Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صحافي أميركي لزملائه البريطانيين ... تعاملوا هكذا مع مجافاة جونسون للحقيقة

جونسون كرئيسنا معروف بالكذب... لا تسمحوا له بالإفلات من المساءلة

بوريس جونسون يعد الجمهور البريطاني باستعادة امجاة ثورة بلاده الصناعية من متحف مانشستر 27 يونيو 2019 (رويترز) 

الصحافيون المكلفون تغطية أنباء رئاسة الحكومة في عشرة داوننغ ستريت الأعزاء:

استيقظتم يوم الأربعاء على خبر تسليم رئاسة حكومة الملكة لرجل أشقر متحذلق ولد في نيويورك لعائلة ثرية وعلى الرغم من ذلك سنّ أسنانه في السياسة عبر لعب دور الشعبوي الذي صنعه لنفسه. وهذا الرجل يعيّن أقرباءه كمستشارين أيضاً. أتفهّم مشاعركم تماماً.

مع أنّ بوريس جونسون من الشخصيات البارزة في المعترك السياسي البريطاني منذ فترة غير قصيرة، لا بد أّنكم تتساءلون الآن عن الأسلوب الأنسب أمام الصحافيين لتغطية أخبار رجل مثله بعدما أصبح رئيساً للوزراء، نظراً إلى تاريخه في الادعاء أنّ أي خبرٍ لا يعجبه ملفّق، والتهجّم على الخبراء والموظفين الحكوميين عندما لا يستسيغ الوقائع التي يعرضونها، وعلاقته الهشة  بالحقيقة.

إليكم بعض الاقتراحات.

ومن أكون أنا كي أسدي لكم بالنصح في هذا الشأن ؟ لست خبيراً بالسياسة البريطانية ولا بالممارسات الصحافية في المملكة المتحدة ولكنني صحافي قضى سنتين و185 يوماً حتى الآن داخل البيت الأبيض من أجل تغطية أخبار دونالد ترمب، ولذا أظن أنني تعلمت شيئاً أو اثنين من نجاحاتنا وإخفاقاتنا حتى اليوم.

على أمل أن يكون ما ساقوله مفيداً، هكذا كنت لأتصرف لو كنت مكانكم على النحو التالي:

تأكّدوا من حقيقة كل زعم وسمّوا الكذب باسمه

يتشابه رئيس وزرائكم ورئيس جمهوريتنا في أنهما يفهمان طريقة التعامل مع الإعلام جيداً. فترمب مثلاً كان ينتحل شخصية مدير إعلامي اسمه جون بارون يعمل لديه حسب زعمه،  ليتصل بالصحافيين ويسرّب لهم أخباراً خفيفة وشائعات عن نفسه.

ومن ناحيته، طوّر جونسون هذا الأسلوب ذاته عبر استغنائه عن المصادر كلياً، إذ كان يخترع الاقتباسات في مقالاته بنفسه عندما كان صحافياً مبتدئاً يعمل كمراسلٍ لصحيفة "التايمز". ويبدو أنه برهن خلال مسيرته السياسية عن الأسلوب نفسه بازدراء الحقيقة، حسبما قرأت.

يعني هذا للأسف أنكم مضطرون للتأكد من صحة كل ما يقوله الرجل وإن تبيّن لكم أنه يكذب، عليكم أن  على تفعلوا أمرين اثنين:

أولاً، ينبغي بكم أن تسموا الأشياء بأسمائها، فالكذب هو، بكل بساطة، كذب.

بعد ذلك، عليكم تسليط الضوء على حقيقة أنه قد كذب. لا تعيدوا نشر الكذبة في العنوان. لا تكتبوا مثلاً "جونسون يقول إن القمر مصنوع من الجبنة الخضراء".

بل جربوا مثلاً "يقول جونسون إن القمر مصنوع من مشتقات الحليب بلا أي دليل على ذلك" ثم انشروا الأدلة التي تدعم الحقيقة.

إن ضخّمتم الكذبة فستضفون  عليها الشرعية  وتستحيل "حقيقة" خارجة من فم رئيس حكومتكم. 

تصدوا لأقلّ كذبة

لا يكفي الدفاع عن الحقيقة في العناوين بل عليكم التصدي للكذب في حينه.

لو كانت المناسبة مقابلة صحافية أو مؤتمراً صحافياً، لن تنتقصوا من قدره إن قابلتم الكذب السافر بجملة من نوع "هذا ليس صحيحاً" ثم صحّحتم المعلومات.

وإن كرّر فعلته فلا ضير في أن تقولوا له مجدداً "هذا ليس صحيحاً (وتذكرون الحقائق) لماذا تستمر بالكذب بهذا الشأن؟"

إن كنتم قلقين من إغضابه أو فقدان الفرصة بالحصول على معلومات داخلية فأنتم تعملون في المجال الخاطئ.

سمّوا الأشياء بأسمائها

تاريخ جونسون كتاريخ رئيسنا، حافل بالتصريحات المسيئة والعنصرية الموثّقة.

لا تلفّوا وتدوروا حول الموضوع. لاتقولوا هذه التعليقات "ذات طابع عنصري" أو أنها "مثيرة للجدال" بل هي قولوا إنها عنصرية بلا مواربة. لا تعدّ تسميتها باسمها عملاً سياسياً يخدم مصلحة أحد الأحزاب بل هذه وظيفتكم لأنكم تولّيتم مهمّة نقل الحقيقة وإعلام الرأي العام. 

ليست الموضوعية توازناً

أعرف أنه في المملكة المتحدة إرثٌ قديم من تأييد الصحافة للأحزاب السياسية، ولكن ليس للحقيقة علاقة بموالاة الأحزاب. فالحقائق هي الحقائق، ولكل كلمة معنى، ولا يستطيع الناس أن يتخذوا قرارات واعية بناء على معلومات واضحة حول حكومتهم إن لم تضعوا بين أيديهم المعلومات الصحيحة.

يشعر زملاء كثيرون من  حولي بالحاجة إلى تقديم "وجهتي النظر" المختلفتين حول اي موضوع مطروح، وذلك لأننا كصحافيين قد أُجبرنا لعقود طويلة على الخلط بين مفهومي الموضوعية والتوازن.

لا يحمل كل موضوع وجهتي نظر، وأحياناً لا يكون أمامكم سوى الصح والخطأ فقط ولاتكترثوا بما يقوله بعضهم إن أشرتم إلى الفرق بين الإثنين، لأنه في الواقع سيهاجمكم في كل الأحوال.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولذا إن كنتم ستتعرضون للهجوم على أية حال، فالأفضل أن تحرصوا على أداء مهمتكم بطريقة حسنة.

أمّا آخر نصيحة لدي فهي: حصّنوا أنفسكم. يمكن أن يبقى جونسون في منصبه لوقت طويل و قد لا يبقى. لكن تأثير الزعماء الذين يتفوهون بسيلٍ مستمر من الأكاذيب مرهق بالنسبة للأشخاص الذين يتولّون مهمة تغطية أخبارهم. هذا الموضوع  مفروغٌ منه.

لا تسمحوا له بإرهاقكم. ناموا قدر المستطاع. واعتنوا بأنفسكم.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء