ملخص
شملت تعيينات جديدة داخل الحكومة البريطانية، وللمرة الأولى، سيدتين ستأخذان إجازة أمومة قريباً ليحل محلهما وزيران موقتان
يتذمر السياسيون في بعض الأحيان من اهتمام الصحافيين بتسليط الضوء على الأوضاع السيئة، وتجاهل تلك الأمور التي تسير في الاتجاه الصحيح. وقد يكون ذلك أمراً محقاً أحياناً، لكن ليس دائماً.
وانسجاماً مع هذه الروح، أود أن أتوقف لحظة للاحتفال ببعض الأخبار السارة: ففي يوم الجمعة الماضي، أجرى ريشي سوناك تعديلاً وزارياً مصغراً لملء الفراغ الذي خلفته استقالة دومينيك راب من منصبه نائباً لرئيس الوزراء. فعين أليكس تشوك وزيراً للعدل وجيمس كارتليدج وزير دولة في وزارة الدفاع وغاريث ديفيز كوزير في وزارة الخزانة.
وكما يتضح من الأسماء، فقد أسندت الحقائب المهمة لثلاثة رجال، وهذا أمر مخيب للآمال ولا يقدم سوى النزر اليسير لمعالجة اختلال التوازن الجندري الذي يشوب الحكومة والذي نوقش مراراً في غير مكان.
أما المثير للاهتمام في التعيينات الجديدة، فيكمن في تنصيب سيدتين هما ميشيل دونيلان وجوليا لوبيز اللتان ستأخذان إجازة قريباً وستستبدلان – لفترة موقتة – بكل من كلوي سميث التي ستشغل منصب وزيرة الدولة للعلوم والابتكار والتكنولوجيا، وجون ويتينغديل الذي سيضطلع بمهمات وزارية بين وزارة الشؤون الرقمية والثقافة والإعلام والرياضة من جهة ووزارة العلوم والابتكار والتكنولوجيا من جهة أخرى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقد لاقت هذه التعيينات تأففاً وشكاية في أسوأ الأحوال واهتماماً ضئيلاً في أفضلها. فالنساء يحملن - ولما يتركن العمل ويذهبن في إجازة أمومة يستبدلن بشخص آخر إلى حين عودتهن. سهل! أليس كذلك؟
ويمكن لدونيلان ولوبيز أخذ إجازة رسمية من منصبهما بموجب "قانون الإجازات الوزارية وبدلات الأمومة الأخرى" الذي دخل حيز التنفيذ عام 2021. وصحيح أن هذا التغيير لا يزال حديث العهد، لكنه أصبح بالفعل جزءاً طبيعياً ومألوفاً من يومياتنا. وهذا أمر جيد لا جدال فيه لا بل ويستحق الإشادة.
ولعله ترسخ وتجذر بسرعة جراء طول انتظاره. فقبل 22 عاماً، كانت إيفيت كوبر أول امرأة تتمكن من أخذ إجازة أمومة أثناء توليها إحدى الوزارات. واليوم، سيتمكن الطفل الذي أنجبته من الحصول على إجازة والدية خاصة به/ها اليوم.
هذا طبعاً من دون أن ننسى سلسلة التطورات الصادمة التي مهدت له – وفي مقدمتها، تأجيل نائبة حزب العمال، توليب صديق، ولادة طفلها للمشاركة في تصويت "بريكست". والآن وقد أحدثنا التغيير، ما الذي ستكون عليه خطوتنا التالية؟
لا بد لخطوتنا التالية أن تكون مباشرة: لا يجدر بأعضاء البرلمان على اختلاف أجناسهم بذل جهود فوق العادة والارتقاء بمسؤولياتهم ليضمنوا لأنفسهم أخذ إجازات والدية. ففي الوقت الحاضر، لا يزال النواب غير قادرين على أخذ إجازات رسمية وتعيين بدلاء موقتين لهم، ولا يبدو أن التغيير قادم في المستقبل القريب.
لكنه يجوز لهم في المقابل تعيين وكلاء ينوبون عنهم فلا يضطرون إلى الحضور شخصياً للمجلس والتصويت على هذا أو ذاك من القرارات. وهذا في الحقيقة جل ما يمكن لأعضاء البرلمان القيام به على المستوى الرسمي. وفي غياب الجدالات والنقاشات بشأن أحقية الأشخاص غير المنتخبين في التحدث أمام مجلس العموم، أعتقد بأن ثمة طرق أخرى يستفيد منها النواب تحت غطاء الإجازة الوالدية.
وقد تجلى ذلك بفعالية تامة مع ستيلا كريسي التي كانت أول نائبة تعين بديلة لتقوم مقامها أثناء إجازة أمومتها. ففيما كانت نائبة وولثامستو تعتني بمولودها الجديد، كانت كيزي غاردينر تنسق مع النواب بشأن قضايا الدوائر الانتخابية وتتواصل مع الوزراء وتواكب الحملات الوطنية وتعقد اجتماعات استشارية مع الناخبين.
وكان ينبغي لهذا الأمر أن يكون بداية لشيء ما، إثبات مثلاً على ضرورة توفر مخطط رسمي من هذا النوع يشمل جميع النواب. لكن اليوم وبعد مرور ثلاث سنوات، لا تزال غاردينر الشخص الوحيد الذي أصبح بديلاً موقتاً لنائب في البرلمان.
وهذه الحالة برمتها محبطة برأيي، وما يزيد من إحباطها تهافت الأحزاب السياسية من دون كلل على توسيع دائرة مرشحيها المحتملين إلى البرلمان. فلو أردنا لممثلي الأمة أن يضموا سياسيين من خلفيات عادية وآباء وأمهات عازبين وشباب، علينا أن نضمن لكل واحد منهم حياة معقولة ومحتملة. ففي النهاية، لا يجوز تخيير أحد بين وظيفته ورغبته في إنجاب الأطفال.
في البداية، سيكون التغيير جذرياً، وما من شك أنه، حال اعتماده، سيصبح جزءاً لا يتجزأ من المشهد السياسي بشكل أسرع مما نعتقد. هذه هو الدرس الواجب تعلمه من "قانون بدل الأمومة": غالباً ما تبدو الأشياء ثابتة لا تتغير حتى لا تعود كذلك.
© The Independent