Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السبسي لعب دورا مفصليا في مرحلة الانتقال الديمقراطي بتونس

رسم الخطوط العريضة لسياسة البلاد داخلياً وخارجياً

دور الباجي قائد السبسي كان حاسماً منذ كان رئيساً للحكومة بعد الثورة (أ.ف.ب)

كغيره من السياسيين، لم يشارك الباجي قائد السبسي في الثورة التونسية أو في خلع زين العابدين بن علي من الحكم، من خلال الاحتجاجات الشعبية، لكنه من الشخصيات القليلة التي لعبت دوراً مهماً في رسم الخطوط العريضة لسياسة تونس داخلياً وخارجياً وفي إنجاح فترة الانتقال الديمقراطي.

من أهم المحطات التي أسهمت في لعب الرئيس التونسي الراحل الباجي قائد السبسي دوراً فعالاً في تونس بعد الثورة، كانت في 27 فبراير (شباط) 2011 عندما عينه الرئيس المؤقت فؤاد المبزع رئيساً للحكومة المؤقتة بعد استقالة محمد الغنوشي.

واستمر في منصبه حتى 13 ديسمبر (كانون الأول) 2011 حين قام المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية المنتخب في 12 ديسمبر من العام ذاته، بتكليف حمادي الجبالي أمين عام حزب حركة النهضة بتشكيل الحكومة الجديدة.

ترشح للانتخابات الرئاسية التونسية عام 2014 عن حزب نداء تونس الذي أسسه عام 2012، وتمكن من الفوز في الانتخابات إثر إعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يوم 22 ديسمبر عام 2014 عن فوزه بشكل أولي قبل الطعون وإعلان النتائج النهائية، النتائج الأولية للدور الثاني للرئاسي بنسبة 55.68 في المئة من جملة الأصوات مقارنة بـ 44.32 في المئة لمنافسه منصف المرزوقي. وأصبح الرئيس السادس للجمهورية التونسية.

دور حاسم

من جهته، يقول المحلل السياسي والأستاذ في التاريخ السياسي المعاصر عبد اللطيف الحناشي في حديث لـ "اندبندنت عربية"، إن "دور الباجي قائد السبسي كان حاسماً منذ كان رئيساً للحكومة بعد الثورة، حيث نجح في ذلك الوقت بإجراء أول انتخابات ديمقراطية في تونس من خلال التفاعل الكبير مع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فكان دوره فعالاً في مرحلة ما قبل الدستور".

أما في فترة ما بعد الدستور يضيف الحناشي "كانت مواقفه مهمة جداً لأنه هو من أسهم في خلق التوازن السياسي ضد حركة النهضة الإسلامية بعد تشكيل حزب نداء تونس". ويوضح أن الخطوة التاريخية التي قام بها السبسي ولم يعرها البعض اهتماماً هي اجتماعه مع الغنوشي رئيس حركة النهضة في باريس عام 2014، وهو اللقاء الذي أنقذ تونس من الصراعات السياسية والأيديولوجية من خلال فرض التوافق بين حزب النداء وحزب حركة النهضة في إتمام الانتخابات في ظروف جيدة.

ومن الناحية التاريخية لولا هذا التوافق الذي قام به السبسي مع الإسلاميين ربما دخلت البلاد في دوامة العنف، في ذلك الوقت الذي انتشرت فيه الحركات السلفية التكفيرية، إضافة إلى الأوضاع المتدهورة في ليبيا. إذن هذا التوافق له الفضل في تأسيس الجمهورية الثانية.

وبحسب الحناشي "هذا ليس بغريب على السبسي الذي يعتبر رجل دولة بامتياز منذ أن كان عمر 26 سنة في عهد الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة"، معتبراً إياه "آخر رجال ذلك الزمن".

إرجاع الاعتبار للدبلوماسية التونسية

ويقول الحناشي حول دور السبسي في السياسة الخارجية لتونس إن "سياسة تونس الدبلوماسية خلال فترة حكم الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي لم تكن جيدة، إذ قطع العلاقات مع سوريا وطرد سفيرها، فاصطفت البلاد في تلك الفترة مع جهة سياسية معينة أضرت بمصالحها الدولية والإقليمية". ويضيف "مع استلام السبسي مقاليد الحكم تغيرت المعادلة، من خلال إرجاع الاعتبار لتاريخ تونس وتقاليدها الدبلوماسية، حيث أعاد الاعتبار للعلاقات التاريخية مع أوروبا والولايات المتحدة، وأسهم في إظهار دور تونس الإيجابي في قضايا إقليمية عدة وحتى دولية".

من ناحية أخرى، يشير الحناشي إلى أنه "حتى على المستوى الداخلي وبحكم أن الغالبية كان لها احتراز كبير على حزب النهضة الإسلامي، سوّق السبسي لإمكان أن تتعايش النهضة في الإطار الديمقراطي الذي تشهده تونس".

بورقيبية الباجي قائد السبسي

وفي سياق آخر، بقي الباجي قائد السبسي وفياً للمبادئ البورقيبية، نسبة للزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، إذ قام وفي خطوة تعتبر تاريخية بإنشاء لجنة الحريات الفردية والمساواة يوم 13 أغسطس (آب) 2017، وتولت اللجنة إعداد تقرير عن الإصلاحات التشريعية المتعلقة بالحريات الفردية والمساواة، وفقاً للدستور المؤرخ 27 يناير (كانون الثاني) 2014 والمعايير الدولية لحقوق الإنسان. وقدمت اللجنة تقريرها النهائي في 8 يونيو (حزيران) 2018. وفي هذا السياق دعا السبسي إلى المساواة في الإرث بين الجنسين، الموقف الذي أثار جدلاً واسعاً ليس في تونس فحسب بل في بلدان عربية وإسلامية.

وفي سياق متصل، تقول بشرى بالحاج حميدة رئيسة لجنة الحريات الفردية والمساواة في تصريح لـ "اندبندنت عربية"، إن السبسي شخصية سابقة لعصرها، وسابق لكل ما يفكر به السياسيون في تونس"، موضحة "كانت له الجرأة والشجاعة في فتح مواضيع مسكوت عنها، لم يكن من المعجبين بالدستور التونسي لكنه احترمه، خصوصاً من ناحية الحريات الفردية والمساواة التي أصبحت قضية حيوية في تونس نتحدث فيها بكل حرية".

وحول عملهم في اللجنة تقول بالحاج حميدة إن "الرئيس الراحل تركهم يعملون بكل حرية وأريحية من خلال تطبيق كل الاتفاقيات الدولية وحتى التوجهات العامة والتحولات الجديدة التي تصير في العالم من ناحية الحريات الفردية". وتختم بلحاج حميدة "صحيح السبسي ترك لنا إرثاً جيداً في مسألة احترام الحريات الفردية والمساواة، لكن أصبح دورنا اليوم بعد رحيله أصعب، نظراً إلى التحديات الكبيرة التي تواجهنا".

المزيد من العالم العربي