Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السيولة الأمنية في الخرطوم تمهد الطريق لعودة العصابات المنظمة

انتشار "النيقرز" في العاصمة السودانية وبعض المدن الأخرى إحدى الظواهر الأكثر خطورة

ظهرت عصابات "النيقرز" للمرة الأولى بشكل منتظم في السودان عام 2003 في أحياء أطراف الخرطوم وبعض الولايات التي تشهد توترات أمنية (أ ف ب)

ملخص

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حولت مجموعات" النيقرز" نشاطها من النهب بالإكراه تحت تهديد السلاح إلى القتل في حال مقاومة الضحية، وذلك في وضح النهار

يمثل الظهور اللافت للعصابات المنظمة أو ما يسمى محلياً بـ "النيقرز" في العاصمة السودانية الخرطوم وبعض المدن الأخرى، مع اندلاع الحرب، إحدى الظواهر الأكثر خطورة بخاصة بعد خروج آلاف السجناء المحكومين بجرائم سطو من طريق العنف، وباتت هذه العصابات تشكل تهديداً وهاجساً حقيقيين لسكان عدد كبير من الأحياء التي تنتشر فيها، ما يحد من حركتهم الطبيعية ونشاطهم التجاري والاجتماعي خصوصاً بعد غروب الشمس، لا سيما في المناطق الطرفية بالخرطوم وبعض نقاط التفتيش في طرقات السفر البرية إلى الولايات.

تنظيم دقيق

وتتميز هذه المجموعات التي تظهر فجأة لافتراس غنيمتها من أموال وهواتف وغيرها بتنظيم عال وخطورة شديدة، ولها هيكل إداري يبدأ من الزعيم ويسمى "البوس" الذي يتم اختياره بالتوافق بين أفرادها بناء على قدراته القتالية وقوة شخصيته القيادية، ويخضع الجميع لتوجيهاته، وله حاشية ترافقه وتوفر له الحماية، وعادة ما يقوم أفراد هذه المجموعات بتصفيف شعرهم على طريقة لاعبي كرة القدم المشهورين وتزيين أعناقهم بسلاسل فضية ونحاسية كبيرة.

وظهرت عصابات "النيقرز" للمرة الأولى بشكل منتظم في السودان عام 2003 في أحياء أطراف الخرطوم وبعض الولايات التي تشهد توترات أمنية ونزاعات، وتحولت عام 2007، إلى ظاهرة أرقت القوات الأمنية والمجتمع بعد انتشار الجرائم في بعض المناطق النشطة تجارياً، وقد واجهت الشرطة هذا النشاط بالحسم، وفي عام 2013، إبان ثورة سبتمبر (أيلول)، عاودت تلك المجموعات الظهور لتمارس إجرامها ممارسة أوسع وأكثر تنظيماً، مستغلة الحراك الشعبي، وتكرر الأمر ذاته بعد ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2019.

ويقول محمد أحمد الختيم أحد المواطنين في منطقة الحاج يوسف في الخرطوم "الهشاشة الأمنية في العاصمة مهدت الطريق لعودة العصابات المنظمة للعمل في وضح النهار من دون خوف"، مضيفاً أن "الوضع أصبح خارج السيطرة خلال الأيام الماضية"، وكشف الختيم عن تعرضه للسرقة من قبل العصابة المذكورة داخل الحي الذي يقطن فيه في ساعات الظهيرة "كنت أسير باتجاه المنزل عائداً من المخبز، وظهر أمامي شخصان، الأول يقود دراجة نارية بينما تولى الثاني عملية النهب، وأشهرا في وجهي ساطوراً وسكيناً، كنت ارتجف من الرعب، سلمتهما الهاتف وما تبقى لي من مال ونجوت بأعجوبة".

تطور خطير

 يخشى كثيرون من انضمام عدد من السجناء إلى هذه العصابات لتنظيم تشكيلات جديدة عقب إطلاق سراح آلاف النزلاء من سجون البلاد المختلفة.

