Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مخاوف الحرب الأهلية تهدد السودان بـ"الفصل السابع"

تحذيرات من تطور المعارك مما يضطر الأمم المتحدة إلى اتخاذ إجراءات حاسمة

ملخص

الوضع المشتعل والمتفاقم في #السودان يصطدم بجمود وفشل كل الحلول الودية المحلية وتحذيرات من الفتنة القبيلة والحرب والأهلية

في وقت تركز فيه الجهود الدولية والأممية خلال هذه المرحلة من الحرب السودانية على إقرار هدنة إنسانية وتطويرها لاحقاً إلى وقف دائم لإطلاق النار، كخطوة أولى وأرضية قد تمهد لوصول فرق الوساطات والآليات الإقليمية أو الدولية المعلنة، ينتظر أن تبدأ عملية إجلاء البعثات التي تطلب دولها ذلك في الساعات القليلة المقبلة، وتوقع بيان لمكتب الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة أن يتم الشروع في عمليات الإخلاء جواً بطائرات نقل عسكري تتبع لقواتها المسلحة من الخرطوم.

بدء الإخلاء مع تحذيرات

يشمل الإخلاء، بحسب البيان، بعثات ورعايا كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين، وذلك بعد أن تم في وقت سابق إجلاء البعثة السعودية براً إلى بورتسودان، ومنها جواً إلى السعودية، وسيتم تأمين مغادرة البعثة الأردنية في وقت لاحق بالطريقة ذاتها.

في هذه الأثناء يحذر متخصصون ومحللون سياسيون من انزلاق الحرب الحالية في السودان إلى مربع الفتنة القبلية، مما قد يمهد إلى إعادة إدراج الوضع تحت طائلة البند السابع، وفق ميثاق الأمم المتحدة، خصوصاً في ظل التقارير التي ظلت تقدمها البعثة الأممية إلى مجلس الأمن، والتي لا تشير إلى الوضع المتأزم بالسودان ومخاوف الانفلات الأمني الشامل والاتجاه نحو حرب أهلية تهدد وحدة وأمن واستقرار السودان، ومن ثم الأمن الإقليم والدولي.

في السياق ذاته، أوضح المتخصص في العلاقات الدولية عبداللطيف محمد أحمد أن الوضع المشتعل والمتفاقم يصطدم الآن بجمود وفشل كل الحلول الودية المحلية، سواء عبر القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري أو مبادرة مجموعة القوى الوطنية التي تمثل في غالبها الكتلة الديمقراطية، مما فتح المجال بصورة أكبر أمام الوساطات الدبلوماسية الإقليمية والدولية والأممية، لكنها تعثرت أيضاً في شكلها المباشر نسبة لإغلاق أجواء البلاد أمام وصول أي مبعوثين أو بعثات أو لجان من خارج البلاد.

الهدنة والوساطات

وتوقع عبداللطيف أن تنشط التحركات الدبلوماسية حال نجاح الاتصالات التي تجرى حالياً مع طرفي القتال في إقرار هدنة أطول مدى وتثبيتها بما قد يتيح فرصة أفضل لوساطات ومبادرات مباشرة بوصول الوسطاء إلى الخرطوم، لكن تعقيدات الوضع قد لا تتنظر أكثر، فعامل الزمن واحتمالات تطور الصراع تجعل التعامل معه في وضعه الراهن أفضل منه في حالة ظهور تعقيدات جديدة مرشح لها الوضع مستقبلاً. وقال إن "تقرير مجموعة الأزمات الدولية أشار بوضوح إلى ترجيح كفة انتصار الجيش على قوات الدعم السريع، لكنه أكد بما لا يدع مجالاً للشك أن احتمالات تحول الصراع إلى حرب أهلية كبيرة جداً، بل وتكاد تكون مؤكدة، خصوصاً بعد انسحاب قوات الفريق حميدتي من الخرطوم إلى دارفور لتكون هناك بؤرة النزاع الأهلي طويلة الأمد المتوقعة".

