Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المشكلة الخفية لإعلانات حزب العمال البريطاني الهجومية

لطالما شن الحزبان في الماضي حملات شخصية ضد خصومهما. فما المختلف هذه المرة؟

لم تعد السياسة السائدة موجودة في ذلك الحيز الذي كانت تسكنه ذات يوم (غيتي / حزب العمال)

ملخص

على الرغم من أن #حزب_المحافظين في #بريطانيا لم يتورع يوماً عن ضرب المعارضة بشكل دنيء، إلا أن #حزب_العمال، وحتى وقت قريب، كان يلعب دائماً بشكل نزيه

إذا ما انحطوا، بما نقابل انحطاطهم؟ هل نترفع دائماً عن الرد عليهم؟ سؤال يشغل بال حزب العمال في بريطانيا حالياً. على الرغم من أن المحافظين لم يتورعوا يوماً عن ضرب المعارضة بشكل دنيء، إلا أن حزب ستارمر، وحتى وقت قريب، كان يلعب دائماً بشكل نزيه.

لكن هذه الهدنة من نوع ما انتهت الأسبوع الماضي مع الإعلان الذي نشره حزب العمال على "تويتر" وجاء فيه: "هل تعتقدون بأنه ينبغي زج البالغين المدانين بالاعتداء الجنسي على أطفال وراء القضبان؟ حسناً، ريشي سوناك، لا يعتقد ذلك. ففي ظل إدارة المحافظين، لم يحكم على أي من البالغين المدانين بالاعتداء الجنسي على أطفال دون الـ16 من عمرهم وعددهم 4500 بالسجن. لكن حزب العمال اليوم يتعهد لكم بحبس كل المعتدين الخطرين".

على المستوى التكتيكي البحت، من الإنصاف القول أن الإعلان الهجومي تكلل بالنجاح، فلقد تم إصداره مع بداية عطلة نهاية أسبوع طويلة، ومع غياب أحداث سياسية مهمة أخرى منذ ذلك الحين، احتل كافة العناوين الرئيسة. وها أنا الآن، أكتب عن هذا الإعلان وتبعاته، وعلى حد علمي، فإن بقية المحللين والصحافيين أبوا إلا أن يقطعوا إجازاتهم للتعبير عن آرائهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما كان من الممتع، وعلى طريقة الكوميديا السوداء، سماع الصرخات الغاضبة التي أطلقها كل من حزب المحافظين وشارع فليت (معقل الصحافة البريطانية والعالمية في لندن)، بالنظر إلى عدد المرات التي كان حزب العمال هو المستهدف. إن لم تكن لديك مشكلة مع بوريس جونسون الذي اتهم كير ستارمر بالإخفاق في محاكمة جيمي سافيل أو مع تشهير صحيفة "ديلي ميل" ببعض القضاة ووصفها لهم بـ"أعداء الشعب"، فما من حجة لديك تستند إليها.

واللافت في الموضوع، هو إصرار ستارمر على موقفه ورفضه التراجع، إذ كتب الإثنين الفائت أنه "لن يعتذر على صراحته" و"سيدعم كل كلمة تفوه بها العمال في هذا الشأن".

وهذا لا يعني أن ستارمر تمكن من إقناع نواب حزبه بمبررات الهجوم على الحكومة. فصفوف العمال لا تزال مقسومة بين نواب رئيسين يقفون علانيً خلف زعيمهم ويساندونه، على غرار إميلي ثورنبيري وبيتر كايل وستيف ريد، وبين آخرين – أمثال ديفيد بلانكيت – ممن يهاجمون مثل هذه الإعلانات.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: أي الطرفين على حق؟ فهذه ليست المرة الأولى التي يشن فيها الحزبان حملات شخصية ضد خصومهما. ما المختلف هذه المرة؟

أظن أن الإجابة تكمن بعيداً من فقاعة وستمنستر. فالفرق بين اليوم، ولنقل 10 إلى 15 عاماً قبله، هو أن نظامنا السياسي تغير ونما، لكن ليس بالضرورة للأفضل. والدليل على ذلك سرعة انتشار المعلومات المغلوطة ونظريات المؤامرة عبر الإنترنت أثناء جائحة "كوفيد-19" وما بعدها.

وعادة ما يبدأ هذا النوع من تضليل الرأي العام بقطعة من الحقيقة أو تعليق أدلت به شخصية عامة مثلاً، فيحرفها ويخرجها من سياقها ويدحرجها ككرة ثلج حتى تكبر وتتوسع إلى كلام فارغ. ولحسن حظنا أن بريطانيا لم تصل بعد إلى مستوى الانحطاط الذي بلغته الولايات المتحدة عند ابتداعها نظرية "كيو أنون" وما أحاط بها من تحركات، إلا أنها ليست محصنة ضد الأخبار المزيفة.

وكما ذكر في صحيفتنا أخيراً، فإن أعضاء البرلمان أنفسهم وقعوا ضحية نظريات المؤامرة، تحديداً "مدن الـ15 دقيقة" [نموذج لمدينة يمكن لقاطنيها تلبية معظم حاجاتهم الحياتية الأساسية ضمن نطاق لا يتطلب اجتيازه السير من منازلهم أكثر من ربع ساعة مشياً] و"73 نوعاً" [حادثة قيل فيها لأطفال بعمر 11 عاماً ضمن حصة التثقيف الجنسي إن هناك 73 نوعاً جندرياً]. وبالنظر إلى ميل هذه الأوساط طبيعياً إلى الاعتقاد بأن النخب السياسية إما أنها تحمي المتحرشين بالأطفال أو تتقصد التغاضي عنهم، يبدو لي من غير الصواب الإيحاء بأن ريشي سوناك لا يعبأ، على سبيل المثال، بقضايا الاعتداء الجنسي على الأطفال.

وهذا الوضع محبط للغاية، إذ لو تمنع السياسيون عن استخدام الكلمات التي يمكن أن تحرفها القوى الخبيثة بأي شكل من الأشكال، لما نطقوا ببنت شفة. كما أن الساعين إلى تصوير كل من في وستمنستر على أنهم أشرار لن يألوا جهداً ولن يكلوا البحث عن طرق دنيئة لتشويه سمعة هؤلاء.

ومع ذلك، لم تعد السياسة السائدة موجودة في ذلك الحيز الذي كانت تسكنه ذات يوم. فالإنترنت غير معالم كل شيء، والسياسة بالطبع ليست استثناء. ومن الناحية الواقعية، لا تتوقعوا للإعلانات الهجومية يوماً أن تتلاشى وتختفي – فهي قديمة قدم الانتخابات - لكن تأكدوا أنها ليست كلها متشابهة.

بالتالي، لو أراد ستارمر أن يهاجم سجل الحكومة الخاص بالإدانات وأحكام السجن، فليكن له ذلك لكن بعيداً من الطرق والأساليب التي تحرض على التفكير التآمري والتي يمكن أن تجعل الخسارة من نصيب الجميع على المدى الطويل.

© The Independent

المزيد من آراء