وحولت مجموعات" النيقرز" نشاطها من النهب بالإكراه تحت تهديد السلاح إلى القتل في حال مقاومة الضحية، وذلك في وضح النهار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال المواطن منتصر فتح الله إن "النهب لم يقتصر على السكان فقط بل طاول المسافرين والفارين من جحيم الحرب إلى الولايات"، مشيراً إلى أن "عدداً كبيراً من المغادرين تعرض لمواقف مشابهة"، وتابع "في طريقنا إلى كوستي (ولاية النيل الأبيض)، عندما وصلنا نقطة تفتيش في الخرطوم، أوقف أفراد العصابة الحافلة التي كانت تقلنا، وصعدوا بسواطيرهم وسكاكينهم إلى داخلها لتبدأ عمليات النهب، وفقد كثيرون أموالهم"، لافتاً إلى أن عمليات السرقة تتم بكل هدوء من دون خوف لأن هذه المجموعات تمارس نشاطها بكل اطمئنان مستغلة الهشاشة الأمنية في الوقت الحالي.

سيولة أمنية

إزاء هذا الوضع، نشط عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي في بث بعض الرسائل التي تنبه الناس إلى المناطق الأكثر خطورة وضرورة تجنب بعض الشوارع، وتفادي التحرك ليلاً في تلك المناطق من أحياء وطرقات العاصمة، لا سيما حيث تتمركز العصابات المنظمة، وينصح هؤلاء الرواد المواطنين المضطرين إلى التحرك بتعزيز وسائل سلامتهم كإغلاق زجاج السيارات والتزود قدر الإمكان بوسائل الدفاع عن النفس في حال دعت الضرورة إلى ذلك.

ولفت أمين إسماعيل مجذوب المتخصص في الأزمات والتفاوض في أحد مراكز الدراسات إلى أن "الصراعات المسلحة دائماً ما يعقبها خلل أمني ما يمهد لظهور عناصر إجرامية، مثل العصابات، لتمارس السلب والنهب والدخول إلى المناطق السكنية التي ربما يخليها المواطنون"، وأوضح أنه "منذ تفجر الصراع المسلح، شهدت بعض الأحياء حالات سرقات وشكاوى من السكان"، وقال إن "غياب قوات الشرطة كان له دور كبير في عودة النيقرز إلى الشوارع لممارسة نشاطهم، وهناك عامل ثالث أثر بشكل واضح وهو إخلاء السجون من عناصر الإجرام بأعداد كبيرة وهؤلاء ليس لديهم ملجأ أو وسائل كسب عيش في ظل الأزمة الغذائية الحالية والسيولة الأمنية، بالتالي سينخرطون في نشاط ممارسة الإجرام من أجل توفير حاجاتهم الأساسية"، وأشار مجذوب إلى أهمية قيام الشرطة بدورها في حماية الأسواق والأحياء وممتلكات المواطنين فضلاً عن ضرورة التوصل إلى وقف إطلاق النار من قبل أطراف الصراع.

الهشاشة الأمنية

من جهتها، قالت الباحثة الاجتماعية رفيدة حسن إن "الظاهرة تطورت عقب الانفلات الأمني وتوسع الانتشار الجغرافي لعصابات النيقرز المنظمة في الطرق الرئيسة وداخل الأحياء، وهذا ما لم يكن متاحاً في الأعوام السابقة بعد أن كانت تحركاتها محصورة في الأطراف والمواقع النائية"، وأضافت "هذه المجموعات أصبحت تستهدف الممتلكات الخاصة والمنازل وحتى المحال التجارية بعد أن كان نشاطها محصوراً في نهب الهواتف والحقائب النسائية"، ورأت رفيدة أن "الهشاشة الأمنية شجعت هذه العصابات على العمل بشكل مكثف، وهذه الجريمة ستظل جاذبة طالما أنها تحقق عائداً لمرتكبيها مع ضعف محاربتها من قبل الأجهزة المنوط بها ذلك".

 

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات