Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"تأجيج العنصرية"... سلاح ترمب نحو الولاية الرئاسية الثانية

الرئيس الأميركي يثير الجدل مجدداً بعد انتقاده نائباً أسود... ومراقبون يربطون الأمر بأجندته الانتخابية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

يوماً بعد يومٍ يواصل الرئيس الأميركي دونالد ترمب انتقاداته التي يصفها خصومه ووسائل الإعلام بـ"العنصريَّة"، وذلك بالتزامن مع زخم الأجواء الانتخابيَّة التي تعيشها الولايات المتحدة بين الديموقراطيين والجمهوريين، المقررة في 2020.

وخلال الساعات الأخيرة، واجه ترمب اتهامات جديدة بالعنصريَّة، بعدما هاجم بشدة نائباً من الأميركيين الأفارقة عن (بالتيمور)، واصفاً دائرته بأنها "مثيرةٌ للاشمئزاز وموبوءة بالجرذان". وذلك بعد أقل من أسبوعين على دعوته أربع نائبات ديموقراطيات من الأقليات إلى "العودة من حيث أتين"، ليثير بذلك موجة تنديد جديدة في الولايات المتحدة.

عنصريَّة جديدة
يأتي هجوم الرئيس الأميركي بعدما انتقد النائب الديموقراطي عن ماريلاند إيلايجا كامينغز ظروف اعتقال القاصرين من طالبي اللجوء على الحدود الجنوبية مع المكسيك، إذ ندد ترمب بتصريحاته، معتبراً أن "دائرته بالتيمور أسوأ بكثير وأخطر بكثير".

وكتب ترمب على "تويتر"، "لا يودّ أي إنسان العيش فيها"، مضيفاً "دائرة كامينغز هي فوضى مثيرة للاشمئزاز، موبوءة بالجرذان والقوارض. لو أنه يمضي المزيد من الوقت في بالتيمور، لكان بمقدوره ربما المساعدة على تنظيف هذا المكان الشديد الخطورة والقذارة".

وكان كامينغز، 68 عاماً، وهو من أبرز أعضاء مجلس النواب، إذ يشغل مقعداً منذ 1996، انتقد الأسبوع الماضي وزير الأمن الداخلي بالوكالة كيفن ماكالينان، واتهمه بأنه لا يفصح عن حقيقة وضع القاصرين المحتجزين في مراكز على الحدود مع المكسيك.

وردَّ كامينغز على ترمب في "تغريدة" كتب فيها "إنني أعود إلى دائرتي كل يوم. وفي كل صباح أنهض وأكافح مع جيراني. من واجباتي الدستورية أن أشرف على السلطة التنفيذية. لكنه من واجبي المعنوي أن أخوض معارك من أجل ناخبيّ".

وتغطي دائرة كامينغز قسماً كبيراً من مدينة بالتيمور الصناعيَّة، البالغ عدد سكانها 620 ألف نسمة، معظمهم من السود.

وتواجه المدينة الواقعة على الساحل الشرقي للولايات المتحدة مشكلات اجتماعيَّة متفاقمة مع انتشار المخدرات والجريمة، وتعد من المدن الأميركية الأكثر عنفاً، إذ تسجّل معدلاً يفوق 300 جريمة قتل في السنة منذ 2015.

موجة انتقادات جديدة
وعلى وقع تغريدات ترمب "العنصرية"، ردَّت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي المولودة في بالتيمور، منددة بما سمَّته "الهجمات العنصرية" تجاه كامينغز "المدافع الكبير في الكونغرس وفي البلاد عن الحقوق المدنيَّة والعدالة الاقتصاديَّة".

كما كتب نائب الرئيس السابق والمرشح لتمثيل الديموقراطيين في السباق إلى البيت الأبيض جو بايدن على "تويتر" موجهاً حديثه مباشرة إلى ترمب "من المشين أن تهاجمه وتهاجم سكان بالتيمور بهذه الطريقة".

وأضاف "أثبتّ مرة جديدة أنك غير أهل لمهام الرئاسة. على الرئيس أن يرفع شأن البلاد ولا يحقّرها".

 

كما وصفت السناتورة الديموقراطيّة كامالا هاريس، هجوم ترمب على كامينغز بـ"المعيب"، مؤكدة أنها "فخورة" بأن يكون مقر عام حملتها في بالتيمور.

من جانبها، كتبت صحيفة "بالتيمور صن" في مقالٍ رداً على ترمب "من الأفضل أن يكون لدينا بعض الجرذان، بدلاً من أن نكون جرذاً".

وقال رئيس بلدية بالتيمور الديموقراطي برنارد يانغ، إن هجمات الرئيس "خطيرة ومؤذية".

وصرح يانغ للصحافيين "كان الهجوم مهيناً تماماً"، مضيفاً "لن نسمح لأحد بالإساءة إلى سمعة مدينة بالتيمور وفريقها الحاكم الفعَّال".

لكن ترمب كرر هجماته في تغريدة جديدة مساء أمس السبت، وكتب "إيلايجا كامينغز يمضي وقته بالإساءة إلى أشخاصٍ أبرياء"، في إشارة واضحة إلى انتقادات كامينغز عناصر شرطة الحدود.

وتابع أن النائب "لا يفعل شيئاً لدائرته الفقيرة جداً والخطيرة جداً التي تتم إدارتها بشكل سيئ!".

وكان ترمب أثار ضجة منتصف يوليو (تموز) الحالي، بعد تغريدات عنيفة بحق أربع نائبات ديموقراطيات ينحدرن من أقليات، ونصحهن بـ"العودة إلى بلادهن"، في حين أن ثلاثاً منهن ولدن بالولايات المتحدة.

وكان مجلس النواب ذات الغالبية الديموقراطية تبنَّى مذكرة تدين "بشدة التعليقات العنصريَّة" للرئيس.

كما أثارت تغريدات ترمب استياء قادة أجانب، كالمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ورئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي، وحتى داخل معسكره الجمهوري.

وقال ترمب إن "هذه التغريدات ليست عنصرية. وإنه ليس بعنصري!" قبل أن يردد مناصروه خلال تجمع انتخابي "اطردوها!" في إشارة إلى إلهان عمر ابنة لاجئ صومالي اُنتخبت نائبة في الكونغرس عام 2018.

العنصريَّة والولاية الثانية لترمب
مع اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي الرئاسي في الولايات المتحدة، التي يعتزم الرئيس ترمب خوضها أملاً في الحصول على ولاية ثانية من أربع سنوات، اعتبر خبراء وتقارير صحافيَّة، أن "مضي ترمب في انتقاداته العنصريَّة لبعض الأقليات، فضلاً عن تشدده في ملف الهجرة، يهدف منه بطريقة أو بأخرى إلى دعم موقفه الانتخابي وحشد قواعده التصويتية من البيض".

ووفق ما ذكرته صحيفة "الغارديان" البريطانية، في افتتاحية لها، فإن "تعصُّب الرئيس الأميركي وعنصريته لهما هدفٌ سياسيٌّ هو إبعاد نظر الرأي العام عن فشله، وإلهاب عاطفة قاعدته الانتخابية، وبأنه لا يهتم بالضرر الذي قد يحصل نتيجة لهذا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقالت الصحيفة، إن "ترمب يريد إرجاع عقارب الساعة إلى نصف قرن عندما كان القادة المنتخبون يتحدثون بلغة المتفوقين العنصريين البيض"، مشيرة إلى أنه وبعد أن "تمكَّنت الولايات المتحدة من انتخاب أول رئيس أسود لها (باراك أوباما في الفترة ما بين 2008 - 2016)، جاء ترمب وأعاد تشكيل الحزب الجمهوري مستبعداً ومكمماً أي شخص تحداه، ولم يعد الأمر متعلقاً بقدرة الحزب على التعامل مع عنصريَّة الرئيس بل وتواطؤ قادته معها".

من جانبها، وحسب صحيفة "واشنطن بوست"، فإن ترمب الذي فاز في انتخابات 2016، يواصل نشر الكراهية والعداء تجاه خصومه وتصويرهم على أنهم أعداء للولايات المتحدة، موضحةً أنه يستغل ذلك الأمر في حملته الانتخابية نحو الولاية الثانية.

وقالت الصحيفة، إن "الرئيس يلجأ إلى كثير من الادعاءات غير الصحيحة ضد خصومه، للتأثير في قاعدته الانتخابية، تماماً مثلما فعل مع تشويه صورة الرئيس السابق باراك أوباما، الذي صدّر عنه أنه مسلم في الخفاء، ولم يولد في الولايات المتحدة من الأساس".

تاريخ عنصرية الرؤساء
لم يكن استخدام العنصرية في الحملات الانتخابية في الولايات المتحدة جديداً، فخلال السنوات والعقود الماضية، وحسب ما نقلت شبكة "سي إن إن"، لجأ كثيرٌ من الرؤساء والمرشحين لخوض الانتخابات الرئاسية إلى الطريقة ذاتها.

ووفق تقرير لـ"سي إن إن"، حكم الولايات المتحدة كثيرٌ من الرؤساء العنصريين، على سبيل المثال رفض وودرو ويلسون (الرئيس الثامن والعشرون، حَكَمَ في الفترة ما بين 1913 - 1921) عملية إعادة الإعمار بعد الحرب خوفاً من هيمنة العرق الجاهل والأدنى على البلاد، كما أنه عارض منح السود حق التصويت، وأرجع ذلك إلى أنهم يشكّلون تهديداً على المجتمع.

ووقع كالفين كوليدج، (الرئيس الثلاثون للولايات المتحدة، حَكَمَ في الفترة ما بين 1923 - 1929) مشروع قانون للهجرة يهدف إلى تجنّب الخطر الأصفر، أي الآسيويين، إضافة إلى منع الأفارقة والعرب من دخول البلاد، وشدد في عام 1923 على إبقاء "أميركا أميركية".

كما أصدر فرانكلين روزفلت (الرئيس الثاني والثلاثون للبلاد، حَكَم في الفترة ما بين 1933 - 1945) أمراً تنفيذياً أدى إلى النقل القسري لـ117 ألف ياباني أميركي من الساحل الغربي إلى معسكرات الاعتقال بعد قصف بيرل هاربر.

ودافع مؤيدوه عن هذا الأمر، مُشيرين إلى أن بلادهم تعرَّضت للقصف من قبل اليابانيين، وكانوا في حالة حرب.

يقول المؤرخ الكندي تيموثي نفتالي، "إنه وبعكس عنصرية الرؤساء السابقين للولايات المتحدة، يعبر ترمب عن عنصريته بطريقة واضحة وصريحة، وهو ما تجلَّى في تصريحاته المستمرة ضد الأقليات وتعاطيه مع ملف المهاجرين غير الشرعيين، فضلاً عن إصراره على بناء جدار عازل بين بلاده والمكسيك".

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات