ملخص
العقوبات المفروضة على روسيا ساعدت شركات النفط الأميركية في زيادة أرباحها بما بين 10 و15 في المئة العام الماضي
طغت شركات الطاقة والمؤسسات المالية على موسم إفصاح الشركات عن أدائها المالي للربع الأول من هذا العام، على رغم أزمة انهيارات البنوك واستمرار الحديث عن أزمة أسعار الطاقة. وجاءت في المقدمة شركات الطاقة الأميركية الكبرى التي أعلنت نهاية الأسبوع عن نتائج قوية، على رغم انخفاض أسعار النفط والغاز.
ووصفت وكالة "بلومبيرغ" العائدات والأرباح الضخمة التي أعلنتها شركتا "شيفرون" و"إكسون موبيل" الأميركيتان بأنها "تزدهر وكأن النفط بلغ 145 دولاراً"، وهو أعلى مستوى وصلت إليه أسعار النفط في عام 2008. وتعني الأرباح الطائلة إغداق شركات الطاقة الكبرى "على المستثمرين توزيعات أرباح سخية". وأضافت الوكالة في تقرير لها "تعني التدفقات النقدية الوفيرة أنه ليس لدى المساهمين سبب للقلق في شأن سلامة توزيعات الأرباح، حتى لو بلغت أسعار النفط 78 دولاراً".
تأتي النتائج القوية لشركات الطاقة الأميركية على رغم انخفاض أسعار النفط التي تدور حول متوسط 80 دولاراً للبرميل. وكانت الشركات الخمس الكبرى للطاقة في الغرب وهي "شيفرون" و"إكسون موبيل" و"شل" و"بي بي" و"توتال إنرجيز" قد حققت أرباحاً سنوية العام الماضي تقارب 200 مليار دولار، وذلك نتيجة مبيعات في عام 2022 فاقت تريليون دولار للشركات الأربع الكبرى.
يعود ذلك في قدر كبير منه إلى العقوبات المفروضة على روسيا، بخاصة حظر الدول الأوروبية استيراد النفط والغاز الطبيعي الروسي، وهو ما زاد مبيعات شركات الطاقة الأميركية لأوروبا بما بين 10 و15 في المئة العام الماضي، كما أن سياسات تحالف "أوبك+" للحفاظ على توازن السوق التي تضمنت خفض الإنتاج مرتين أدت إلى زيادة عائدات وأرباح شركات الطاقة الكبرى، والأميركية منها بخاصة.
فوائض نقدية كبيرة
من المتوقع أن تعلن شركات طاقة كبرى أخرى عن بياناتها المالية للربع الأول الأسبوع المقبل، وتقدر الأسواق أيضاً أن تكون نتائجها قوية، إذ تعلن "بريتيش بتروليوم" "بي بي" إفصاحها للسوق الثلاثاء، وتعلن "شل" عن بياناتها الخميس المقبل. وكانت الشركتان أيضاً حققتا أرباحاً طائلة العام الماضي، إذ تضاعفت أرباح "بي بي" العام الماضي لتصل إلى 28 مليار دولار، بينما حققت "شل" أرباحاً غير مسبوقة وصلت إلى 40 مليار دولار العام الماضي.
وراكمت شركات الطاقة الكبرى فوائض نقدية هائلة منذ بداية الحرب في أوكرانيا على رغم أن أسعار النفط لم ترتفع كثيراً، وعادت أسعار الغاز الطبيعي للانخفاض الكبير بعد ارتفاعها الصيف الماضي. واستخدمت أغلب شركات الطاقة الكبرى تلك الفوائض في إعادة شراء الأسهم وتوزيع عائدات بنسب كبيرة.
وفي إفصاحها المالي ربع السنوي، أعلنت "إكسون موبيل" الجمعة عن أفضل بداية عام على الإطلاق في تاريخها، إذ بلغ صافي الدخل في الربع الأول 11.4 مليار دولار بعد ارتفاع إنتاج النفط من الآبار الجديدة في الولايات المتحدة وقبالة سواحل أميركا الجنوبية. وارتفعت أرباح "شيفرون" بشكل طفيف إلى 6.6 مليار دولار مع انتعاش أرباح تكرير النفط بفعل زيادة الطلب على الوقود. وكان سهم "إكسون موبيل" هو الأفضل أداء اليوم بين أسهم الطاقة على مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" ببورصة "وول ستريت" في نيويورك في تعاملات نهاية الأسبوع بزيادة 1.9 في المئة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وسجلت كلتا الشركتين أرباحاً ضخمة لأربعة أرباع العام المتتالية حتى مع انخفاض أسعار النفط الخام العالمية بأكثر من 35 في المئة عن ذروة العام الماضي. وبلغ متوسط الربحية الفصلي لشركة "إكسون موبيل" أكثر من 10 مليارات دولار، بينما اقتربت شركة "شيفرون" من تسعة مليارات دولار، وهو شيء لم يحدث لأي من الشركتين في الأقل منذ عام 2008 عندما بلغ سعر النفط 147.50 دولار.
لم يقتصر الأداء الجيد لشركات الطاقة على الولايات المتحدة، إذ إن أكبر شركة للنفط والغاز في آسيا أعلنت عن بياناتها المالية للربع الأول نهاية الأسبوع محققة أيضاً نمواً كبيراً في الأرباح، فقد ارتفعت أرباح شركة "بترو تشاينا" في الربع الأول بأكثر من توقعات السوق وبزيادة بنسبة 12.1 في المئة. ووصلت أرباح الشركة الصينية إلى 43.62 مليار يوان (6.3 مليار دولار) في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام.
الاستثمار والضرائب
وتعزز الأرباح الطائلة لشركات الطاقة الكبرى وجهة نظر المطالبين بفرض "ضريبة أرباح" على شركات الطاقة، كما تبرر أيضاً قرار زيادة نسبة ضريبة أرباح الشركات التي اتفقت عليها مجموعة الدول السبع ومجموعة العشرين. إلا أن الشركات وبعض المعلقين يرون أن تلك الضرائب ستحد من استثمار الشركات في أعمالها وزيادة الإنتاج بما يلبي حاجات السوق.
ولطالما طالبت "أوبك" وغيرها بضرورة زيادة الاستثمار في قطاع النفط لتفادي أي اختناقات في العرض في حال زيادة الطلب. وفي حوار له العام الماضي مع "فايننشال تايمز" أقر مدير وكالة الطاقة الدولية التي تمثل الدول المستهلكة للطاقة فاتح بيرول بأن قطاع النفط والغاز بحاجة إلى استثمارات جديدة بنحو ثلاثة تريليونات دولار لمواجهة النمو المتوقع في الطلب العالمي.
وفي كل مرة تحدث فيها أزمة أسعار للوقود في محطات البنزين، بخاصة في الولايات المتحدة، يوجه السياسيون اللوم إلى "أوبك" والمنتجين على أنهم المسؤولون عن ارتفاع الأسعار، لكن الحقيقة أن الاختناقات هي في سوق المشتقات نتيجة التراجع الشديد في الاستثمارات في المصافي والتكرير.
وعلى رغم الفوائض النقدية الهائلة بعشرات مليارات الدولارات لدى شركات الطاقة الكبرى في العام الأخير، فإن خططها الاستثمارية وتوسيع أعمالها بخاصة في قطاع التكرير ليست بالقدر الكافي. ويعود ذلك إلى القيود البيروقراطية خصوصاً في الولايات المتحدة إلى جانب ضيق هامش الربح.