Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تسريبات البنتاغون هائلة الحجم توقعوا ظهور مزيد منها

يعد ظهور هذه الوثائق فضيحة بطابع ما بعد الحداثة

كثير من الوثاق بتعلق بالجهود الغربية لتزويد أوكرانيا بالأسلحة (رويترز)

ملخص

#التسريبات_الأميركية تتوالى فصولها في #عصر_ما_بعد_الحداثة 

إن وثائق البنتاغون التي يتم تسريبها حالياً مذهلة من حيث حجمها [عددها] وتشعب نطاقها، إذ تشكل عملية كشف أسرار وأكاذيب تطاول كل الكوكب، وتظهر كل يوم معلومات جديدة ومفصلة يكشف عنها قطرة بعد أخرى [واحدة تلو الأخرى].

كما تعد أوكرانيا العامل المشترك في ما تكشف عنه هذه الشبكة من دسائس تتورط فيها حكومات وسياسيون ودبلوماسيون وأجهزة استخبارات وجيش ومرتزقة وتجار أسلحة، وتشمل أسلحة وعقود نفط تقدر بملايين الدولارات.

لكن الطريقة التي ظهرت فيها هذه المعلومات المصنفة سرية والموسومة بـ"NOFORN" - في إشارة إلى حظر توزيعها على الدول الأجنبية، بما فيها الدول الحليفة - عبر منصة "ديسكورد" للمراسلة الفورية واتصالات الفيديو، من أجل تسوية خلاف بين لاعبين على المنصة، تكشف عن خرق أمني لا يصدق تتدافع الأجهزة الأمنية والعسكرية الأميركية لتحديد مصدره.

ومن بين الأفراد الذين يزعم أنهم نشروا الملفات التي سببت بلبلة عالمية، طالب بريطاني - فيليبيني عمره 20 سنة، ويعرف في الفضاء الإلكتروني باسم واو ماو (Wow Mao)، يسكن في المملكة المتحدة، ويصف نفسه بأنه "من صغار مشاهير الإنترنت الذين ينشرون الهراء". وفقاً لأحد الحسابات، نشرت المعلومات لأول مرة على مجموعة تبادل الصور والميمز (الفيديوهات المضحكة) التي يشارك فيها على يد مستخدم يعرف بـمستر لوتشا (Mr Lucca)، مع أنها ربما نشرت أيضاً في غرفة إلكترونية ألغيت الآن كان اسمها ثاغ شايكر سنترال (Thug Shaker Central).

وصرح وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن متعهداً، "سوف نحقق ونبحث في كل مكان إلى أن نعثر على مصدر هذا (التسريب) و[نحدد] مداه. كانت المعلومات موجودة في مكان ما من الشبكة العنكبوتية، ولكننا لا نعرف ببساطة من كان لديه إمكانية الوصول إليها في ذلك الوقت". ومن جهته، صرح مدير وكالة الاستخبارات المركزية وليام بيرنز بأن التسريب "مؤسف للغاية، وهو أمر تتعامل معه حكومة الولايات المتحدة بجدية شديدة".  

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولم يؤد تقفي آثار الاستخبارات إلى معلومات واضحة حتى الساعة، لكن ما حدث يبين بأن وكالة الاستخبارات المركزية ووكالة الأمن القومي في الولايات المتحدة تتجسسان بانتظام على حلفاء مثل إسرائيل وكوريا الجنوبية، كما أوكرانيا ورئيسها فولوديمير زيلينسكي.

ومن غير المفاجئ بروز اسم بريطانيا، إحدى الجهات الأساسية الداعمة لأوكرانيا في الصراع [الحرب مع روسيا]، في الوثائق. وذكرت إحدى هذه الوثائق التي تحمل تاريخ 23 مارس (آذار) أن نحو 50 عنصراً من القوات الخاصة البريطانية موجودون في البلاد، ويشكلون نصف كتيبة القوات الغربية الخاصة. أما عناصر القوات الأخرى فمن بينهم 14 أميركياً و15 فرنسياً و17 لاتفياً، فيما واحد منهم هولندي الجنسية.

وتكاد تضاهي القوة البريطانية المذكورة حجم كتيبة فرعية في القوات الخاصة. وإنما وردت كذلك تقارير عن وجود قوات "خدمة القوارب الخاصة" [وحدة قوات بحرية بريطانية] في أوكرانيا كذلك. وتبقى هذه التقارير غير مؤكدة، بسبب سياسة وزارة الدفاع القاضية بالإحجام عن التعليق على نشاط القوات البريطانية الخاصة، لكن الحكومة البريطانية أكدت في يونيو (حزيران) 2021، قبل 8 أشهر من الغزو الروسي، أن خدمة الجو الخاصة و"القوارب الخاصة" [البحري] قامتا بتدريبات [مناورات] مع القوات الأوكرانية.

وغردت وزارة الدفاع بأن بعض المواد في تسريبات البنتاغون "افتقرت إلى الدقة بشكل كبير"، لكن تجدر الإشارة إلى أن الجيش الأميركي صرح بأن الوثائق حقيقية، فيما يبدو أنه جرى التلاعب بواحدة منها في الأقل، وهي المعنية بتحديد حصيلة ضحايا الأوكرانيين والروس.

عندما كنت أغطي أحداث الحرب في الميدان، بلغتني روايات، غير مؤكدة، عن نشاط للقوات الخاصة البريطانية والغربية. على المرء أن يتوخى الحذر في نقل هذه المعلومات: إذ غالباً ما يعزو خطاب الكرملين نجاح بعض العمليات العسكرية التي نفذتها قوات أوكرانية، إلى القوات الغربية، ولا سيما البريطانية منها.

لقد صادفت أشخاصاً مثيرين للاهتمام [لافتين]. في منطقة خاركيف، خلال الصيف الماضي مثلاً، التقيت جندياً إنجليزياً يعمل مع وحدة أوكرانية، كنت قد تعرفت إليه سابقاً عندما كان جزءاً من القوات الجوية الخاصة في هملاند في 2011، وأراد أن يؤكد لي أنه ترك الجيش البريطاني وأتى إلى أوكرانيا كمتطوع ليس إلا.

وتشير الوثائق المسربة إلى أن حصيلة الضحايا الأوكرانيين أعلى بكثير من الحصيلة العلنية التي كشفت عنها كييف، وهو أمر يعرفه إجمالاً الأشخاص المطلعون على تفاصيل النزاع، كما جاء فيها أن الدفاعات الجوية الأوكرانية في طور النفاد، وهو أمر معروف كذلك، ولكن ليس إلى الحد المذكور في الوثائق - ومفادها أنها ستبدأ بالنفاد بحلول نهاية مايو (أيار).

ويتعلق معظم المواد المسربة بجهود الغرب من أجل إمداد أوكرانيا بالسلاح باستمرار. وتزعم أحدث التسريبات بأن صربيا، الدولة الأوروبية الوحيدة التي رفضت فرض عقوبات على روسيا بعد الغزو، فيما دأبت حكومة ألكسندر فوتشيتش على إعلان الحياد، قد وافقت على إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا، وربما أرسلتها بالفعل. وفيما نفى وزير الدفاع الصربي ميلوش فوتشيفيتش هذه التقارير، لم يعلق مكتب الرئيس فوتشيتش بعد على الموضوع.  

ويسرد أحد أكثر التقارير تفصيلاً المعضلة الصعبة التي واجهتها حكومة كوريا الجنوبية بسبب طلب أميركي عاجل للحصول على ذخيرة. ويكشف التقرير، الذي من شبه المؤكد بأن مصدره هو اعتراض الولايات المتحدة الاتصالات في كوريا الجنوبية، عن التوجس الكبير من أن تسلم الولايات المتحدة هذه الذخائر إلى أوكرانيا، منتهكة بذلك سياسة سيول بعدم إمداد الدول المتحاربة بالمساعدات الفتاكة. وكان أحد الاقتراحات التي طرحها مسؤولون إرسال الذخيرة إلى بولندا التي يمكنها عندها أن تضع بعض أسلحتها في متناول كييف بموجب اتفاق وارسو السابق.

وكشف اختراق محتمل آخر لدولة حليفة عن أن إسرائيل ستمد أوكرانيا بالأسلحة عبر طرف ثالث فيما تستمر بإنكار ذلك علناً وتواصل الدعوة إلى الحوار من أجل وضع حد للحرب.

ومن الكشوف الأخرى التي يبدو أنها رصدت على هامش العملية السرية الأميركية [التجسس الأميركي] مفاده أن الموساد كان يؤجج الاحتجاجات على مساعي بنيامين نتنياهو المثيرة للجدل لإصلاح قضاء البلاد. وقد "دعت (قيادة الأجهزة الاستخباراتية) مسؤولي الموساد والمواطنين الإسرائيليين إلى الاحتجاج على مقترحات الإصلاحات القضائية التي طرحتها الحكومة الإسرائيلية الجديدة بما في ذلك عدة دعوات صريحة إلى التحرك تنديداً بالحكومة الإسرائيلية"، كما قال التقرير، لكن حكومة نتنياهو اعتبرت هذا الزعم "كاذباً ولا أساس له من الصحة".  

من جانبها، كانت روسيا أيضاً تحاول استغلال أفضليتها في الشرق الأوسط، وفقاً للوثائق، إذ كانت مصر التي تتلقى مساعدات عسكرية أميركية بقيمة 1.3 مليار دولار (مليار جنيه استرليني) كل سنة، تعتزم بيع الصواريخ والذخيرة إلى موسكو، فيما أمر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي المسؤولين بإخفاء موضوع التصنيع والشحن "تجنباً لإثارة المشكلات مع الغرب".

أما المسؤولون الروس، فقد كانوا يتفاخرون، بحسب زعم الوثائق، بأن الإمارات وافقت على التعاون "ضد الاستخبارات الأميركية والبريطانية". وفيما سارعت الإمارات إلى نفي هذه المعلومات، أتت هذه المزاعم وسط فترة تراجع للنفوذ الأميركي في المنطقة - في حين توسطت الصين من أجل التقارب الدبلوماسي بين السعودية وإيران، ورفض ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الطلب الأميركي برفع إنتاج النفط بعد النقص الذي تسبب به الحصار على روسيا، بينما أعلن هذا الأسبوع عن تخفيض الإنتاج.

قد يماط اللثام عن أسرار جديدة من البنتاغون في الأيام المقبلة، إذ لا شيء يدل على أن فضيحة التجسس، وهي من بنات عصر ما بعد الحداثة بامتياز، ويتحكم بها لاعبون على منصات رقمية، ستندثر وتطوى صفحتها في المستقبل القريب.

© The Independent

المزيد من دوليات