Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خيول وفنون وطائرات خاصة: الحياة الساحرة لعائلة مؤسس "فاغنر"

تحقيق لـ "فايننشال تايمز" يسلط الضوء على أقارب أمير الحرب الروسي ومحاولة الحكومات الغربية فرض العقوبات عليهم

 يفغيني بريغوجين محكوم سابق يبلغ من العمر 61 سنة كان يعرف في السابق بلقب "طباخ بوتين" (أ ب/ غيتي)

ملخص

 يخضع زعيم "فاغنر" الروسي يفغيني بريغوجين للعقوبات الغربية منذ سنوات لكن غزو أوكرانيا وضع كل عائلته المباشرة والتي كانت تستمتع بالعطلات الأوروبية سابقاً تحت العقوبات

عندما اشتركت جدّة تبلغ من العمر 77 سنة في سانت بطرسبرغ ضمن دروس الرسم عام 2017، ربما بدت لزملائها في الفصل وكأنها مجرد متقاعد آخر يستمتع بهواية الحياة المتأخرة، ولكن بعد عام واحد فقط افتتحت فيوليتا بريغوجينا معرضها الفني الخاص وسط المدينة، وسرعان ما بدأت تعرض لوحاتها الخاصة وتستضيف مناسبات وتجذب انتباه وسائل الإعلام المحلية.

ما قد لا يعرفه الزائرون العاديون للمعرض هو أن هذه الفنانة هي والدة يفغيني بريغوجين، بائع النقانق الذي تحول إلى رئيس ميليشيات خاصة وأمير حرب قوي خلال الغزو الروسي لأوكرانيا، كما أنه أيضاً أحد أشهر مجرمي الحرب المتهمين على هذا الكوكب، كما يصفه تحقيق لـ "فايننشال تايمز".

وعلى رغم الاهتمام الكبير الذي يناله بريغوجين خلال السنوات الأخيرة إلا أن الأضواء لم تسلط كثيراً على عائلته المباشرة، ولكن مع دخول الدبابات الروسية إلى أوكرانيا العام الماضي فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة عقوبات ليس فقط على الشخصيات البارزة المقربة من الكرملين، ولكن على عائلاتها أيضاً. واليوم يخضع اثنان من أطفال بريغوجين وزوجته لعقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فيما عوقبت والدته الفنانة من قبل المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا لدعمها "فاغنر".

ومع ذلك وعلى رغم أن الاعتراض الدولي على أنشطة "فاغنر" ازداد خلال العام الماضي فقط، فقد تبين أن معاقبة عائلة بريغوجين أصعب مما كان متوقعاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ففي الشهر الماضي حققت فيوليتا بريغوجينا (83 سنة) انتصاراً غير متوقع في إحدى محاكم الاتحاد الأوروبي، إذ أقنع محاموها قضاة الغرفة الأولى بالمحكمة العامة للاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ بعدم وجود روابط اقتصادية لديها مع ابنها أو شركته الرئيسة "كونكورد"، فرفعت القيود المفروضة عليها.

قفز الحواجز

دأب بريغوجين على توصيف أفراد عائلات النخبة الروسية الذين يعيشون في الخارج بـ "الخونة"، قائلاً إنهم "يعيشون في الخارج ويقضون عطلات في الخارج ويربون الأطفال في الخارج"، ومع ذلك فحتى العام الماضي كان هذا هو بالضبط نمط الحياة الذي تمتع به بعض أفراد عائلته، وبخاصة في قفز الحواجز الاستعراضي للخيول، وهي رياضة باهظة الثمن يفضلها أطفال المليارديرات الأميركيون والأرستقراطيون الأوروبيون.

وفي الـ 20 من فبراير (شباط) العام الماضي، أي قبل أربعة أيام من الغزو، تنافست فتاة روسية شقراء في حدث هواة قفز الحواجز في منتجع أوليفا على البحر المتوسط قرب فالنسيا في إسبانيا، وكانت الفتاة هي فيرونيكا بريغوجينا، أصغر ابنتي بريغوجين.

وتظهر السجلات التي جمعها الاتحاد الدولي لرياضات الفروسية (FEI)، الهيئة المنظمة لرياضة الفروسية، كيف تنافست فيرونيكا وبولينا، الابنة الكبرى لبريغوجين، خارج روسيا منذ عام 2014 في مئات الأحداث على خيول عدة ضمن مسابقات في ألمانيا وفرنسا والبرتغال وإيطاليا وبلجيكا وإسبانيا.

ولم تُسجل أي من الخيول التي ركبتها بنات بريغوجين في هذه المسابقات تحت اسمه في الاتحاد الدولي للفروسية، ولم يتمكن عدد من مربي الخيول والمدربين الذين باعوا أو عملوا مع الخيول التي تمتطيها ابنتا بريغوجين الذين اتصلت بهم "فايننشال تايمز"، تأكيد المالكين النهائيين للحيوانات، لكنهم قالوا إنهم يعتقدون أنها مملوكة لبولينا، فيما لم ترد الأخيرة على طلبات "فايننشال تايمز" للتعليق.

وفي أواخر عام 2019 ومع فرض عقوبات على ممتلكات بريغوجين الشخصية بما في ذلك طائرته الخاصة، أعيد تسجيل جميع الخيول التي ركبتها ابنتا بريغوجين فجأة في الاتحاد الروسي للفروسية بأسماء أشخاص آخرين، وذلك وفقاً لبيانات ملكية الخيول من الاتحاد الدولي للفروسية، وأخبر الاتحاد الدولي للفروسية "فايننشال تايمز" أنه "ليس لديه سلطة ولا اختصاص لتحديد الملكية القانونية للحصان"، وهو أمر يخص الشرطة والسلطات القضائية.

عائلة بريغوجين المباشرة ليست مجرد مستفيد غير مباشر من ثروته، ففي العام الماضي قالت الولايات المتحدة إن بولينا وابنه بافيل وزوجته ليوبوف "يلعبون أدواراً مختلفة في مشروع بريغوجين التجاري الذي يستفيد من وضعه التفضيلي داخل النخبة الروسية"، ووفقاً لمنشورات والده على مواقع التواصل الاجتماعي فقد حارب بافيل مع فاغنر في سوريا وحصل على وسام "الصليب الأسود"، وهي خاصة بالخدمة العسكرية في الميليشيات.

تحدي الاتحاد الأوروبي

وشكل الهيكل الغامض لشركات بريغوجين تحدياً للحكومات الغربية في محاولة تقييد عملياته، فوفقاً للدعوى التي أقامتها والدة بريغوجين ضد عقوبات الاتحاد الأوروبي فقد كانت مشاركتها الوحيدة في أعمال ابنها عندما امتلكت أسهماً في شركة "كونكورد" للإدارة والاستشارات من عام 2008 وحتى عام 2017، وادعت أنه لم يكن لها أي تأثير في الشركة خلال ذلك الوقت.

ووافق قضاة الاتحاد الأوروبي وخلصوا إلى أنه بناء على الأدلة المعروضة عليهم فإن روابطها الوحيدة بابنها كانت عائلية، ولم يكن هناك علاقة اقتصادية يمكن إثباتها بينهما.

ومع ذلك تكشف إيداعات الشركات وحسابات معرض فيوليتا الفني عن عدد من التداخلات بينها وبين الإمبراطورية التجارية لابنها، ففي عام 2021، ووفقاً لسجلات الضرائب الروسية، كان المعرض يخضع للتدقيق الضرائبي من قبل شركة استشارية صغيرة في سانت بطرسبرغ تدعى "أكسنت" Accent، والتي أبلغت عن حجم إيرادات سنوية بلغت حوالي 200 ألف دولار، وطاقم مكون من خمسة أشخاص.

واللافت أيضاً أن "أكسنت" هي التي تقوم بتدقيق حسابات تقريباً جميع شركات يفغيني بريغوجين، ومن بين عملاء "أكسنت" الآخرين "أم إنفست" M Invest، وهي شركة يسيطر عليها بريغوجين وفرضت عقوبات عليها لكونها واجهة لشركة "فاغنر" في السودان، و"أم فينانس" M Finans التي عوقبت بسبب علاقتها بعمليات "فاغنر" في جمهورية أفريقيا الوسطى حيث شاركت في "نشاط إجرامي خطر، وفقاً للحكومة الأميركية، بما في ذلك عمليات الإعدام الجماعية والاغتصاب واختطاف الأطفال والاعتداء الجسدي"، ولم ترد "أكسنت" على أسئلة "فايننشال تايمز" حول عملها في الشركات التي يسيطر عليها بريغوجين وعائلته.

وقالت فيوليتا أمام محكمة الاتحاد الأوروبي إنها لم تكن على اتصال ببقية شبكة شركات بريغوجين، لكن رسائل بريد إلكتروني مسربة تكشف أن زوج فيوليتا كان مديراً تنفيذياً كبيراً في شركة أخرى في "مجموعة كونكورد"، إذ وقع صمويل فريدمانوفيتش جاركوي على المستندات المقدمة إلى وزارة العدل الأميركية نيابة عن شركة "كونكورد كايترينغ" عندما كانت تحارب اتهاماً بحقها في محاولة التدخل في الانتخابات الأميركية عام 2016، وهو ادعاء اعترف به بريغوجين في نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي.

طرق تهرب جديدة من العقوبات

ومع ذلك فقد لا يكون حكم محكمة الاتحاد الأوروبي لمصلحة والدة بريغوجين الكلمة الأخيرة، إذ قال مسؤول في الاتحاد الأوروبي إن بروكسل يمكنها الطعن في حكم محكمة العدل الأوروبية في غضون شهرين، وقال المسؤول إنه سيكون أمامها ثلاث خيارات، إما شطب فيوليتا نهائياً من قائمة العقوبات، أو الطعن في الحكم، أو إعادة فرض العقوبات عليها بمجموعة مختلفة من الأدلة.

وفي غضون ذلك فرضت العقوبات الحالية ضد عائلة بريغوجين بعض الكلف، إذ لم تعد ابنتا رئيس "فاغنر" قادرتين على الاستمتاع برياضة قفز الحواجز على البحر الأبيض المتوسط، فالخيول التي تنافستا عليها لم تظهر في أحداث قفز الحواجز الدولية منذ الغزو، وهي الآن تخضع لحظر شامل على التسجيل الروسي.

وفي مارس (آذار) 2022 حظر الاتحاد الدولي للفروسية الفرسان الروس أو البيلاروس من المشاركة في فعالياته، ونظراً إلى أن عائلته الآن محصورة إلى حد كبير في روسيا، فهناك أدلة على أن بريغوجين يبتكر طرقاً جديدة للتهرب من العقوبات.

فيرونيكا، الابنة الصغرى التي بلغت الـ 18 سنة في مارس الماضي، هي الآن العضو الوحيد في عائلته المباشرة التي لم تخضع للعقوبات الغربية، وحقيقة فيبدو أن عائلة بريغوجين استفادت منها، إذ تظهر سجلات الشركات الروسية أن فيرونيكا أصبحت في أواخر العام الماضي مالكة لشركة تتحكم في فندق في سان بطرسبرغ.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير