Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بوتين ليس جاهزا لتداعيات اجتياحه أوكرانيا على بلاده

روسيا تتكبد بالفعل ثمناً باهظاً سيرتفع لا محالة

تتكبد روسيا ثمناً باهظاً سيرتفع حتماً (رويترز)

ملخص

حرب أوكرانيا تقوض قوة روسيا

نجحت الطائرات المسيرة الصغيرة في اختراق الحواجز الأمنية المحيطة بالكرملين، أقدس المواقع السياسية والدينية في روسيا، قبل أن تنفجر في الجو خلال ساعات الصباح الأولى يوم الثالث من مايو (أيار).

وصف الكرملين الغاضب هذه المسيرات بأنها محاولة أوكرانية مدعومة من الغرب لاغتيال الرئيس فلاديمير بوتين. ومن شبه المؤكد أنها لم تكن كذلك، لكنها قدمت دليلاً إضافياً على أن تداعيات حرب الغزو الإمبريالي [التوسعي] الكارثية التي يقودها بوتين تقترب أكثر فأكثر من نواة النفوذ الروسي.

يجب ألا يأخذ أي أحد بكلام الحكومة الروسية لأنها في النهاية، روسيا [المعنية]. ولم يبد أن المسيرات كبيرة أو متطورة بشكل خاص. ومن المرجح أن بوتين، الذي تحول شيئاً فشيئاً على مر السنين إلى نسخة كاريكاتورية عن نفسه أشبه بأشرار أفلام بوند، كان عندها في أحد مجمعاته أو مخابئه أو قصوره وليس قريباً أبداً من المقر الرئاسي الأشبه بالقلعة الذي يشكل مقر السلطة الروسية ومركز الاستقطاب الرئيس للسياح.

لكن من ناحية أخرى، يستبعد عدة مراقبين مخضرمين للشأن الروسي أن تكون المسيرات [ثمرة] عملية كاذبة دبرها أعوان بوتين. لأن هذا الخرق الخطر لأحد أشد المجمعات الحكومية حراسة وأشهرها في العالم مهين.

وقالت محررة الشأن الروسي في "راديو فرانس إنترناسيونال" إلسا فيدال الجمعة في فقرة بثتها محطة فرانس 24 وشاركت فيها "هذا الحدث يؤثر سلباً في الكرملين. فهو يظهر بأن السلطة الروسية غير قادرة على حماية أبجل [أكثرها أهمية وسمواً] الأماكن في البلاد".

بغض النظر عن الجهة التي تقف وراء الهجوم المزعوم، تبدد الفوضى التي حلت بقلب الكرملين نفسه الوهم بأن نخبة القيادة الروسية قادرة على عيش حياتها في مناطق تقتصر على موسكو وسانت بطرسبورغ من دون أن تمسها التداعيات السلبية للحرب.

ولدت هذه الخطوة الاستفزازية يوم الأربعاء رد فعل غاضباً من الكرملين، وتصعيداً محتملاً في الهجمات على الأهداف المدنية في أوكرانيا، لكنها مثال واحد بارز فقط من ضمن سلسلة من الانقسامات والشكاوى التي تبين أثر الحرب المتنامي في روسيا. 

طرحت فيدال إمكانية أن تكون عملية المسيرات عملية جازف بتنفيذها معارضون روس وناشطون مؤيدون لأوكرانيا داخل البلاد لكي يظهروا سهولة اختراقهم عالم بوتين وأعوانه الذي يفترض بأن يكون جيد الحراسة و"لكي يظهروهم بمظهر الحمقى" قبل أقل من أسبوع على احتفالات ومسيرات يوم النصر في التاسع من مايو، لمناسبة ذكرى نهاية الحرب العالمية الثانية.   

قبل حادثة المسيرات بقليل، خرج قطارا شحن عن مسارهما خلال يومين متتاليين في غرب روسيا جراء دوي عبوات متفجرة، في ما يحتمل أنه عمل تخريبي إما نفذته شبكات منشقين معارضين أو عملاء أوكرانيين. ويوم 29 أبريل (نيسان)، استهدفت القوات الأوكرانية مخزناً للنفط في ميناء مدينة سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم المحتلة روسياً، فتصاعدت أعمدة الدخان الأسود في السماء، فوق مقر الأسطول الروسي في البحر الأسود. ويوم السبت، جرح ​​زاخار بريليبين الروسي القومي المتطرف البارز فيما قتل شخص آخر في انفجار عبوة استهدفت سيارته في منطقة نوفغورود شرق موسكو.

