Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

النساء في الكونغو يتحمّلن وزر وباء الإيبولا

قصص مرعبة ترويها أمهات نجون من الفيروس وفقدن أطفالاً بسببه

عملية تعقيم في الكونغو وعمال من الصليب الأحمر يحملون جثمان طفل قضى بالإيبولا (أ.ب.)

كان لسيليستين كاهيندو يوماً ستة أطفال لم يبقَ سوى نصفهم على قيد الحياة بعد وفاة اثنين بسبب المالاريا وواحد من جراء فيروس الإيبولا. والمزارعة البالغة 42 سنة من العمر ناجية هي الأخرى من هذا الفيروس، وتعيش اليوم في منطقة هي في عين أزمة الإيبولا التي عصفت بجمهورية الكونغو الديمقراطية، ودفعت منظمة الصحة العالمية إلى إعلان "حال طوارئ في مجال الصحة العامة تثير المخاوف الدولية" في هذا البلد الواقع وسط أفريقيا.

تقطن كاهيندو في مدينة بيني الواقعة في الشمال الشرقي لجمهورية الكونغو الديمقراطية التي يصفها الخبراء الميدانيون بأنها "البؤرة الحالية" لتفشي المرض وموقع معظم الإصابات المؤكدة. مرّ عام تقريباً على ابتلاء مدينة بيني بالإيبولا.    

وروت كاهيندو للاندبندنت مصابها، قائلة "بدأ الدم يسيل من جسم ابني، فأخذوه إلى المستشفى لكن لم يكن له علاج. التقطت أنا أيضاً المرض لأنني كنت أعتني به. بدأت بالتقيؤ وأصابني وجع في الرأس وزكام. حزنت كثيراً لكنني سارعت إلى المستشفى، فاستطعت أن أتلقى العلاج في الوقت المناسب".

"تملّكني حزن شديد لأنه كان ابني الوحيد. عندما أتذكر كل تلك الأحداث، أشعر أحياناً بالغليان. يهاجم الإيبولا النساء أكثر من الرجال لأنهن رحيمات أكثر منهم. ففي غالبية الأحيان إذا أصاب المرض الطفل، تكون المرأة من يحضره إلى المستشفى والنساء يقضين الوقت مع الأطفال هنا".  

قالت كاهيندو إن الإيبولا ألحق أضراراً بالتجارة والمكاسب في المنطقة، وشرحت أنّ الناس لا يُقبلون على الشراء بالقدر نفسه بسبب المرض. كما أشارت إلى تعرّض الناجين من الإيبولا مثلها إلى وصمة كبيرة في المجتمع.

وأضافت "يخاف الناس عندما ينظرون إلى من أُصيبوا بالإيبولا مع أنهم نجوا منه. فهم يعتقدون أنني أنقل العدوى إلى الآخرين ولكن هذا ليس صحيحاً. الناس يثرثرون وهذا المجتمع صغير. فعندما يأخذون أحدهم من منزله إلى مركز علاج الإيبولا، حيث يمكث ثلاثة أسابيع، لا يخفى المكان الذي ذهب إليه عن أحد".

في هذه الأثناء، أعلنت منظمة الصحة العالمية يوم الأربعاء حال طوارئ صحية عامة في جمهورية الكونغو الديمقراطية بسبب وباء الإيبولا، وناشد المدير العام للمنظمة المجتمع الدولي المساعدة في توفير التمويل اللازم.

وقال الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس إن منظمة الصحة العالمية تعمل حالياً على خطة جديدة بغية السيطرة على الوباء، تصل كلفة تنفيذها إلى "مئات الملايين" من الدولارات.

 وقدّرت كيلي راين، المتحدثة باسم برنامج الاستجابة للإيبولا في لجنة الإنقاذ الدولية، من جهتها، حصيلة الوفيات الأخيرة من جراء المرض في جمهورية الكونغو الديمقراطية بـ1698 شخصاً. ولفتت إلى أن حوالى 12 حالة جديدة تُعلن كل يوم، فيما وصل عدد الإصابات المؤكدة والمحتملة إلى 2522 حالة.

ثم قالت إن النساء يحملن الوزر الأكبر من هذه الأزمة في البلاد، وإنهن يتعرضن للإصابة بشكل أكبر من الرجال لأنهن "الراعي الأساسي" للأطفال والمرضى والمسنّين، فيتعرضن للفيروس أكثر من غيرهن.

وأضافت راين "إن عدم المساواة بين الجنسين هي أحد العوامل المؤدية إلى هذا الموضوع. وتشكل النساء نسبة 60 في المئة على أقل تقدير من حالات الإصابة المؤكدة أو المحتملة. يضاف إلى هذا أنّ عناية المرأة بالمنزل تفرض عليها الخروج المتكرر لجلب الماء بسبب زيادة وتيرة غسل اليدين وتنظيف المنزل. وتصبح بالتالي أكثر عرضةً لأحداث العنف الجنسي لأنها تتنقل وحدها بشكل أكبر".  

وفي معرض كلامها، أوضحت راين أن "الوصمة تلاحق الناجين من الإيبولا الذين يتعرضون للتمييز من جانب أبناء مجتمعهم وحتى عائلاتهم أحياناً، إذ قد يعتقد جيرانهم أنهم ما زالوا معديين أو موبوئين، فلا يقتربون منهم ولا يدعون أطفالهم يلعبون مع أطفال الناجين من المرض. حتى إن الزوج ممكن أن يشك في احتمال نقل زوجته العدوى له. وتوفر لجنة الإنقاذ الدولية الدعم النفسي والاجتماعي للناجين لمساعدتهم في التعاطي مع مشاعر الإقصاء". 

وقالت راين إن الوضع الأمني الهشّ يفاقم مصاعب عملها وعمل زملائها وغيرهم من الموظفين في مجال جبه أزمة الإيبولا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضافت "تفرض علينا هجمات الجماعات المسلّحة أحياناً أن نعلّق العمل ببرامجنا لضمان أمن وسلامة موظفينا. إن الإيبولا مرض بالغ التعقيد وينتشر في منطقة ومجتمع عانيا طوال عقود من عنف الجماعات المسلحة. لذلك، من السهل جداً أن نتفهم شكّ المجتمع المحلي ببرامج الاستجابة وعدم ثقتهم بها. فالإيبولا مرض جديد بالنسبة إليهم ولا يستطيعون أن يستوعبوا زيادة نسبة الإصابة به بعد مرور عام على بدء تفشيه. فتسري الإشاعات التي تتهم العاملين في المجال الصحي بأنهم ينتفعون من تفشي الوباء أو حتى إنهم المسؤولون عن جلب الإيبولا إلى المنطقة".

منذ شهر يناير (كانون الثاني) تعرضت برامج الاستجابة إلى 198 هجوماً أودى بحياة 7 أشخاص وأسفر عن إصابة 58 شخصاً من العاملين في المجال الصحي والمرضى، كما أُحرقت العيادات والمراكز الطبية.

وكانت الموجة الحالية من الوباء بدأت في الجزء الشرقي من جمهورية الكونغو الديمقراطية عام 2018 وهي المرة العاشرة التي يتفشى فيها المرض في البلاد منذ اكتشاف الفيروس للمرة الأولى عام 1976. كما أنها ثاني أكبر موجة لتفشي الإيبولا بعد انتشاره في غرب أفريقيا، حيث وصل عدد الإصابات إلى 28616 إصابة وعدد الوفيات إلى 11310 في غينيا وليبيريا وسييراليون بين عامَيْ 2014 و2016. 

وتفاقمت الأزمة إلى مستوى خطير مع تأكيد إصابة أحد الأشخاص بالمرض في مدينة غوما الشرقية في بداية الأسبوع. فالمدينة التي يسكنها مليونا شخص تشكّل شرياناً أساسياً لحركة النقل على الحدود مع رواندا وتتفرّع منها روابط نقل نحو المنطقة الحدودية.   

وكانت كاسويرا فلورين البالغة 45 سنة من العمر أماً لستّة أطفال فقدت اثنان منهم، بعد وفاة أحدهما بسبب المالاريا والآخر بسبب الإيبولا، وهي من بين أول المصابين بالإيبولا من مدينة مانغينا في مقاطعة كيفو الشمالية.

وقالت "ذهبت إلى المستشفى لإصابتي بالمالاريا ثم أُصبت بعدوى الإيبولا من الممرضات اللواتي تولّين رعايتي. ذُعرت لأنني لاحظت أن الكثيرين يموتون بسبب الإيبولا. كنت أعرف أن التعافي من المرض أمر نادر وبقيت ثلاثة أسابيع في غيبوبة. عندما استيقظت منها كنت لا أزال مريضة، لكن الآخرين ظنوا أنني فارقت الحياة فاضطُررت إلى الخروج والتحدث مع الناس لأبرهن لهم أنني ما زلت حية أُرزق".

أما كافيرا دوسانج التي تبلغ 57 سنة من العمر، فكانت أماً لثمانية أطفال بقي منهم ستة على قيد الحياة بعد وفاة أحدهم تسمماً حين كان في السابعة من العمر، ووفاة الثاني بسبب أوجاع في المعدة وأمراض متفرقة.  

وأصيبت دوسانج بالعدوى فيما كانت تعتني بكنّتها التي توفيت بالإيبولا. وقالت "توفيت بعد ثلاثة أيام على مرضها. كان لكنّتي طفلة ولكنها لم تُصب بالعدوى لأن أمها رفضت العناية بها. وبعد انتهاء مراسم الدفن، عدت إلى بيني وتوجهت إلى منزلي ولكن عوارض المرض بدأت تظهر عليّ. أُصبت بالزكام والسعال والإنفلونزا. وبعد عدد من الأيام أُصبت بالإسهال". 

ذهبت بعدها دوسانج إلى المستشفى، حيث حاولوا أن يودعوها مركز علاج الإيبولا ولكنها خافت فعادت إلى منزلها. لكن مع وصولها إلى المنزل، اشتدت عوارض المرض فأتى العاملون في المستشفى لاصطحابها إلى المركز، حيث أعطوها العلاج.

وأضافت "كنت مزارعة قبل إصابتي بالمرض ولكنني أعمل الآن في رعاية المصابين بالإيبولا لأنني اكتسبت مناعة من المرض".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات