Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاقتصادات المتقدمة تفادت الركود فماذا عن الأزمات المتوقعة؟

تقرير لمنظمة "أونكتاد" يؤكد أن مشكلة الديون وتوسع النظام المصرفي الموازي واختناقات جانب العرض تهدد بتعثر في الدول النامية

معدلات النمو الاقتصادي أخذت في التراجع في الربع الرابع والأخير من العام الماضي (أ ف ب)

ملخص

يركز تقرير #أونكتاد" تفصيلاً على التباين المتوقع في الأداء الاقتصادي بين الدول حول العالم وإذا كانت #الاقتصادات_ المتقدمة يمكنها تفادي #الركود ولو بتحقيق نمو ضعيف

بالتزامن مع اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن هذا الأسبوع، أصدرت منظمة "مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية" (أونكتاد) تقريرها عن الاقتصاد العالمي، الأربعاء، في جنيف. وعلى الرغم من أن الخط العام للتقرير المفصل يتسق مع ما أعلنه صندوق النقد في توقعاته نصف السنوية للاقتصاد العالمي هذا العام، والصادر الثلاثاء، فإنه يحذر من أن تفادي الركود في اقتصاد الدول المتقدمة لا يعني أن الدول النامية والفقيرة قد لا تشهد أزمات متعددة هذا العام.

ويخلص التقرير إلى أن التفاؤل الحالي بمعدلات النمو في الاقتصاد العالمي، وإن كانت ضعيفة، يستند إلى رؤية قصيرة المدى جداً، بينما مشكلات الاقتصاد العالمي طويلة المدى التي برزت في الأزمة المالية العالمية في 2007 – 2009 وتفاقمت مع أزمة وباء كورونا لم يتم التصدي لها تماماً. ويعدد بعضاً من تلك المشكلات المتمثلة في ضعف الاستثمارات وتباطؤ نمو الإنتاجية ومشكلات سلاسل التوريد والإمداد والارتفاع الهائل في معدلات الدين.

وبما أن تلك المشكلات ما زالت قائمة، فإن الحرب في أوكرانيا ضاعفت من تأثيرها السلبي على الاقتصاد العالمي ككل. وتظل الحرب مع استمرارها تضغط ارتفاعاً على أسعار الطاقة والغذاء والسلع بشكل عام، كما يرى تقرير "أونكتاد". يضاف إلى كل ذلك أن معدلات التضخم التي بدأت في نهاية عام أزمة وباء كورونا ما زالت مرتفعة بشكل أكبر مما كان متوقعاً. وحتى في حال بدء انخفاضها بشكل طفيف في الاقتصادات المتقدمة فإن اقتصادات الدول النامية تظل تعاني معدلات تضخم عالية جداً.

احتمالات الركود

بحسب البيانات والمعلومات، التي يحللها التقرير فإن الاقتصاد العالمي حقق نمواً بنسبة 3.1 في العام الماضي 2022. وكان ذلك مبرراً للتفاؤل بأن عام 2023 قد لا يشهد ركوداً اقتصادياً عالمياً على اعتبار أن مخاطر الركود تم تجاوزها في 2022. وأن سياسات التشديد النقدي من قبل البنوك المركزية (رفع أسعار الفائدة وسحب السيولة من السوق لإضعاف الطلب المتنامي) حققت المرجو منها باتجاه استقرار الأسعار من دون الإضرار بفرص النمو الاقتصادي.

إلا أن معدلات النمو الاقتصادي أخذت في التراجع في الربع الرابع والأخير من العام الماضي، وهكذا دخل الاقتصاد العالمي العام الحالي في وضع هش ميز الربع الأول من 2023 المنتهي بنهاية مارس (آذار) الماضي. وشهد الربع الأول، مع استمرار الحرب في أوكرانيا وتأثيرها السلبي على الاقتصاد، أزمات عدة، من انهيار شركات عملات مشفرة إلى انهيار بنوك في الولايات المتحدة وأوروبا. وأدى كل ذلك إلى مزيد من الضبابية والاضطراب في القرارات الاستثمارية وتأثرها بعوامل جيوسياسية واحتمالات أزمات مالية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي رأي تقرير المنظمة الدولية، فإن احتمالات الركود تظل قائمة، طالما أن مدى عمق الأزمة المالية غير واضح بعد ولا يمكن استبعاد انتشار عدوى مشكلات القطاع المصرفي على نطاق أوسع. ويشير هنا إلى أن أحد الأسباب التي قد تؤدي إلى أزمات متعددة هو ما يسمى "صيرفة الظل"، أي صناديق التحوط وصناديق الثروة ومديرو استثمار الأصول وغيرها من المؤسسات المالية غير المصرفية. مع ملاحظة أن تلك المؤسسات لا تخضع للمراقبة والتدقيق الصارم من قبل السلطات الرسمية واللوائح والقواعد المنظمة للقطاع المالي مثلما هي الحال مع البنوك التقليدية.

ويشكك التقرير في التفاؤل باحتمالات عودة العالم إلى وضع أسعار منخفضة قريباً، وهو ما تتوقعه مؤسسات أخرى منها الصندوق والبنك الدوليان. ولا يستبعد التقرير أنه في ظل نمو متوقع للاقتصاد العالمي بنسبة 2.1 في المئة هذا العام أن تزيد الضغوط التضخمية بقوة وتدفع باتجاه ركود اقتصادي بالفعل.

التباين العالمي وأزمة الدول النامية

ويركز تقرير "أونكتاد" تفصيلاً على التباين المتوقع في أداء الاقتصادات حول العالم. وإذا كانت الاقتصادات المتقدمة، بما لديها من مرونة وعمق في أسواقها، يمكنها تفادي الركود ولو بتحقيق نمو ضعيف، فإن الدول النامية ستكون أشد تضرراً وربما تقود العالم معها إلى ركود اقتصادي عالمي. ويشير هنا إلى أزمة ديون غير مسبوقة في الدول الصاعدة والنامية تشكل ضغطاً هائلاً على نشاطها الاقتصادي.

ويذكر التقرير بوضوح، أن "الضرر على الدول النامية واحتمال تعرضها لصدمات سيكون شديداً وطويل الأمد، بخاصة مع الضغط الذي تسببه الديون. ومن دون وجود شبكة أمان مالي كالتي يتمتع بها القطاع الخاص في الاقتصادات المتقدمة سيكون العام المقبل أكثر تحدياً حتى للدول التي لا تتعرض الآن لضغط شديد بالفعل". ويتوقع التقرير أن تزيد الفجوة ويتسع التباين بين الدول الغنية والفقيرة التي برزت خلال فترة أزمة وباء كورونا، وحتى داخل بعض الدول أيضاً.

وفي ظل سياسات التشديد النقدي، واحتمال استمرار أسعار الفائدة مرتفعة لفترة، مع الأزمة التي لا تعرف أبعادها بعد في النظام المصرفي، يمكن أن يستمر الضغط على سوق الائتمان والإقراض مما يفاقم أزمة الدول النامية ذات المديونية العالية.

ويخلص التقرير إلى أن الأشهر المقبلة ستحدد مدى صلابة ومرونة النظام المالي العالمي وما إذا كان على وشك أزمة أم سيتجاوزها. وأن الأسابيع المقبلة تحديداً ستكون المعيار الذي يمكن على أساسه الحكم على مدى نجاح سياسة الحفاظ على الاستقرار المالي في ظل توجه ضمان استقرار الأسعار.

ويوصي التقرير في نهايته بالانتباه إلى أمور عدة في وضع السياسة الاقتصادية للدول، وهي العمل على تجاوز حالة الضعف في الاستثمار الإنتاجي، وذلك عبر ضمان حوكمة الشركات ومراجعة كيف تحقق عائداتها وأرباحها ومجالات إدارة تلك الأرباح وتوزيعها.

الأمر الثاني هو تقليل الاعتماد على أدوات السياسة النقدية فقط في إدارة الاقتصاد، وضرورة العودة إلى أهمية السياسة المالية للحكومات كذلك. ويعني ذلك إعادة النظر في الأنظمة الضريبية والإصلاح الهيكلي للنظام المالي العالمي.

أما الأمر الثالث، والأهم، فهو مشكلة الارتفاع الكبير في الدين. ويوصي التقرير بأن معالجة تلك المشكلة لن يكون فقط بالعودة إلى سبل الإقراض والاقتراض المسؤولة والمتحفظة. وإنما بتطوير هيكل مؤسسي جديد تماماً لإعادة هيكلة الديون وإدارة الضغوط الناجمة عنها.

اقرأ المزيد