وهذه ليست سوى بضع عمليات من بين سلسلة طويلة من الهجمات التي تزداد حدة داخل روسيا وفي الأراضي الأوكرانية الواقعة في القبضة الروسية، وهي تنذر ببداية هجوم الربيع الوشيك، كما أنها تحمل رسالة مفادها أن مسرح المعارك المقبلة لن يقتصر على الأراضي الأوكرانية أو حتى منطقة الحدود الروسية المستخدمة كنقطة انطلاق في الحرب. 

كما تظهر علامات مقلقة على الاضطرابات والتبعثر. يشهد الكرملين منذ قرون انقسامات ومناوشات بين مختلف الجهات الداخلية، لكن آخر المؤامرات داخل القصر أقرب إلى صراع السلطة بين الجنرالين المتحاربين في الخرطوم منها إلى فنون التلاعب السياسي الماهر سواء في عهد السوفيات أو القياصرة في موسكو.  

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي فيديو انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي نجح بتجاوز منصات البث الخاضعة لرقابة مشددة في روسيا، وقف زعيم قوات مرتزقة فاغنر الروس يفغيني بريغوجين، الأسبوع الماضي وسط جثث مقاتليه المدماة والمشوهة في مدينة باخموت الأوكرانية. وفي ذلك المكان، تفوه بكلمات صدمت حتى أقدم خبراء الشأن الروسي، وكال الشتائم لمسؤولين عسكريين كبار سماهم بالاسم واتهمهم بخيانة الشباب الروس الذين يخوضون معركة بوتين عبر الامتناع عن إمدادهم بالذخيرة وغيرها من وسائل الدعم العسكري.

ثم وصل خبر بأن القوات الروسية تخطط للانسحاب من باخموت التي تحارب منذ أشهر للحفاظ عليها- إنما ليس قبل أن تشعل المدينة بأسلحة حارقة محظورة في خطوة انتقامية وحشية ومجرمة.

وكل هذا يدل على الفوضى واليأس والخوف المبرر في أوساط القيادات الروسية العليا فيما تتحضر أوكرانيا لهجوم لمح مطلعون على خبايا الشؤون الأوكرانية وخبراء أنه سيتضمن الكثير من المفاجآت.

وتقول محللة الحرب الأوكرانية جسيكا برلين "سوف تقف القوات الروسية المحبطة أساساً، والتي تقاتل تحت إمرة قيادة قاسية تخضع لتسلسل هرمي قوضته الصراعات الداخلية على السلطة والتقاتل الداخلي وتغيير القيادات، بمواجهة قوات أوكرانية لا مركزية، شديدة الاندفاع وقادرة على التكيف".

تتكبد روسيا أساساً ثمناً باهظاً سيرتفع حتماً. دائماً ما تثير الحروب الاختيارية ردود فعل سلبية وأعمال مقاومة، تتخذ شكل أعمال إرهابية وتخريب أو فوضى سياسية أو اضطراب اجتماعي- وهذا يحدث منذ زمن الإمبراطورية الرومانية. وليست عسكرة المجتمع ومظاهر الخوف البشعة -من الأسلاك الشائكة، إلى أكياس الرمل وصفوف الانتظار الطويلة عند نقاط التفتيش الأمني، وجدران الوقاية من الانفجارات- سوى التركة الحقيقية للحروب الاختيارية التي شنها الغرب.

أما في الولايات المتحدة، فيطلق الجنود السابقون المصابون بصدمات نفسية الرصاص فيقتلون أنفسهم أو أحباءهم. استبدلت دوريات الشرطة التي تجوب المجتمعات المحلية بقوات حفظ الأمن التي تداهم المنازل في لويفيل باستخدام تكتيك مكافحة التمرد نفسه الذي استخدمه الجنود في الفلوجة.  

قال الباحثون المتخصصون بالشأن الروسي إن أحد أسباب غزو بوتين لأوكرانيا هو محاكاة استعراض "القوة العظمى" المزعوم للولايات المتحدة في اجتياحها العراق، لكن كان الأحرى ببوتين أن ينتبه إلى محاذير خطوة كهذه. ففي نهاية المطاف، هذا النوع من الحروب يضعف القوى العظمى.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء