Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

طلاسم الفراعنة وعوالمهم الافتراضية

هل كان السحر عند المصريين القدماء علماً من العلوم أم مغازلة لقدرات الكون الخفية؟

تكتنز حكاية أبو الهول وأنفه المكسور بأساطير سحرية حول حقيقته (غيتي)

ملخص

هل كان السحر عند المصريين القدماء علماً من العلوم أم مغازلة لقدرات الكون الخفية؟

ربما لم ترتبط حضارة بشرية ما بحديث السحر والسحرة، بقدر ما ارتبطت الحضارة المصرية القديمة، والتي يطلق عليها البعض جوراً، الحضارة الفرعونية.

ذاع صيت السحر والسحرة عند المصريين، وسال الكثير من الحبر على أوراق الرحالة، في وصفهم لبراعة أولئك القوم، عطفاً على أن الكتب السماوية قد جاءت على ذكر السحرة في مصر القديمة بنوع خاص، وإن أفسحت لنا الباب للنظر نظرة مغايرة، حول ما إذا كان الأمر مجرد إيهام وخداع، أو حقيقة واقعة، كما حدث بين موسى النبي وسحرة فرعون.

يضيق المسطح المتاح للكتابة عن ذكر المؤلفين والمؤلفات التي تناولت شأن السحر في أزمنة المصريين الغابرة، بدءاً من "بردية خوفو"، مروراً بـ"فجر التاريخ" لجيمس هنري بريستد، وصولاً إلى "السحر والسحرة عند الفراعنة" لإيفان كونغ، والعشرات من الكتب التي رجعنا إليها لتقديم هذه اللمحات.

ولعل الحديث عن مصر القديمة يطرح تساؤلات حول منشأ السحر بمفهوم مغاير، إذ نظر إليه البعض مثل الأثري المصري الكبير الدكتور زاهي حواس على أنه علم، أدرك أبعاده غير الظاهرة المصريون القدماء، ولم يكن طريقهم هو الشر بل الخير.

غير أن أصواتاً أخرى، ترى في بعض معبودات وآلهة المصريين القدماء، جسوراً للشر في عالم الروحانيات القديم، لا سيما أن هناك العديد من التعاويذ في هذا الإطار.

ما قصة السحر الفرعوني، والإله "توتو" إله السحر عندهم، وهل قصة لعنة الفراعنة، هي بالفعل ضرب من ضروب ذلك السحر الذي لا يزال خافياً عن الأعين، ثم من هو "حكا" رمز السحر والطب عن الفراعنة، و"توتو" نظيره؟

حقيقة السحر في مصر القديمة

كشأن كل شيء في مصر القديمة، يبقى حديث السحر بمثابة لغز، ملفوف في أحجية، ضمن سر وضع في بئر عميق، ولهذا يحاول الجميع فك طلاسمه، ومن غير أمل كبير في كشف جوهره، حتى بعد أن فك شامبليون رموز الكتابة المصرية القديمة المعروفة باسم الهيروغليفية.

تبدأ القصة من عند جماعة الـ"غريو حب" أو "الكهنة المرتلين" باللغة الهيروغليفية، وقد وجد هؤلاء في معابد الفراعنة قبل نحو 5200 سنة، كما تقول بعض الروايات، وهم من اختصوا بممارسة السحر.

من هنا تبدأ القصص التي لا تنتهي، ومنها بل ربما ما يعضدها ويؤيدها قصة موسى النبي مع سحرة فرعون، ومقدار الإيهام الذي فيها، أي تصوير مشاهد على أنها واقع، في حين كونها لا تتجاوز الخيال.

يعطي البعض، مثل عالم المصريات الفرنسي سيرج سونيرون (1927- 1976)، لمحة عن معرفة المصريين القدامى بالعلوم مع بعد الطبيعية، "الميتافيزيقا"، وفيها كان كبار الكهنة يتمكنون من تحرير قوى الطبيعة غير المرئية وغير المحسوسة، واعتبر هذا التحكم نوعاً من العلوم التي لا يسمح بنقلها للعوام، ولا تدرس إلا لكهنة المعابد فقط، وكأن الأمر كان بمثابة دراسة أكاديمية، لا سيما أن تلك الحصون الروحية لمصر القديمة كانت بمثابة جامعات مصر في ذلك الزمان.

