ملخص
#تونس قدمت طلباً للانضمام إلى مجموعة "#بريكس" قبل عام
تباينت ردود الأفعال حول عزم تونس الانضمام إلى مجموعة "بريكس" بعد تصريحات للناطق الرسمي باسم هيئة مسار 25 يوليو (تموز) التي تضم أحزاباً ومنظمات موالية للرئيس التونسي قيس سعيد.
يشار إلى أن مجموعة "بريكس" هي تكتل اقتصادي يضم دول روسيا والصين والبرازيل وجنوب أفريقيا والهند، أسست عام 2006، في قمة استضافتها مدينة يكاترينبورغ الروسية وتحول اسمها من "بريك" إلى "بريكس" في 2011، بعد انضمام جنوب أفريقيا إليها، إذ تهدف إلى زيادة العلاقات الاقتصادية في ما بينها بالعملات المحلية، مما يقلل الاعتماد على الدولار الأميركي.
ردود فعل متباينة
جاءت ردود الأفعال المتباينة بين مستغرب من استبدال تونس كيانات مؤسسة حديثاً مثل "بريكس" بأخرى راسخة مثل الهيئات المالية الدولية المانحة، ومستبعد قدرة تونس لتعويض هؤلاء الشركاء بغيرهم.
تصريحات الناطق الرسمي لـ"مسار 25 يوليو" محمود بن مبروك في سياق مناقشة مصير ملف تونس لدى صندوق النقد الدولي، إذ قال إنه "وصل إلى طريق مسدود"، مؤكداً ضرورة التوجه نحو خيارات أخرى ومن بينها مجموعة "بريكس"، مضيفاً أن "هذا يمثل بديلاً مناسباً، بعد أن أظهرت مفاوضات الحكومة نية صندوق النقد الدولي في فرض إملاءات على تونس ضمن بنود البرنامج".
وتابع بن مبروك أنه "في المقابل فإن الانضمام لمجموعة (بريكس) سيدعم تونس في تحسين البنية التحتية من دون تقديم تمويلات وفق تقديره"، مضيفاً أن "ذلك سيفتح آفاقاً اقتصادية ويدفع عجلة النمو، خصوصاً أن التكتل الاقتصادي يهدف إلى تحقيق مصالح استراتيجية مشتركة، أبرزها فتح نافذة على أفريقيا".
وأشار إلى رغبة الجانبين الروسي والصيني في إلحاق تونس للتكتل، إذ الدخول في مثل هذه التحالفات يقتضي الحصول على ضمانات وإجراء مفاوضات.
ترحيب صيني
في المقابل عبرت الخارجية الصينية الإثنين الماضي عن سيرها في نهج التعاون مع الدول النامية، رداً على إمكانية انضمام تونس إلى المجموعة، إذ قال المتحدث الرسمي باسم الخارجية الصينية وانغ ون بين، خلال مؤتمر صحافي إن "بلاده ستواصل الحفاظ على روح الانفتاح والشمولية والتعاون المتبادل المنفعة لمجموعة (بريكس)، إلى جانب العمل مع الشركاء لتعزيز التعاون مع الأسواق الناشئة والدول النامية الأخرى، والمساهمة بشكل مشترك في توسيع عضوية التكتل من خلال مناقشات شاملة وتوافق في الآراء".
تعثر المفاوضات مع صندوق النقد
في تلك الأثناء عبر الرئيس التونسي قيس سعيد الأسبوع الماضي عن رفض ما وصفه بشروط صندوق النقد وإملاءاته، إذ قدمت تونس ملفاً للحصول على تمويل من المؤسسة الدولية، بينما طلبت الأخيرة تنفيذ إصلاحات اقتصادية تتعلق بالدعم والضرائب والمؤسسات العامة، وهي الشروط التي وصفها الرئيس التونسي بالشروط التي تؤدي إلى تفقير الشعب وتهدد السلم الاجتماعي.
إلى ذلك قالت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي وفاء عمر الأسبوع الماضي في واشنطن إن "تونس تنتظر تحديد موعد جديد لعرض ملفها على مجلس إدارة الصندوق للمناقشة والتشاور مع السلطات التونسية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكانت المؤسسة المانحة حذفت ملف تونس من رزنامة اجتماعات مجلس الإدارة المحدد لها يوم 14 ديسمبر (كانون الأول) 2022، على رغم إعلانها عن التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء، مما يمنح تونس الحصول على تسهيل الصندوق الممدد بقيمة 1.9 مليار دولار في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بينما لم تكشف متحدثة صندوق النقد عن الأسباب، في المقابل تحدث مسؤولون تونسيون عن النقاش حول بعض التفاصيل التي تخص الإصلاحات.
من جهته قال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي جهاد أزعور، أمس الخميس إن "الصندوق مستمر في دعم تونس"، مشيراً إلى أن "الصندوق لم يتلق طلباً من السلطات التونسية لإعادة النظر في برنامج الإصلاحات"، مضيفاً أن "الصندوق عمل مع الحكومة التونسية على حشد الدعم الدولي لتونس، ووعدت مؤسسات دولية ومتعددة الأطراف بتقديم المساعدة"، لافتاً إلى أن "دعم تونس متواصل من خلال البرامج والمساعدة الفنية وخلال الحوار المستمر مع السلطات التونسية".
حظوظ ضعيفة
ومن جانبه علق المتخصص في شؤون الاقتصاد عبدالجليل البدوي في شأن توجه تونس إلى "بريكس" مع تعثر المفاوضات مع صندوق النقد، قائلاً إن "الرغبة في الالتحاق بهذا التكتل لا تكفي، على رغم أن الأخير يرغب في انضمام دول جديدة"، مرجعاً ذلك إلى غياب المقاييس المطلوبة لانضمام وقبول أعضاء جدد إلى حد الآن.
وأشار إلى أن "التكتل يضم حالياً دولاً صاعدة حققت معدلات نمو مرتفعة، ولديها الرغبة في قطع هيمنة الدولار وبناء عالم جديد متعدد الأقطاب"، لافتاً إلى أن تونس لا تزال بلداً نامياً وليست بلداً صاعداً وتفتقر إلى الوزن الذي يمكنها من ثقل وتقوية مجموعة "بريكس". وتابع أن "دول المجموعة تمثل 25 في المئة من الناتج العالمي و42 في المئة من سكان العالم، بالتالي تضعف حظوظ تونس في الالتحاق بها".
من جهته قال عضو الهيئة المديرة للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة مستقلة) منير حسين إن "تونس لا تملك المقومات اللازمة للانضمام إلى التكتل الاقتصادي"، مرجعاً ذلك إلى التشتت السياسي والضعف الاقتصادي الذي تعانيه الدولة، مضيفاً أن "تلك الوضعية تكبح طموح البحث عن البدائل الذي يحتم التمتع بنسبة نمو مرتفعة واستقرار اقتصادي وسلم اجتماعي".
وأشار حسن إلى الإشكالات التي يطرحها الانضمام إلى "بريكس" أو الدخول في شراكات أخرى، في ظل ارتباط الشراكة مع صندوق النقد باتفاقات موازية مع بنوك ومؤسسات مالية وبلدان تسير في فلك المنظومة نفسه، مضيفاً أنه "على سبيل المثال تونس لديها ارتباط حيوي مع شريكها الاقتصادي الأساسي وهو الاتحاد الأوروبي، والاستراتيجية التي بنتها تونس على هذه الوجهة وتتمتع من خلالها بقروض ومنح ومساعدات فيصعب عليها في الوقت الحالي المناورة، خصوصاً أنها لا تملك المؤهلات لتنفيذ ذلك كما أنها في أشد الحاجة فيه إلى هؤلاء المانحين".
الطريق إلى "بريكس" محفوف بالأخطار
وتابع حسن أن "طموح الانضمام إلى التكتل الاقتصادي يجب ألا يكون على حساب الشركاء الأوروبيين، بينما الطريق إلى بريكس محفوف بالأخطار ويمثل تهديداً بفقد دعم الشريك الأساسي".
يشار إلى أن تونس قدمت طلباً للانضمام إلى مجموعة "بريكس" قبل عام، وتدرس المجموعة انضمام دول أخرى أبرزها السعودية وإيران، كما تقدمت دول عدة بطلبات مماثلة منها المكسيك والأرجنتين ومصر والجزائر.
وتسعى "بريكس" إلى تقديم بديل جديد عن المؤسسات المالية التقليدية، مما دفعها إلى تأسيس "بنك التنمية الجديد" برأس مال 50 مليار دولار لتوفير احتياطات نقدية لدعم الدول التي تسعى إلى سداد ديونها، وبدأت بالفعل بعض الدول تقديم طلبات لـ"بريكس" للاكتتاب في البنك الجديد.