ملخص
لمحاسبة المسؤولين عن تقييد حقوق الإيرانيات
نادراً ما يكون الخوض في نقاش سياسي بشكلٍ هادئ أمراً سهلاً بالنسبة إلي كمحاميةٍ بريطانية. لكن المسألة تصبح أكثر صعوبةً لكوني ابنة مهاجرَين إيرانيين.
الأنباء الواردة من إيران خلال الأشهر القليلة الماضية شكلت مصدر قلقٍ كبير. فقد قبض على أكثر من 15 ألف متظاهر - يطالبون بمزيدٍ من الحريات الأساسية للمرأة - وتشير تقديرات إلى أن قوى الأمن قتلت ما لا يقل عن 537 شخصاً. وباتت ممارسات التعذيب والاعتداءات الجنسية بتوجيهٍ من الدولة أمراً روتينياً سائداً. وفي الوقت نفسه، تواجه طالبات المدارس في مختلف أنحاء البلاد هجماتٍ كيماوية مروعة، من دون تدخل كبير [يعتد به] من الحكومة.
وقد بدا رد فعل الحكومات الغربية حتى الآن غير فعال. ولم تكن الإدانات والشعارات في الواقع مجدية. ويحق في هذا الإطار للإيرانيين وناشطي حقوق الإنسان في الخارج، أن يشعروا بإحباطٍ نتيجة هذا الوضع، لكن في إمكاننا بذل الكثير.
فالأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان، أكد أن القانون الدولي يمنح الحق باللجوء إلى القضاء لجميع الأفراد، بغض النظر عن المكان الذي يعيشون فيه، وليس فقط لمواطني دول معينة. وبصفتنا محامين مهتمين بحقوق الإنسان على المستوى العالمي، فقد حان الوقت لتحقيق ذلك.
اليوم، تلتقي مجموعة من المحامين والأكاديميين والصحافيين والناشطين - بعضهم من أصول إيرانية - لإطلاق مبادرةٍ جديدةٍ تستهدف تحقيق العدالة في مجال [الحؤول دون] انتهاكات حقوق الإنسان في إيران. ونسعى إلى بناء مجموعةٍ عالمية من الخبراء، للمساعدة في توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في إيران وتوفير تحليل لها، بهدف ضمان العدالة للضحايا أمام المحاكم الدولية.
ونريد في هذا الإطار، أن نوجه تحذيراً إلى الحكومة الإيرانية، إذ يمكنها أن تتجاهل تصرفات الحكومات الغربية وأن تعتبرها تدخلاً في شؤونها، لكنها لا تستطيع أن تتخذ الموقف نفسه عندما يقدم شعبها أدلةً على ارتكاب انتهاكاتٍ وحشية لحقوق الإنسان في حقه، إلى هيئاتٍ مستقلة.
ويمكن لمذكرة التوقيف الأخيرة وغير المسبوقة التي أصدرها قضاة "المحكمة الجنائية الدولية" International Criminal Court في حق (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين، أن تكون مثالاً يهتدي به القانون الدولي إلى المضي إلى ما هو أبعد مما كان يُعتقد في الماضي أنه ممكن.
وفي عالمنا الحديث، حيث يستطيع المواطنون تسجيل أدلةٍ على انتهاكات الدولة وتبادلها [أخبارها] بسهولةٍ أكبر، فإن ذلك يُعد مؤشراً مهماً. ونتوقع رؤية المزيد من مذكرات التوقيف هذه.
إن جمال القانون الدولي تعود إلى أن جزءاً كبيراً منه قد رسخ حديثاً. وهذا يجعله أرضاً خصبة لإرساء سوابق قانونية جديدة. نعتقد أن مراقبة انتهاكات حقوق الإنسان في إيران وتوثيقها، وإعداد الأدلة التي تمكن من التقدم إلى المحاكم، تشكل جميعها وسيلةً قوية لمحاسبة النظام الإيراني. ويتعين تقديم أدلة ضد المذنبين أمام المحاكم الدولية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
والجدير بالذكر أنه في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2022، قرر "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" United Nations Human Rights Council إنشاء بعثةٍ دولية مستقلة لتقصي الحقائق، "لإجراء تحقيقٍ شاملٍ ومستقل في انتهاكاتٍ مزعومة لحقوق الإنسان" في إيران. وقد دعت المجموعات والمنظمات إلى تقديم أدلةٍ في إطار هذا التفويض. ونعتقد أن ما تقدم يشكل نقطة انطلاق ممتازة.
كما نعتقد أنه من خلال استخدام القوة الكاملة للقانون، إضافةً إلى سلطان مجتمع مترابط على المستوى العالمي من الأكاديميين والسياسيين ووسائل الإعلام، يمكننا أن نشكل قوةً لمحاسبة أولئك الذين يسيئون استخدام سلطتهم.
ويجب أن يعرف أفراد الشعب الإيراني في نهاية المطاف أن هناك مَن يوثق محنتهم وينقلها إلى الساحة الدولية بكل تفاصيلها المروعة. وربما يحصلون أخيراً في أحد الأيام، على العدالة التي يستحقونها.
أليشا ألينيا هي رئيسة العمليات العالمية في شركة المحاماة "بوغاست غودهيد" Pogust Goodhead
© The Independent