أبو الهول وطلاسم سحر الفراعنة

أحدث المؤلفات التي جاءت على ذكر قصص السحر في مصر القديمة، كتاب "تاريخ في الظل/ بحثاً عن الحقيقة في مناطق معتمة" للباحث المصري وليد فكري.

ضمن جزء مخصص لمراجعة تاريخ مصر القديمة مع السحر، وكيف أن ملوك مصر القدامى، عاشوا في مدن عملاقة، أقاموها على ضفتي النيل، وحصنوها بالطلاسم المدمرة للعدو، فنقرأ قصة مثيرة عن أبو الهول، والذي لا يعرف حتى الساعة أحد متى بني ولأي غرض، وهل كان يمثل شخص خوفو صاحب الهرم الأكبر أم أن وراءه سراً خفياً لا يزال مجهولاً.

تقول صفحات الكتاب، إن أبو الهول بني في عهد قديم جداً، لحماية مدخل عاصمة مصر القديمة (منف) من العدوان، وعواصف الرمال، وكانت له مقدرة النطق، فكان ينبئ المصريين عن قدوم جيش معاد أو عاصفة أو طوفان أو وباء أو قحط، وكان يقول لمن سُرق ماله من الذي سرقه.

وهناك أسطورة تحكي أن موسى النبي قد جاءه وقال له إنه ما دام ينطق ويعقل فهو مكلف، وعليه أن يؤمن بالله وبرسالة موسى، فرفض أبو الهول، فضربه موسى بعصاه على أنفه، ومن هنا حدث الكسر الشهير في الأنف الصخري، وقد سبقت هذه القصة ما يروى عن قيام الحملة الفرنسية بتوجيه نيران مدافعها لأبو الهول.

هل كان أبو الهول أحد طلاسم السحر في مصر القديمة، لا سيما أن هناك الكثير من الأبحاث العلمية تعتقد بوجود غرفة سرية ما أسفله بها أسرار الكون؟

طلاسم "دلوكة" الملقبة بالعجوزة

ضمن العديد من البرديات القديمة، نجد أحاديث عن تلك الطلاسم أو التعاويذ، والتي عادة ما كانت تكتب بحبر أحمر، وبحروف غير واضحة، كانت تستدعي القوى الخفية حول الكرة الأرضية، ومنها تعويذة أبو الهول.

غير أنه من الواضح أن القصة أكبر بكثير من ذلك، ويرجعها بعض علماء الإيجبتولجي، مثل ماسبيرو الفرنسي الشهير، إلى ما جرى قديماً قبل التاريخ المعاصر، وفيما كانت الكرة الأرضية تستعد لطوفان نبي الله نوح.

هنا تخبر الروايات أن المصريين القدماء، لم يبنوا الأهرام كمقابر، بل كحواضن للعلم والمعرفة، وفيها أودعوا كافة علومهم وفنونهم وأسرار تعاويذهم، لكيلا تندثر الحضارة، وحصنوها بالتعاويذ كي لا يمكن هدمها أو الاعتداء على حرماتها وما بها.

وثمة أقوال أسطورية أخرى عن الأهرام، تقول إن من بناها، أوكل بعض الكائنات الروحانية لحمايتها، ومن هؤلاء كان الدكتور عمرو عبد العزيز منير وفي كتابه المعنون "الأساطير المتعلقة بمصر في كتابات المؤرخين المسلمين"، يميط اللثام عن الخلط الشعبوي الذي ملأ العقول عن تاريخ مصر القديمة.

وبالرجوع إلى كتابات مانيتون السمنودي، وقد كان كاهناً مصرياً، عاش في مدينة سمنود، تتبع محافظة الغربية اليوم، نحو عام 280 قبل الميلاد،عاش في زمن الحقبة البطليمية، وكلفه الملك بطليموس الثاني بكتابة تاريخ مصر، نجد أحاديث شتى عن الملوك الفراعنة الذين كانوا يمارسون علم السحر، حيث كانوا ملمين به كجزء من وظيفة الملك في مصر القديمة.

زاهي حواس... سحر أم علوم قديمة؟

على رغم أن مصر قد زخرت بعلماء آثار وتاريخ مصريات عظام مثل الدكتور سليم حسن، والبروفيسور لبيب حبشي، ثم كمال الملاخ، والعشرات من تلك الأسماء اللامعة، إلا أن الدكتور زاهي حواس رجل الآثار المصرية القديمة بقبعته الشهيرة، يكاد يكون أكثرهم حضوراً على ساحة الإعلام العالمي، وليس العربي أو المصري فحسب.

يكتب حواس في العديد من كتبه عن السحر المصري القديم، بوصفه علماً، أو فلنقل فناً من فنون المصريين القدماء والحضارة المصرية الغابرة.

ترى هل من رابط بين علوم السحر عند الفراعنة، وبين العالم النجمي، والذي كان متداخلاً مع عالمنا الأرضي وليس منفصلاً عنه، وهو العالم الذي تذهب إليه الأرواح بعد الموت؟

هناك من يفسر طريقة معالجة الكهنة الفراعنة لمرضاهم في المعابد الموجودة في منف القديمة، ومدينة "أون" و"ممفيس"، وبقية عواصم الأسر الفرعونية المختلفة، بأنها كانت تتم عن طريق التواصل مع هذا العالم، من خلال لغة الرمز، حيث يعيد التوازن مرة أخرى إلى منظومة الطاقة لدى الإنسان.

على أن المؤلف المصري محمد أبو رحمه في كتابه "السحر عند الفراعنة"، نجده يعود بنا إلى جذور قصة السحر الفرعوني، وكيف أن المصريين القدماء، قد أتوا بأعمال خارقة من جراء امتلاكهم قوى خارقة للطبيعة، يستطيع من يحوزها أن يفعل ما يعجز العقل عن إدراك أسراره، وتلك القوى الخارقة هي "حكا" أو "حقا" أو الحق هي التي استخدمها الإله الخالق في صنع العالم وكائناته المختلفة.

هنا المعنى أن تلك القوى طبيعية قائمة من حول البشر، وتملأ أرجاء الكون، وما على الإنسان سوى التواصل معها، إن استطاع إلى ذلك سبيلاً، وقد عرف سرها الكهنة المصريون، واقتصر علمهم عليها.

أما السحر الدارج في العصور الوسطى، لا سيما الأوروبية منها، والذي يعرف بالسحر الأسود، فقد كان ممنوعاً يحرمه القانون المصري القديم، ويجرمه، بل إنه كان يحكم على من يمارسه بالإعدام.

مصر بين آلهة السحر وعلمائه

تكتسي قصة السحر في مصر القديمة بأثواب شديدة الغموض، حال علمنا أن السحر كان له أرباب وآلهة في مصر القديمة، ومن ذلك الإله "حكا"، وعادة ما يتم تصويره على جدران المعابد الفرعونية كرجل يرتدي ملابس الملك ولديه لحية مقدسة، ويرتدي التاج الممزوج باللونين الأحمر والأبيض نسبة إلى مصر العليا ومصر السفلى، ويحمل في يده عصا بها ثعبانان متشابكان.

وفي العصور الحديثة من عهود الفراعنة، تم تصويره كطفل بصحبة معبودات أخرى، وهو يرضع من إصبعه السبابة.

على أن المثير أن الإله "حكا" إله السحر عند الفراعنة، لم يكن له في بداية الأسر الفرعونية معابد خاص به، مثله مثل آمون وآتون وغيرهما من آلهة مصر القديمة، إذ انتشرت عبادته في المنازل، ثم تالياً وجد طريقه إلى معبد إسنا في جنوب مصر.

لُقب الإله حكا بالسيد قرين، وامتدت عبادة حكا إلى عصر الدولة البطلمية والعصر الروماني، وقد آمن المصريون القدماء، أن الإله حكا في البداية لم يقصد الشر، لكن عن طريق التلاعب بالكلمات والألفاظ استطاع بعض السحرة استخدامه في الأعمال الشريرة، لذلك تم اعتبار الإله حكا صاحب قوة محايدة، فلا يتم نسب سحره إلى السحر الأسود أو الأبيض.

من بين الآلهة الأخرى المرتبطة بالسحر في حياة المصريين القدماء، يأتي الإله "توتو" وقد كانت مهمته حماية الناس أثناء الليل من أذى الشياطين والأحلام المزعجة، واستخدم سحر الإله توتو لتحصين النفوس من الأرواح الشريرة، وهو ما عرف وقتها بـ"السحر الدفاعي".

ومن بين أشهر الشخصيات التي ألمت بعلم السحر في مصر القديمة "إيمحوتب"، باني هرم زوسر المدرج، وهو أول مهندس معماري في التاريخ، وكذلك أول طبيب، وأحد أشهر المهندسين في مصر القديمة، رفع إلى درجة معبود بعد وفاته، وأصبح إله الطب.

هل يعني ما تقدم أنه لم يكن هناك مجال للسحر الأسود والتعاطي مع الأرواح الشريرة في عالم المصريين القدماء؟

من هم سحرة فرعون وما حقيقتهم؟

لا يمكن الحديث عن السحر والسحرة في مصر القديمة، من غير أن يتوقف القارئ عند سحرة فرعون، وقصتهم الشهيرة مع موسى النبي، والصراع الذي دار بين الجانبين، تلك القصة التي زخرت بها الكتب السماوية من توراة وقرآن.

تختلف الروايات حول التفاصيل، لكن تتفق على المضمون وهو انتصار موسى عليه السلام، على سحرة فرعون.

غير أن القصة تبقى أيضاً مثيرة للجدل، إذ التساؤل القائم: هل كان الأمر واقعياً أو خيالياً؟

قبل الجواب ربما يتوجب علينا العودة إلى ما جاء في بردية "خوفو والسحرة"، وفيها أن ابن خوفو قد جاء بالساحر المدعو "جدي"، الذي كان يعيش في مدينة "جد سنفرو"، ويبلغ من العمر مئة عام.

سأل خوفو الساحر عن حقيقة تمكنه من السحر وقدرته على أن يقطع رأس إنسان، أو أي كائن حي ويعيده مرة أخرى، وطلب منه الملك أن يفعل ذلك أمامه، وبالفعل قام "جدي" بقطع رقبة أوزة، وألقى بالأوزة في جهة ورقبتها في جهة أخرى، ثم أشار إليها فعادت تطير وسط دهشة الحاضرين.

لاحقاً ذهب المفسرون إلى أن ما حدث لم يكن سوى إيهام وسيطرة على العيون والأذهان وأن الأوزة لم تقطع رأسها وإنما خيل للناظرين كذلك.

وفي بعض التفسيرات الحديثة، فإن سحرة فرعون الذين ألقوا عصيهم، كانوا يستخدمون السحر عينه، أو التلاعب بالقدرات البصرية والذهنية، غير أن عصا موسى ابتلعتهم جميعاً، الأمر الذي تفوق فيه عليهم.

وفي كل الأحوال، يبدو الحديث عن عدد هؤلاء السحرة، أمر مختلف عليه، بين الرواة والمحدثين، فعلى سبيل المثال ذكر ابن كثير الدمشقي في كتابه العمدة "البداية والنهاية"، أنهم كانوا ثمانين ألفاً، ومنهم من قال سبعين ألفاً، وروى فريق ثالث أنهم كانوا سبعين رجلاً.

أما عن موقع هؤلاء على الخريطة الجغرافية لمصر، فقد جاؤوا من بلدة تدعى "أنصنا"، واليوم تعرف باسم "الشيخ عباده"، في صعيد مصر، بمحافظة المنيا.

ويقول المؤرخ المقريزي عن بلدة "أنصنا"، إنها تأسست على يد أشمون ابن مصرايم بن بيصر بن حام بن نوح.

لم تتوقف أعمال السحر في مصر القديمة عند الذكور من الكهنة فحسب، بل امتدت كذلك إلى الإناث، ومن بين الأميرات الساحرات وعرافات المعبد اللاتي كن يمارسن السحر أربع اكتسبن سمعة بشكل خاص: "ميليت" و"إنهاري" و"حنت تاوي" و"روي"، وكن يمتلكن معرفة تامة بالسحر والاتصال بالأرواح وبعضهن حمل لقب عرافة المعبد ويروي الباحث في علوم الآثار المصرية محمود الدسوقي، كيف أن بعض النساء في مصر القديمة، كن يمتلكن معرفة تامة بالسحر والاتصال بالأرواح، وفي أعياد المعبود "حتحور"، كان الشباب والفتيات يجتمعون ويتهافتون على الحصول على تمائم الحب التي تحمل صورة المعبودة ويكتب على بعضها اسم الحبيب أو أحجية الحب التي يعدها لهم السحرة أو عرافة المعبد لتحقيق أمنياتهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الرصد ولعنة الفراعنة هل هما من السحر؟

من بين القصص التي تربط بين المصريين القدماء وبين أعمال السحر، قصتان:

الأولى خاصة بما يعرف بـ"الرصد" وهو نوع من التحذير أو الـALARM بلغة عصرنا الحالي، وقد كان الهدف منه هو حماية مقابر القدماء المصريين، ويتخذ تيارات من المياه تغرق من يحاول الاقتراب من مقابرهم، فيما أنواع أخرى كانت تأخذ شكل ثعبان الكوبرا وسيلة لها، بحيث أن من يدنو من ممتلكات المصري القديم، كانت تلك الحيات المتوحشة تفترسه في الحال.

بأي قوة أو قدرة كانت هذه الرموز تلعب دوراً في حماية ممتلكات المصري القديم، وهل كان الأمر ضرباً من ضروب التعاطي مع الأرواح الخفية، أم استنهاض للقوى الكامنة في الأشياء والموجودات من حوله؟

لا أحد يمتلك جواباً شافياً حتى الساعة، ويضاف إلى تلك الإشكالية قضية أخرى ملأت الدنيا ضجيجاً، وتحتاج إلى قراءة قائمة بذاتها، ألا وهي قضية لعنة الفراعنة، والتي تدور من حولها جدالات واسعة، وبعض حوادثها يجد مبررات، فيما البعض الآخر لا يمكن تبريره بالحسابات العقلية، ما يقودنا إلى القطع بأن هناك من سخر قوى غير مرئية لإحداث أفعال لا تدخل في سياق ما هو معروف أو مألوف أو موصوف.

والثابت أنه كانت هناك تعاويذ مثل تعويذة القلب والكف والأفعى والأصبعين، وغيرها لمنع السحر ووضعت نصوص سحرية كثيرة داخل المقابر لحمايتها، أبرزها ما دون على مقبرة توت عنخ أمون، أو التي ارتبطت بحديث لعنة الفراعنة من جراء موت هاورد كارتر مكتشفها بلدغة بعوضة.

وفي الخلاصة، يكاد المرء بعد مطالعة ما تقدم أن يصاب بحيرة أكبر، الأمر الذي يدفعه في طريق تعميق البحث عن علاقة المصريين القدماء بالسحر.

هنا ربما يتحتم القول، إن كلمة سحر في عالمنا المعاصر، ربما باتت قريبة الشبه جداً بأعمال الشعوذة والكهانة، وهو مفهوم بعيد جداً عما عرفه صنّاع حضارة قديمة عريقة لا تزال تحير الألباب، ما يدفعنا للجزم بأن السحر عند المصريين القدماء، كان بمثابة علم مستمد من معارف وكتب علوية وفوقية، بعضها يرجع إلى حضارات بشرية متقدمة، كالقول على سبيل المثال إن المصريين القدماء، هم أحفاد قارة أتلانتيس الغارقة، وأبناء الحضارة المفقودة، لا سيما أن الساحر المصري القديم، كان مثقفاً ثقافة رفيعة المستوى ويمتلك معارف واسعة المدى في العديد من المجالات الأدبية والدينية والفيزيائية والسحرية.

أما المفاجأة التي نختتم بها هذه السطور، فهي عن العلاقة بين أعمال السحر والحياة الأبدية بعد الموت.

بحسب كتاب الدكتور زاهي حواس المعنون "جنون اسمه الفراعنة"، فإن المصرين القدماء احتاطوا لرحلتهم الأبدية بأنواع مختلفة من السحر، فكثيراً ما نرى على جدران المقابر نصوصاً غير مفهومة بالكامل وكلمات لا تعطي معنى مفيداً، وهي بلا شك نصوص سحرية وضعت لهدف معين هو حماية القبر وصاحبه.

هل لا تزال هذه الكلمات لها قوتها؟

ربما تكون قد فقدت طاقتها السحرية بعد أن اندثرت اللغة والكتابة المصرية القديمة، وربما تكون هذه النصوص أيضاً لا تزال بقدراتها السحرية، ما يفيد بأن حديث السحر المصري القديم، هو حديث قائم وممتد في عمق التاريخ الإنساني، وأنه لم يندثر بعد.

المزيد من تحقيقات ومطولات