Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيشيدا يبدأ جولته الأفريقية بإعلان "الشراكة الإستراتيجية" مع القاهرة

الأزمة السودانية والاستثمار في مصر يهيمنان على محادثات السيسي ورئيس وزراء اليابان

ملخص

ترى طوكيو مصر وغانا وكينيا وموزمبيق من الدول المؤثرة بشكل متزايد ضمن ما يعرف بالجنوب العالمي

في أولى محطات جولته الأفريقية الساعية إلى تأكيد روابط طوكيو مع الجنوب العالمي ومواجهة التصرفات الصينية الرامية بشكل متزايد إلى الهيمنة، اتفق رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على رفع مستوى العلاقات بين البلدين إلى "الشراكة الإستراتيجية" بعد محادثات خيمت عليها تطورات الأزمة السودانية.

وصل كيشيدا إلى القاهرة مساء أمس السبت في زيارة تستمر ثلاثة أيام ضمن جولة أفريقية تشمل إضافة إلى مصر كلاً من غانا وكينيا وموزمبيق قبل أن يحط في سنغافورة خلال رحلة العودة، وذلك ضمن جهود يابانية لبناء الزخم نحو اجتماع قمة مجموعة السبع في هيروشيما الشهر المقبل.

تعد رحلة كيشيدا الأفريقية التي تستمر لسبعة أيام، الأولى إلى القارة السمراء منذ توليه منصبه في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، إذ يحرص خلالها رئيس الوزراء الياباني على تأكيد روابط اليابان مع الجنوب العالمي، خصوصاً في مجالات مثل الغذاء والطاقة، كما يخطط لتأكيد عزمه على الحفاظ على النظام الدولي، في ضوء الحرب الروسية - الأوكرانية والتصرفات الصينية الرامية بشكل متزايد إلى الهيمنة، وفق ما نقلت هيئة الإذاعة اليابانية.

الأزمة السودانية والاستثمار في مصر

وتركزت المحادثات التي جمعت بين كيشيدا والسيسي اليوم الأحد، وفق ما أعلنت الرئاسة المصرية، على قضايا إقليمية ودولية عدة وكذلك العلاقات الثنائية بين البلدين، لا سيما العلاقات الاقتصادية.

وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية أحمد فهمي إن مباحثات القمة المصرية- اليابانية شهدت الاتفاق على "ترفيع العلاقات بين مصر واليابان إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية" كتتويج لمسيرة ممتدة من العلاقات التاريخية المتجددة بين البلدين.

وأضاف فهمي أن الجانبين بحثا "سبل تعزيز التعاون الثنائي المشترك، بخاصة في مجالات الاستثمار والتجارة والتعليم والصحة وتكنولوجيا المعلومات والنقل والطاقة المتجددة، وكذلك المتحف المصري الكبير الذي يعد علامة بارزة على التعاون التنموي المثمر بين الدولتين".

وأشار إلى أن المحادثات تطرقت إلى الجهود الجارية لصون وترسيخ السلم والأمن على المستوى الدولي، إذ جرى تبادل لوجهات النظر حول مواضيع عدة من بينها الأزمة الروسية - الأوكرانية وجهود منع انتشار الأسلحة النووية وتعزيز العمل الدبلوماسي متعدد الأطراف وإصلاح منظومة الأمم المتحدة ومجلس الأمن. كما تم تناول تطورات عدد من القضايا الإقليمية، لا سيما القضية الفلسطينية وسد النهضة الإثيوبي.

وفي ما يتعلق بالسودان، بحسب فهمي، اتفق الجانبان على ضرورة تحقيق وقف إطلاق النار وتثبيته ودفع جهود الحوار السياسي واستكمال المرحلة الانتقالية، وثمن كيشيدا المساعدة التي قدمتها مصر لإجلاء الرعايا اليابانيين من السودان.

 

 

وفي أعقاب المحادثات الثنائية عقد السيسي وكيشيدا مؤتمراً صحافياً، أكد خلاله الرئيس المصري موقف بلاده الرافض لتدخل أي طرف خارجي في الصراع الدائر بالسودان باعتباره شأناً سودانياً خالصاً، داعياً إلى ضرورة الوقف الفوري والدائم والشامل لإطلاق النار هناك.

وقال السيسي "كانت النقاشات إيجابية وبناءة حيث استعرضنا ما تشهده الساحة الدولية اليوم من تحديات وبشكل خاص ما خلفته الأزمة الأوكرانية من تبعات اقتصادية هائلة على الدول النامية فاقت ما أحدثته جائحة كورونا".

وأضاف "تباحثت كذلك مع ضيفي الكريم في شأن عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، لا سيما القضية الفلسطينية والأوضاع في ليبيا، واحتلت التطورات في السودان جانباً مهماً من المباحثات".

ولفت السيسي إلى أنه ناقش مع رئيس الوزراء الياباني "الإصلاحات الاقتصادية والتشريعية والهيكلية التي تم إقرارها في إطار تحفيز بيئة الأعمال وتحسين مناخ الاستثمار في البلاد على مدى الأعوام الماضية"، داعياً طوكيو إلى حث الشركات اليابانية على ضخ مزيد من الاستثمارات في مصر.

وأسهمت اليابان على مدى العقود الماضية في تمويل ودعم مشاريع ضخمة في مجالات البنية التحتية والطاقة والتعليم في مصر.

من جانبه قال كيشيدا إن مصر تلعب دوراً مهماً في ضمان الأمن والاستقرار وخفض التوتر بمنطقة الشرق الأوسط وقارة أفريقيا، موضحاً أنه اتفق على "تنسيق وثيق مع القاهرة التي تربطها علاقات وطيدة مع السودان من أجل عودة الاستقرار بأسرع ما يمكن واستئناف عملية نقل السلطة إلى المدنيين".

وأشار إلى أن الاضطرابات في السودان المطل على البحر الأحمر، أحد أهم الشرايين اللوجستية للحركة البحرية، ربما تؤثر في اليابان والاقتصاد العالمي.

وأضاف أن بلاده تنوي الإسهام في معالجة الوضع من خلال استضافتها قمة مجموعة الدول السبع وبصفتها عضواً في مجلس الأمن الدولي مع تقديم مساعدات إنسانية عاجلة للاجئين والنازحين في الدول المجاورة.

وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط استقبل صباح اليوم كيشيدا في مقر الأمانة العامة وبحث الجانبان مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك على الساحة الدولية وفي مقدمتها الوضع الإنساني المتدهور في السودان.

كذلك التقى رئيس الوزراء الياباني المندوبين الدائمين لدى جامعة الدول العربية وألقى كلمة أعرب فيها عن تثمين طوكيو لعلاقات التعاون مع الجامعة العربية ودولها الأعضاء في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

العلاقات مع جنوب العالم

تأتي جولة كيشيدا الأفريقية الأولى قبل نحو ثلاثة أسابيع من قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى المقررة في هيروشيما الشهر المقبل، في إطار جهود اليابان لبناء الزخم نحو ذلك الاجتماع، ولتأكيد روابط اليابان مع جنوب العالم، خصوصاً في مجالات مثل الغذاء والطاقة، ولتأكيد الحفاظ على النظام الدولي في ضوء الحرب الروسية - الأوكرانية والتصرفات الصينية الرامية بشكل متزايد إلى الهيمنة، وفق هيئة الإذاعة اليابانية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وترى طوكيو مصر وغانا وكينيا وموزمبيق من الدول المؤثرة بشكل متزايد ضمن ما يعرف بالجنوب العالمي، وأن كثيراً من تلك الدول اتخذت موقفاً محايداً حيال الصراع في أوكرانيا ونأت بنفسها عن الدول الصناعية في قضايا من بينها التغير المناخي.

ونقلت وكالة الأنباء اليابانية (كيودو) عن كبير أمناء مجلس الوزراء هيروكازو ماتسونو، المتحدث باسم الحكومة، قوله في تصريحات سابقة إن تأكيد التعاون مع الدول الأفريقية الكبرى لمعالجة القضايا العالمية "أمر مهم" بالنسبة إلى اليابان التي تتولى رئاسة مجموعة الدول السبع لهذا العام، مضيفاً أن طوكيو تعير التعاون مع الدول الأفريقية الكبرى اهتماماً بالغاً لمواجهة القضايا الدولية.

وذكرت الوكالة أنه مع اقتراب قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، أعرب كيشيدا عن رغبته في تعزيز العلاقات مع "الجنوب العالمي"، وهو مصطلح يشير بشكل جماعي إلى الدول النامية جنوب خط الاستواء.

مواجهة النفوذ الصيني

كذلك تسعى اليابان إلى زيادة استثماراتها في أفريقيا لمواجهة الحضور الصيني عبر الدفع بمشروع الممر الآسيوي الأفريقي والترويج للنموذج التنموي الياباني في القارة، للاستفادة من الزخم التصويتي الأفريقي في المحافل الدولية وحماية الممرات والمضايق المائية الإستراتيجية في ضوء تسارع المتغيرات الدولية المتسارعة، وفق "كيودو".

لكن وسط المتغيرات الدولية المتسارعة وتعاظم النفوذ الصيني والتنافس المحموم من جانب الدول الكبرى على تعظيم نفوذها بالقارة السمراء في ظل التداعيات الجيواستراتيجية للحرب الروسية- الأوكرانية، تتباين آراء المراقبين حول قدرة اليابان على زيادة تأثيرها في أفريقيا ولعب دور فاعل في أزماتها.

أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة نورهان الشيخ قالت "ليس لليابان بصفة عامة دور ملموس في أفريقيا وتحركاتها بالقارة السمراء تأتي في الأساس تحت المظلة الأميركية".

وأضافت لـ"اندبندنت عربية" أنه في ظل التنافس التقليدي بين طوكيو وبكين، يمكن القول إن اليابان بقدراتها الحالية لن تستطيع منافسة الصين التي تجاوزتها تكنولوجياً وسياسياً واقتصادياً.

وأشارت إلى أن جولة كيشيدا الأفريقية تأتي في الأساس كـ"محاولة لإنعاش الاقتصاد الياباني وإحياء بعض العلاقات مع عدد من الدول التي كانت قريبة في وقت ما من اليابان، فضلاً عن محاولة إيجاد دور ما وإعادة صياغة السياسة اليابانية في ما يتعلق بالأسواق الخارجية".

وأوضحت الشيخ أن نجاح المحاولات اليابانية يتوقف على ما يمكن أن تقدمه طوكيو إلى القارة السمراء، إذ تمتلك اليابان برنامج مساعدات، مضيفة "تقبع الإشكالية هنا كذلك في أن برنامج المساعدات والقروض اليابانية بالنسبة إلى أفريقيا محدود مقارنة بحجم المساعدات والقروض التي تقدمها الصين، وكذلك حجم التبادلات التجارية بين طوكيو والقارة السمراء مقارنة بالصين"، مستدركة "لذلك لا أعتقد أن بإمكان اليابان تقديم الكثير إلى الدول الأفريقية".

 

 

وقالت "على الجانب المقابل، من المهم أن تمضي الدول الأفريقية في تنويع علاقاتها الخارجية"، معتبرة أن "مدى الإقبال الأفريقي على اليابان كشريك يتوقف على ما يمكن أن تقدمه الأخيرة لدوله".

في المقابل وبحسب دراسة لأستاذ العلوم السياسية بمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة حمدي عبدالرحمن، تكمن أهداف اليابان من توجهها الناعم نحو أفريقيا في عدد من النقاط أبرزها الحجم التصويتي لدول القارة في الأمم المتحدة واللحاق بالفاعلين الآسيويين والغربيين الآخرين في السوق الأفريقية، فضلاً عن محاولة دمج أفريقيا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة والتحول إلى سياسة الاستثمار الخاص.

والعام الماضي أعلنت اليابان عن تخصيص 30 مليار دولار لمشاريع تنموية في القارة الأفريقية خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، إضافة إلى تقديم 130 مليون دولار لمشاريع الأمن الغذائي ومساعدات غذائية قدرها 300 مليون دولار بالتعاون مع البنك الأفريقي للتنمية.

إلى جانب ذلك أعلنت طوكيو عزمها على تقديم قروض بقيمة 5 مليارات دولار بالشراكة مع البنك الأفريقي للتنمية لتمويل التنمية المستدامة والإصلاح المالي في القارة، كما خصصت 4 مليارات دولار لمشاريع النمو والاقتصاد الأخضر والقضاء على التلوث الكربوني وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء.

وجاءت تلك التعهدات خلال النسخة الثامنة من مؤتمر طوكيو الدولي حول التنمية الأفريقية (تيكاد) الذي عقد في تونس في أغسطس (آب) الماضي.

وعلى رغم الاستثمارات والتعهدات، فإن طوكيو متأخرة عن جهود القوى الدولية الكبرى في القارة وعلى رأسها الصين، منافستها الإستراتيجية الأساسية.

ووفقاً لبيانات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية تجاوزت حصة الصين من الصادرات والواردات الأفريقية 20 في المئة عام 2019، بينما كانت حصة اليابان أقل من ثلاثة في المائة.

علاوة على ذلك استثمرت مبادرة "الحزام والطريق" الصينية أكثر من 140 مليار دولار في مشاريع البنية التحتية الأفريقية منذ عام 2013، في حين تقدر تعهدات والتزامات اليابان الأخيرة مجتمعة بـ3 مليارات دولار.

كذلك تعد الصين من أكبر الشركاء التجاريين للقارة الأفريقية، إذ تمكنت بكين من تقوية علاقاتها الاقتصادية مع عواصم أفريقية عدة عبر قنوات وأطر تعاون بينها منتدى التعاون الصيني- الأفريقي الذي أنشئ بمبادرة من بكين عام 2000، ومجلس الأعمال الصيني- الأفريقي الذي أسس في نوفمبر (تشرين الثاني) 2004 بغرض دعم استثمارات القطاع الخاص الصيني في عدد من الدول الأفريقية.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات