Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا يعتبر بوريس جونسون الرئيس الروسي التهديد الأخطر على بريطانيا؟

اعتبر قناعاته المتفائلة سابقا عن موسكو "خطأ كلاسيكيا"... وشبّه بوتين بالزعيم النازي أدولف هتلر

نجح وزير الخارجية البريطاني السابق، بوريس جونسون، في الفوز بخلافة تريزا ماي كرئيس لوزراء المملكة المتحدة، في انتخابات حزب المحافظين هذا الأسبوع، لكن دخوله داوننغ ستريت يأتي في وقت صعب، ليس فقط على صعيد قضية الخروج المتعثر لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لكن على صعيد الأمن الأوروبي نفسه، حيث أصبح قادة "القارة العجوز" يشعرون بتهديدات عديدة لبلدانهم، ليس أقلها ما يمكن وصفه بالصراع البارد مع "سيد الكرملين"، فلاديمير بوتين.

منذ أن كان جونسون وزيرا لخارجية المملكة المتحدة ارتبط بعلاقة متوترة مع موسكو، فعلى الرغم من أنه كان أول وزير خارجية بريطاني يزور روسيا منذ 5 سنوات عندما زارها عام 2017، غير أن قضية تسميم العميل الروسي المزدوج سيرغي سكريبال، الذي يقيم مع ابنته في بريطانيا، بغاز الأعصاب عام 2018، والذي قالت الحكومة البريطانية وقتها إنه غاز تم تطويره في روسيا ويحمل اسم "نوفيتشوك"، كانت نقطة ساخنة للغاية في علاقة الطرفين.

وفي أعقاب الهجوم، طردت لندن 23 دبلوماسياً من السفارة الروسية بلندن وفرضت ضوابط أكثر صرامة على الروس الذين يسافرون على متن طائرات خاصة، وكذلك إجراءات تفتيش أكثر تشددا، كما كثفت أجهزة الاستخبارات الوطنية تحقيقاتها بشأن الأموال الروسية القادمة إلى البلاد.

وحتى يونيو (حزيران) الماضي، اعتبر جونسون أن هذه القضية كانت أكبر "خيبة أمل" خلال توليه وزارة الخارجية البريطانية بين يوليو (تموز) 2016 ويوليو (تموز) 2018. وأضاف جونسون خلال حشد انتخابي الشهر الماضي "كنت متفائلا جدا، توجهت إلى موسكو (في 2017) رغم التحذيرات، حاولت بناء صداقة جديدة وشراكة جديدة، لكن الأمر لم ينجح".

لكن أن تكون وزيرا يختلف عن أن تكون على رأس حكومة بلد كبير، خاصة عندما تكون المملكة المتحدة، مما يطرح الكثير من التساؤلات بشأن السياسة التي سينتهجها رئيس الوزراء المحافظ والمقرب من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والأخير يصرّ على بناء علاقة جيدة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين انطلاقا من مصلحة واشنطن وموسكو.

ومع ذلك، فإن الأمر يختلف بين جونسون وترمب، إذ يعتبر رئيس الوزراء البريطاني، المنتخب حديثا، بوتين تهديدا أمنيا ليس لبريطانيا فقط ولكن لأوروبا. وخلال توليه منصبه السابق كتب مقالا لصحيفة "الديلي تليغراف" البريطانية، بعنوان "تهديدات بوتين الشريرة وأكاذيبه تمتد إلى ما هو أبعد من حدود بلده"، وتحدّث عن كبت الحريات في روسيا كوسيلة بوتين للبقاء في السلطة، وربط بين هذا السلوك والهجوم الذي استهدف العميل الروسي المزدوج في بريطانيا باعتباره رسالة واضحة لملاحقة من يعارض نظام بوتين.

وقال "لقد كانت هذه إشارة إلى أن الرئيس فلاديمير بوتين أراد أن يقدم للمنشقين المحتملين في وكالاتهم أن هذا هو ما يحدث لك إذا قررت أن تدعم بلداً بمجموعة مختلفة من القيم مثل قيمنا، يمكنك أن تتوقع أن يتم اغتيالك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب مركز الإصلاح الأوروبي (مركز أبحاث أوروبي تقع مقراته في لندن وبروكسل وبرلين)، فإنه منذ ضم روسيا عام 2014 لشبه جزيرة القرم والتدخل في شرق أوكرانيا، فرض الرئيس فلاديمير بوتين تحديات متزايدة على أوروبا، سواء في الداخل أو على صعيد السياسة الخارجية.

وردّد المركز الأوروبي اتهامات بعض القادة الغربيين بأن الرئيس الروسي زرع الحركات اليمينية الشعبوية في أوروبا، وأشار إلى أنه من خلال هذه التحركات جنبا إلى جنب استخدامه لحملات التضليل وتدخله في الانتخابات الرئاسية لعام 2016 في الولايات المتحدة، سعى الكرملين إلى استغلال وزيادة الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو. وهي المعتقدات نفسها التي يؤمن بها جونسون.

وقال جونسون بعد أن ترك منصبه في وزارة الخارجية إنه كان ساذجاً للغاية بشأن ما يمكن أن يحققه. وأضاف "عندما أصبحت وزيرا للخارجية اعتقدت أنه لا يوجد سبب موضوعي لضرورة أن نكون عدائيين للغاية تجاه روسيا. نعم، كان هناك الكثير من الأسباب للشك، والكثير من الأسباب لتكون حذرا. لكنني اعتقدت أن ذلك ممكن، لقد ارتكبت الخطأ الكلاسيكي في التفكير في أنه من الممكن أن يكون هناك إعادة ضبط مع روسيا".

ربما ذهب إلى أبعد من ذلك عندما شبه بوتين بالزعيم النازي أدولف هتلر، إذ شبه استضافة روسيا لكأس العالم لكرة القدم عام 2018 بدورة الألعاب الأولمبية عام 1936 في ألمانيا النازية. وقال وقتها إن هناك حاجة لتوجيه نصيحة لمشجعي المنتخب القومي الإنجليزي بعد السفر إلى روسيا من أجل سلامتهم.  

وأخيرا، انتقد جونسون تصريحات لبوتين في مقابلة مع صحيفة "فايننشال تايمز" اعتبر فيها الرئيس الروسي أن الأفكار التقدمية للديموقراطيات الغربية "عفا عليها الزمن"، وقال "إنه مخطئ، إنه مخطئ تماما".

ويقول جيمس جاى كارافانو، نائب رئيس وحدة دراسات السياسة الخارجية والدفاع لدى مؤسسة التراث الأميركية، فإنه على عكس بعض عواصم أوروبا الغربية، اتخذت لندن باستمرار خطاً متشدداً تجاه موسكو يتضمن دعماً لعقوبات خطيرة. ويشير إلى أن هذا لن يتغير في ظل حكومة جونسون الذي يرى روسيا باعتبارها التهديد الخارجي الرئيس للسلام والاستقرار في أوروبا. ويتوقع أن تصبح السياسة الخارجية للمملكة المتحدة أكثر جرأة وثقة بالنفس.

ويقول مارك جاليوتي، الزميل الرفيع لدى المعهد الملكي للخدمات المتحدة، إنه ليس هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأن جونسون سوف يكون مرتاحا للرئيس الروسي، ذلك على الرغم من الكشف الأخير في الصحافة البريطانية عن قربه من رجل الأعمال الروسي المهاجر ألكسندر تيميركو. لكن تيميركو نفسه له العديد من المواقف المعارضة لبوتين، وعلى رأسها انتقاده للعدوان الروسي على أوكرانيا.

لكن جاليوتي يلفت إلى أمر آخر يتعلق بمن وصفهم جونسون "الأوليغارشيين والأصدقاء" المقربين من الكرملين، وهم طبقة رجال الأعمال التي تمتلك أعمالا كثيرة في بريطانيا. ويتساءل جاليوتي عما إذا كان جونسون الذي تعهد في حملته الانتخابية أن يكون أكثر رئيس وزراء تأييدا للأعمال، سيكون خانقا لتدفق الأموال الروسية إلى لندن.

ويوضح أن الأمر يعتمد على ماذا تعني كلمة "مرتبطة بالكرملين"؟ إذ إن معظم رجال الأعمال الذين يشاع عنهم هذا ليس لديهم أي روابط قوية مع بوتين. ومع ذلك، قد تتم دعوتهم أو يتطوعون لأداء بعض الخدمات كثمن لاستمرار ازدهارهم. ويضيف "من الممكن التعامل مع الروس مع الحفاظ على الأمن، ومن الممكن إثبات أن الغرب ليس معادياً لروسيا، ولكنه معادٍ للكرملين ومعادٍ للفاسدين".

كما يرى مراقبون أوروبيون أن على الغرب أيضاً أن يعمل مع روسيا بشأن بعض المشكلات الدولية، بما في ذلك مستقبل سوريا، ومنع الانتشار النووي في إيران وكوريا الشمالية. وتحتاج أوروبا إلى إيجاد التوازن الصحيح بين الحوار والدفاع والردع، في الوقت الذي تدير فيه العلاقة المضطربة عبر الأطلسي.

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات