Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"قمة بيروت العربية"... جرعة مسكّن لاقتصاد لبنان؟

لبنان بلا حكومة ولديه أكبر معدلات الدين العام مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي في العالم

اللقاءات التحضيرية لقمة بيروت العربية(رويترز)


يقف لبنان اليوم على شفير أزمة اقتصادية حادة بعد نحو ثمانية أشهر من مشاورات صعبة بين الأطراف السياسية حالت من دون تمكّن رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري حتى الآن من تشكيل حكومة.

ويحتاج لبنان إلى تأليف حكومة جديدة للاستفادة من قروض ومنح تعهّد المجتمع الدولي تقديمها دعماً لاقتصاده ولا سيما في مؤتمر "سيدر" الذي إنعقد أخيرا في العاصمة الفرنسية باريس، فيما ربطت معظم الجهات المانحة مساعداتها بتحقيق لبنان سلسلة إصلاحات بنيوية واقتصادية، وهذا صعب المنال في ظل غياب حكومة جديدة قادرة وفاعلة.

في هذا الوقت، تتجه أنظار اللبنانيين إلى إنعقاد القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في بيروت يوم الأحد المقبل في دورتها الرابعة والتي من المقرر أن تُبحث فيها قضايا عدّة تتنوع بين الأمن الغذائي مروراً بالتبادل التجاري وأزمة اللاجئين.

والسؤال الذي لا جواب له حتى اللحظة: ما هي الفوائد التي يجنيها لبنان إقتصاديا من إنعقاد هذه القمة؟ وهل يكفي إشغال فنادق العاصمة بالزوار العرب لتنشيط عجلة النمو؟ أم هل سيجني لبنان ثمار ما سيتضمنه جدول أعمال هذه القمة من وعود؟ كل هذه التساؤلات وغيرها لا تشفي غليل اللبنانيين القليقين على يومهم الحاضر وغدهم القريب.

 

محاور قمة "بيروت"
وبالعودة إلى أبرز ما تتضمنه قمة بيروت من موضوعات وما بحث من محاور في الاجتماعات التحضيرية للقمة، فجدول الاعمال، بحسب مندوبة لبنان في اجتماع اللجنة التحضيرية لقمة بيروت عليا عباس، يتضمن رؤية عربية موحدة في مجال الاقتصاد الرقمي، كما ستناقش القمة مشروع إنشاء "الاتحاد الجمركي العربي" الذي كان من المفترض إقامته في العام 2015 بعد بحثه في دورات سابقة آخرها في الرياض في العام 2013، ومن المفترض أيضاً بحث إقامة منطقة للتجارة الحرة وهو أيضاً ما كان بحث في دورات سابقة من دون أن يطبق فعلياً على الأرض.

كذلك يُتوقع أن يطرح الرئيس اللبناني ميشال عون في خلال القمة طلب مساعدة لبنان لتحمل أعباء أزمة اللاجئين السوريين لديه، في الوقت الذي لا يزال يعيش في لبنان حوالي مليون ونصف مليون لاجىء سوري.

والاهمّ من مواضيع قمة بيروت، التي قد تبقى حبراً على ورق العرب، جملة ملاحظات لا بدّ من ذكرها توحي أن لبنان لن يستفيد كثيرا من هذه القمة، فليبيا وسوريا لن تحضرا لأسباب معروفة، والحضور العربي في القمة متدنِّ مع إعتذار عدد من القادة العرب عن عدم الحضور.

فهل سيطلب لبنان النجدة من رئيسي الصومال وموريتانيا مع تقدير اللبنانيين طبعا لحضورهما وترحيبهم وحسن ضيافتهم لكل الوافدين العرب مهما كان مستوى تمثيلهم في هذه القمة؟

 

رئيس مجلس نواب بيروت ....غائب عن القمة
وإلى جانب الاعتذارات العربية، يغيب رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري وكتلته النيابية عن القمة والسبب ..غياب سوريا رغم أن رسالة "بري" يقرأها اللبنانيون وكأنها رسالة موجهة لرئيس الجمهورية اللبناني ميشال عون وفريقه "التيار الوطني الحر" في ضوء الخلاف الحاد بين رئيسي الجمهورية ومجلس النواب في ما خصّ تعثّر تشكيل الحكومة.

وحتى كتابة هذه السطور، لا بند معلنا في جدول أعمال القمة يتعلق بلبنان وما سيطلبه رئيس جمهورية لبنان في كلمته أمام المجتمعين العرب قد لا يكون ممكنا تحقيقه، وهل أسهل من الطلب؟

وهكذا، فلا أمل مرجوا من القمة بالنسبة إلى لبنان إلا إذا تحققت معجزة...؟ وبالتالي يبقى لبنان على معاناته، وهشاشته، ومجرّد خبر ولو في الاعلام يجعل الاسواق اللبنانية تهتز وترعب اللبنانيين، وهذا ما حدث في الايام القليلة الماضية، إذ إضطربت الاسواق اللبنانية وعانت سندات سيادية لبنانية مقومة بالدولار من بيع مكثف، في أعقاب تعليقات من وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل حول الدين العام للبلاد، وعادت السندات وتعافت هذا الأسبوع بفعل تأكيدات أن الحكومة لا تخطط "على الإطلاق" لإعادة هيكلة الدين، وأنها ملتزمة بدفع استحقاقات الدين والفائدة في مواعيد محددة مسبقاً، لكن هذا التطور زاد من حدة الجدل الدائر حول استدامة الدين اللبناني، بعد تحذيرات من سياسيين وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي بشأن الأوضاع الاقتصادية والمالية في بلد يعاني منذ سنوات من نمو اقتصادي منخفض.

وأدت الانقسامات السياسية في لبنان إلى سنوات من الشلل السياسي، وعرقلت إصلاحات تحتاجها البلاد لدعم ثقة المستثمرين، فبعد ثمانية أشهر من الانتخابات، ما زال السياسيون غير قادرين على تشكيل حكومة جديدة.

وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن التحويلات المالية إلى الشركة المنتجة للكهرباء المملوكة للدولة بمفردها بلغت 3.8 بالمئة في المتوسط من الناتج المحلي الإجمالي في الفترة من 2008 إلى 2017، وأدت زيادة أجور العاملين بالقطاع العام في 2017 وأسعار فائدة مرتفعة إلى المزيد من الضغوط على عجز الميزاني.

ولدى لبنان أيضا عجز في ميزان المعاملات الجارية نظرا لأن الواردات تتجاوز الصادرات بفارق كبير، ويعتمد تمويل العجزين على التحويلات النقدية من اللبنانيين المقيمين في الخارج، وهذه التحويلات كما هو معروف تدنت كثيرا في السنوات الماضية.

 

 

سلامة....يؤكد على سلامة العملة اللبنانية وإستقرارها
وسط هذه المعاناة والأزمات الاقتصادية ما زالت العملة اللبنانية مستقرة بفعل الهندسات المالية التي يشهد لها لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يؤكد بشكل شبه يومي أن العملة اللبنانية مستقرة وستبقى، وقال في سلسلة تصريحات أخيرة له أن مصرف لبنان يستهدف إبقاء سعر صرف الليرة مستقرا في خلال العام الحالي مضيفا أن الودائع المصرفية اللبنانية ارتفعت 3.5 بالمئة في 2018، وأكد سلامة أن أهدافنا للعام 2019 ستكون دائما لاستقرار سعر صرف الليرة، ونظرتنا إلى الفوائد هي نظرة مستقرة، وأضاف "اللافت أن الارتفاع بالودائع كان بالودائع بالعملات الاجنبية بينما بقيت الودائع بالليرة اللبنانية على المستوى نفسه ما رفع الدولار إلى 70 بالمئة بالأسواق اللبنانية".

وفي بلد كلبنان لديه أحد أكبر معدلات الدين العام مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي في العالم حيث تصل نسبته إلى 150 بالمئة، ونسبة البطالة فيه تتعدى الـــ35 في المئة، ونسبة الفقر والفقراء حدّث ولا حرج، كيف سينتفع اللبنانيون من قمة عربية بمستوى حضور أكثر ما يمكن وصفه بــ"رفع عتب"، وماذا سيجنون من مسؤوليهم الذين فشلوا بعد ثمانية أشهر من تأليف حكومة جديدة، وكيف سيأملون خيراً بسعر صرف ليرة ثابت حتى إشعار آخر وهم لا يملكون من هذه "الليرة" إلا القلق على قيمتها وقيمتهم؟

المزيد من اقتصاد