Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا يعجز عباس عن وقف العمل بالاتفاقيات مع إسرائيل؟

علمت "اندبندنت عربية" أن اللجنة المتخصّصة بتنفيذ القرار أعطت تعليمات للأمن بالوقف التدريجي للتنسيق الأمني

الرئيس محمود عباس يقرأ سورة الفاتحة على أرواح ضحايا فلسطين خلال اجتماعه بالقيادات الفلسطينية لبحث آليات وقف العمل بالاتفاقيات مع اسرائيل (اندبندنت عربية)

مع بلوغ تدهور العلاقة بين "منظمة التحرير" والجانب الإسرائيلي ذروتها، بعد هدم الأخيرة منازل فلسطينية تقع في مدينة القدس تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، اتخذ الرئيس محمود عباس قراراً فورياً بوقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل.

لم تكن هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها عباس عن وقف العمل بالاتفاقيات، ولكن هذه المرة يبدو أن المسألة اتخذت طابعاً رسمياً وجدياً إذ حملت هذه الدعوة في طياتها خطوات عملية، تمثلت بتشكيل لجنة تبحث آلية التنفيذ. وعلمت "اندبندنت عربية" أن هذه اللجنة مؤلفة من أعضاء اللجنة التنفيذية والمركزية، وحكومة اشتية، وقد باشرت عملها صباح اليوم السبت 27 يوليو (تموز) 2019، إذ أعطت تعليمات للأمن الفلسطيني بالتخفيف التدريجي في تقديم معلومات استخباراتية لإسرائيل.

لكن إسرائيل لم تصدر أي رد فعل حول هذا القرار، يُعقّب على ذلك تيسير نصر الله عضو المجلس الوطني (أعلى هيئة تمثيلية للفلسطينيين ويتبع لمنظمة التحرير) قائلاً إن "إسرائيل ألغت العمل بهذه الاتفاقيات وأبقت ما يخدم مصالحها مثل التنسيق الأمني، في حين كانت السلطة ملتزمة كل بنودها، من طرف واحد".

الاتفاقيات

من المفترض أن يشمل هذا القرار، كل المعاهدات بين فلسطين وإسرائيل، ومن هذه الاتفاقيات "إعلان المبادئ الذي يشمل اعترافاً إسرائيلياً فلسطينياً متبادلاً ويعرف باتفاقية أوسلو 1993، واتفاقية غزة أريحا 1994 وبموجبها تشكلت السلطة الفلسطينية، وبرتوكول باريس الاقتصادي 1994 الذي نظم العلاقات المالية بين الجانبين".

إضافة إلى "اتفاقية طابا (أوسلو الثانية) 1995، التي عملت على تحديد مناطق حكم السلطة والمناطق الخاضعة لإسرائيل، واتفاق واي ريفر الأولى 1998 الذي يشمل التنسيق الأمني، وخريطة الطريق 2002 التي تركز على التسوية النهائية، واتفاقية المعابر 2005".

في المقابل، لم يحدد عباس نوعية الاتفاقات التي ينوي وقف العمل فيها، فإذا التزم قراره، فذلك يعني حلّ السلطة الفلسطينية، الأمر الذي يستثنيه نصر الله ويقول إن "السلطة حق مكتسب ولا يمكن التخلي عنه بسهولة، وحلّها أمر غير وارد بتاتاً".

وقف مؤقت!

المثير للقلق من وجهة نظر المراقبين السياسيين، أن القرار ينص على وقف المعاهدات. وفي هذا الإطار يوضح نصر الله بأنه لن تُلغى هذه الاتفاقيات بل وقف العمل المؤقت بها، إلى حين عدول الحكومة الإسرائيلية عن سياستها.

من بين هذه الاتفاقيات التي أوقفت فلسطين العمل فيها، تعليق الاعتراف بإسرائيل، إلى حين اعترافها بدولة فلسطين، وكذلك التحرر التدريجي عن التبعية الاقتصادية، وملف التنسيق الأمني، الذي يرتبط بحياة الفلسطيني مباشرة.

خفض التنسيق الأمني

فالتنسيق الأمني يشمل التالي "تأمين حرية مرور الأفراد والبضائع ذهاباً وإياباً ما بين الأراضي الفلسطيني والإسرائيلية، ومكافحة الجرائم والأمراض والأوبئة وإصدار البطاقات القومية وجوازات السفر، وهو أمر ضروري ويومي، كذلك تبادل المعلومات في ما يخص العمليات العسكرية التي تستهدف إسرائيل".

وبما أن التنسيق الأمني يرتبط بحياة الفلسطينيين المباشرة، فإن ذلك يُصعّب وقف العمل بالاتفاقيات، يعترف بذلك عضو المجلس الثوري لحركة "فتح" سليم الزريعي قائلاً "فك الارتباط بإسرائيل يدفعها إلى فرض المزيد من القيود، ويصعّب الحياة أكثر، ويجعلنا ندفع الثمن، وقد تصل الأمور إلى فرض قيود على التنقل من مدينة إلى أخرى".

ويرد نصر الله على ذلك، بأنه "لم يُحدد ما إذا كان القرار يشمل الإيقاف الكامل أو الجزئي"، في حين أن الزريعي يتوقع أن يكون "خفض مستوى العمل في التنسيق الأمني". لكن الإجابة عن ذلك جاءت اليوم السبت 27 يوليو وفقاً لمعلومات حصرية أكدت أن "القرار يدخل حيز التنفيذ بالوقف التدريجي الجزئي، ويتزامن ذلك مع إشعار الحكومة للأمن بتخفيف درجة التنسيق".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بلسم شافٍ

موضوع وقف التنسيق الأمني جاء كبلسم شاف لحركة "حماس"، التي تطالب منذ زمن بوقفه، ورفع اليد عن "المقاومة" في الضفة الغربية، يعقّب على ذلك عضو المكتب السياسي للحركة سهيل الهندي، بأن "قرار عباس خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكنه غير كاف، ويحتاج إلى تطبيق على أرض الواقع، وإلا يكون مجرد كلام نظري".

لكن حركة فتح والمجلس الوطني، يتخوّفان من أن ينعكس وقف التنسيق الأمني على الأمن في الضفة الغربية، ويتوقع الزريعي أن "تزداد العمليات الفدائية ضد المستوطنين، وترتفع نسبة المقاومة العنيفة، وتتحمل إسرائيل ذلك"، في حين يرى نصر الله أن "في ذلك ستظهر إسرائيل أمام العالم سلطات احتلال".

لكن ذلك من وجهة نظر "حماس" خطوة سليمة، "تعبر عن رفض الفلسطيني واقع الذل واندفاعه نحو المقاومة"، ويتفق معها عضو المكتب السياسي لحركة "الجهاد الإسلامي" نافذ عزام الذي يقول "بهذه الخطوة اقتربت السلطة من نبض الشارع الفلسطيني، وقد يزيد ذلك العمليات الفدائية في الضفة الغربية"، ويعد ذلك "نقطة تحول في الصراع مع إسرائيل".

على الرغم من ذلك، يرى القياديّ الحمساوي الهندي أن "هناك غموضاً في هذا القرار الذي جاء في خطوة انفرادية من عباس وحده من دون العودة إلى الفصائل الفلسطينية، وأن حماس لم تعلم به إلا من وسائل الإعلام". ويتفق معه القيادي في الجهاد الإسلامي عزام الذي أعلن أن "الاتصالات مع حركة فتح مستمرة، ولكن هذا القرار لم يجر مداولته معنا، وعلى كل حال فإن القرار إيجابي على الرغم من تأخره كثيراً".

صرخة فلسطينية غير جادة

في القراءة السياسية، فإن مازن صافي المحلل السياسي يعتبر أن "إيقاف الاتفاقيات يعد صرخة فلسطينية إلى المجتمع الدولي، ربما تصحبه ردود فعل عدوانية من الطرفين بالذهاب إلى مربع الصدام السياسي الساخن، وكذلك وجود احتكاك مباشر، وإنتاج فوضى من إسرائيل، وانتفاضة فلسطينية".

لكن على النقيض، يرى أستاذ العلوم السياسية عبد الستار قاسم أن "هذا القرار غير جاد، وأن عباس لن يلتزم به"، مستغرباً كيف أن السلطة لم تطرح بدائل على الفلسطينيين، ولم تقم بتأهيل المجتمع من الأساس ليتلقى حالة سياسية جديدة، وأن ما قاله يعد لغطاً سياسياً فقط، لذلك ترك الباب موارباً للعودة إلى المعاهدات، بقوله كلمة "إيقاف وليس إلغاء".

وحول إحالة الموضوع على لجنة متخصّصة لتنفيذه، يعلّق على ذلك قائلاً إنها فكرة قتل القرار، معتبراً أن عباس لو لديه رؤية حول ذلك لطرح الخطوط العريضة التي يمكن أن تعطي المؤشرات إلى المرحلة المقبلة، إضافة إلى أن السلطة تفتقر إلى متخصّصين في إدارة مثل هذا القرار، كما أن اللجنة التي تشكلت "فتحاوية" وليست "متخصّصة".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي