Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الدراجة النارية السائرة على دولابي الفقر والاستقواء في لبنان

شروط السلامة معدومة واستعمالاتها متعددة وبعض راكبيها "الأكثر فوضوية"

تستعمل أحياناً الدراجة النارية في عمليات السلب والترهيب وتظاهرات الشغب (أ ب)

ملخص

راكبو الدراجات النارية في لبنان فقراء وفوضويون وفي محطات سياسية استعملت كأداة ترهيب

تنتشر في لبنان ظاهرة الدراجات النارية أو "الموتو" أو "الموستيك" بلهجة بعض المناطق، بشكل كبير وعشوائي. تجدها مركونة على الأرصفة، وأمام المحال التجارية، ومداخل الأبنية، وأحياناً داخلها، دراجات كبيرة وصغيرة، قديمة أو حديثة وأغلب الأحيان متهالكة. ويعود ذلك لعوامل عدة أهمها الأزمات الاقتصادية التي تعصف بالبلد. ما دفع بالعديد من اللبنانيين نساءً ورجالاً، ولمواجهة أزمة ارتفاع أسعار المحروقات وتعثر قطاع النقل العام، إلى اقتناء دراجات نارية. ويلصق بسائقي تلك الدراجات شتى أنواع التهم، من القيادة المتهورة وعدم مراعاة قوانين السير والتسبب بالحوادث، إلى الازعاج بسبب الأصوات الصادرة عنها، والتي يتباهى بها سائق الدراجة، إلى ارتكاب الجنح والجرائم. وهم "متهمون" أحياناً و"مذنبون" أحياناً أخرى، و"أبرياء" أو "ضحايا" أحياناً كثيرة.

ارتفاع الطلب على الدراجات النارية

بحسب دراسة لـ"الدولية للمعلومات"، (وهي شركة دراسات وأبحاث وإحصاءات علمية لبنانية مستقلّة) صدرت في سبتمبر (أيلول) 2022، استورد لبنان 177 ألف دراجة نارية خلال ست سنوات. يأتي ذلك نتيجة الأزمة المالية التي يمر بها لبنان، التي أدت إلى ارتفاع أسعار المحروقات وتالياً كلفة النقل، عمد الكثير من اللبنانيين إلى شراء الدراجات النارية لاستخدامها في التنقل كبديل عن السيارة. فبعدما شهد عام 2021 استيراد 29102 دراجة نارية، ارتفع العدد إلى 47077 دراجة حتى نهاية يوليو (تموز) 2022، ليصل إجمالي عدد الدراجات التي استوردت خلال الأعوام (2017-2022 حتى نهاية يوليو 2022) إلى 177388 دراجة. أما إجمالي الدراجات المسجلة فيبلغ نحو 289 ألف دراجة. أما غير المسجلة فربما تقترب من هذا العدد، و"لكننا لا نملك رقماً دقيقاً"، بحسب الدراسة. ومن العوامل التي ساعدت على ازدياد أعداد الدراجات النارية، أن الدولة اللبنانية كانت تسمح بدخول الدراجات النارية المستعملة قبل عام 2014، ما دفع باتجاه تدني الأسعار، حيث أصبح بالإمكان الحصول على دراجة بسعر يصل أحياناً إلى 400 دولار أميركي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فوضى وجرائم

رافق الارتفاع على طلب الدراجات النارية، فوضى وجرائم وعمليات سطو مسلحة كان أبطالها سائقي "موتوسيكلات". ومنذ مطلع عام 2020، وبالتزامن مع الأزمة الاقتصادية، ارتفعت نسبة جرائم السرقة والسطو وحوادث السير، وارتفاع في أعداد الوفيات جراء تلك الحوادث. ولبنان لا يزال من البلدان القليلة التي لا تلتزم شروط السلامة العامة، وبخاصة لسائقي الدراجة النارية. ويمكن للمرء أن يرصد المخالفات لمعظم سائقي تلك الدراجات، كعدم ارتداء الخوذة، والسير بعكس الاتجاه، والاستعراضات البهلوانية في الشوارع المكتظة، والسباقات التي تجرى بين راكبي الدراجات، وصدم أبواب السيارات، أو الظهور أمام سائقي السيارات فجأة، من دون مراعاة لأدنى قواعد السير، إضافة إلى عدم حيازة الأوراق الثبوتية، وتجاوز الإشارات الضوئية، وعدم التوقف عند التقاطعات، وغيرها العديد من التجاوزات والمخالفات. ويصف مؤسس جمعية "إليازا" التي تعنى بالسياسة المرورية المحامي زياد عقل، ما يجري على طرقات لبنان، بـ"الفوضى الموصوفة والمبالغة بمخالفات قانون السير". ويقول، "ما نشهده لا ينطبق فقط على الدراجات النارية، إنما كذلك على السيارات والمركبات الكبيرة والحافلات.

الدراجة النارية والمهام المتعددة

مع هذا، تتعدد استعمالات الدراجة النارية، ومع انهيار الوضع الاقتصادي، حلت بدلاً من السيارة كوسيلة للتنقل. وفقط في لبنان وبخاصة بعد النزوح السوري، يمتطي الدراجة المخصصة لراكبين فقط، ثلاثة وأربعة وخمسة وأحياناً ستة أشخاص من عائلة واحدة، معرضين حياتهم وحياة الآخرين للخطر. ويعتبر سائقو الدراجات النارية الأكثر "فوضوية" في معظم المدن والبلدات اللبنانية. كما باتت تلك الدراجة إحدى أدوات السلب، النشل والتعدّي على الناس والممتلكات ليلاً ونهاراً. وإضافة لاستعمالها من قبل عمال "الديليفري"، أيضاً حلت كوسيلة نقل بالأجرة مع ظاهرة "الموتو تاكسي"، حيث تداول ناشطون صورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تقول، "تاكسي وفّر مصاري ووقت - الراكب 3000 ليرة"، وتنشط تلك الدراجة –التاكسي، مع بداية العام الدراسي، حيث تعمل على نقل الطلاب بالأجرة بسعر أقل من كلفة النقل بحافلات المدارس، التي وصلت في بعض المدارس الخاصة بالعاصمة إلى نحو 200 دولار أميركي شهرياً. وعلقت بعض الحسابات على الصورة بالقول إنها "المنفذ الوحيد" لتفادي أزمة انقطاع مادّة البنزين من معظم محطات المحروقات، وتجنب طوابير السيارات التي تتوقف أمام هذه المحطات في انتظار دورها للحصول على بنزين، في مشهد يتكرر بين الفترة والأخرى.

 

المسيرات الحزبية

في السياق، لطالما جالت المسيرات الحزبية والتي تحمل أعلام الأحزاب، وعلى وجه التحديد المسيرات التابعة لـ"حزب الله" وحركة "أمل"، والتي نشطت خلال فترة الاعتصامات التي رافقت تظاهرات 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، حيث كانت تجول مواكب لدراجات نارية ترفع أعلام "الحزب" و"الحركة"، في شوارع العاصمة بيروت ومناطق أخرى في البلاد، لا سيما الجنوب. وكانت تلك المواكب تدخل لتفريق المحتجين، وفي أحياناً كثيرة كان بعض راكبي الدراجات يحملون أسلحة نارية. ونقل شهود عيان حينها أن الجيش اللبناني الذي كان منتشراً على مداخل وسط بيروت، تدخل ومنع دخول أكثر من 200 دراجة نارية لمناصري "حزب الله" و"حركة أمل" إلى ساحة الشهداء وسط بيروت، حيث كان يعتصم آلاف المحتجين ضد الطبقة السياسية وتدهور المعيشة. وشوهد المئات من الأشخاص يحملون أعلام "حزب الله" و"حركة أمل" يجوبون شوارع بيروت ويطلقون شعارات تشتم الحراك المدني. ولـ"حزب الله" و"حركة أمل" تاريخ طويل بالمسيرات عبر الدراجات النارية، ففي خلال أحداث السابع من مايو (أيار) 2018، عندما اجتاح "حزب الله" العاصمة عسكرياً واحتل بعض المراكز ما أدى إلى سقوط عدد من القتلى، قام عناصر "الحزب"، بتسيير مواكب على دراجات نارية في الأحياء السكنية، مطلقين شعارات استفزازية. وقام بعض عناصر "الحزب" بإطلاق الرصاص الحي في عدد من المناطق في بيروت، والبقاع، ما اضطر الجيش للتدخل لتهدئة الوضع. ولا يقتصر استخدام الدراجات النارية على أعمال الشغب وتخويف بقية التيارات السياسية الأخرى، بل يستخدم "الحزب" المسيرات للدعاية السياسية وتجميل صور قادته، مثل ما حدث في شهر أبريل (نيسان) 2019، عندما أطلقت عناصر تابعة للحزب في مختلف القرى والبلدات الجنوبية مسيرات بالدراجات النارية مرددين شعارات وهتافات مؤيدة للأمين العام للحزب حسن نصرالله، بحسب ما نقلت الوكالة الوكالة الوطنية للإعلام، حينها.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير