Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا ينتظر صندوق النقد بشأن الإصلاحات الاقتصادية في مصر؟

إجماع على إقرار خفض جديد ووشيك للجنيه ومطالب بتوسيع دور القطاع الخاص وتقليص مشاركة الحكومة في الاقتصاد

يتطلع صندوق النقد الدولي إلى أن تحرز مصر مزيداً من التقدم في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية وأن تتحرك نحو سعر صرف مرن للجنيه (أ ف ب)

ملخص

مكاسب #الدولار الأميركي تتجاوز 96 في المئة مقابل #الجنيه المصري

كشف صندوق النقد الدولي عن الإجراءات التي يتوجب على السلطات المصرية أن تتخذها خلال الفترة القليلة المقبلة. ومن المقرر أن يناقش المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي قرار الموافقة على المراجعة الأولى في يونيو (حزيران) المقبل. وفي حال عدم الانتهاء من المراجعة الأولى بحلول ذلك الوقت، يجوز للمقرض دمجها مع المراجعة التالية المقرر إجراؤها في سبتمبر (أيلول) المقبل.

وفي تصريحات على هامش اجتماعات الربيع في واشنطن، قالت كريستالينا جورجيفا، مديرة صندوق النقد الدولي، "إن مصر ربما تحتاج إلى تعديل وتيرة تنفيذ مشروعاتها الاستثمارية طويلة الأجل التي تعتزم القيام بها"، مؤكدةً أن "هذه المشروعات جيدة ومهمة بالنسبة لمصر، غير أنها في ظل الظروف الصعبة حالياً قد تقوض استقرار الاقتصاد الكلي إذا استمر تنفيذها بالسرعة التي تم إقرارها من قبل في ظروف مختلفة".

وأوضحت أن "صندوق النقد الدولي يستعد لإجراء مراجعة لبرنامج مصر، وأن الصندوق واثق من تحقيق نتائج جيدة"، مشيرةً إلى أن "الاتفاق مع السلطات المصرية على برنامج سليم، مع ركائز تشمل تطبيق سعر صرف مرن للجنيه، وتعزيز دور القطاع الخاص". وقالت إن "فرق الصندوق تعمل، وأثق في أننا سنحقق نتيجة جيدة... أود القول إننا وجدنا من مصر تفهماً عميقاً لمدى التعقد ليس فقط في البيئة المحلية ولكن أيضاً على الصعيدين الإقليمي والعالمي".

ويتطلع صندوق النقد الدولي إلى أن تحرز مصر مزيداً من التقدم في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية وأن تتحرك نحو سعر صرف مرن قبل أن يمضي الصندوق قدماً في المراجعة الأولى لبرنامج القرض بقيمة 3 مليارات دولار. وكان متوقعاً أن نشهد المراجعة الأولى في 15 مارس (آذار) 2023 وفق شروط اتفاق التمويل.

إجماع على إقرار خفض جديد للجنيه المصري

وخلال الأسبوع الماضي، أعلن صندوق النقد، إجراء "مناقشات مثمرة" مع السلطات المصرية استعداداً للمراجعة الأولى على هامش اجتماع الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، بحسب ما قالت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي لمصر، إيفانا هولر، في بيان. وأضافت أن "المناقشات تناولت عدداً من القضايا المتعلقة بتنفيذ البرنامج وآفاق الاقتصاد المصري، وستستمر عن بُعد، نحو بدء مهمة المراجعة الأولى"، من دون الكشف عن الجدول الزمني المحتمل.

لكن بالتوازي مع هذه التصريحات، تتزايد توقعات بعض المشاركين في السوق العالمية بأن الحكومة المصرية ستسمح بهبوط سريع لقيمة الجنيه في نهاية شهر رمضان أو بعد انتهائه، أي في النصف الثاني من الأسبوع المقبل تقريباً، وفق مذكرة بحثية حديثة لبنك "سوسييتيه جنرال"، وذلك في ظل إجماع المحللين على أن قيمة الجنيه ستنخفض، وأنه كلما تأخرت السلطات في ذلك، زاد حجم تخفيض قيمة العملة. لكن قد تضطر الحكومة المصرية، إلى إبطاء وتيرة تنفيذ مشروعات البنية التحتية الضخمة للخروج من عنق الزجاجة، وفقاً لما قالته جورجيفا، مشيرةً إلى أن "تنفيذ المشروعات وفق الجدول الزمني المخطط له سابقاً في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية من شأنه تقويض استقرار الاقتصاد الكلي". وطلب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في يناير (كانون الثاني) الماضي، من جميع الوزارات والجهات الاقتصادية، باستثناء بعض الجهات والوزارات الحيوية، إجراء تخفيضات في الميزانية حتى نهاية العام المالي الحالي.

وفي مؤتمر صحافي، قال جهاد أزعور، مدير صندوق النقد الدولي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى، إن "مرونة سعر الصرف هي أفضل طريقة لمصر لحماية اقتصادها من الصدمات الخارجية". وأضاف أن الحكومة المصرية بحاجة إلى "إعادة تشكيل دور الدولة للتركيز على القطاعات ذات الأولوية وتكافؤ الفرص والسماح للقطاع الخاص بخلق النمو وجلب المزيد من العملات الأجنبية".

فيما رأى توبياس أدريان، رئيس إدارة الأسواق النقدية والرأسمالية في صندوق النقد الدولي، أن "تعديل سعر صرف الجنيه عامل أساسي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في مصر، إذ يتيح للبنك المركزي تطبيق السياسات النقدية المؤاتية للظروف المحلية". وأوضح، أنه "نظراً إلى ارتفاع وتيرة التضخم في مصر، فمن الضروري تطبيق مزيج من السياسات النقدية والمالية لاستعادة الاستقرار لاقتصاد البلاد"، معتبراً أن "على البنك المركزي المصري أن يصل إلى مستهدف التضخم بشكلٍ أو بآخر، وما زال هناك مزيد من الخطوات المطلوبة لتحقيق ذلك".

مطالب بتقليص مشاركة الحكومة في الاقتصاد

من ناحية أخرى، كشف نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فريد بلحاج، عن حاجة الحكومة المصرية للحد من مشاركتها في الاقتصاد. وأوضح أن السلطات في مصر "تتحرك في الاتجاه الصحيح لكنها لا تتحرك أبداً بالسرعة الكافية عندما يتعلق الأمر بالإصلاحات". وأضاف "ما نراه اليوم في مصر هو وضع غير مستقر"، في إشارة إلى سعر صرف الجنيه. وأوضح أن "الإصلاحات الهيكلية لتحقيق تكافؤ الفرص وزيادة شفافية الشركات المملوكة للدولة، مهمة للغاية لمنح مزيد من الثقة للمستثمرين والأشخاص الذين يرغبون بالانخراط في الاقتصاد المصري".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والتزمت الحكومة المصرية بتقليص مشاركة الدولة في الاقتصاد والحفاظ على سعر صرف مرن بشكل دائم كجزء من شروط الحصول على القرض. ولم تبِع الحكومة بعد أي أصول منذ أن أعلنت في فبراير (شباط) الماضي عن خطط لبيع حصص في 32 شركة مملوكة للدولة، في حين استقر السعر الرسمي للدولار عند مستوى 30.94 جنيه لمدة ستة أسابيع تقريباً. وتحتاج مصر إلى اجتياز المراجعة الأولى لصرف الشريحة الثانية من القرض البالغة 354 مليون دولار.

وكشف وزير المالية المصري أن بلاده تمضي قدماً بخطى ثابتة في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي. وأشار إلى أن "وثيقة سياسة ملكية الدولة والإجراءات الهادفة لجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر تُعد دليلاً على مدى التقدم المحرز"، مضيفاً أن "هذه التغييرات ستجعل القطاع الخاص قائداً للنمو الاقتصادي".

في المقابل، كشف محافظ البنك المركزي المصري، حسن عبدالله، أن "مشكلة التضخم في مصر بحاجة إلى ما هو أكثر من رفع أسعار الفائدة". وأوضح أن "جزءاً كبيراً من مشكلة التضخم المصري مستورد ويرجع الكثير منها إلى مشكلات تتعلق بالمعروض". وأضاف "ليست أسعار المعروض فحسب، ولكن مشكلات المعروض أيضاً بما في ذلك التراكمات الناتجة من بعض الإجراءات التنظيمية السابقة... وهذا في حد ذاته لم ولن يعالَج من خلال أسعار الفائدة".

التضخم يواصل الارتفاع مع خسائر الجنيه

واقترب معدل التضخم من أعلى مستوى له على الإطلاق في شهر مارس الماضي، عندما سجل مستوى 32.7 في المئة، مقارنة بنحو 31.9 في المئة خلال الشهر السابق، على خلفية عوامل عدة من بينها سلسلة تخفيضات قيمة الجنيه وأزمة نقص العملات الأجنبية وارتفاع أسعار الوقود وارتفاع الطلب الموسمي المرتبط بشهر رمضان.

وتشهد مصر أزمة خانقة في سوق الصرف منذ الإعلان عن خروج نحو 22 مليار دولار من الأموال الساخنة خلال الربع الأول من العام الماضي. وتسببت هذه الأزمة في شح كبير في الدولار، ما دفع الحكومة المصرية إلى اللجوء لصندوق النقد الدولي للحصول على تمويل جديد بقيمة 3 مليارات دولار. وتحرك البنك المركزي المصري بقوة في إطار اعتماد سعر صرف مرن للدولار، ما عزز مكاسب الورقة الأميركية الخضراء لتتجاوز 96 في المئة مقابل الجنيه المصري خلال الـ 12 شهراً الأخيرة.

ورفع البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 1000 نقطة أساس منذ مارس 2022 للحد من ارتفاع التضخم. ويرى محافظ البنك المركزي المصري، أن الحذر بشأن المزيد من التشديد النقدي بات واجباً، وأكد أن "البنك المركزي لن يتردد في فعل المزيد لكننا بحاجة إلى توخي الحذر الشديد"، في تلميح إلى استخدام أدوات أخرى للسياسة النقدية لمعالجة الزيادة السريعة في الأسعار.

وقال عبدالله، إن "تحسين فعالية السياسة النقدية من خلال أمور عدة، من بينها إنهاء المبادرات التمويلية منخفضة العائد، هو أمر يعمل البنك المركزي عليه بجد".

وشدد على ضرورة حل مشكلات المعروض، لافتاً إلى أن "تخفيف مشكلات العرض وزيادة المنافسة سيؤديان إلى خفض التضخم بشكل أفضل وأسرع". وأضاف "تحتاج السوق إلى سماع قصة حقيقية ورؤية طريق واضح للمستقبل القريب، وخطة لمدة عامين أو ثلاثة أعوام. لا يمكن استعادة الثقة وإدارة التوقعات، إلا إذا كانت لدينا خطة واضحة ومكتملة. وهذا شيء يسعدني إخباركم أننا نعمل عن كثب مع الحكومة لتحقيقه".

اقرأ المزيد