واستبعد أن يصدر مجلس الأمن الدولي أي قرارات فورية مباشرة بالتدخل العسكري في السودان خلال المرحلة الراهنة، نظراً لأن إرسال قوات لحفظ الأمن مسألة معقدة تحتاج إلى تدبير أمنية وترتيبات دولية لا تخلو من التعقيدات اللوجيستية والدبلوماسية فيما يتعلق بتقديرات ورؤى ومواقف الدول المسيطرة على القرار داخل مجلس الأمن الدولي.

استنفاد الخيارات

بدوره، يرى المتخصص في القانون الدولي محسن عبدالرافع أن الأزمة استنفدت جميع الخيارات والسيناريوهات التي كانت مرشحة للحل، ولم يبقَ سوى خيار واحد أمام المجتمع الدولي، وهو اللجوء إلى بنود الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

وقال عبدالرافع إن البند السابع يختص بالتدابير المتخذة في حال تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان، بينما يختص الفصل السادس بالتدابير المتعلقة بالتسوية السلمية للنزاعات، وهو ما يشير اتخاذ إجراءات قسرية في حال كان السلام مهدداً، وهي إجراءات قد تتدرج من فرض عقوبات اقتصادية أو غيرها وصولاً إلى اللجوء إلى استخدام القوة والتدخل العسكري الدولي. وأضاف "تسمح تدابير الفصل السابع بممارسة الضغوط على البلد المعني لإجباره على الالتزام بالمطلوبات والأهداف التي يحددها مجلس الأمن، قبل أن يتم التطبيق الفعلي للإجراءات القسرية، كما ينص على هذه الإجراءات في حال تهديد السلم والأمن الدوليين". ويعتقد أن من أكبر المحاذير التي أشارت إليها المؤسسات الدولية هو طول أمد الحرب وتطورها إلى نزاع وحرب أهلية تصل شرارتها إلى دول الجوار الإقليمي التي يعيش معظمها وضعاً هشاً تهدده النزاعات والأزمات الاقتصادية.

إشكالية الشرعية

وأشار عبدالرافع إلى أنه "في ظل الواقع الإقليمي الحالي المضطرب يمكن أن تصبح حرب الخرطوم حال طول مدة الحرب مهددة للأمن والسلم الإقليمي والدولي لاحقاً، مما قد يدفع مجلس الأمن إلى التفكير الجدي في التحول إلى التعامل مع السودان من مقتضى الفصل السادس الواقع الآن عبر البعثة الأممية لدعم التحول الديمقراطي (يونيتامس) إلى مقتضي الفصل السابع بغرض فرض الأمن والاستقرار في السودان والإقليم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولفت إلى أن الإشكالية التي قد يواجهها المجتمع الدولي هي مع أي الأطراف سيتعامل كطرف أصيل، فالقوات المسلحة السودانية هي المؤسسة القومية الرسمية التي تمثل الشرعية الوطنية في البلاد، لكن قوات الدعم السريع بوصفها الطرف الآخر في القتال ليست جيشاً أجنبياً، وهو ما يفسر تواصل العالم الخارجي على مستوى المسؤولين الأميركيين والأوروبيين والأمين العام للأمم المتحدة، مع قائدها الجنرال محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في إشارة إلى تعاملها مع النزاع بوصفه شأناً داخلياً حتى الآن.

ونوه عبدالرافع بأن العالم يدرك كذلك إشكالية ضرورة التوازن في تعاطيه مع أطراف الحرب السودانية، من حيث إن قوات الدعم السريع لا تمثل الدولة الرسمية التي هي عضو في الأمم المتحدة ولديها ممثل في المنظمة الدولية ومجلس الأمن، لكنها في كل الأحوال جزء من الدولة.

الملاذ الأخير

من ناحيته، أوضح المحلل الأمني أمين إسماعيل مجذوب أنه إزاء فشل كل سيناريوهات الحلول السياسية الأقل ظلمة، ومع احتدام الصراع المسلح وتزايد الإصابات وأعمال القتل، ينفتح الوضع بصورة كبيرة على احتمال الحرب الأهلية الشاملة، فلن يكون هناك حل أمام المجتمع الدولي كملاذ أخير سوى إقرار مبدأ التدخل عبر الفصل السابع، وربما يصل الأمر إلى عقد مؤتمر خاص بالمسألة السودانية أسوة بتجارب سابقة، يتم خلاله توقيع كل الأطراف على وثيقة تعدها القوى الدولية، مما يعني بشكل أو آخر ضياع السودان الذي نعرفه.

نداء الأزمات

كانت مجموعة الأزمات الدولية قد أكدت أن السودان يتجه نحو حرب أهلية مدمرة، ما لم يتوقف القتال فوراً بين الجيش والدعم السريع. ووجهت المجموعة نداءً للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة (إيغاد) بتنسيق الشراكة بينهم للتوسط بين الجانبين حتى لا تنتهي جهودهم بأهداف متعارضة، كما نصحت الجهات الخارجية والسودانية الداخلية ممن تربطها علاقات مع طرفي الصراع أن تستغل علاقاتها في مطالبتهما بوقف إطلاق النار.

وأشارت المجموعة في تقرير لها في شأن حرب السودان إلى أنه حال استطاع الجيش تأمين العاصمة، وانسحاب حميدتي إلى دارفور، فمن الممكن أن تتبعها حرب أهلية، مما سيكون له تبعات أخرى بتأثيره في الاستقرار في الدول المجاورة مثل تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا وجنوب السودان.

وعلى خلفية لمسها عدم استعداد الطرفين المتحاربين لمناقشة إنهاء القتال، دعت المجموعة جميع الأطراف الأخرى، داخل السودان وخارجه، أن تظل متحدة في رفض الحرب.

بين البندين السادس والسابع

وفي مطلع يونيو (حزيران) 2020، وبناءً على طلب رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك، أقر مجلس الأمن الدولي تحت الفصل السادس بموجب القرار رقم 2524 لسنة 2020 تشكيل بعثة أممية جديدة متكاملة في السودان، بدأت أعمالها في الأول من يناير (كانون الثاني) 2021 لمدة 12 شهراً كمرحلة أولية.

وهدف طلب حكومة السودان وقتها إلى المساعدة في دعم تنفيذ متطلبات الفترة الانتقالية، وبناء قدرات المؤسسات الوطنية وتوفير الدعم لمفاوضات السلام، ودعم عمليات تعبئة المساعدات الاقتصادية والتنموية عبر مؤتمر للمانحين وتنسيق وتسيير المساعدات الإنسانية ودعم جهود بناء القدرات وإصلاح الخدمة المدنية. وهدفت البعثة كذلك إلى تقديم الدعم التقني والمادي وتسهيل عمليات نزع السلاح والتسريح وإدماج المقاتلين السابقين في المجتمع، ودعم عودة النازحين واللاجئين وإعادة إدماجهم، وتحقيق المصالحات بين المجتمعات المحلية ودعم برنامج العدالة الانتقالية، كما تشمل مهام البعثة المساهمة في الانتقال من العون الإنساني إلى دعم برامج السودان لتحقيق التنمية المستدامة.

تاريخ مع العقوبات

سابقاً، ومنذ 2008، ظل السودان لأكثر من 15 عاماً موضوعاً تحت البند السابع، الذي أرسلت بموجبه الأمم المتحدة بعثة عسكرية قوامها نحو 8 آلاف فرد رداً على تصرفات نظام عمر البشير، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهم تشمل جرائم حرب وإبادة جماعية، والذي أطاحته ثورة شعبية في أبريل (نيسان) 2019.

وقبل مارس (آذار) 2023، مدد مجلس الأمن الدولي بامتناع كل من روسيا والصين عن التصويت، العقوبات الدولية المفروضة على السودان والتفويض الممنوح للجنة الخبراء المكلفة الإشراف على العقوبات وتطبيقها وعلى حظر الأسلحة، عاماً آخر حتى 12 من مارس 2024، وكانت هذه العقوبات مفروضة على السودان خلال نزاع دارفور منذ عام 2005.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير