسيم التي أصدرها الرئيس سعيد في المرحلة الاستثنائية التي انتهت بالمصادقة على عضوية الغرفة الأولى للبرلمان في انتظار انتخاب غرفته الثانية وهي مجلس الجهات والأقاليم.
لكن بودربالة اعتبر أنه "من الناحية القانونية في طبيعة المراسيم التي صدرت، هناك الأمر الصادر في 22 سبتمبر (أيلول) 2021 الذي أسند الصلاحيات التشريعية لرئيس الجمهورية في الفترة الاستثنائية، وبحكم دستور 25 يوليو (تموز) 2022 والانتخابات البرلمانية وتنصيب المجلس عادت الصلاحيات التشريعية إلى البرلمان".
وشدد على أن "المراسيم التي تم إصدارها تعتبر قوانين، وكل قانون قابل للتعديل وللمراجعة بواسطة قوانين أخرى لا أن نعيد النظر في تلك المراسيم التي ستبقى سارية المفعول طالما لم تعدل بواسطة قانون آخر".
ولا ينكر بودربالة أن التحدي الرئيس حالياً هو استعادة ثقة الشارع بعدما شهده البرلمان السابق من أحداث جعلت جزءاً كبيراً من التونسيين يرحبون بقرارات الرئيس سعيد التي حل بها مجلس النواب السابق الذي كانت تسيطر عليه حركة النهضة، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان، في 25 يوليو 2021.
وأوضح رئيس البرلمان التونسي أن "من أسباب تدابير 25 يوليو 2021، هي المشاهد التي رأيناها في البرلمان السابق التي جعلت العمل النيابي مرذولاً في ذلك الوقت... حتى أن النواب في البرلمان الجديد يعتبرون أن تلك الصورة النمطية التي كانت للمجلس السابق يجب التخلي عنها حتى يسترجع المجلس التشريعي ثقة الشعب، وهذا هو التحدي المطروح الآن علينا".
في المقابل، أكد بودربالة أن "النائب حر في آرائه وفي إبداء كل مواقفه، لكن هناك نظاماً داخلياً وقانوناً لا بد من احترامه، وفي صورة مخالفته لما وقع الاتفاق عليه وإقراره بصفة قانونية سواء من خلال الدستور أو النظام الداخلي للمجلس، فأكيد سيكون هناك خيارات، لكن نتمنى أن يحترم النواب ما لهم وما عليهم".

مبادرة الحوار منقوصة

وعلى رغم أن الدستور الجديد أعاد تونس إلى نظام الحكم الرئاسي، فإن بعض النواب دعوا الرئيس إلى تشكيل حكومة سياسية، في وقت يقيل فيه سعيد باستمرار وزراء بشكل فردي متجاهلاً بذلك تلك الدعوات التي تصدر أساساً عن حركة الشعب التي تعد من أكثر الأحزاب التي تحمست لمسار الرئيس وساندته.
وقال بودربالة إنه "يجب فهم دستور 25 يوليو، ففي الدستور السابق لعام 2014 اخترنا النظام المختلط الرئاسي والبرلماني المعدل وكانت الحكومة خاضعة لمصادقة البرلمان. أما في دستور 25 يوليو 2022 الذي حظي بمصادقة الشعب، فقد أصبح النظام رئاسياً يتولى رئيس الجمهورية تعيين الحكومة ثم يعين الوزراء بناء على اقتراح رئيس الحكومة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأبرز المتحدث "لدينا صلاحيات رقابية في المجلس تتمثل في توجيه أسئلة لأعضاء الحكومة أو للحكومة برمتها ويمكن للمجلس أيضاً استجواب وزراء كل على حدة أو استجواب الحكومة ككل. وبالتشاور مع مجلس الجهات والأقاليم يمكن للبرلمان أن يعد ويصدر لائحة لوم ضد الحكومة وفي صورة المصادقة عليها، فإن النتائج السياسية المترتبة عنها إما أن يغير رئيس الجمهورية رئيس الحكومة أو أن يحل مجلس النواب وتعود الكلمة وقتذاك إلى الشعب".
توازياً، تستمر منظمات من بينها الاتحاد العام التونسي للشغل، وعمادة المحامين، في الترويج لمبادرة ترمي إلى إطلاق حوار وطني وهو هدف يبدو صعب المنال، إذ يرفضها الرئيس، ويعتبر بودربالة أنها "منقوصة" رغم إقراره أنها تمثل جزءاً من طموحات التونسيين.
وقال رئيس البرلمان، إن "مبادرة الحوار التي يتم طرحها، هي جزء من طموحات الشعب التي لا تمثلها المنظمات التي هي بصدد إعداد هذه المبادرة، بالكامل، بل هي جزء منها، حيث إن هناك منظمات أخرى غير موجودة مثل اتحاد الفلاحة واتحاد الصناعة والتجارة، واتحاد المرأة وعمادة المهندسين وعمادة الأطباء، كل هذه المنظمات غير موجودة".
وتابع بودربالة "حتى تكون المبادرة متوازنة أيضاً لا بد من أن نضع توازناً بين طموحات الشعب وإكراهات الدولة التي لها التزامات مع المؤسسات المالية والعلاقات الإقليمية والثنائية"، مشدداً على أنه "عندما نحدث ذلك التوازن تصبح المبادرة مقبولة من كل الأطراف وقابلة للإنجاز والتنفيذ، لكن بهذه الصورة تبقى هذه المبادرة منقوصة ولا تمثل سوى جزء من طموحات الشعب. وعلى أي حال المجلس منفتح على كل المبادرات والمنظمات شريطة أن تكون منظمات قانونية سواء الوطنية التي لها باع في النضال الوطني أو حتى منظمات المجتمع المدني التي تتوفر فيها الشروط اللازمة".

لا مساندة عمياء من الخارج
ويأتي ذلك في وقت أوقفت فيه السلطات التونسية عشرات السياسيين البارزين على غرار رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، والأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي القياديين بـ"جبهة الخلاص" المعارضة، وجوهر بن مبارك وشيماء عيسى في إطار ملف يعرف محلياً بملف التآمر على أمن الدولة".
وعلق رئيس البرلمان على ذلك بالقول، إن "ملف الموقوفين في عهدة القضاء، ونحن ننطلق من مبدأ أن كل إنسان بريء حتى تثبت إدانته من خلال محاكمة تتوفر فيها حقوق الدفاع. المفيد إلى الآن بحسب المعلومات التي تتوفر لدينا، هو أن الملفات لا تزال في الطور الاستقرائي أمام قضاة التحقيق، ولا بد في هذه المرحلة من احترام سرية التحقيقات وهيئات الدفاع بصدد القيام بدورها وتقوم بتصريحات للإعلام بكل حرية".
وأردف بودربالة أن "التحقيقات إلى الآن تتم في شأن أفعال وليست من أجل أفكار أو احتجاجات أو تنظيمات أو تظاهرات، بدليل أن كل هذه الحقوق مضمونة ولم يقع الاعتراض عليها، لكن التصريح بإدانة شخص يتم عن طريق المحكمة".
وفي ظل الأزمة السياسية تستمر ردود الفعل الخارجية حول الوضع في تونس حيث تعقد اجتماعات في الهيئات التابعة للاتحاد الأوروبي وفي غيرها لبحث الوضع في البلاد، وهو أمر لا تقبله تونس حيث سبق وأن دان الرئيس تلك التدخلات.
وقال بودربالة "نحن نحرص على أن تكون علاقاتنا مع الدول الصديقة والشقيقة على أحسن ما يرام، ونود أن تتخذ تلك الدول مواقفها في هذه المرحلة بموضوعية بعد الاستماع إلى كل الأطراف. وإذا كانت هناك بيانات صادرة عن جهات معينة برلمانية أو غيرها ندعوهم إلى زيارة تونس للتعرف على حقيقة الوضع حتى يمكنهم إصدار بيانات موضوعية".
وختم بالقول "نحن لا نطلب مساندة عمياء لتونس بل نريدها مساندة مبنية على حقائق يتم الاطلاع عليها من خلال الاطلاع على أرض الواقع ولم أسمع عن دعوات لقطع المساعدات عن تونس".

اقرأ المزيد

المزيد من حوارات