Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مخلفات حرب السودان... جثث ونفايات تنذر بكارثة صحية

تعاني مشارح الخرطوم ضعف السعة الاستيعابية بعد أن ظلت آلاف الجثامين مكدسة فيها لأكثر من 3 أعوام

ملخص

تتراكم أطنان القمامة والنفايات في شوارع العاصمة #الخرطوم منذ الأسبوع الثاني لشهر #رمضان في أزمة تنذر بظهور أوبئة مع اشتداد درجات حرارة الصيف ووجود جثث يفاقم الأزمة

تهدد مخلفات الحرب التي تشهدها العاصمة السودانية ومناطق أخرى بكارثة بيئية تبرز كتحدٍ بالغ التعقيد والأذى.

وبحسب مصادر طبية، خلف القتال عشرات الجثث في الطرقات وتحت الأنقاض لم يتم التعامل معها بسبب صعوبة الحركة تحت وابل النيران، الأمر الذي سيؤدي إلى كارثة بيئية كبرى، إضافة إلى تكدس مشارح الخرطوم أصلاً بالجثث من ضحايا مجهولي الهوية فضلاً عن قتلى التظاهرات منذ اندلاع ثورة ديسمبر (كانون الأول) عام 2018.

وتفاقمت أزمة النفايات في العاصمة السودانية خلال الأيام الأخيرة لشهر رمضان، خصوصاً في الشوارع الرئيسة والأسواق الكبيرة والصغيرة، وهي مرشحة لتزايد أكبر، كما تشهد الساحات أمام المنازل كميات كبيرة من الأوساخ لأكثر من أسبوع، وكل هذه المعطيات تخلف كارثة بيئية يصعب تداركها في القريب العاجل.

أزمة صحية

إزاء هذا الوضع تعاني مشارح العاصمة الخرطوم ضعف السعة الاستيعابية بعد أن ظلت آلاف الجثامين مكدسة بها في وضع غير إنساني لأكثر من ثلاثة أعوام، فتعفن بعضها وتحلل الآخر، وفاحت رائحتها وظلت تشكل هاجساً للقاطنين بالقرب منها.

حسام الطيب، أحد المواطنين بمنطقة الحلفايا في الخرطوم بحري، قال إن "لا أحد يستطيع الوصول إلى هذه الجثث المنتشرة تحت درجة حرارة عالية، وفي أوضاع صعبة للغاية، وهناك مناطق تنتشر فيها الكلاب الضالة والقطط بشكل كبير".

وأضاف أن "الجثث ملقاة على الطريق وتبدو عليها علامات التحلل والانتفاخ ويشكل دفنها مخاطرة كبيرة، نظراً إلى عدم مغامرة السكان بالقيام بأي خطوات لتشييع الجثامين".

من جهته، حذر المتخصص في الأمراض الجرثومية سفيان عبود من أزمة صحية إذا لم تتخذ السلطات خطوات عملية عاجلة لحل أزمة الجثث، وأشار إلى أن استمرار هذا الوضع يؤدي إلى خطر انتشار الأمراض المعدية والجرثومية وتكاثر الحشرات والذباب وانبعاث الروائح الكريهة، ولا يمكن تسمية مرض واحد يمكن أن تنقله الجثث المتحللة في البيئات المفتوحة حال وجود أمراض مستوطنة، وربما يكون بعض الضحايا مصابين بأمراض مزمنة ينقلها الدم".

في الأثناء كشفت وزارة الداخلية السودانية عن آلية لجمع الجثث من الطرقات والمواقع المختلفة وحفظها بالتنسيق مع الهلال الأحمر ومنظمات المجتمع المدني وجميع الجهات ذات الصلة وتشمل مهماتها التعامل مع الجثامين وحفظها في المشارح بالوسائل المتاحة، علاوة على إسعاف المصابين والجرحى والإشراف على ترحيل الكوادر الطبية.

تأتي هذه التطورات بالتزامن مع ما أعلن عنه ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أفادوا بوجود عشرات الجثث في الشوارع يرجح أنها لقتلى قضوا جراء الرصاص والقصف العشوائي.

آثار نفسية

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

المتخصصة النفسية سلمى مختار قالت إن "رؤية الجثث في الطرقات لا تتوقف عند المنحى الجسدي وتسبب الأمراض، بل تتعداه إلى الأذى النفسي لأن من يرى هذه المشاهد، بخاصة الأطفال، سيصابون باضطراب ما بعد الصدمة، مما يلقي الضوء على أهمية العلاج النفسي في مراحل لاحقة، وربما لا يستجيب بعضهم لتلقيه".

وأضافت أن "أزمة تنتظر الأجيال المقبلة، فمن غير المعقول أن ينشأ جيل جديد بشكل سليم مع ثقافة خالية من القتل والعداء، بعد اعتياده رؤية جثث ملقاة هنا وهناك"، مشيرة إلى أن تلك المشاهد ربما تلقي بظلالها السلبية على شخصية الصغار".

كارثة بيئية

في موازاة ذلك تتراكم أطنان القمامة والنفايات في شوارع العاصمة الخرطوم منذ الأسبوع الثاني لشهر رمضان في أزمة تنذر بظهور أوبئة مع اشتداد درجات حرارة الصيف، ويتخوف كثيرون من أن تستمر المشكلة لموسم الأمطار المقبل، في ظل عدم مقدرة عمال النظافة على العمل في الوقت الحالي مع حظر التجوال القصري، إلى جانب ضعف كفاءة شبكة تصريف المياه، مما قد يفاقم الأوضاع أكثر.

وتشتكي سحر علي، ربة منزل من منطقة شرق النيل في الخرطوم، من إقامة مكب كبير للنفايات أمام منزلها لمدة أكثر من أسبوع، يرمي فيه الأهالي مخلفاتهم من بقايا طعام وشراب وأكياس بلاستيكية وقوارير مياه وغيرها، فتنبعث منه رائحة كريهة.

ولفتت إلى أن "جحافل من الذباب والبعوض تعيش بين أكوام القمامة إلى جانب الكلاب الضالة والقطط، وهذا المكب في ظل التوقف القصري لعمل عمال النظافة تسبب بأضرار بيئية كبيرة في الحي ونشر الأمراض بين سكانه".

أما الحل بالنسبة إلى ربة المنزل عندما تستقر الأوضاع في البلاد، فيكمن في "إلغاء مثل هذا النوع من المكبات والعودة لنظام جمع النفايات يومياً وفي وقت محدد من قبل هيئة نظافة العاصمة الخرطوم".

من جهته قال أحد المواطنين بمنطقة الصالحة في أم درمان، ويدعى الشريف صالح إن "أسابيع قد تمر من دون أن يفرغ المكب الذي وضع أمام منزله ونقله بواسطة الآليات الخاصة إلى المكبات الوسيطة والرئيسة".

وأضاف أن "معظم الأحياء حول المنطقة التي يقطن فيها تئن من تراكم النفايات التي صارت مظهراً من مظاهر العاصمة، وأحياناً يلجأ إليها مشردون للحصول على غذائهم منها"، لافتاً إلى أن تلك النفايات ربما تتسبب في تلوث بيئي، لا سيما مياه الشرب".

المتخصص في شؤون البيئة خضر محمود أوضح أن "سياسة هيئة نظافة ولاية الخرطوم تقوم على العمل بعد تجمع النفايات لمدة 10 أيام في الأقل ومن ثم تنقل إلى المكبات الرئيسة، وقبل اندلاع الحرب بأسبوع تراكمت الأوساخ والمخلفات في الأسواق وأمام المنازل، خصوصاً مع اقتراب عيد الفطر".

وأشار إلى أن "وجود جثث في الطرقات إلى جانب النفايات جعل العاصمة لا تطاق"، كما أن "هناك كثيراً من المواطنين لا يملكون أي ثقافة بيئية ويلقون بالأوساخ في الشوارع والمجاري، مما يؤدي إلى إغلاقها مع اقتراب فصل الخريف، الأمر الذي يقود إلى كارثة بيئية وشيكة".

وشدد على أن "التصالح مع النفايات ستكون له انعكاسات نفسية واجتماعية خطرة، وبعد ذلك تأتي آثار الأمراض، بخاصة الصدرية منها".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات